اخبار اليمن | تحليل سياسي : ما الذي ينتظر حكومة سالم بن بريك؟

اخبار اليمن

تحليل سياسي – صحيفة “عدن الغد”
أي حكومة قادمة في عدن… ما أبرز التحديات التي ستواجهها؟
الفساد، الانقسام، غياب الدولة، والأعباء الاقتصادية تقف في وجه أي إصلاح مرتقب

في اليمن، وتحديدًا في العاصمة المؤقتة عدن، لم يعد الحديث عن تشكيل حكومة جديدة مجرد حدث سياسي روتيني، بل أصبح معادلة معقدة محكومة بتوازنات دقيقة، وسط وضع متفجر على كافة الصعد: اقتصاديًا، أمنيًا، وخدميًا.

ومع تزايد المؤشرات على تغيير وشيك في تركيبة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، تعود التساؤلات إلى الواجهة حول ما إذا كانت أي حكومة قادمة قادرة فعلاً على إحداث تحول ملموس، أو أنها ستجد نفسها – كما سابقاتها – رهينة لمجموعة من التحديات البنيوية العميقة.

وتتصدر الأزمة الاقتصادية قائمة التحديات التي تواجه أي حكومة جديدة.
فالدولة اليوم عاجزة عن دفع الرواتب بانتظام، وأسعار السلع الغذائية تواصل الارتفاع، مع انهيار قيمة الريال اليمني أمام الدولار، وتخطيه حاجز 2500 ريالًا، في ظل غياب كامل لأي سياسة نقدية فاعلة أو استقلالية فعلية للبنك المركزي اليمني.

ولا تزال الإيرادات السيادية (من موانئ، نفط، جمارك وضرائب) غير موحدة ولا تدخل في حساب حكومي مركزي، بل تتوزع بين أطراف متعددة، كلٌ يُمسك بملفه الاقتصادي كجزء من نفوذه السياسي. وبالتالي، ستكون أي حكومة قادمة مطالبة بتصحيح هذا الوضع المختل، وهو ما يتطلب إرادة سياسية، وغطاء أمني، وشراكة إقليمية لا تبدو حاضرة حتى اللحظة.

وتشكل الانقسامات داخل الشرعية، وتحديدًا داخل مجلس القيادة الرئاسي، أحد أبرز المعضلات التي ستواجه أي حكومة جديدة.
فغياب الانسجام بين القوى الفاعلة داخل المجلس، وتعارض الأجندات السياسية بين أطراف تمثل الجنوب والشمال، يجعل من أي محاولة لإنتاج سياسة موحدة أو مشروع وطني جامع أمرًا بالغ الصعوبة.

الحكومة القادمة – أياً كان رئيسها – ستُجبر على السير في حقل ألغام سياسي، حيث سياسات المحاصصة، وتعطيل الملفات الحيوية، وممانعة بعض الأطراف لأي تحرك خارج مصالحها، ما سيقوّض أي مشروع إصلاحي حقيقي منذ لحظته الأولى.

وما من ملف أكثر خطورة من الفساد الذي ينخر مفاصل مؤسسات الدولة من القاعدة إلى القمة.
فما يُصرف من الموازنات، وما يُجمع من إيرادات، لا يجد طريقه إلى مستحقيه، بل يتسرب عبر شبكة معقدة من المصالح والصفقات والعمولات، تديرها مراكز قوى داخل وخارج مؤسسات الدولة.

أي حكومة قادمة لا تمتلك أدوات حقيقية لمكافحة الفساد، ولا تملك حماية من القضاء عليه، ستتحول إلى شريك ضمني فيه، أو عاجزة عن مواجهته. وفي هذا السياق، تصبح الدعوات إلى الشفافية والمساءلة مجرد شعارات استهلاكية لا تجد تطبيقًا على الأرض.

ومن أكبر التحديات التي تواجه أي حكومة مقبلة في عدن، هو غياب فعلي للدولة بمعناها المؤسسي.
فالأجهزة الأمنية تعمل بشكل مزدوج، وتخضع أحيانًا لتوجيهات سلطات الأمر الواقع أو جماعات غير رسمية، بينما تغيب سلطة القضاء، وتُهمّش مؤسسات الدولة الرسمية، في مشهد أقرب إلى ما قبل الدولة.

لا يمكن لأي حكومة أن تنجح في بيئة لا تستطيع فيها فرض القانون، ولا حماية مسؤوليها، ولا حتى إدارة الموانئ والمطارات. كما أن الوزارات السيادية بلا نفوذ حقيقي، مما يحوّل الوزراء إلى مجرد موظفين تنفيذيين في مشهد صوري.

و الكهرباء في عدن تنقطع لساعات طويلة يوميًا، مياه الشرب غير متوفرة في كثير من الأحياء، والمستشفيات بلا أدوية، والمدارس تعاني من نقص الكوادر والتجهيزات.
الناس في عدن لا ينتظرون “وزراء ناجحين” بقدر ما ينتظرون خدمات يومية، وهذه أبسط الحقوق باتت بعيدة المنال.

أي حكومة قادمة ستكون أمام تحدٍ يتمثل في استعادة الحد الأدنى من الخدمة العامة، وهي مهمة شاقة بالنظر إلى محدودية الموارد، وضعف الأداء، وفساد الشبكات التنفيذية.

وتعتمد الحكومة اليمنية بشكل كبير على الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري من التحالف العربي، وعلى وجه الخصوص السعودية والإمارات.
لكن هذا الدعم، وإن كان جوهريًا، لا يُمنح بشكل مطلق، بل يرتبط بمصالح وأجندات تتقاطع أحيانًا وتتناقض أحيانًا أخرى مع مصلحة الحكومة المركزية.

أي حكومة قادمة ستضطر إلى إدارة هذه العلاقة بحذر، وبتوازن دقيق، يضمن استمرار الدعم دون الارتهان، ويحافظ على ما تبقى من استقلالية القرار السياسي والاقتصادي.

وأخطر ما تواجهه أي حكومة قادمة ليس فقط الخصوم السياسيون، بل شعب غاضب، يشعر أن لا أحد يمثل مصالحه، أو يعبّر عن معاناته.
في عدن، يتزايد الاحتقان، وترتفع الأصوات التي ترى أن الحكومات المتعاقبة مجرد واجهات فاشلة لمراكز نفوذ لا تهمها معاناة الناس.

وهنا تبرز الحاجة لحكومة ليست فقط قادرة على العمل، بل على التواصل مع الشارع، واستعادة الثقة المفقودة بين المواطن والدولة.

في المحصلة، فإن أي حكومة قادمة إلى عدن لا تدخل إلى مقر الرئاسة فقط، بل تدخل إلى قلب عاصفة من الأزمات والتناقضات.
نجاحها مشروط بإرادة سياسية عليا، وجرأة في اتخاذ قرارات مؤلمة، وشراكة صادقة بين المكونات، ودعم فعلي لا شكلي من مجلس القيادة الرئاسي.

إنها ليست مجرد حكومة جديدة… بل اختبار حقيقي لإمكانية إعادة بناء الدولة من ركام الانهيار.

ويبقى السؤال الأهم: هل هناك فعلاً إرادة لإنقاذ الدولة؟ أم أن الحكومات القادمة مجرد ورقة جديدة في دفتر الأزمات؟

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن الغد , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن الغد ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى