حسن قاسم في وكالة أنباء عدن و41 عاما صحافة

تلك كانت كلمات الصحفي الكبير والمخضرم حسن قاسم حسن، كتبها بدموعه ودمه واحساسه قبل أن يخطها بحبر قلمه، في كتابه المطبوع بمصر حيث يقيم حاليا، والمعنون (41 عاما في بلاط الصحافة/الصحفي حسن قاسم صحفي بوكالة الأنباء 1980م – 2021م).
سطر الصحفي حسن قاسم في هذا الكتاب وهو كتابه الأول مقتطفات من ذكرياته ومعاصرته لمحطات مهمة في حياته العملية الخاصة، والمرتبطة بحقبة زمنية شهدت ارهاصات لها مالها، وعليها ماعليها، مهدت سلبا لواقعنا السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي الذي نعيشه حاليا.
أزعم اني عرفت الصحفي حسن قاسم عن قرب منذ سنوات طويلة، فهو جار وابن حافة، ثم قدوة طيبة، وزميل عمل في وكالة أنباء عدن، لم اعرف حسن قاسم إلا صحفيا وليس غير ذلك، احب الصحافة حتى الثمالة ولم يثير شيء اهتمامه وشغفه وتعلقه غيرها، حتى ضننت أن الصحافة وكتابة الأخبار وجدت لحسن قاسم ووجد هو لأجلها فقط.
عشق مهنة الصحفي رغم معاناة العمل بها وضائلة راتبها الشهري ومردودها المادي..، لم يحب حسن قاسم أي وظيفة أخرى رغم حصوله في وقفات زمنية كثيرة على فرص كثيرة بالاشتغال بوظائف أخرى ذات مردود مادي كبير، ولكنه أبى أن يبتعد عن قلمه وأوراقه وأسطر أخباره.
عمل بالصحافة كالتزام مهني وأخلاقي وكرسالة إنسانية واجتماعية نبيلة، ولم يمارس الابتزاز أو التكسب من سن قلمه، كما يفعل قلة قليلة من الصحفيين والإعلاميين، الذين جعلوا من مهنة الصحافة والإعلام مطية سهلة للابتزاز وبلوغ الشهرة السريعة وجني الأموال والمكاسب، ضاربين عرض الحائط بكل القيم والأخلاق وشرف ومصداقية المهنة.
تعلم حسن قاسم كما ذكر في كتابه “علمونا حب العمل ونكران الذات”، ولازمته هذه الصفة طوال حياته ورحلته في بلاط الصحافة لأكثر من أربعين عاما وكانت النتيجة، لاشيء..!!، لا مال لا شقة خاصة..، لا…..إلخ، وغربة اضطرارية صابرا محتسبا مقهورا في القاهرة بجمهورية مصر العربية بعيدا عن مراتع الصبا والشباب، وبعيدا عن الأهل والأصحاب..، ولم يذخر سوى صور في الذاكرة والورق، وذكريات مسيرة صحفية متميزة وفريدة وحافلة..، وعديد من لقطات فوتوغرافية حفظت شريط مامضى، وسيرة أخلاقية عطرة، وقلب عمران بالحب، وجيب خالي الوفاض!.
عشرات بل مئات الصحفيين والإعلاميين في عدن والجنوب عموما ممن افنوا أعمارهم في حب المهنة والإخلاص لها، وخدمة الوطن من خلالها، ممن تميزوا بالوعي الوطني المبدئي، والثقافة الواسعة، والقدرات الصحفية الكبيرة، أصبحوا على قارعة الفقر والعوز والتجاهل، يرقبون مضمار حياتهم الفارطة الذي لم يؤد إلى شاطئ الاطمئنان!!.
رواتبهم الزهيدة لا تكفي قيمة فنجان شاي صباحي لمدة شهر، فكيف بمتطلبات الحياة والمعيشة الأخرى!!، مشكلتهم أنهم حافظوا على شرف المهنة الصحفية ولم يكتبوا إلا بمهنية واخلاق، وهمهم تمحور في قضايا مجتمعهم ووطنهم، وحلموا مع احلام شعبهم بغد مزدهر!!..، لم يعرفو التدليس أو القفز على الحبال، ولم يمارسوا الكتابة الرمادية أو السوداء، كتبوا بمداد صدقهم وانتمائهم وقيمهم واحلام وطنهم فقط..، وحسن قاسم صحفي من هذا الصنف الذي لم يجيد الكتابة إلا بلغة الصدق.
تناول الكتاب الأول للصحفي حسن قاسم بين دفتيه كلمات مقتضبة عن بداية مشواره الصحفي، وشهادة غير مكتملة – بقصد منه – عن يوم اعلان الوحدة المغدورة بين دولة الجنوب، والجمهورية العربية اليمنية 1990م، وكذا عن يوم اعلان الرئيس الجنوبي علي سالم البيض فك الارتباط يوم 21 مايو1994م، عقب حرب غادره شنتها جحافل قوات نظام الغزو اليمنية التابعة لعلي عبدالله صالح عفاش، وانتهت باحتلال الدبابات لكامل أراضي دولة الجنوب..، ولكن مايلاحظ أن حسن قاسم تحفظ في كتابه عن ذكر أي تفاصيل أو معلومات عن تلك الاحداث وتفاصيل مجرياتها، تاركا الأمر للمؤرخين والمعنيين للكتابة عنها، وهنا فاني لا اوافقه هذا الرأي، واتمنى منه أن يسرد هو تلك المعلومات من وجهة نظره كصحفي عاصر شخصيا تلك الوقائع وتحولاتها، في حقبة فارقة في حياة الجنوب في كتاب قادم يفرده لذكر تلك المعلومات والتفاصيل المهمة.
واستعرض الكتاب أيضا جانب من النشاط الصحفي للكاتب والصحفي حسن قاسم وأبرز مشاركاته وزياراته الصحفية داخل وخارج البلاد، وبعض قصاصات من مقالاته التي نشرت بعدة صحف، إضافة لعدد من الوثائق الإدارية عن مدة عمله بوكالة أنباء عدن، قبل العام 1990م، وما بعدها في وكالة أنباء سبأ.
وتضمن الكتاب بأكثر من ثلثي صفحاته صور فوتوغرافية متنوعة بينت المشوار الصحفي للكاتب، والشخصيات التي ألتقى بها صحفيا كرؤساء دول ورؤساء وزارات وشخصيات سياسية واجتماعية وثقافية وفنية وإعلامية…الخ، ناهيك عن أسماء واماكن الدول العربية والأجنبية التي زارها.
ويصنغ هذا الكتاب ككتاب توثيقي في محتوياته، رصد رحلة صحفي جسد بشخصه الإنسان في بلادنا، والوضع العام الذي عاشه، ومر به الشعب في الجنوب، ومآله الآن بعد كل تلك التقلبات والانعطافات السياسات، التي أدت إلى حالة متردية ومؤلمة لمستوى حياة ومعيشة المواطن، الذي تمسك بقيمه الأخلاقية وشرف مهنته، وقذفت به حاليا في واقع لا يمت للإنصاف والعدالة والحياة الكريمة بصلة.
أما الكتاب الثاني للصحفي حسن قاسم والصادر أيضا بجمهورية مصر تحت عنوان *(وكالة أنباء عدن 1970م – 1990م)* فقد تطرق بمقدمته وموضوعاته للتعريف عن مراحل التأسيس والتطور لوكالة أنباء عدن، وعرض لقائمة بأسماء وصور قيادات وكوادر الوكالة، وكذا أسماء كوادر الوكالة الذين انتقلوا إلى بمدينة صنعاء الشمالية للعمل في مركز الوكالة الجديد ضمن اتفاقيات الوحدة 1990م بين الدولتين.
وشمل الكتاب ألبوم صور متنوعة لنشاط إدارات وكالة أنباء عدن المختلفة، وصور نماذج للبطاقات الصحفية التي أصدرتها الوكالة لمنتسبيها.
وبين الكتاب الثاني للصحفي حسن قاسم مستوى توسع نشاط الوكالة ووجود مكاتب صحفية للوكالة في جميع محافظات دولة الجنوب، وأيضا مكتب صحفي خارجي ووحيد في عاصمة الاتحاد السوفياتي “موسكو”، وكذلك وضح اعتماد جميع وسائل الإعلام في دولة الجنوب على اخبار الوكالة كونها المصدر الرئيسي للاخبار، واعتماد صحيفة 14 أكتوبر اليومية الرسمية عليها، وكذلك صحيفة الثوري، وإذاعة وتلفزيون عدن، وبقية وسائل الإعلام المحلية وكذا اعتماد وسائل الإعلام الخارجية للوكالة كمصدر معتمد للاخبار.
ولفت الكتاب إلى أهمية الحفاظ على أرشيف الوكالة الذي احتوى على صور ووثائق منذ العام 1954م، وماتلى ذلك، والذي تعرض أغلبها للتلف والارضة، بسبب الاهمال، أو المصادرة والنقل إلى صنعاء..، منوها إلى الحرص والجهد الشخصي الذي بدله الكاتب في الحفاظ على ما تيسر من الصور المرمية في إحدى غرف مبنى الوكالة، وقيامه بنشرها وتعميمها بصفحته الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) لتكون متاحة لكل المتابعين والمهتمين والباحثين كونها إرثا لشعب الجنوب.
ويأتي صدور الكتاب الثاني للصحفي حسن قاسم استكمالا لكتابه الأول في توثيق جانب من سيرته الذاتية، وكذا توثيق جانب من تاريخ إحدى أهم وسائل الإعلام في الجنوب وهي وكالة أنباء عدن.
تحية تقدير واحترام للصحفي حسن قاسم على جهده الشخصي واهتمامه بتوثيق جزء مهم من تاريخ دولة الجنوب في الجانب الصحفي والإعلامي، خاصة إذا علمنا أن كتابة وإصدار الكتابين تمت بجهد شخصي من المؤلف حسن قاسم، وليس لوزارة الإعلام أو أي جهه حكومية أو غيرها في البلد علاقة بأي تشجيع أو اهتمام يذكر لهذا العمل التوثيقي المميز..، ولم يتلق المؤلف الصحفي حسن قاسم حتى كلمة شكر أو عرفان من الجهات المعنية في البلاد، مما يعكس واقع الحال الذي نعيشه، ومايلاقيه الصحفيين والإعلاميين من إجحاف وتجاهل، بل وغمط بالحقوق والاستحقاقات..، فالصحفيون المتمسكون باخلاقيات وشرف المهنة يعانون في الحصول على ابسط حقوقهم الإنسانية ويكابدون في معيشتهم، بينما نجد قلة قليلة جدا ممن يحسبون انفسهم على مهنة الصحافة والإعلام افتراضيا – الذين وضعوا ضمائرهم وأخلاقهم وشرف المهنة على رف النسيان – تتدفق عليهم العطايا يمنة ويسر، شرقا وغربا، وتسلط عليهم الآضواء الملونة وهم يشخبطون بأقلامهم فوق الاوراق الصفراء والشاشات الباهتة!!.
سلاما حسن قاسم، سلاما لكل صحفي وإعلامي احب واحترم مهنته وحمل ضميرا حيا بين جوانحه، ولم يسقط..لم يسقط..لم يسقط.
ننتظر بلهفة كتابا ثالثا للصحفي حسن قاسم لنقرأ كلمات ليست كما يسطر من الكلمات، ومعلومات ليست كما ورد من آخرين من معلومات..إلى الملتقى صديقي حسن، احسنت.
// كتب/نصر بن مبارك باغريب:
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة 4 مايو , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من 4 مايو ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.