اخبار السعودية : مزدلفة.. مشعر التضرع والسكينة في قلب شعائر الحج

في مشعر مزدلفة، أحد المشاعر المقدسة التي يمر بها الحجاج خلال رحلة أداء الركن الخامس من أركان الإسلام، تنبض القلوب بخشوع وتنساب الدعوات في أجواء يملؤها الإيمان والسكينة. فبعد مغادرتهم عرفات مع مغيب شمس التاسع من ذي الحجة، يبيت ضيوف الرحمن في مزدلفة ليلة العاشر، حيث يؤدون صلاتي المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا، ويقضون ليلتهم في طمأنينة واستحضار لله، تأسّيًا بسنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
يقع مشعر مزدلفة بين عرفات ومنى، على بُعد نحو 8 كيلومترات من المسجد الحرام، وتُقدّر مساحته بأكثر من 11.6 مليون متر مربع، وهو من المشاعر المفتوحة التي لا تُقام فيها أبنية دائمة، حفاظًا على طبيعة المكان وقدسيته. ويتسع المشعر لأكثر من مليوني حاج، يشهدون فيه لحظات روحانية عميقة، يتزاحمون خلالها على “المشعر الحرام” الواقع في وسط مزدلفة، استجابة لأمر الله في قوله: “فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام”.
ويتوقف الحجاج في هذا المشعر للتضرع والدعاء وجمع الحصى التي تُستخدم لاحقًا في رمي الجمرات، كما بات فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجمع منه الحصى، مما يجعل مزدلفة محطة مركزية ضمن تسلسل مناسك الحج، وسنة مؤكدة تُحيي الارتباط بسيرة النبي الكريم.
على مرّ العقود، شهد المشعر تطورًا كبيرًا في الخدمات والتنظيم. ففي الماضي، كان الحجاج يبيتون فيه بوسائل بدائية وعلى أرضيات غير مجهّزة، دون مرافق إنارة أو تنظيم واضح. أما اليوم، فبفضل الرعاية المستمرة من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، شهد المشعر نقلة نوعية تعزز من راحة ضيوف الرحمن.
وقد أسهمت شركة “كدانة” في تطوير “مسار المشاعر” بمزدلفة على مساحة تبلغ 170 ألف متر مربع، منها أكثر من 100 ألف متر مربع مكسوة بأرضيات مطاطية صديقة للبيئة، لتخفيف الحرارة وتقليل الإرهاق الجسدي ومخاطر الانزلاق. كما زُوّد المسار بآلاف عناصر البنية التحتية والخدماتية، من بينها كراسي للجلوس، مشارب مياه، وحدات شحن للهواتف، أعمدة رذاذ، ومظلات، إلى جانب لوحات توعوية وإرشادية.
وفي قلب المشعر، يبرز “مسجد المشعر الحرام”، المعلم الروحي الذي يشهد ذروة الحضور مع ساعات الفجر. وتقوم وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد سنويًا بتهيئته ضمن خطة شاملة تشمل النظافة والتجهيزات الصوتية والإضاءة، وتوفير السجاد وتهيئة مصلى النساء بزيادة الطاقة الاستيعابية 100%. ويمتد المسجد على مساحة 5,040 مترًا مربعًا ويتسع لنحو 5,500 مصلٍّ، مزوّدًا بأنظمة تكييف متطورة وكاميرات مراقبة، ويخدم فيه عشرات الموظفين وحراس الأمن لضمان انسيابية الحركة.
ولتعزيز التجربة الرقمية في إدارة الحشود، تستخدم الجهات المختصة أنظمة إلكترونية متقدمة لتنظيم التفويج من عرفات إلى مزدلفة، وتحديد المسارات بدقة، ومتابعة الحركة من خلال غرفة تحكم مركزية مزوّدة بكاميرات ذكية وتحديثات فورية، لضمان سلامة الجميع وسلاسة الدخول والخروج.
ويظل “المشعر الحرام” نقطة رمزية ذات طابع روحي مميز، يتجه إليه الحجاج بالدعاء، تأسّيًا بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث يزداد تعلق القلوب بالمكان وتسمو الأرواح في لحظات من الصفاء الإيماني.
ويجسد مشعر مزدلفة نموذجًا للتكامل بين التنظيم والخدمة، وبين القداسة والتسهيلات، بما يعكس التزام المملكة المتواصل برعاية الحجيج وتيسير مناسكهم، وفق رؤية طموحة تهدف إلى أن يؤدي كل حاج شعائره في أجواء من الأمان والطمأنينة والخشوع.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الوئام , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الوئام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.