اخبار حضرموت | #تقرير_خاص…من حضرموت تبدأ الدولة: قراءة في رمزية الحشد الشعبي الجنوبي

سيؤن (حضرموت21) خاص

تستعد محافظة حضرموت، في 14 أكتوبر 2025، لاستقبال حدث سياسي جماهيري غير مسبوق، حيث دعت القوى والمكونات الجنوبية إلى تنظيم مليونية في وادي حضرموت. هذه الفعالية ليست مجرد تجمع شعبي، بل هي إعلان عن مرحلة جديدة في مسار القضية الجنوبية، تحمل في طياتها رسائل سياسية وشعبية تعكس تطلعات الجنوبيين نحو استعادة دولتهم المستقلة.

وتعتبر حضرموت من أكبر وأهم المحافظات الجنوبية، حيث تمتاز بموقعها الجغرافي الاستراتيجي وثرواتها الطبيعية الغنية. تاريخياً، كانت حضرموت مركزاً حضارياً واقتصادياً مهماً، وقد ظلت محافظة على هويتها الجنوبية رغم التحديات.

واليوم، تأتي هذه المليونية لتؤكد أن حضرموت ليست فقط جزءاً من الجنوب، بل هي قلبه النابض ومفتاح مشروعه الوطني القادم.

رمزية الزمان والمكان

إن اختيار يوم 14 أكتوبر لإقامة المليونية في وادي حضرموت يحمل دلالة رمزية عميقة. فالذكرى الـ62 لثورة 14 أكتوبر ضد الاستعمار البريطاني تمثل نقطة تحول في تاريخ الجنوب، حيث انطلقت منها شرارة النضال الوطني.

اليوم، يعيد الجنوبيون إحياء هذه الذكرى في وادي حضرموت، ليؤكدوا أن نضالهم مستمر نحو استعادة دولتهم المستقلة.

قيادة سياسية متجددة

منذ تأسيسه في مايو 2017، أثبت المجلس الانتقالي الجنوبي قدرته على تمثيل تطلعات الجنوبيين، حيث نجح في تحويل الحراك الشعبي إلى مشروع سياسي متكامل. في حضرموت، تعامل المجلس بحكمة سياسية، حيث اعتمد استراتيجية تقوم على كسب الشارع تدريجياً، دون الدخول في صدام مباشر مع القوى التقليدية، إلى أن وصلت القناعة الشعبية إلى نقطة الحسم.

واليوم، تأتي المليونية كتتويج لتلك الجهود السياسية والتنظيمية، وتأكيد على أن مشروع المجلس لم يكن محصورا في عدن أو لحج أو الضالع، بل هو مشروعا جنوبيا شاملا يمتد من المهرة شرقا حتى باب المندب غرباً.

فالحشود التي تستعد للتوافد من مختلف مديريات حضرموت تمثل استفتاءً شعبياً على شرعية المجلس الانتقالي الجنوبي باعتباره الممثل السياسي الأبرز لقضية الجنوب. الأهم من ذلك، أن هذا الحراك يأتي في لحظة سياسية حساسة تشهد إخفاق المجلس الرئاسي اليمني في إدارة الملفات الاقتصادية والخدمية، ما جعل المواطن الجنوبي أكثر اقتناعاً بأن الخلاص من الفساد والتبعية لا يمكن أن يتحقق إلا عبر استعادة القرار الجنوبي المستقل.

وتمثل حضرموت ركيزة أساسية في أي تصور مستقبلي لدولة الجنوب. فهي المحافظة الأكبر مساحة، والأغنى بالثروات النفطية والمعدنية، والأكثر استقراراً نسبياً. لذلك، فإن أي حديث عن بناء الدولة الجنوبية لا يمكن أن يكتمل دون حضرموت كقاعدة ارتكاز سياسية واقتصادية.

ويمكن القول إن الحشد القادم في وادي حضرموت يُبرِز عدة أبعاد أساسية، أهما:

1. أن حجم المشاركة الشعبية المتوقعة سيعكس درجة التماسك بين محافظات الجنوب المختلفة، ويفند الدعايات التي حاولت تصوير حضرموت وكأنها مترددة في الانتماء إلى المشروع الجنوبي.

2. أن الحشد المليوني في حضرموت سيُظهر أن الجنوب ليس مجرد مكوّن محلي، بل قضية شعبية مكتملة الأركان تحظى بتأييد واسع، ما يفرض على الأطراف الدولية التعامل مع المجلس الانتقالي بصفته الممثل الحقيقي للشعب الجنوبي في أي تسوية سياسية قادمة.

3. ضغط شعبي على الحكومة والمجلس الرئاسي في ظل عجز الحكومة عن إدارة الملفات الخدمية والمالية، حيث أن هذا الزخم الشعبي يمنح الانتقالي تفويضاً جديداً لتعزيز حضوره في مؤسسات الدولة والدفاع عن مصالح الجنوب في إطار تفاوضي متكافئ.

4. أن المليونية تحمل طابعاً استباقياً، إذ يسعى المجلس الانتقالي إلى تثبيت حضوره الشعبي والسياسي قبل أي تسوية محتملة قد تُطرح على طاولة المفاوضات الإقليمية.

ورغم كل الزخم الشعبي الذي تحظى به الدعوة للمليونية، إلا أن المجلس الانتقالي الجنوبي يدرك أن الطريق نحو الدولة الجنوبية لم يكن يوما سهلا. فالتحديات لا تزال قائمة، من الضغوط الاقتصادية، والانقسامات الداخلية، ومحاولات الالتفاف السياسي من أطراف يمنية ترى في صعود الانتقالي تهديداً لمصالحها التقليدية.

لكن في المقابل، هناك مؤشرات متزايدة على أن الجنوب يسير بخطى ثابتة نحو بناء مؤسسات فعلية قادرة على إدارة الدولة المقبلة. نجاح المجلس الانتقالي في ترسيخ أجهزة أمنية وإدارية فاعلة في عدن وعدد من المحافظات الأخرى يمثل خطوة مهمة في هذا الاتجاه. كما أن الانفتاح الإقليمي والدعم المتنامي من بعض العواصم العربية يمنح المشروع الجنوبي زخماً إضافياً.

من حضرموت تُرسم البداية

يمكن القول إن مليونية 14 أكتوبر في وادي حضرموت ستكون اختباراً حقيقياً لمستوى الوعي الشعبي الجنوبي، وقياساً لقدرة المجلس الانتقالي على تحويل الدعم الجماهيري إلى مشروع سياسي مستدام.

فمن حضرموت تبدأ ملامح الدولة التي حلم بها الجنوبيون منذ عقود، دولة النظام والقانون، والعدالة والشراكة، دولة لا تُبنى على الإقصاء بل على التوافق والتمثيل العادل. وإذا كانت عدن قد كانت رمز التحرير الأول، فإن حضرموت اليوم تمثل رمز التأسيس الثاني، حيث تلتقي الإرادة الشعبية مع الرؤية السياسية في لحظة جنوبية استثنائية قد تحدد ملامح المستقبل.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة :
حضرموت 21، ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وإنما تم نقله بمحتواه كما هو من حضرموت 21، ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكره.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى