اخبار الإقتصاد السوداني - الخبير الاقتصادي دكتور “محمد الناير” في حوار مع (المجهر السياسي)

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة
* الحكومة ستكون في وضع حرج، فالمرتبات الحالية لن تصلح في العام المقبل، يجب أن تتضاعف للإيفاء بمتطلبات المعيشة *
لابد من تصحيح المسار لموازنة 2019 بإعادة النظر في هذه السياسات (…)
*على الحكومة أن تبذل جهداً كبيراً في التوعية الإعلامية بأهمية التعامل الإلكتروني، وإلا لن يكتب له النجاح
حوار : سوسن يس
الحكومة تبدو مستبشرة بالتحول من نظام الموازنة التقليدية “ميزانية البنود” الذي كان متبعاً في إعداد الموازنات السابقة، إلى شكل جديد من الموازنات هو (موازنة الأداء والبرامج)، وأعضاء الطاقم الاقتصادي يقولون إن انتهاج هذا الشكل الجديد في إعداد الموازنة سيكون هو بداية طريق الاقتصادي والقضاء على الفساد، فإلى أي مدى هذا صحيح؟ وهل ستضع الموازنة الجديدة حدا لمعاناة المواطنين؟ وما هي أهم ملامح ومؤشرات موازنة العام 2019 (موازنة البرامج)؟ وما التحديات التي تواجهها وما حقيقة ما راج من حديث للدكتور “محمد الناير” حول أن أكبر تحدٍ يواجه موازنة 2019 هو عدم تغطيتها لأجور العاملين بالدولة؟
(المجهر السياسي) وضعت هذه الأسئلة وغيرها على منضدة الخبير الاقتصادي دكتور “محمد الناير” وحاورته حولها..
فماذا قال؟..
# دكتور “محمد الناير” أعضاء الطاقم الاقتصادي يقولون إن موازنة البرامج والأداء للعام 2019 سيكون بداية الطريق للإصلاح الاقتصادي والقضاء على الفساد.. إلى أي مدى ترى أن هذا صحيحا وبوصفك متابعا ومراقبا، ما هي أهم ملامح ومؤشرات موازنة العام 2019 ؟
— موازنة 2019 هي موازنة بشكل جديد، فالموازنة ستنتقل من موازنة البنود المتعارف عليها في إلى موازنة البرامج، وأفتكر أن موازنة البرامج خطوة كبيرة نحو موازنة جيدة تعتمد على تمويل المشروعات وقياس مستوى الأداء بصورة جيدة وبالتالي قياس أثر هذه المشروعات على التنمية الاقتصادية بالبلاد، عكس ما كان يحدث في موازنة البنود التي تعتمد على الصرف على بنود الموازنة ولا تعتمد على الصرف على المشروعات بصورة أساسية، ولكن هذه الخطوة لابد أن تتبعها خطوة أخرى هي الاعتماد على الموازنة الشاملة لأن الموازنات في السودان ظلت ولمدى أكثر من (10) سنوات تعد على أساس مركزي ولا تتضمن موازنات الولايات، فكان يتم إعداد موازنة مركزية يعمل بها في الولايات ولكن لا تستوعب موازنات الولايات ال(18)، ففي موازنة 2019 موازنة البرامج، لابد من اعتماد الموازنة الشاملة بحيث أن تستوعب موازنة الحكومة المركزية مضافا إليها موازنة ال(18) ولاية حتى نستطيع أن نحدد حجم الموازنة الكلي على مستوى السودان بصورة جيدة. هذا جانب والجانب الآخر لابد من التنسيق بين مستويات حكم المركز والولايات والمحليات لإعداد موازنة تتضمن وتشمل كل أنحاء السودان.
# هل تستطيع موازنة البرامج أن تضع حدا لمعاناة المواطنين المعيشية وما التحديات التي تواجهها؟
— هناك تحديات تواجه موازنة 2019، هذه التحديات بسبب السياسات الخاطئة التي أتخذت مع موازنة 2018 .. فموازنة 2018 لم يتم إعدادها بشكل جيد ولم تتخذ سياسات اقتصادية جيدة بل اتخذت سياسات اقتصادية خاطئة رمت بظلالها السالبة على الاقتصاد السوداني حتى يومنا هذا، فعلى سبيل المثال كان هناك تضاربا كبيرا بين السياسات المصاحبة لموازنة 2018 مثل رفع الجمركي من (6) جنيهات فاصل (90) قرشاً، إلى (18) جنيهاً مما أدى لارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع والخدمات وارتفاع كبير في معدلات التضخم، كذلك ضعف تدفقات النقد الأجنبي على البلاد أدى إلى تراجع العُملة الوطنية أمام العُملات الأجنبية والدولار، فكل هذه التحديات تواجه موازنة 2019 .. أيضا هناك تحدٍ آخر من نوع جديد هو تحدي مرتبات العاملين بالدولة فالمرتبات تشكل نسبة مقدرة من الموازنة، والأجور أصبحت لا تفي بالحد الأدنى لمتطلبات المعيشة لكل العاملين بالدولة، بل إنها لا تكفي حتى ربما لخمسة أيام في الشهر بالنسبة للحد الأدنى من الأجور.. وهناك دراسات معلنة من قبل المركز الأعلى للأجور تتحدث عن (8) آلاف و(993) جنيهاً كحد أدنى للأجور لمواجهة متطلبات المعيشة وهناك دراسات أخرى حددت الرقم 15 ألف جنيه كحد أدنى .. وبالتالي الحكومة ستكون في وضع حرج جدا، حرج للغاية لأن الحكومة اعتادت على أن تزيد المرتبات بنسبة 20% أو 50% واعتادت على أن تكون الزيادة ليست في الراتب الأساسي بل في البدلات حتى لا يزيد المعاش وفوائد ما بعد نهاية الخدمة، وبالتالي في 2019 لن تصلح نسبة الزيادة ال(20%) أو ال(50%) كما كان في السابق، بل إذا تضاعفت المرتبات بنسبة (200%) أو (300%) لن تصلح وإذا تضاعفت (500%) لن تصلح، أنا افتكر أن المرتبات يجب أن تتضاعف بنسبة لا تقل عن عشرة أضعاف حتى تستطيع أن تفي بمتطلبات المعيشة بالنسبة للعاملين في القطاع العام، كذلك بالنسبة للقطاع الخاص، فالحكومة عليها مسؤولية تجاه العاملين في القطاع الخاص وهناك لجنة مثلثة من الحكومة والقطاع الخاص واتحاد نقابات عمال السودان هذا المثلث يعنى بمناقشة تعديل الرواتب في القطاع الخاص والتزام القطاع الخاص والحكومة والنقابات بالحد الأدنى الذي يتم الاتفاق عليه، اعتقد هذا تحدٍ كبير جدا سيواجه موازنة 2019 خلاف تحدي استقرار سعر الصرف وخلاف تحدي معدل التضخم .. إذن في الأيام القادمة نرى ماذا ستفعل الحكومة في قضية المرتبات وما يمكن أن ينجز في هذا المجال وكيف ستستوعب موازنة 2019 الزيادة المتوقعة في المرتبات مع إيجاد موارد كافية لمواجهة هذا الإنفاق الكبير المتوقع.
# بخصوص التحدي الخاص بالمرتبات هناك من شكك في صحة حديثك الذي كنت قد ذكرته في أحد البرامج التلفزيونية عن عدم قدرة الحكومة على سداد مرتبات العاملين بالدولة في العام 2019 وأكدوا أن موازنة 2019 تغطي أجور العاملين بالدولة؟
— أفتكر أن الفهم والتفسير لحديثي كان خاطئا.. ليس هناك مشكلة في سداد موازنة 2019 للمرتبات أصلا! ليس هناك مشكلة تتعلق بدفع المرتبات.
# الموازنة تغطي المرتبات إذن أين المشكلة؟
— الموازنة تغطي المرتبات وتغطي المشروعات ولا توجد مشكلة في ذلك ولكن أقول إن حجم المرتبات لن يكون بالشكل الذي عليه الآن.. إذا قلنا إن المرتبات حاليا تتراوح ما بين (40 إلى 50) مليار جنيه، وقد تكون أكثر إذا ضمنا فيها مرتبات الولايات.. إذا تكلمنا عن مضاعفة المرتبات لمواجهة تكاليف المعيشة معناها المرتبات ستكون (100) مليار جنيه، إذا تحدثنا عن ضعفي المرتب لمواجهة تكاليف المعيشة معنى ذلك أن الرقم سيرتفع إلى (150) مليار.. هذا هو ما أعنيه، أنا لا أقصد عدم قدرة الحكومة أو عجزها عن سداد المرتبات كما فهم البعض ! فالدولة في 2018 وبالرغم من التعقيدات التي واجهت الموازنة قامت بسداد المرتبات.. ولكن تحدثت عن أن المرتبات الحالية لن تصلح للعام 2019.. بشكلها الحالي لن تصلح وبالتالي مطلوب من الحكومة أن تضاعف المرتبات ضعفا أو ضعفين أو تلاتة أضعاف حسب ما ترى أو حسب ما تتخذ قرارها، ومضاعفة المرتبات يحتاج لموارد كبيرة، يحتاج لتوسيع المظلة الضريبية أفقيا، يحتاج لمكافحة التهرب الضريبي وتقليل التسرب الضريبي، يحتاج إلى استفادة قصوى من الذهب بتقليل التهريب والتخزين ووضع سياسات ناجحة لإنشاء بورصة للذهب والمعادن، والحكومة أقرت بأنه لابد من أن تقوم بتعديل المرتبات، فهي مرتبات غير صالحة لأن الحد الأدنى للأجور الآن في الدولة حوالي (425) جنيهاً أو فلنقل (500) جنيه.. صحيح العامل يتقاضى بدلات وأجر إضافي قد يصل بالحد الأدنى إلى (1000) ج لكنها غير محسوبة داخل الراتب الأساسي.. وحتى ال(1000) هذه تحتاج لمضاعفة عدة مرات حتى تستطيع أن تواجه الحد الأدنى لتكلفة المعيشة.
# ما التحديات الأخرى التي تواجه موازنة 2019 ؟
— هناك تحديات أخرى منها قضية التنفيذ ومتابعة التنفيذ، نحن في السودان اعتدنا على أن يكون لدينا أفضل القوانين ودستور مميز ولوائح جيدة ولكن مشكلتنا تكمن في التطبيق، دائما تهزمنا قضية التطبيق ولا توجد لدينا آليات للتطبيق، لا توجد محاسبة، لا توجد مساءلة، وهذه تسببت في كثير من الظواهر السالبة التي أطلت برأسها على الاقتصاد السوداني مثل الصفوف في محطات الوقود وأمام المخابز والصراف الآلي، كذلك هناك ظواهر أخرى لابد من القضاء عليها، وافتكر أن تهاون الحكومة وتراخيها في حسمها هذا سيخلق إشكالات أخرى، يعني بتهاون الحكومة وبتراخيها في حسم هذه الظواهر فإن هذه الإشكالات الموجودة الآن ستتزايد وتخلق إشكالات أخرى يصعب بعدها المعالجة.
# تخلق إشكالات وظواهر أخرى مثل ماذا ؟
— مثلا عندما يكون هناك شح في سلعة إستراتيجية مثل الوقود وتجعل كل شخص يصل إلى المسدس في خط الخدمة لا يحصل على احتياجه فقط جالونين أو ثلاثة كما كان في السابق، بل يحصل على أكبر من احتياجه فإن هذا سيخلق طلبا كبيرا جدا، طلب غير طبيعي على السلعة ومع هذا الطلب مهما اجتهدت الدولة في أن توفر عرضا إضافيا يوازي هذا الطلب لن تستطيع.. وبالتالي أقول لابد من القضاء على الأزمات في بداياتها، هذه الأزمات استمرت فترات طويلة وهذا يشكل خطراً على الاقتصاد فلابد من القضاء على هذه الظواهر ليس فقط ظواهر الوقود والخبز ولكن حتى الظواهر السالبة الأخرى التي أفرزت سعرين لكل السلع وسعرين للعُملة سعر بالكاش وسعر بالشيكات، فكل هذه الأشياء أدت لتشوهات في الاقتصاد السوداني.. أرى أن رئيس مجلس الوزراء لا بد أن يعمل ومعه وزير المالية والفريق الاقتصادي في ما تبقى من العام 2018 الذي تفصلنا عنه أسابيع قليلة، لابد أن يعملوا على القضاء على هذه الظواهر حتى يدخل علينا العام 2019 بنفس هادئ ويبدأ عام موازنة البرامج بدون مشاكل وبدون تعقيدات موروثة من عام 2018.. ونحن من قبل نصحنا الدولة بأن تراجع سياسات العام 2018 ولكنها لم تسمع النصيحة.. فمنذ بداية العام 2018 حذرنا من أن الموازنة كبيرة وأن القفزة من (96) مليار ج موازنة 2017 إلى (173) مليار ج موازنة العام 2018 قفزة كبيرة، بمعدل نمو (80%) ومعدل النمو العالمي في الموازنات يكون (5% أو 10%) ولا يتجاوز (15%). ولكن الدولة لم تسمع النصيحة، الفريق الاقتصادي السابق لم يستمع إلى هذه النصائح، أيضا قضية الدولار الجمركي التي شوهت الاقتصاد السوداني والقفزة الكبيرة من (6) فاصل (90) قرشاً إلى (18) لابد من إعادة النظر في كل هذه السياسات وإعادة تصحيح المسار الاقتصادي والتغلب على كل المشاكل التي تعترض الإصلاح، بالتأكيد ستكون هناك جهات مناوئة للإصلاح تعترض عملية الإصلاح ويكون لديها مصالح في ذلك.. فلابد للسياسات الاقتصادية بعدما تدرس وتتخذ بصورة صحيحة ومدروسة لابد أن تتوفر القدرة على تنفيذها وألا تتمكن أية جهة من اعتراضها أو مواجهتها في المرحلة القادمة.
# الوضع الاقتصادي الحالي بمعطياته كلها شح السيولة وارتفاع معدل التضخم وغيرها هل يناسب مثل هذه الموازنات (البرامج والأداء)؟
— والله .. من قبل قلنا عدة مرات أن الحكومة لابد أن تقضي على الظواهر السالبة الموجودة التي أوجدتها موازنة 2018، يعني لابد من تهيئة المناخ للموازنة القادمة، لموازنة برامج وموازنة شاملة، ولابد من محاولة بناء الثقة بين العملاء والمصارف وأن ننتقل إلى التعامل الإلكتروني في المرحلة القادمة.. ولابد للدولة أن تلقي الضوء على مزايا التعامل الإلكتروني من خلال تقديم جرعة إعلامية كاملة للمواطنين، على سبيل المثال وكنموذج، في السابق كان هناك مئات الآلاف من الطلاب يتحركون من الولايات ومن العاصمة ومعهم أولياء أمورهم وهذا كان يعطل ولي الأمر حوالي أسبوعا كاملا عن عمله وتكاليف سفر باهظة جدا ذهابا وإيابا كل هذه الأشياء انتهت الآن بتطبيق تجربة التقديم الإلكتروني للجامعات.
فالانتقال للتعامل الإلكتروني يكون في مصلحة المواطن ولابد الحكومة أن تبذل جهدا كبيرا جدا في التوعية الإعلامية بأهمية التعامل الإلكتروني وإذا لم تبذل هذا الجهد لن يكتب النجاح لهذا الأمر.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سودارس ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سودارس ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق