اخبار حضرموت | رسائل 30 نوفمبر من سيئون: المجلس الانتقالي الجنوبي يعزز موقفه السياسي في حضرموت
تقرير (حضرموت21) خاص
شهدت مدينة سيئون، عاصمة وادي حضرموت التاريخي، اليوم الأحد 30 نوفمبر 2025، تدفقاً جماهيرياً غير مسبوق، تحول إلى ما يشبه “مليونية شعبية”، لتأكيد التطلعات الجنوبية في المحافظة النفطية الأكبر في الجنوب، وتزامنت هذه الفعالية مع الذكرى الثامنة والخمسين لعيد الاستقلال الوطني الجنوبي، وهو ما عزز من دلالتها السياسية والرمزية.
وقد تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم شعبياً وعسكرياً في المحافظات الجنوبية الأخرى، من استعراض قوته الضاربة في معقل يعتبر تقليدياً تحت سيطرة القوات الموالية لحزب التجمع اليمني للإصلاح، جناح الإخوان المسلمين المحلي.
وقال سياسيون لـ “حضرموت21″، أن هذا الحشد الهائل الذي اكتظت به شوارع سيئون الرئيسية، يمثل تحولاً جذرياً في ميزان القوى السياسية داخل حضرموت، ويؤكد أن سياسة المجلس الانتقالي الجنوبي في تثبيت المشروع الجنوبي قد تغلغلت بعمق في مناطق الوادي والصحراء، التي لا تزال تخضع عسكرياً لوحدات يعتبرها الجنربيون “قوات احتلال يمنية” متمركزة هناك منذ حرب صيف 1994.
وقد بعثت المليونية برسائل واضحة ومباشرة مفادها أن المجلس الانتقالي الجنوبي لم يعد مجرد قوة سياسية فقط، بل أصبح الممثل الأوحد والأكثر شرعية لجماهير حضرموت الطامحة للاستقلال وإدارة محافظتها.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن الحضور الجماهيري تجاوز التوقعات، خاصة بالنظر إلى القيود الأمنية والاجتماعية المفروضة على الحراك السياسي الجنوبي في الوادي من قبل قوات المنطقة العسكريّة الأولى.
ويأتي هذا التطور في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية لتوحيد جهود مكافحة الإرهاب وضمان استقرار المناطق الغنية بالنفط، ما يجعل من أي تحرك شعبي كبير داعم للانتقالي أمراً لا يمكن تجاوزه في أي تسوية سياسية مستقبلية.
تأكيد السيادة الشعبية
تكتسب مليونية سيئون أهميتها من سياقها الجغرافي والزمني المعقد. فبينما يحتفل الجنوبيون بذكرى الاستقلال، اختار آلاف الحضارم التوجه إلى سيئون، عاصمة وادي حضرموت، حيث تتمركز ألوية المنطقة العسكرية الأولى، التي يصفها قادة المجلس الانتقالي الجنوبي بأنها وريثة “قوات الاحتلال” التي دخلت الجنوب عام 1994.
وقد شكل هذا الحضور الجماهيري الواسع تحدياً مباشراً للمؤسسات التقليدية والقوى العسكرية التي تدعمها أحزاب شمالية، أبرزها التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمون).
ونقل “حضرموت21” عن عدد من المشاركين أن الغرض من الحشد ليس احتفالياً فحسب، بل هو للتأكيد على أن الهوية والتطلعات الجنوبية هي السائدة، وأن المطالبات بانسحاب القوات الشمالية وإحلال قوات محلية من أبناء حضرموت (النخبة الحضرمية الجنوبية) باتت مطلباً شعبياً لا يمكن لآليات القوى المضادة أن تتجاوزها أو تلغيها.
وفي إشارة إلى محاولات تهميش المشروع الجنوبي، أكد متحدثون خلال الفعالية أن التحديات الأمنية والاقتصادية التي تعاني منها المحافظة، بما في ذلك تدهور الخدمات وانعدام الأمن في بعض مناطق الوادي، هي نتيجة مباشرة لبقاء هذه القوات التي لم يتم توجيهها يوماً نحو مكافحة الإرهاب، بل ظلت قوة احتجاز تمنع تطلعات أبناء حضرموت.
وأفادت تقديرات سياسية أن تنظيم هذه المليونية في سيئون كان إنجازاً لوجستياً وسياسياً بحد ذاته، حيث تمكن المجلس الانتقالي من اختراق حاجز الخوف والرقابة الذي فرضته القوات المتمركزة في الوادي، ما يؤكد أن “مستوى المعرفة لدى أحرار الجنوب قد شبت”، وأن الجيوش الإعلامية التي تحاول شيطنة المشروع الجنوبي “لن تفلح”.
الصراع على الشرعية وحماية النفط
لم يكن الحشد الجماهيري اليوم مجرد استعراض قوة، بل كان استفتاءً شعبياً على الجهة التي تمتلك حق التحدث باسم أبناء حضرموت. وقد جاء هذا الحشد ليقطع الطريق على القوى التي تحاول تشكيل كيانات موازية لشرعية المجلس الانتقالي، مثل “حلف حضرموت” الذي يواجه اتهامات بالتبعية لأجندات لا تخدم المصالح الجنوبية العليا.
وفي هذا الصدد، تشير الشواهد إلى فشل الكيانات المناوئة للمجلس الانتقالي في فرض إرادتها على الأرض، خاصة فيما يتعلق بالموارد النفطية، التي تُعد شريان الحياة الاقتصادي للمحافظة.
وفي تعليقه على المشهد، تحدث المحلل السياسي ناصر لشرم، لـ “حضرموت21″، عن ضعف الكيانات المناوئة للمشروع الجنوبي، وقال: “إن بيانات أدوات الإخوان التي تحذر من غزو حضرموت لن تتجاوز أبداً رسائل مليونيات أحرار حضرموت وقبائلها التي شاهدناها اليوم في سيئون، وكنا قد شاهدناها مؤخراً في شبام والمكلا”.
وأضاف: “التحذير من (غزو حضرموت) الذي يطلقه أعداء الجنوب هو في الحقيقة تخوف من انتشار قوات الدعم الأمني التي شكلت لمساندة النخبة الحضرمية وتلبية لتطلعات أبناء حضرموت الذين خرجوا بالمليونيات لدعم المشروع الجنوبي”.
وأشار السياسي ناصر لشرم إلى التناقضات في مواقف تلك الكيانات، وقال: “الغريب والمستغرب أن هذه الكيانات لا ترى الغزو الحقيقي المتمثل في عشرات الألوية التي احتلت وادي حضرموت منذ عام 1994، وتواصل بقاءها رغم كل المبادرات المطالبة بسحبها. وجود هذه الألوية ليس غزوًا في نظرهم، بل هو تأمين لتواجد قوات زيدية تدين ولاءها في نهاية المطاف للحوثي أو تناصر مشروع الإخوان في محاولة لخدع الأدوات الجنوبية البعيدة عن مشروع الحرية والكرامة”.
وأردف: “السؤال المطروح هو: من يمثل أصوات أعداء المشروع الجنوبي إذا كانت المليونيات في المكلا وشبام وسيئون كلها مع المشروع الجنوبي؟”.
وأشار لشرم إلى أن الأوان قد حان لتصحيح الاعوجاج، في هذه التشكيلات، وقال: “يجب تطهير حضرموت من الغزو الزيدي والاحتلال الرابض هناك وتحجيم أدوات الإخوان وبقايا الاحتلال اليمني. هذا التحرك الشعبي اليوم يمثل انتصاراً لأبناء حضرموت الذين يخرجون بالمليونيات إلى الحرية والاستقلال، لتأسيس دولة جنوبية فيدرالية”.
ترسيخ الحضور السياسي
من جانب آخر، أكد الحشد الجماهيري في سيئون أن المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادته الحكيمة والواقعية، قد نجح في تحويل القضية الجنوبية من مجرد ملف هامشي إلى جوهر أي نقاش سياسي حالي أو مستقبلي حول مستقبل اليمن. ففي خضم الفوضى والصراع المستمر في الشمال، يثبت الجنوب قدرته على بناء بيئة مستقرة وقابلة للتطور السياسي والإداري.
وفي سياق المكتسبات، تحدث الكاتب السياسي خالد العمودي لـ “حضرموت21” عن الأهمية الإستراتيجية لصمود المجلس الانتقالي في تثبيت المشروع الوطني الجنوبي، وقال: “يُعدّ صمود المجلس الانتقالي عنصراً رئيسياً في حماية المشروع الوطني الجنوبي، وترسيخ حق أبناء الجنوب في تقرير مصيرهم”.
وتابع: “هذا الصمود لم يكن مجرد موقف سياسي، بل أصبح جزءاً من منظومة حماية الهوية الجنوبية ومنع تهميش قضيتها في أي مسار سياسي دولي. وبفضل هذا الثبات، تمكن المجلس من الحفاظ على حضور سياسي وعسكري واسع، ورسخ مشاركته في العملية السياسية بوصفه ممثلاً لطموحات شريحة واسعة من السكان”.
وأوضح العمودي أن المجلس الانتقالي يتعامل بواقعية مع التحديات، ويرفض التسويات الهشة، وقال: “تشير قراءة المشهد إلى أن الانتقالي تعامل بواقعية مع التحديات، وقدم رؤية سياسية تعتبر أن أي تسوية لا تراعي قضية الجنوب ستكون هشّة وقابلة للانهيار، لأن جذور الأزمة اليمنية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بغياب العدالة السياسية وفرض الوحدة بالقوة في السابق”.
واستطرد: “لقد نجح المجلس الانتقالي في تحويل القضية الجنوبية من ملف هامشي إلى جوهر في أي نقاش سياسي، وتمكن من تثبيت موقفه كشريك لا يمكن تجاوزه في صناعة السلام القادم”.
وبشأن دلالة الفعالية في سيئون، لفت العمودي إلى أنّ الجنوب اليوم تجاوز مرحلة الدفاع، وقال: “يظهر اليوم أن الجنوب، بقيادة المجلس الانتقالي، قد تجاوز مرحلة الدفاع عن وجوده، ودخل مرحلة تثبيت حضوره السياسي والإداري والإنساني”.
وأضاف: “فبينما يعاني الشمال من بطش الحوثيين وتعطيلهم لكل مسار للسلام والمساعدات، يثبت الجنوب أنه قادر على تأسيس بيئة مستقرة يمكن البناء عليها. لقد تحوّل صمود المجلس الانتقالي من موقف مبدئي إلى مشروع وطني شامل يحمي الأرض، ويفتح الباب أمام مستقبل يتأسس على احترام إرادة الشعوب، ودعم الاستقرار، وإعادة الاعتبار للقضية الجنوبية باعتبارها أساس أي تسوية حقيقية في البلاد”.
دعم النخبة الحضرمية
أكدت التطورات الأخيرة أن المرحلة القادمة ستشهد زخماً متزايداً للمطالبة بتمكين القوات الحضرمية المحلية. حيث ربطت الجماهير في سيئون بين ذكرى الاستقلال وضرورة استكمال تحرير المحافظة من أي وجود عسكري خارجي.
وقد استغل المجلس الانتقالي الجنوبي هذا الحشد لإعادة التأكيد على أن القوات التي ستدخل الوادي والصحراء هي قوات “النخبة الحضرمية”. هذه القوات هي التي “هزمت القاعدة وأفشلت مشاريع الغزاة الحقيقيين” في مدن الساحل.
ويشير هذا التحرك إلى أن المجلس الانتقالي يعد العدة للانتقال من الضغط السياسي إلى التنفيذ العملي لمطالب الجماهير، وذلك عبر دعم النخبة وإمدادها بقوات مساندة لاستلام الملف الأمني والعسكري في الوادي. وقد بدأ هذا الاتجاه بالفعل يعيد “بعض الأصوات العقلانية” إلى احترام قوات النخبة بعد أن كانت تُشيطن في السابق وتوصف بأنها “قوات احتلال إماراتية”.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة :
حضرموت 21، ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وإنما تم نقله بمحتواه كما هو من حضرموت 21، ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكره.








