اخبار اليمن الان | ”الزينبيات” ودروس الإجبار: كيف تُستخدم النساء والأطفال لفرض العقيدة في مناطق الحوثي؟

في ظل تصاعد حدة الصراع في اليمن، تُكشف واحدة من أكثر القضايا الإنسانية إثارة للقلق: تضييق ممنهج على الحرية الدينية يقوده الحوثيون، ويهدد بمحو التنوع الديني الذي عرفته البلاد لعقود.

في تقرير جديد صدر في أغسطس 2025، حذرت اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية (USCIRF) من أن الانتهاكات ضد الأقليات الدينية في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي باتت “منهجية، جسيمة، وتشبه سياسات التطهير الديني”، ما يدفع اليمن نحو “انقراض شبه كامل للتعددية الدينية”.

ووفق التقرير، الذي أعده الباحثة البارزة هيلاري ميلر، فإن الجماعة المسلحة تُطبّق نظامًا دينيًا قمعيًا يُجبر فيه المسيحيون، والبهائيون، واليهود، وأتباع الجماعة الأحمدية على التخلي عن معتقداتهم تحت طائلة الاعتقال، أو التعذيب، أو النفي.

قمع منهجي: من المدرسة إلى السجن

يُظهر التقرير أن الحوثيين لا يكتفون بقمع الممارسة الدينية، بل يشنون حملة شاملة لاستئصال الهوية الدينية للأقليات من جذورها. ويشير إلى أن التعليم أصبح أداة للغسل العقائقي، حيث تم تعديل المناهج الدراسية بشكل جذري لإدراج محتوى طائفي ومعادٍ للسامية، مع فرض “التلقين الديني القسري” في المدارس، بل وحتى في السجون.

وبحسب التقرير، يُجبر المعتقلون من غير المسلمين على حضور دروس دينية كشرط مسبق للإفراج، في انتهاك صارخ للحريات الأساسية. كما تُستخدم وحدات نسائية تُعرف باسم “الزينبيات” لمراقبة الأحياء وفرض الالتزام بالهوية الدينية الحوثية داخل المنازل، ما يُعد انتهاكًا خطيرًا للخصوصية وحرية المعتقد.

“إما أن تتبع عقيدتنا، أو تُعتبر عدوًا للدولة والدين” — هكذا تُختصر خيارات الأقليات الدينية في مناطق النفوذ الحوثي، وفق شهادات جمعها التقرير من لاجئين يمنيين.

هروب جماعي وحياة في الخفاء

أجبرت هذه السياسات القمعية معظم أعضاء الأقليات الدينية على الفرار من اليمن، بينما يعيش من تبقى في الكتمان التام، يخفون هويتهم الدينية خوفًا من الاعتقال أو العنف. ويُقدّر التقرير أن أعداد البهائيين في اليمن تراجعت بأكثر من 80% منذ 2015، بينما لا يُعرف مصير العشرات من أتباع الجماعة الأحمدية الذين تم اعتقالهم منذ سيطرة الحوثيين.

كما تُستخدم المساعدات الإنسانية كأداة تمييز، حيث يُحرم أفراد الأقليات من الحصول على الغذاء أو الدواء، ما يفاقم معاناتهم في ظل أزمة إنسانية مستمرة.

قيود على النساء: بين العبادة والتعليم

ولا يقف القمع عند حدود المعتقد، بل يمتد إلى حرية المرأة. يُشير التقرير إلى أن الحوثيين يفرضون قيودًا مشددة على سفر النساء، ويمنعونهن من التعليم في حال رفض أزواجهن أو أولياء أمورهن، ويشترطون ارتداء الحجاب بالطريقة التي تراها الجماعة “شرعية”، في تحوّل يُعيد تعريف المرأة ككائن تابع للهوية الدينية للجماعة.

تاريخ من القمع ومستقبل مجهول

يُلقي التقرير نظرة على الخلفية التاريخية، موضحًا أن سيطرة الحوثيين على شمال وغرب اليمن منذ 2014 لم تكن مجرد انتصار عسكري، بل كانت بداية مشروع ديني-سياسي يهدف إلى فرض تفسير أحادي للدين، عبر السيطرة على وسائل الإعلام، وخطب المساجد، والتعليم الرسمي.

وقد تم توثيق حالات تعذيب، واعتقالات تعسفية، وإعدامات ميدانية لأفراد يُشتبه في انتمائهم لأقليات دينية، بما في ذلك حالات إجبار على التحول الديني علنًا.

تحذير أمريكي ونداء للمجتمع الدولي

رغم إعادة تصنيف جماعة الحوثي كـ “منظمة إرهابية أجنبية” من قبل وزارة الخارجية الأمريكية في مارس 2025، يؤكد التقرير أن هذا التصنيف لم يرافقه ضغط كافٍ لوقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

ودعت اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية المجتمع الدولي إلى:

  • فرض عقوبات محددة ضد قادة حوثيين متورطين في انتهاكات دينية.
  • دعم آليات رصد دولية مستقلة لتتبع حالات الاضطهاد.
  • ربط المساعدات الإنسانية بضمانات لعدم التمييز الديني.

هل يُمكن إنقاذ التعددية في اليمن قبل فوات الأوان؟

بينما تستمر الحرب، ويتفاقم القمع، يبقى مستقبل التعددية الدينية في اليمن معلقًا على حافة الهاوية. فهل سيقف العالم متفرجًا بينما تُمحى مكونات دينية عمرها قرون؟ أم أن الوقت لا يزال متاحًا لاتخاذ خطوات حاسمة لحماية من تبقى؟

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة :
المشهد اليمني، ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وإنما تم نقله بمحتواه كما هو من المشهد اليمني، ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكره.

زر الذهاب إلى الأعلى