تقرير خاص: مجلس القيادة الرئاسي .. بين إخفاق التجربة وحتمية البحث عن حلول جذرية


مجلس القيادة الرئاسي بين وعود الاستقرار وواقع الانقسام والصراع

خيبة أمل شعبية بعد فشل مجلس القيادة في تحقيق تغيير سياسي حقيقي وملموس

الجنوب اليوم أقوى سياسياً وعسكرياً من مرحلة ما بعد حرب 1994

وعي جنوبي متجدد يرفض التبعية ويؤكد التمسك باستعادة الدولة وحماية الهوية

حين أُعلن عن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، استبشر المواطنون خيراً، معتبرين ذلك بارقة أمل قد تنقل البلاد من حالة الفوضى والانقسامات إلى مرحلة جديدة من الاستقرار والشراكة الوطنية.

فقد أنهكت الحروب المتواصلة البلاد، وأرهقت الصراعات الداخلية المواطن البسيط الذي لم يعد يطيق المزيد من الأزمات، خاصة بعد سنوات من الاستفراد بالسلطة التي سيطر فيها حزب الإصلاح على القرار السياسي، وتغلغل الفساد في مختلف مؤسسات الدولة حتى بلغ مستويات غير مسبوقة.

غير أن مرور الوقت كشف أن هذا المجلس لم يتمكن من إحداث الفارق المنشود، بل سرعان ما دخل في دوامة الخلافات وفقد القدرة على رسم مسار واضح لمستقبل اليمن، الأمر الذي دفع الشارع مجدداً إلى طرح التساؤلات حول جدوى هذه التجربة وضرورة البحث عن بدائل أكثر واقعية وعدالة.

– إخفاق التجربة :

تجربة مجلس القيادة لم تنجح في تحقيق ما رُوّج له عند تشكيله، فقد عادت مظاهر الفساد لتطل برأسها من جديد، وإن اختلفت الوجوه والشعارات ، المؤسسات التي كان من المفترض أن تنهض بمهامها الوطنية تحولت إلى ساحة صراع بين مكونات متناحرة، غلبت عليها المحاصصة والمصالح الضيقة على حساب المصلحة العامة ، هذا الانقسام أضعف ثقة الشارع بالمجلس وأفقده القدرة على قيادة المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد.

إلى جانب ذلك، لم يتمكن المجلس من صياغة رؤية سياسية موحدة تعالج القضايا الجوهرية التي تعاني منها البلاد ، وهو ما انعكس سلباً على مجمل الأوضاع في مختلف المحافظات ، المواطن الذي انتظر تغييراً ملموساً في حياته اليومية لم يجد سوى وعود مؤجلة وشعارات مكررة لا تسمن ولا تغني من جوع.

ولعل الأخطر من ذلك أن ملامح التكرار لسيناريوهات الماضي برزت بوضوح، حيث بدا المجلس وكأنه نسخة محدثة من مجالس سابقة انتهت إلى أزمات أشد قسوة ،

وفي هذا السياق، يستحضر الجنوبيون تجربة مجلس الرئاسة بعد الوحدة وما آلت إليه من صراع دموي في حرب 1994، ليجدوا أنفسهم اليوم أمام مشهد مشابه يعيد إنتاج الأزمات بدلاً من حلها.

– الجنوب بين الأمس واليوم

إذا ما قورن واقع الجنوب اليوم بما كان عليه بعد حرب 1994، نجد أن الظروف والمعطيات قد تغيرت جذرياً ، ففي الماضي كان الجنوب يفتقر إلى القوة السياسية والعسكرية الكافية لحماية نفسه من محاولات السيطرة الشمالية، أما اليوم فقد بات الجنوب يمتلك أدوات سياسية وشعبية وعسكرية راسخة تمنحه القدرة على الدفاع عن قضيته ومصالحه ، هذه المعطيات الجديدة جعلت من الصعب على أي طرف تجاهل أو تجاوز إرادة الجنوبيين.

التجربة الطويلة مع التهميش والاستحواذ على القرار السياسي زرعت وعياً عميقاً لدى الشارع الجنوبي، الذي بات أكثر إدراكاً لضرورة حماية مكتسباته وعدم السماح بتكرار السيناريوهات التي أودت بموارده وهويته في الماضي، هذا الوعي الجماعي انعكس في تمسك الجنوبيين بمطلب استعادة دولتهم، ورفضهم أن يكونوا مجرد تابع في معادلات سياسية يسيطر عليها الشمال.

.

هذا الواقع يفرض على الأطراف السياسية، سواء في الداخل أو الخارج، إدراك أن الجنوب اليوم ليس الجنوب الذي كان بعد حرب 1994 ، فالزمن تغيّر، والوعي الشعبي ارتفع، والقدرات الميدانية تعززت، وهو ما يجعل أي محاولة لتكرار الماضي محكومة بالفشل، بل قد تؤدي إلى مزيد من التعقيدات والصدامات.

– نحو حلول واقعية وعادلة :

أمام هذا المشهد المليء بالتحديات، تبدو الحاجة ماسة إلى مراجعة شاملة للنهج القائم والانتقال نحو حلول عملية وجذرية ، الاستمرار في سياسة “تجريب المجرب” أثبت أنه لن يفضي إلا إلى إعادة إنتاج الفشل وإطالة أمد الأزمات ، ما تحتاجه البلاد اليوم هو مقاربة جديدة تنطلق من الاعتراف بالواقع على الأرض، ووضع الجنوب في موقعه الطبيعي كضامن لأي استقرار مستقبلي.

الحلول الواقعية تبدأ من ترتيب البيت الجنوبي وتثبيت دعائم الاستقرار فيه، بما يمكّنه من لعب دور فاعل في أي تسوية سياسية قادمة ، فجنوب قوي ومستقر يمكن أن يكون ركيزة لبناء سلام مستدام، بينما تجاهل قضيته سيعني بالضرورة استمرار الفوضى وتفاقم الصراع.

كما أن البحث في إمكانية تحرير الشمال، إذا ما توافرت الظروف المناسبة، ينبغي أن يكون ضمن أولويات المرحلة المقبلة، لكن دون أن يأتي ذلك على حساب حق الجنوب في تقرير مصيره ، فالتوازن بين القضيتين هو ما سيضمن انتقالاً سلساً من الحرب إلى السلام.

وفي نهاية المطاف، يبقى الحل الجذري مرهوناً بجلوس ممثلي الجنوب وممثلي الشمال على طاولة مفاوضات ندية، برعاية المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، للوصول إلى صيغة فك ارتباط سلمي ومنظم.

هذا الخيار وحده كفيل بإنهاء سنوات طويلة من الحروب والأزمات والمجاعات والتشرد، وفتح الباب أمام مرحلة جديدة عنوانها الاستقرار والتنمية، بما يضمن مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى