"القضية الجنوبية في اليمن : الزُبيدي وميركل يكشفان الطريق نحو دولتين، ومسألة تقرير المصير تثير اهتمام إيلون ماسك"

بينما يستمر الصراع في اليمن، تظل القضية الجنوبية في قلب المشهد، ليس فقط كملف محلي، بل كساحة تتجاذبها القوى الإقليمية والدولية، كلٌ وفق حساباته. ومع تصاعد التوترات، يتجدد السؤال عن مصير الجنوب: هل هو أقرب إلى حق تقرير المصير أم أنه ما زال رهينة للتوازنات السياسية المعقدة؟

وسط هذه المعادلة، جاء تصريح غير متوقع من رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك، الذي تحدث في يناير 2025 خلال مؤتمر اقتصادي دولي عن اليمن، مشدداً على ضرورة أن يتمكن اليمنيون من “تقرير مصيرهم بأنفسهم بعيداً عن التدخلات الخارجية”. هذا التصريح، الذي نقلته وسائل الإعلام الدولية مثل BBC و Bloomberg، يعكس وعياً متزايداً لدى بعض الشخصيات العالمية تجاه تعقيدات الملف اليمني، ويفتح الباب لنقاش أوسع حول إمكانية تبني نهج جديد لحل الأزمة.

القضية الجنوبية: أكثر من مجرد مطلب سياسي

لم تكن القضية الجنوبية وليدة الحرب الأخيرة، بل امتدادٌ لعقود من التهميش والتعامل مع الجنوب كطرف تابع لا شريك متكافئ. منذ حرب 1994، عاش الجنوبيون في ظل واقع سياسي واقتصادي جعلهم يشعرون بأن الوحدة لم تحقق لهم العدالة، بل فرضت عليهم نمط حكم مركزي لا يمثلهم.

لكن الجنوب لم يكن يوماً رقماً هامشياً في المعادلة اليمنية، فالمجلس الانتقالي الجنوبي اليوم يمثل ثقلاً سياسياً لا يمكن تجاهله، وبينما تسعى بعض القوى لإبقاء الجنوب في إطار الوحدة، فإن الشارع الجنوبي يتحدث عن حقه في تقرير مصيره وفق إرادته، لا وفق ما تراه القوى الكبرى مناسباً.

خلال زيارتي الأخيرة لعدن، التقيت بعدد من الصحفيين والنشطاء، وكان الحديث الأبرز يدور حول مستقبل الجنوب في ظل التجاذبات الإقليمية. أحدهم قال لي بصراحة: “نحن نريد حلاً مستداماً، لا وعوداً مؤقتة ولا حلولاً مفروضة من الخارج”. هذه الرؤية تلخص جوهر القضية: رفض أن يكون الجنوب مجرد ورقة تفاوض بين الأطراف الدولية والإقليمية.

انعكاسات إيجابية للقاءات عيدروس الزُبيدي في مؤتمر دافوس

وسط هذا المشهد السياسي المعقد، برزت اللقاءات التي أجراها الرئيس عيدروس الزُبيدي في مؤتمر دافوس كمؤشر على تحول في الموقف الدولي تجاه القضية الجنوبية. فخلال المؤتمر، ناقش الزُبيدي مستقبل اليمن مع عدد من المسؤولين الدوليين، وأكد أن الحل السياسي لا يمكن أن يتم إلا من خلال إعادة الجنوب إلى وضعه كدولة مستقلة، إلى جانب وجود كيان سياسي منفصل في الشمال.

ومن أبرز التصريحات التي أثارت الاهتمام، ما قالته المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل حول الأزمة اليمنية، حيث أكدت أن:

“حل الأزمة اليمنية يكمن في إعادة الجنوب إلى دولته، والشمال إلى دولته، لا يمكن الحديث عن الوحدة اليمنية بنفس الشكل الذي فُرض في الماضي”.

هذا الموقف يعكس تحوّلاً مهماً في طريقة تعاطي بعض القوى الدولية مع الملف اليمني، حيث لم تعد فكرة الحفاظ على وحدة اليمن كدولة واحدة مسألة مسلّمة بها، بل أصبح الاعتراف بحق الجنوب في تقرير مصيره أمراً مطروحاً بجدية في النقاشات الدولية.

الإقليم بين المصالح والدعم المشروط

لا يمكن إنكار الدور الإقليمي في المشهد الجنوبي. فمنذ اندلاع الحرب، لعبت الإمارات دور الداعم الأساسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، بينما سعت السعودية إلى الحفاظ على نفوذها من خلال دعم الحكومة اليمنية. لكن هذه التحالفات ليست مطلقة، بل تحكمها حسابات المصالح، ما يجعل الدعم مشروطاً أكثر من كونه التزاماً ثابتاً.

في هذا السياق، أشار أحد الباحثين في الشأن اليمني خلال حديثنا إلى أن “القوى الإقليمية لن تمنح الجنوب استقلاله على طبق من ذهب، فهي تتعامل مع القضية من منظور نفوذ استراتيجي، وليس كحق سياسي لأبناء الجنوب”. وهذا ما يجعل الجنوب أمام معادلة معقدة: كيف يمكنه تحقيق مطالبه في ظل هذا التداخل الإقليمي؟

إيلون ماسك يدخل المشهد: هل يتغير الموقف الدولي؟

في خطوة غير متوقعة، تحدث رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك عن الأزمة اليمنية في يناير 2025، محذراً من أن استمرار التدخلات الخارجية لن يؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى، وداعياً إلى “نهج جديد يمكّن سكان الجنوب والشمال من تقرير مصيرهم بأنفسهم”.

تصريح ماسك جاء متزامناً مع النقاشات الدولية حول حل الدولتين في سياقات سياسية أخرى، ما دفع البعض للتساؤل عما إذا كان يمكن تطبيق نموذج مشابه في اليمن، خاصة مع تزايد الأصوات التي تطالب بإيجاد صيغة جديدة للعلاقة بين الشمال والجنوب.

ماذا يريد الجنوبيون؟

في نهاية المطاف، لا يبحث الجنوبيون عن حلول مؤقتة أو شعارات سياسية، بل عن ضمانات حقيقية تكفل لهم مستقبلاً مستقراً. فالمطالب الجنوبية ليست مجرد مسألة انفصال أو وحدة، بل تتعلق بالحق في إدارة الموارد، وبناء مؤسسات قادرة على تلبية احتياجات الناس، بعيداً عن الفساد والتدخلات الخارجية.

نظرة مستقبلية رأي

في ختام هذا التحليل ، يبقى السؤال الأبرز: هل ستظل القضية الجنوبية ورقة ضغط إقليمية ودولية، أم أن الجنوبيين سيتمكنون من فرض إرادتهم وتحقيق حقهم في تقرير مصيرهم؟

في الواقع، الجنوب اليوم يقف على مفترق طرق. الفرصة تتزايد أمامه ليكون له دور أكبر في المعادلة السياسية، بدعم من مواقف دولية متزايدة تؤيد حلاً يضمن استقلاله أو حكما ذاتيا. الجنوب في حاجة إلى صياغة خطاب سياسي يترجم هذا الزخم الدولي، بحيث لا يتحول مجرد شعار إلى مطلب قابل للتحقيق، بل إلى واقع سياسي قابل للاستدامة.

ما هو مؤكد أن العالم بدأ يلاحظ ما يحدث في الجنوب اليمني، وكلما ازداد الاهتمام الدولي، ازدادت احتمالات أن يتحقق حل يتناسب مع تطلعات الجنوبيين. ولكن على الأرض، تبقى هناك تحديات كبيرة أمام قدرة الجنوب على فرض هذا الحق بشكل فاعل وواقعي.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى