اخبار السودان : منظمات: النساء في السودان ضحايا لعنف ممنهج

منظمات: النساء في السودان ضحايا لعنف ممنهج

النساء أصبحن ميدان القتال في حرب السودان.
منتدى الإعلام السوداني
كمبالا، 24 سبتمبر 2025، (سودان تربيون) – بعد مرور أكثر من عامين على اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل 2023، تواجه النساء والفتيات واقعاً كارثياً من العنف الجنسي الممنهج والانتهاكات الجسيمة، في ظل غياب آليات الحماية وتجاهل معاناتهن على المستويين المحلي والدولي.
وقد كشفت أحدث الإحصائيات الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن أرقام صادمة، حيث وثّقت 368 حادثة عنف جنسي مرتبطة بالنزاع، شملت ما لا يقل عن 521 ضحية حتى 31 مايو 2025. ووفقاً لبيان المفوضية، فإن أكثر من نصف هذه الحالات كانت حالات اغتصاب، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي، وغالباً ما استهدفت النساء والفتيات النازحات، وتشير البيانات إلى أن أكثر من 70% من هذه الحوادث الموثقة نُسبت إلى قوات الدعم السريع.
وأكدت الأمم المتحدة أن الأرقام المقدمة لا تعكس سوى الجزء الصغير من الصورة الحقيقية، مشيرة إلى وجود مئات الحوادث الأخرى التي لم يتم الإبلاغ عنها بسبب وصمة العار والخوف من الانتقام وانهيار الأنظمة الطبية والقانونية.
كردفان.. بؤرة للعنف والاغتصاب الممنهج
ولايتا شمال وجنوب كردفان من المناطق التي ترتفع فيها معدلات العنف الجنسي، خاصة بين النساء النازحات من القرى الي مدن الأبيض والدلنج. ورغم الصمت الذي يلف هذه الجرائم بسبب الطبيعة المحافظة للمجتمع، فقد تمكنت بعض الناجيات من فتح بلاغات جنائية والحصول على “أورنيك 8” الطبي للوصول إلى العلاج.
أكد مصدر طبي داخل مستشفى الأبيض حدوث حالات اعتداءات جنسية وجسدية وقعت على النساء خلال الثلاثة أشهر الأخيرة بعد اقتحام قوات الدعم السريع والجيش السوداني والقوات المتحالفة لقرى ومدن ولاية شمال كردفان.
وقال المصدر لـ (سودان تربيون) إن حالات الاعتداءات الجنسية والجسدية التي وصلت المستشفى بلغت حوالي 36 حالة وسط النساء و10 حالات تحرش جنسي وسط القاصرات من قبل قوات الدعم السريع وبعض المدنيين في مراكز الإيواء من يوليو حتى سبتمبر الحالي.
وأوضح توثيق حالات لاعتداءات وعنف منزلي منتشر من قبل الأزواج، مما دفع بالنساء إلى فتح بلاغات والحصول على اورنيك 8. وأضاف أن جميع الحالات تلقت العلاج الطبي والنفسي داخل المستشفى.
في المقابل كشفت المديرة الإقليمية لشبكة نساء القرن الإفريقي، هالة الكارب، عن انتشار العنف الجنسي بين النازحات من القرى والأرياف المجاورة لولاية شمال كردفان، وفقا للإحصائيات الواردة من المستشفيات في مدينة الأبيض.
وقالت الكارب في تصريح لـ (سودان تربيون) إن الاشكالية في الصمت العميق عن هذه الانتهاكات بسبب طبيعة المجتمعات المغلقة في مناطق شمال كردفان وعزلة المنطقة من الحراك المدني والحقوقي لفترات طويلة. وأكدت أن بعض الناجيات فتحن بلاغات جنائية، للحصول على أورنيك 8 الطبي والوصول إلى العلاج.
وأفادت أن معظم جرائم الاغتصاب ترتكب في ولاية شمال كردفان من قبل قوات الدعم السريع دون تمييز، حتى في المناطق التي تعد من مناطق تجنيد الدعم السريع، حيث تعاني النساء والفتيات فيها من الاغتصاب الممنهج، وأفادت أنه لاتوجد استثناءات في جرائم العنف الجنسي، فالنساء يتعرضن للاغتصاب من كل الخلفيات في القرى والمدن بشمال كردفان.
أطراف النزاع.. أعداء في الميدان شركاء في الانتهاكات
وكشفت هالة الكارب عن حوادث اغتصاب موثقة لنساء في مدينة الأبيض من قبل القوات الموالية للجيش السوداني، وقد تحدث ناشطون في المجتمع المحلي عن ذلك بشكل واضح.
مؤكدة أن العنف الجنسي وارتكاب الفظائع بولاية جنوب كردفان يتشارك فيها جميع أطراف النزاع، من القوات الموالية للجيش، والمليشيات الموالية للدعم السريع والحركة الشعبية لتحرير السودان (الحلو)، إلى جانب جرائم اختطاف الطفلات والأطفال من القرى التي يجبر سكانها على النزوح بشكل منتظم ودون استثناءات.
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في بيان خلال الأسبوع الماضي إنها رصدت استخدام العنف الجنسي من قبل عناصر في الجيش، حيث أقدم جنود على اغتصاب 4 نساء في قرية بمحلية شيكان في شمال كردفان بعد اتهام سكان القرية بالتعاون مع الدعم السريع.
وأوضح البيان أن المفوضية تلقت تقارير عن اعتقالات واسعة في مناطق كردفان عقب استعادة الجيش لمدن رئيسية، حيث كان المدنيون يُحتجزون للاشتباه بوجود صلات مع الدعم السريع.
وأشار إلى أن مقاتلي الدعم السريع استهدفوا عمدًا 3 أطباء، فقتلوا اثنين وأصابوا الثالث داخل مستشفى محلي بمدينة النهود غرب كردفان في مايو الماضي، كما نهبوا المعدات الطبية وأتلفوا أجزاء من المرفق.
دارفور.. الكارثة الكبرى
إقليم دارفور، يمثل الكارثة الكبرى فيما يتعلق بالانتهاكات الجنسية والجسدية. فإلى جانب العنف الجنسي، أصبح الاختفاء القسري واسترقاق النساء والفتيات حوادث يومية. ولم يقتصر العنف الجنسي على النساء، حيث تم توثيق حالات اغتصاب لرجال وكبار في السن، وتعد معسكرات النازحين في جنوب ووسط دارفور، الخاضعة لسيطرة الدعم السريع، مسرحاً مستمراً للاعتداءات والتعذيب والاغتصاب.
وقالت هالة الكارب: “جرائم العنف الجنسي مستمرة، والاختفاء القسري واسترقاق النساء والأطفال حوادث يومية يعاني منها المواطنين المدنيين”، وأشارت إلى أن العنف الجنسي لايقتصر على النساء والأطفال، بل يتعرض الرجال والشيوخ أيضاً للاغتصاب من قبل الدعم السريع.
وأضافت، بالرغم من ارتفاع نسب الاختطاف واسترقاق النساء والأطفال من الفاشر وما حولها، فإن المناطق تحت سيطرة الدعم السريع في جنوب ووسط دارفور، تحديداً معسكرات النازحين، هي من المناطق التي تعاني بشكل مستمر من الاعتداءات والتعذيب على المدنيين بما في ذلك اغتصاب الأطفال والنساء من قبل الجنود بمختلف القوات.
النزوح والاضطهاد.. أعباء مركبة
الحياة خارج مناطق القتال المباشر لا تخلو من المعاناة، ففي المناطق التي توصف بـ”الآمنة نسبياً”، تتراكم على النساء أعباء مركبة. فمن ناحية، تعاني آلاف النازحات من فقدان أوراقهن الثبوتية، وهو ما يمثل عائقاً أساسياً أمام حصولهن وأطفالهن على المساعدات والتعليم والرعاية الصحية.
ومن ناحية أخرى، أدت الحرب إلى انتشار ظاهرة الترمّل، حيث تحولت مئات الآلاف من النساء فجأةً إلى معيلات أساسيات لأسرهن، دون أي دعم نفسي أو اقتصادي يساعدهن على التكيف مع هذا الواقع الجديد. ويضاف إلى ذلك كله، استمرار الاضطهاد المتعلق بالناحية القانونية، حيث تتعرض النساء للتحرش والتجريم من قبل السلطات المحلية، وتُحتجز الكثيرات منهن دون مسوغات قانونية واضحة، وغالباً ما يُحرمن من العون القانوني بسبب الفقر، في استمرار لإرث قمعي يفاقم الصدمات الاجتماعية ويعيق أي فرصة للسلام.
إقصاء واستغلال
إن إقصاء النساء عن مراكز صنع القرار، سواء في توزيع المساعدات الإنسانية أو في العمليات السياسية، يؤدي إلى كوارث إضافية. كذلك غياب المعلومات وآليات الحماية يعرّض الفتيات والصبية للاستغلال الجنسي. حيث ظهرت ظاهرة الجنس مقابل الغذاء، كظاهرة مأساوية تحدث يومياً ويقابلها صمت تام. وإذا تحدثت الضحية، فإنها تواجه خطر التجريم والوصم والاعتقال.
هالة الكارب قالت: “لا يمكن التعامل مع الحرب في السودان دون النظر بعمق إلى محركاتها الداخلية، وعلى رأسها الانتهاكات المروعة ضد المدنيين، وتحديداً النساء والأطفال. إن تجاهل هذه الجرائم والصمت عنها لا يمثل هزيمة أخلاقية فحسب، بل يمنح الشرعية لاستمرار الحرب ويقوض أي فرصة لبناء مستقبل يسوده السلام والاستقرار” .
—
ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء فيه هذه التقرير الصحفي من إعداد (سودان تربيون) ليعكس حجم الجرائم الواقعة على فئة النساء السودانيات في ظل الحرب. يستنطق التقرير مصادر ذات صلة ويعرض معلومات أعدتها مؤسسات موثوقة، ليؤكد أن الاغتصاب والاسترقاق الواقع على النساء أكبر من كونه مجرد دعاية سياسية بين فئات عسكرية متقاتلة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سودان تربيون , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سودان تربيون ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.