يُعرف لودفيغ فان بيتهوفن، أحد أعظم الملحنين في التاريخ، بإنجازاته الموسيقية الضخمة، إلا أن حياته العاطفية كانت أقل نجاحًا. فعند وفاته في 26 مارس 1827، لم يترك زوجة تودعه، بل ترك جمهورًا معجبًا فقط. ومع ذلك، عُثر بين ممتلكاته على رسالة حب عاطفية لم يُرسِلها، موجهة إلى “الحبيبة الخالدة” الغامضة. وكتب بيتهوفن فيها: “لا أستطيع أن أعيش إلا معك تمامًا أو لا أعيش على الإطلاق”؛ ما يكشف عن حب يبدو أنه كان متبادلًا لكنه لم يكتمل.

وتشغل هوية هذه “الحبيبة الخالدة” الباحثين منذ أكثر من قرنين. ويلاحظ عالِم الموسيقى جون ديفيد ويلسون أن بيتهوفن غالبًا ما كان يقع في حب نساء لا يمكنهن الزواج منه، بسبب القيود الاجتماعية أو الظروف الشخصية. وتاريخ الرسالة، في الـ6 من يوليو 1812، يشير إلى علاقة حب حدثت خلال فترة محددة عندما سافر بيتهوفن من  براغ إلى تيبلتز، بينما توجهت المرأة إلى كارلسباد؛ ما يعني أن المستلمة كان يجب أن تكون في كلا المكانين في ذلك الوقت وربما كانت متزوجة.

وبحسب الباحثين، هناك مرشحتان رئيسيتان. الأولى هي أنطوني برنتانو، مِن رعاة بيتهوفن، وزوجة فرانز برنتانو. وكانت في براغ وكارلسباد في يوليو 1812، وتشير المراسلات إلى وجود عاطفة متبادلة عميقة.

وترى سيلفيا بوردن من جامعة ساوثامبتون أن كل الأدلة تشير إلى أن أنطوني هي الحبيبة المرجحة، رغم أن بعض النقاد يشككون بوجود دليل على علاقة رومانسية بينهما.

أما المرشحة الثانية فهي جوزفين برونسفيك، تلميذة بيتهوفن في البيانو سابقًا. إذ تطورت علاقتهما عندما أصبحت أرملة، وقدَّم إليها بضع مقطوعات موسيقية، بما في ذلك “أندانتي فافوري”، وتظهر رسائل بين 1805 و1807 استخدامه لعبارات الحنان ذاتها الموجودة في رسالة “الحبيبة الخالدة”. كانت برونسفيك منفصلة عن زوجها الثاني في يوليو 1812، ويُرجح البعض أن ابنتها مينونا، التي وُلدت بعد تسعة أشهر، قد تكون ابنة بيتهوفن.

ورغم البحث المكثف، لم يُكشف بعد عن هوية “الحبيبة الخالدة” بشكل قاطع. وقد اقترح بعض الباحثين إجراء اختبارات جينية لأحفادها، لكن هناك صعوبات قانونية وعملية. ومع ذلك، يتفق العلماء على أن الرسالة تُظهر الجانب الإنساني العميق لبيتهوفن، مبرزًا أنه، بجانب عبقريته، عاش الحب العميق وخيبة الأمل العاطفية.

وبعد قرنين من الزمن، لا تزال رسالة بيتهوفن تأسر المخيلة، كاشفة عن الصراعات العاطفية وراء حياة هذا الملحن العظيم.