تهريب الأسلحة والصواريخ إلى الحوثيين..محاكمة قبطان باكستاني تكشف شبكة الحرس الثوري في بحر العرب وخليج عدن

أصدرت محكمة أمريكية حكمًا بالسجن أربعين عامًا على القبطان الباكستاني محمد بهلوان، بعد إدانته بمحاولة تهريب مكونات صواريخ باليستية من إيران إلى مليشيا الحوثي في اليمن، في واحدة من أبرز القضايا التي كشفت امتداد أذرع الحرس الثوري الإيراني في البحر العربي وخليج عدن، وتورطه في تزويد الحوثيين بأسلحة متطورة تهدد أمن الملاحة الدولية.
وتعود تفاصيل القضية إلى 11 يناير 2024، حين نفذت القوات الأمريكية عملية بحرية معقدة ضد سفينة صغيرة كانت تبحر دون علم أو إشارات تعريف قبالة السواحل الصومالية في بحر العرب، وتمكنت من اعتراضها بعد اشتباهها بأنها تنفذ عمليات تهريب مشبوهة لصالح إيران، وقد أسفرت العملية عن سقوط ضابطين أمريكيين أثناء الاشتباك، في حادثة مؤلمة هزّت الأوساط العسكرية الأمريكية، وفق ما أوردته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
وخلال عملية التفتيش، عثرت القوات الأمريكية على أربعة عشر بحارًا بينهم القبطان بهلوان، كما تم ضبط شحنة ضخمة من الأسلحة الإيرانية المتطورة، تضمنت مكونات صواريخ باليستية وصواريخ كروز مضادة للسفن ورؤوسًا حربية، وهي ذات الأنظمة التي استخدمها الحوثيون لاحقًا في هجماتهم ضد السفن العسكرية وسفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن عقب أحداث السابع من أكتوبر 2023م، حيث
أكدت وزارة العدل الأمريكية أن التحقيقات أثبتت أن هذه العملية لم تكن سوى حلقة في شبكة تهريب واسعة امتدت بين أغسطس 2023 ويناير 2024، نفذها القبطان بهلوان بالتنسيق مع الأخوين الإيرانيين شهاب ميركازي ويونس ميركازي، اللذين ينتميان إلى الحرس الثوري الإيراني، وكانا يشرفان على عمليات نقل الشحنات من السواحل الإيرانية إلى مناطق محددة قبالة الصومال، حيث تُنقل ليلاً إلى سفن أخرى متجهة نحو السواحل اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وأظهرت إفادات الضباط الأمريكيين أن القبطان بهلوان حاول تضليل فريق التفتيش، وأجبر طاقمه على الكذب وإخفاء حقيقة الشحنة، مهدداً حياة البحارة وعائلاتهم في حال التعاون مع السلطات الأمريكية، ما عزز الاتهامات الموجهة إليه بتشكيل خطر مباشر على الأمن الدولي، إلى جانب التورط في دعم منظمة إرهابية أجنبية.
وتعتبر هذه القضية من أخطر الأدلة الميدانية التي تكشف استمرار إيران في تسليح الحوثيين رغم العقوبات الدولية، إذ ضمت الشحنة المضبوطة مكونات تُوصف بأنها من أكثر الأنظمة تطوراً في ترسانة إيران، وتُستخدم عادة لتطوير قدرات الصواريخ الباليستية والمسيّرات بعيدة المدى.
لقد تحولت هذه العمليات إلى جزء من مشروع استراتيجي للحرس الثوري الإيراني يهدف إلى إحكام السيطرة على طرق الملاحة الحيوية عبر وكلائه في المنطقة، بما في ذلك جماعة الحوثي التي تمثل اليوم رأس الحربة الإيرانية في البحر الأحمر وخليج عدن، وهو ما يتقاطع مع تصاعد الهجمات ضد السفن التجارية وناقلات النفط خلال الاعوام
2023- 2025م، في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة على خلفية الحرب في غزة.
إن هذا المشهد يعيد إلى الأذهان كيف باع الحوثيون الحلم اليمني تحت شعارات الثورة والسيادة، فتحولت تلك الشعارات إلى غطاء لتجارة سياسية وأمنية تمولها طهران، وتُدار بعقول عقائدية دربها الحرس الثوري مثل محمد عبدالكريم الغماري وطه المداني اللذين قُتلا في جبهات سابقة، فيما يبرز يوسف المداني اليوم بوصفه البديل الأخطر والأكثر ولاءً لطهران في قيادة الجهاز العسكري للحوثيين.
ولا يمكن فصل هذا الملف عن المخاطر الجديدة التي يشهدها خليج عدن، حيث تتزايد التحذيرات من احتمال تعرض ناقلات النفط لهجمات جديدة أو عمليات تخريبية، خاصة بعد اغراق المليشيات الحوثية للسفن التجارية كالسفينة الهولندية و ما جيك سيز وإيترنيتي سي خلال الأشهر الماضية في خليج عدن و البحر الأحمر، في مشهد يعكس اتساع رقعة الحرب غير المعلنة التي تديرها إيران عبر وكلائها من البحر إلى البر، وقد جاءت الانفجارات ف ناقلة للغاز المسال يوم أمس في خليج عدن ليضيف بعدًا أكثر خطورة للمشهد، إذ يُعتقد أن الانفجار وقع في ظروف غامضة قرب الممرات الدولية، ما أثار حالة استنفار في أوساط القوات البحرية العاملة في المنطقة، وسط مؤشرات على أن الحادث يرتبط بسلسلة تفجيرات غامضة تستهدف ناقلات الطاقة في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يزيد من احتمالية تورط خلايا حوثية أو أطراف إيرانية تعمل على زعزعة أمن الممرات الحيوية،
إن الحكم الصادر ضد القبطان الباكستاني ليس مجرد إدانة فردية، بل هو إشارة صريحة إلى انكشاف خيوط شبكة التهريب الإيرانية التي جعلت من اليمن قاعدة متقدمة لحروبها بالوكالة، وتهديداً مباشراً لأمن المنطقة واستقرار التجارة العالمية.
أ.د.عبدالوهاب العوج
أكاديمي ومحلل سياسي يمني
جامعة تعز
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.