اخبار اليمن : الخلافات تتجاوز الكواليس ..أسباب وانعكاسات التوتر بين الرئيس العليمي والعميد طارق صالح

كشف ورقة تحليلية حديثة عن تصاعد التوتر داخل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، ولا سيما بين رئيس المجلس الدكتور رشاد العليمي، وعضو المجلس العميد طارق محمد عبدالله صالح، قائد المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، في ظل صراع نفوذ متصاعد وتباينات سياسية وإقليمية تعيق مسار العملية السياسية.
وبحسب الورقة التحليلية الصادرة عن “مركز المخا للدراسات الاستراتيجية” والتي حملت عنوان “أسباب وانعكاسات التوتر بين الرئيس العليمي والعميد طارق صالح”، فإن الخلافات لم تعد محصورة في الكواليس كما في السابق، بل اتخذت منحىً علنيًا بعد البيان الصادر عن المكتب السياسي في 23 يونيو، والذي اتهم فيه الرئاسة بممارسة “الإقصاء السياسي” و”تمييز الشركاء”، محذرًا من ما وصفه بـ”الدعوات الانتقائية” التي تضعف الدولة وتهمّش بعض مكوناتها.
التحليل أشار إلى أن الصراع بين الطرفين يدور بالأساس حول النفوذ وتوزيع المناصب الحيوية، لاسيما تلك التي تتحكم في الموارد والسلطة، حيث يسعى كل طرف لترسيخ حضوره في المؤسسات الحكومية والمناطق الحيوية.
كما لفت إلى أن العميد طارق صالح يعزز حضوره عبر تنفيذ مشاريع تنموية في تعز والحديدة، تتفوق أحيانًا على مشاريع المجلس ذاته، ما يثير حساسية الطرف الآخر.
ووفق المركز، فإن هذا التباين يتغذى كذلك من ارتباط كل طرف بمحور إقليمي مختلف، فالعليمي يُنظر إليه كمقرّب من السعودية، بينما يحظى طارق صالح بدعم إماراتي، الأمر الذي ينعكس على التوازنات داخل المجلس، ويفاقم حالة عدم الانسجام في اتخاذ القرار السياسي.
التحليل أشار أيضًا إلى ضعف الشفافية المؤسسية داخل المجلس، وفشل أعضائه في الاتفاق على آلية واضحة لتقاسم السلطة، ما أدى إلى إدارة الخلافات بعيدًا عن الأطر الدستورية، وفتح الباب أمام مواجهات علنية. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، تأخر إعلان التعيينات الخاصة بحصة المكتب السياسي، والتي كانت سببًا في تصاعد التوتر مؤخرًا.
أما على مستوى التأثيرات، فقد نبّهت الورقة إلى أن هذا الانقسام من شأنه أن يعطل مسار استعادة الدولة ويضعف موقف الشرعية أمام الحوثيين، فضلًا عن أنه يهدد الجبهة الوطنية المناهضة للانقلاب، ويخلق بيئة خصبة لمشاريع الانفصال والفوضى السياسية.
كما حذرت الورقة من تداعيات هذا التباين على الدعم الدولي، معتبرة أن المجتمع الدولي قد يعيد حساباته بشأن تقديم مساعدات اقتصادية وسياسية في ظل غياب التماسك داخل القيادة الشرعية.
وختمت الورقة بالتحذير من أن استمرار هذا الانقسام دون تدخل عاجل لإصلاح أداء المجلس سيقود إلى مزيد من التشظي ويفاقم الأزمة اليمنية، داعية إلى وضع آليات واضحة لتجاوز الخلافات والعمل على بناء مؤسسات دولة فاعلة تتجاوز منطق المحاصصة والصراع على النفوذ.
مأرب برس يعيد نشر ابرز ما ورد في الدراسة وهي على النحو التالي:
يبحث تقدير الموقف هذا في أسباب هذا التباين بشكل خاص، وأسباب التباين الرئاسي بشكل عام، وانعكاسات ذلك على العملية السياسية.
أولًا: أسباب التباين:
تتعدد الأسباب الكامنة وراء التباين المتصاعد بين “المكتب السياسي” لـ”المقاومة الوطنية” وبين مجلس القيادة الرئاسي، ويمكن تحليل أسباب هذا التباين ضمن عدة محاور رئيسة، هي:
1- صراع النفوذ وتباين المصالح:
يمثل هذا المحور الجوهر الأساسي للتباين، وموضوعه الأصلي توزيع السلطة والمناصب الحيوية، خصوصًا تلك التي تمثل شرايين التحكم بالموارد والنفوذ؛ حيث يسعى كل طرف لتعزيز قبضته، وتثبيت أركانه ضمن هياكل الدولة، ويرى أن له استحقاقات لا يمكن التنازل عنها، وأن أي مساس بها يعد خرقًا للاتفاقات الداخلية التي قام عليها مجلس القيادة الرئاسي في الأساس. فـ”العليمي” يمثل توازنات معينة، يسعى مِن خلالها للمحافظة على الصدارة، واحتكار القرار السياسي أحيانًا، وهذا ما دفع البعض للحديث عن أهمية تدوير منصب الرئاسة، بينما يعمل “صالح” جاهدًا على بناء نفوذ سياسي وتنموي خاص به في محافظتي تعز والحديدة، وهو يُنفذ مشاريع أكثر حيوية أحيانًا مِن مشاريع مجلس القيادة نفسه، كالمطار والطرقات ومشروع مياه تعز، وهي مشاريع تكسبه نفوذًا أقوى مِن نفوذ الدولة نفسها، وحضورًا أعلى من حضور مجلس القيادة الرئاسي أحيانًا، وهذا ما يثير حفيظة المجلس.
2- الارتباط الإقليمي:
تعد دولتي “التحالف العربي”، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، الداعمتين لمجلس القيادة الرئاسي، طرفًا في هذه الديناميكية، فـ”العليمي” أقرب للسياسة السعودية، ويُمثل توازناتها في الملف اليمني، بينما “صالح” أقرب للسياسة الإماراتية، ويسعى لتعزيز مكانته كلاعب أساسي له وزنه وحصته، ويتصرف كأنه قطاع خاص مستقل عن مجلس القيادة الرئاسي؛ وهذا التباين في الرؤى والمصالح، المدعوم أحيانًا بتفضيلات إقليمية متباينة، يولد احتكاكًا مستمرًا، سواء على مستوى التوافق على القرارات الكبرى، أو عند محاولة ترجمة التوافقات إلى خطوات تنفيذية على الأرض، حيث تبرز التناقضات في الأولويات. إضافة إلى تباين الأجندات والمصالح بين الرياض وأبو ظبي في بعض الأحيان، الأمر الذي ينعكس بشكل مباشر على أجنحة مجلس القيادة الرئاسي.
3- ضعف المؤسسية والشفافية:
يفتقر مجلس القيادة الرئاسي إلى آليات مؤسسية واضحة وشفافة لإدارة الخلافات وتوزيع الصلاحيات والنفوذ بشكل منهجي وقانوني، إضافة إلى تأخر إعلان اللائحة الداخلية للمجلس، والتي مِن المفترض أن تُعلن للشعب، أو الجهات الرقابية كمجلس النواب، حتى يكونوا شهودًا على أداء المجلس. في المقابل، يعتمد المجلس على تفاهمات غير معلنة وصفقات تتم بعيدًا عن الأطر الدستورية والقانونية، خاصة في ملف قرارات التعيين، حيث يجري الحديث عن تأخر قائمة تعيينات لنواب وزراء ووكلاء محافظات مِن حصة المكتب السياسي، كأحد أسباب هذه التباينات. هذه العوامل تجعل السلطة عرضة للاهتزاز والنزاعات عند أي تباين في التفسير أو التنفيذ؛ ولعل الهجوم المباشر مِن مكتب “صالح” على “العليمي”، مطالبًا إياه باحترام القانون والتوقف عن التفرد بالسلطة، يؤكد ضعف المؤسسية والشفافية، والنقص الجوهري في الحوكمة الرشيدة.
4- الأزمات المعيشية والأمنية:
يعد تفاقم الأزمات المعيشية والأمنية في المحافظات المحررة، مِن تردي الخدمات الأساسية إلى الانهيار الاقتصادي، محفزًا للخلاف ويزيد مِن الضغط على مجلس القيادة الرئاسي، ويكشف عن ضعف أدائه. هذا الفشل يُغذي حالة الإحباط، ويخلق بيئة حاضنة للخلافات الداخلية، حيث يسعى كل طرف لتحميل الطرف الآخر مسئولية هذا الفشل، أو استغلاله لتعزيز موقفه الخاص، بدلًا مِن التعاون على معالجة الأزمة.
ثانيًا: انعكاسات التباين على العملية السياسية:
تفاقم هذا التباين يحمل في طياته انعكاسات خطيرة، لا تقتصر على إدارة مؤسسات الدولة فقط، بل تمتد لتلقي بظلالها على مجمل العملية السياسية الهشة في البلاد، وتعيق أي تقدم نحو حل شامل ومستدام في اليمن سلمًا أو حربًا؛ ومِن أبرز هذه الانعكاسات:
1- تأجيل الحسم العسكري:
الحديث عن إنهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة يتطلب أولًا وحدة داخلية، وإرادة حقيقية تتجاوز المصالح الآنية الخاصة، وتفكر في البعد الإستراتيجي العام، الذي يحقق مصلحة الجميع، وأي ارتباط بالمصالح الضيقة ينعكس سلبًا على المصلحة الوطنية، ويؤجل جهود استعادة مؤسسات الدولة.
2- ضعف إدارة مساعي السلام:
عندما تكون قمة السلطة، المدعومة دوليًا وإقليميًا، في حالة مِن التباين الداخلي، الذي يرقى أحيانًا لحد الانقسام، فإن ذلك ينعكس على طبيعة المفاوضات التي تجري هنا وهناك، ويُفقد الشرعية القدرة على أن تكون طرفًا موحدًا ومفاوضًا قويا، ويرسل رسائل سلبية للأطراف الدولية والإقليمية المتصارعة مع الحوثي، ما يُقلل الثقة بالمجلس وقيادته.
3- تفتيت الجبهة المناهضة للانقلاب:
التباينات الداخلية تؤثر على الجبهات المناهضة للحوثي، وتصب في مصلحة الأطراف التي تستفيد مِن ضعف الشرعية وتشتت جهودها، وهذا الأمر ينعكس على حالة المصداقية والدعم الشعبي للمجلس الرئاسي، ويُشتت الجهود الوطنية، وربما يمهد الطريق لتزايد الاستقطاب حول مشاريع انفصالية أو مناطقية، ما يُعمق مِن حالة التشظي المجتمعي والسياسي.
4- تراجع الدعم الدولي للاقتصاد الوطني:
ضعف المجلس في تحمل مسئوليته والقيام بدوره، قد يدفع المجتمع الدولي لإعادة النظر في دعمه السياسي والاقتصادي، خاصة إذا رأى أن المجلس غير قادر على أداء وظيفته وتحقيق الاستقرار أو التقدم المرجو مِنه نحو السلام، ويبدو أن تراجع المساعدات يعود لهذه التباينات المتكررة، ما خفف التفاعل الإقليمي والدولي مع الأزمة الاقتصادية المتسارعة، إذ ربما ينظر مجتمع المانحين إليها بأنها تستزف موارده وجهوده.
5- توسع نفوذ جماعة الحوثي:
يمكن لجماعة الحوثي استغلال هذه الانقسامات لتوسيع نفوذها، أو تعزيز موقعها التفاوضي، وربما لإطلاق مبادرات تفاوضية منفردة مع أطراف إقليمية تهدف لتجاوز مجلس القيادة الرئاسي، وهذا الأمر قد تجد فيه بعض القوى الخارجية فرصة لتعزيز حضورها في الملف اليمني.
6- إضعاف إمكانية بناء دولة المؤسسات:
بما أن أحد أسباب هذا التباين هو المحاصصة وتقاسم النفوذ، بعيدًا عن الكفاءة أحيانًا، فإن الانعكاس الطبيعي لهذه الحالة هو ضعف قدرة الدولة على بناء مؤسسات قوية وفعالة قادرة على تقديم الخدمات وتحقيق الاستقرار، وترسيخ ثقافة عدم المساءلة، وهذا الأمر يقوض أي محاولات جادة لإرساء سيادة القانون، وبناء حكم رشيد.
خاتمة:
إن التباين الحالي داخل مجلس القيادة الرئاسي ليس مجرد خلاف عابر أو تنازع على مناصب، بل هو انعكاس عميق لعدم استقرار البنية السياسية للمجلس، وتأكيد على أن المشكلة أبعد مِن مجرد إعادة توزيع للأدوار والمناصب، بل تتعلق بطبيعة وجود المجلس نفسه، والآليات المنظمة لأدائه؛ وأي فشل لمجلس القيادة الرئاسي في التوحد ومعالجة خلافاته عبر آليات واضحة ومؤسسية سيؤخر عملية استعادة الدولة، ويدفع اليمن نحو مزيد مِن التشظي والفوضى التي ستكون لها تداعيات كارثية على مستقبل المجلس، ومستقبل اليمن بكله، كدولة موحدة ومستقرة. وهذه المآلات السلبية تتطلب جهودًا حقيقية لتجاوز هذه التباينات.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة مأرب برس , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من مأرب برس ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.