مجزرة سناح.. جريمة نازفة في ذاكرة الجنوب وشاهد حي على وحشية الاحتلال اليمني
وفي الذكرى الحادية عشرة لهذه الجريمة، لا تزال الدماء التي سالت على تراب الضالع شاهدة على وحشية الاحتلال ودافعًا لشعب الجنوب للمضي قُدمًا نحو تحقيق تطلعاته في استعادة دولته. مثلت هذه الجريمة واحدة من أفظع صور الانتهاكات التي تعرض لها شعب الجنوب على يد قوات الاحتلال اليمني، ما أثار غضبًا شعبيًا واسعًا وردود فعل إقليمية ودولية.
-جرائم ممنهجة
لم تكن مجزرة سناح حدثًا عابرًا، بل امتدادًا لسلسلة الجرائم الممنهجة التي انتهجتها قوات الاحتلال اليمني منذ اجتياح الجنوب في صيف 1994. استهدفت هذه الجرائم قمع إرادة شعب الجنوب من خلال القتل، والاعتقال، والاخفاء القسري، والتدمير الممنهج، وطمس الهوية الوطنية الجنوبية، وتصفية القيادات والكفاءات الجنوبية.
قرار تنفيذ مجزرة سناح، الذي اتخذه عبد الله ضبعان ومن خلفه نظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، لم يكن عشوائيًا، بل كان محاولة لترهيب الجنوبيين وإخماد أصواتهم المطالبة بالحرية والكرامة.
-الأهداف والدوافع وراء المجزرة
يرى محللون أن الهدف من هذه المجزرة كان محاولة يائسة من قوات الاحتلال اليمني لإخماد صوت الثورة الجنوبية المطالب بالحرية والاستقلال. كما هدفت إلى بث الرعب وإضعاف الإرادة الجنوبية، ومحاولة تقويض إرادة شعب الجنوب وكسر مقاومته وإسكات صوت المقاومة الجنوبية من خلال استهداف النشطاء والمدنيين لإرهاب شعب الجنوب. واضعاف وطمس الهوية الوطنية الجنوبية عبر القمع العنيف. كذلك نهب الموارد والسيطرة على ثروات الجنوب واستغلالها لتعزيز الهيمنة العسكرية والسياسية. إلا أن النتائج جاءت عكسية، حيث زادت هذه الجريمة وغيرها من جرائم الإبادة الجماعية من التفاف الجنوبيين حول قضيتهم.
-شهادات ووثائق
وفقًا لشهود عيان، استهدف القصف المدفعي تجمعًا للعزاء، حيث لم يكن هناك أي وجود لمظاهر مسلحة أو تهديدات عسكرية. كانت الضحايا من المدنيين العُزل، بينهم أطفال ونساء، ما يعكس الحقد الدفين لقوات الاحتلال اليمني تجاه شعب الجنوب. وأكدوا شهود العيان أن القصف كان متعمدًا ولم يكن نتيجة خطأ عسكري، ما يكشف عن نوايا الاحتلال لاستهداف المدنيين الأبرياء كجزء من سياسة الترهيب الجماعي.
وثقت منظمات حقوقية ومنظمات المجتمع المدني هذه المجزرة كواحدة من الجرائم البشعة التي تُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني. ومع ذلك، لم تتم محاسبة مرتكبيها حتى اليوم، ما يُبرز الحاجة الماسة للعدالة والمساءلة.
-تداعيات المجزرة على قضية الجنوب
مجزرة سناح لم تكن مجرد حدث مؤلم، بل كانت نقطة تحول في مسار النضال الجنوبي. وتعزيز اللحمة الجنوبية حيث أثارت الجريمة غضبًا واسعًا في أوساط الجنوبيين، ما دفعهم إلى تعزيز وحدتهم وتصعيد مطالبهم بالاستقلال والتحرر من الاحتلال اليمني. كذلك تزايد الزخم الشعبي فأصبحت المجزرة رمزًا للمعاناة الجنوبية، وأسهمت في استنهاض الروح الثورية لدى شباب الجنوب الذين رأوا فيها دافعًا للمضي قدمًا في نضالهم. وأيضاً تدويل قضية شعب الجنوبية حيث أسهمت التغطية الإعلامية للمجزرة في نقل معاناة الجنوب إلى المجتمع الدولي، ما عزز من دعوات تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم.
-التأثير على الحراك الجنوبي
كانت مجزرة سناح نقطة تحول في مسار الحراك الجنوبي، حيث وحدت صفوف الجنوبيين وزادتهم إصرارًا على المضي قدمًا في مواجهة الاحتلال. أصبحت ذكرى المجزرة رمزًا للتضحية والصمود، وأُقيمت فعاليات سنوية لتخليد ذكرى الشهداء وتعزيز الوعي بقضية الجنوب.
-دور الإعلام الجنوبي في توثيق المجزرة وفضح الاحتلال
كان للإعلام الجنوبي دور محوري في تسليط الضوء على مجزرة سناح وفضح ممارسات الاحتلال اليمني أمام الرأي العام المحلي والدولي. وذلك من خلال توثيق الجريمة حيث وثقت وسائل الإعلام الجنوبية شهادات الناجين وعرضت الصور والفيديوهات المروعة للمجزرة، ما أسهم في كشف حجم المأساة.
وساعد الإعلام الجنوبي في إيصال رسالة الضحايا إلى المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية، ما دفع بعض الأطراف للمطالبة بتحقيق مستقل في الجرائم المرتكبة. ونجح الإعلام الجنوبي في دحض التضليل الإعلامي والروايات الزائفة التي حاولت تبرير المجزرة أو التقليل من خطورتها، مؤكدًا على حق الجنوب في مقاومة الاحتلال اليمني.
-ردود الفعل المحلية والدولية
محليًا: أثارت المجزرة غضبًا عارمًا في الضالع ومختلف محافظات الجنوب، حيث خرجت مظاهرات غاضبة تندد بالجريمة وتطالب بمحاسبة المسؤولين عنها. أكد الجنوبيون أن هذه الجريمة لن تزيدهم إلا إصرارًا على استعادة دولتهم وحريتهم.
دوليًا: قوبلت المجزرة بإدانات من منظمات حقوق الإنسان، حيث وصفتها بأنها انتهاك صارخ للقوانين الدولية وجرائم ضد الإنسانية. ورغم الإدانات، لم تُتخذ أي إجراءات حقيقية لمحاسبة الجناة.
-دور المجلس الانتقالي الجنوبي تجاه مجازر الجنوب
أدان المجلس الانتقالي الجنوبي بشدة مجزرة سناح وكل الجرائم التي ارتكبها الاحتلال اليمني بحق أبناء الجنوب. منذ تأسيسه، ووصفها بأنها جريمة ضد الإنسانية، مشددًا على ضرورة محاسبة المسؤولين عنها أمام المحاكم الدولية. ودعا المجلس إلى فتح تحقيقات دولية في مجزرة سناح ومجازر الجنوب الأخرى، وملاحقة مرتكبيها أمام محاكم الجرائم الدولية، وأولى المجلس الانتقالي اهتمامًا كبيرًا بنقل معاناة أبناء الجنوب إلى المحافل الدولية. عقد قادة المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي، لقاءات مع منظمات حقوقية ودولية لتسليط الضوء على الجرائم المرتكبة، بما في ذلك مجزرة سناح، وأعد تقارير تفصيلية توثق الجرائم والانتهاكات، وإرسالها إلى الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان. ويرى المجلس أن الحل الجذري لمنع تكرار الجرائم ضد الجنوبيين يكمن في استعادة دولة الجنوب. إن مجزرة سناح شكلت دافعًا قويًا للمجلس لتعزيز مطالبه بالتحرر من الهيمنة اليمنية. ودعا المجلس جميع الأطراف الجنوبية إلى توحيد جهودهم وصفوفهم لتحقيق هدف الاستقلال. وأيضا استغل المجلس الجرائم المرتكبة كوسيلة لتعزيز موقفه الدولي المطالب بحق تقرير المصير لشعب الجنوب. وحرص على توثيق مجازر الجنوب بما في ذلك مجزرة سناح، لضمان عدم نسيان هذه الجرائم. وأيضا جمع المجلس شهادات الضحايا والناجين من مجزرة سناح، ونشرها في تقارير دولية لتكون بمثابة أدلة على جرائم الاحتلال. كما قدم المجلس مساعدات لأسر الشهداء والجرحى، سواء من خلال دعم مادي أو توفير خدمات طبية وتعويضات رمزية. ويحرص المجلس على إحياء ذكرى مجزرة سناح وغيرها من المجازر، لتذكير الأجيال الجديدة بالتضحيات التي قدمها أبناء الجنوب. واستخدم المجلس منصاته الإعلامية لتسليط الضوء على المجزرة وفضح ممارسات الاحتلال اليمني، مؤكدًا على أهمية توحيد الجهود لاستعادة دولة الجنوب. وعمل المجلس على تمكين القوات الجنوبية من السيطرة على المناطق المستهدفة، مثل الضالع، لحمايتها من أي اعتداءات مشابهة، ودعم المجلس تشكيل قوى دفاعية مثل الحزام الأمني والنخب الجنوبية لضمان حماية المدنيين ومنع تكرار الجرائم.
-رسائل ودروس من ذكرى المجزرة
رسالة الأمل والصمود: رغم الألم والمعاناة، أظهرت مجزرة سناح قوة صمود شعب الجنوب. فقد كانت المجزرة حافزًا إضافيًا للجنوبيين لتعزيز وحدتهم ومواصلة نضالهم نحو استعادة الدولة الفيدرالية المستقلة.
درس للأجيال: ستظل مجزرة سناح درسًا للتاريخ، تعكس بشاعة الاحتلال وتُلهم الأجيال القادمة للعمل من أجل الحرية والكرامة، واستعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة.
واجب المحاسبة: المطالبة بمحاسبة مرتكبي المجازر ضد الجنوبيين، بما في ذلك مجزرة سناح، واجب وطني وإنساني. فلا يمكن بناء مستقبل مشرق دون تحقيق العدالة.
-الجنوب بين الماضي والحاضر
أثبت شعب الجنوب، عبر تاريخه الطويل من المعاناة، أنه لا يُهزم رغم الجرائم البشعة التي ارتكبت بحقه. فاليوم، يُظهر الجنوب تماسكًا سياسيًا وشعبيًا، بفضل جهود المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية.
إن رسالة الأمل لشعب الجنوب واضحة وهي أن الحرية والكرامة أصبحتا أقرب من أي وقت مضى، مدفوعتين بتضحيات الشهداء وصمود الأبطال الأحرار.
-النداء إلى المجتمع الدولي
في الذكرى الحادية عشرة لمجزرة سناح، يوجه شعب الجنوب نداءً إلى المنظمات الدولية ومجلس الأمن والأمم المتحدة بضرورة توثيق هذه الجرائم وإحالة مرتكبيها إلى المحاكم الدولية. يجب أن يُحاسب كل من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء من أبناء الجنوب لضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم. ومع ذلك، لا يزال شعب الجنوب يعاني من التجاهل الدولي في هذا الصدد.
تمثل مجزرة سناح علامة دامية وجرحا نازفا في الذاكرة الجنوبية وشاهدًا على بشاعة ووحشية الاحتلال اليمني. ومع مرور 11 عامًا على المجزرة، تظل مجزرة سناح عنوانًا للألم والصمود والتحدي فهي تؤكد صمود شعب الجنوب وتلاحمه في وجه الاحتلال والانتهاكات، ، لكنها في الوقت نفسه ستظل دماء الشهداء منارة تضئ طريق الحرية والاستقلال، ورسالة إلى العالم بأن إرادة الشعوب لا تُقهر مهما بلغت التضحيات. وتجدد الدعوات لتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا الذين ذهبوا ضحية لممارسات وحشية لا يمكن أن تسقط بالتقادم. وأن النضال هو السبيل الوحيد لتحقيق العدالة والحرية. وسوف يظل أبناء الجنوب متمسكين بحقهم في تقرير المصير واستعادة دولتهم الجنوبية كاملة السيادة، مستمدين العزم من تضحيات الشهداء الذين سقطوا في مجزرة سناح وغيرها من المحطات المؤلمة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة 4 مايو , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من 4 مايو ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.