غاز مفقود وغذاء غالٍ وكهرباء منعدمة.. من يدفع عدن للانفجار؟

تعيش العاصمة عدن حالة من التوتر الشديد، مع تزايد مؤشرات انفجار شعبي غير مسبوق، نتيجة لانهيار الخدمات الأساسية في العاصمة،
وفي مقدمتها الكهرباء والماء والغاز، وهما خدمات حيوية لم يعد السكان يحصلون عليهم إلا بشكل متقطع لا يلبي الحد الأدنى من متطلبات الحياة.
ويتحدث سكان الأحياء المختلفة في عدن عن انقطاعات طويلة في التيار الكهربائي تصل إلى 18 ساعة يوميًا، وسط حرارة خانقة تتجاوز الأربعين درجة مئوية.
ويشكو المواطنون من انعدام المياه لفترات طويلة بسبب توقف مضخات الضخ المعتمدة على الكهرباء، ما فاقم معاناة آلاف الأسر.
وأجواء الاحتقان الشعبي تزداد حدة، وبدأت بوادرها تظهر في شكل احتجاجات متفرقة في بعض المديريات، خصوصًا المناطق الشعبية المكتظة.
فيما تحذر مصادر تابعة للمجلس الانتقالي وناشطون من أن استمرار الوضع على ما هو عليه قد يؤدي إلى انفجار غضب واسع لا يمكن السيطرة عليه.
وفي ذات السياق، بدأت مواقع التواصل الاجتماعي تشهد موجة انتقادات لاذعة تجاه الجهات الحكومية، وسط مطالبات بالتحقيق في مصير الوقود وميزانيات الكهرباء.
ويتهم ناشطون السلطات بأنها تتعمد تهميش عدن ومعاقبة سكانها جماعيًا عبر سياسة خنق الخدمات الأساسية.
ولم تعد الأزمة مجرد انقطاع كهرباء، بل تحولت إلى حالة طوارئ إنسانية، فالكثير من الأسر تعجز عن تخزين الطعام أو التبريد، فيما تنهار الأجهزة الكهربائية وتُتلف دون تعويض.
*-انهيار الكهرباء.. معاناة لا تنتهي:*
وأزمة الكهرباء تتصدر صنوف معاناة الجنوبيين، لا سيما في العاصمة عدن، حيث تجاوزت فترات الانطفاء حدود المعقول، وسط عجز كامل للحكومة عن إيجاد حل دائم، وباتت الخدمة عبئًا على المواطن أكثر من كونها ضرورة، في ظل الاعتماد المتزايد على مولدات خاصة ذات تكلفة باهظة.
و لم تعد المستشفيات قادرة على استقبال الحالات الحرجة لفترات طويلة، بسبب الأعطال المتكررة في أنظمة التبريد والطاقة، وكذلك المدارس والجامعات، التي أصبحت عاجزة عن مواصلة العملية التعليمية بانتظام، ما يهدد جيلاً كاملاً بالضياع.
وفي بعض الأحياء، أطلق السكان مبادرات شعبية لتوفير الكهرباء عبر الاشتراك في مولدات خاصة، لكن الأسعار المرتفعة للديزل جعلت الخدمة مقتصرة على القادرين فقط، فيما يستمر الفقراء في معاناتهم، بين الحرّ والانقطاعات، وبين ضيق ذات اليد وغياب الحلول.
وتوقفت مؤسسات حيوية عن العمل، منها المرافق الخدمية والمراكز الإدارية، التي لم تعد تفتح أبوابها لساعات كافية بسبب العجز الكهربائي، ويصف بعض الموظفين الوضع بأنه “موت إداري بطيء” تعيشه عدن.
ووتحولت حياة المواطنين إلى سباق يومي مع التيار، يحاولون عبره ترتيب ساعات النوم والطهو والراحة، وهو ما أدى إلى اضطرابات نفسية وصحية متزايدة.
وفي ظل انعدام التبريد، سجلت المشافي حالات اختناق بين كبار السن والأطفال، خاصة في المناطق التي تفتقر للتهوية الجيدة أو الخدمات الإسعافية.
*-أزمات غاز والوقود والتغذية.. والمواطن هو الضحية*
ولم تأت أزمة الكهرباء من فراغ، بل كانت نتيجة مباشرة لأزمة وقود حادة اجتاحت العاصمة مؤخرًا، حيث عجزت الحكومة عن تأمين المشتقات للمحطات.
وتراكمت مستحقات الموردين، مما دفعهم لإيقاف الإمدادات بشكل متكرر، ما شلّ عمل المنظومة الكهربائية كليًا.
وشهدت الأسواق موجة غلاء جديدة في أسعار المواد الغذائية بالتوازي مع أزمة الوقود، مما جعل الكثير من الأسر تعجز عن تلبية احتياجاتها الأساسية، وازداد الضغط على الأسواق في ظل غياب الرقابة وارتفاع أجور النقل.
ولم يضرب ارتفاع أسعار الوقود فقط الكهرباء، بل أيضًا وسائل النقل والمواصلات، ما دفع بالكثير من الأسر إلى تقليص تنقلاتها والاعتماد على حلول بديلة مرهقة، فيما ارتفعت أجرة الباصات إلى الضعف في بعض الخطوط.
و بات كثير من أصحاب الدخل المحدود يعيشون على الوجبات البسيطة بسبب التضخم المستمر، ويواجهون صعوبات حادة في تأمين الماء والكهرباء والغذاء معًا، والنتيجة كانت دخول شرائح واسعة في دائرة الفقر المدقع.
وفي المقابل، لم تتخذ الحكومة أي إجراءات فاعلة لضبط السوق أو دعم الفئات المتضررة، بل اكتفت بتصريحات مطاطة وتبريرات تتكرر مع كل أزمة.
وبات الشعور السائد بين المواطنين أن الدولة تخلت عنهم، وأن السياسات المتبعة ترمي إلى إضعاف الجنوب اقتصاديًا واجتماعيًا.
*- البُعد السياسي لأزمة الخدمات في عدن:*
ويرى مراقبون أن أزمة الكهرباء ليست مجرد مسألة فنية، بل انعكاس لأجندات سياسية تسعى لتصدير الأزمات نحو الجنوب، وهو ما يظهر في حجم الإخفاق الحكومي في التعامل مع ملف الطاقة في عدن مقارنة بمناطق أخرى.
ويشير البعض إلى أن عدن أصبحت ضحية لصراع النفوذ، حيث يتم استخدام الخدمات كأداة ضغط على السكان
و اللافت أن مناطق أخرى، رغم محدودية مواردها، تنعم بكهرباء أفضل، ما يثير الشكوك حول وجود نوايا سياسية مبيّتة ضد عدن، ويعيد للأذهان سيناريوهات سابقة عانت فيها العاصمة من الإقصاء والتهميش.
والاتهامات تتزايد بشأن نية بعض الأطراف إفشال المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن من خلال تعميق معاناة الناس وضرب قدرته على الإدارة، وهو ما يهدد بزعزعة الاستقرار السياسي في العاصمة والمناطق المجاورة.
وتعتبر عدن اليوم نموذجًا صارخًا لما يسمى بـ”حرب الخدمات”، وهي سياسة خنق تدريجي تستهدف استنزاف إرادة الناس وتحويل حياتهم إلى معاناة دائمة.
وهذه السياسة لم تعد خفية، بل أصبحت حديث العامة والناشطين والإعلاميين، الذين يرون في استمرارها محاولة لخلخلة النسيج الاجتماعي في الجنوب.
*-عدن إلى أين؟.. الغضب الشعبي يتصاعد:*
وبدأت الاحتجاجات كأصوات فردية على مواقع التواصل، تحوّلت إلى مظاهرات في الشوارع، رافعة شعارات ضد الفساد والإهمال وتجاهل المعاناة، وبات الشارع العدني قاب قوسين أو أدنى من انفجار واسع.
و يتحدث نشطاء عن نية تنظيم عصيان مدني في بعض المديريات، وإغلاق الطرق الرئيسية، للضغط على السلطات المركزية من أجل إيجاد حل جذري، فيما يطالب آخرون بمحاسبة المسؤولين عن تدهور الخدمات وتبديد الموارد.
وعدن ليست مدينة عادية؛ هي العاصمة ، ومركز الثقل السياسي والإداري، لكن ما تعيشه من تدهور لا يعكس هذا الدور، بل يهدد كيان الدولة نفسها، ويدفع الشباب إلى خيارات يائسة، أبرزها الهجرة أو الالتحاق بجبهات الصراع.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.