اخبار السعودية : "فجوة إستراتيجية خطيرة".. ما الخيارات الصعبة التي تواجه أوروبا بعد تأزم العلاقات الأمريكية – الأوكرانية؟

في مشهدٍ دبلوماسي متأزم، إثر تصاعد التوترات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي؛ في لقاءٍ شهد جدالاتٍ حادّة واتهاماتٍ متبادلة، ما فتح آفاقاً جديدة لإعادة تقييم الدعم الغربي لأوكرانيا؛ تواجه أوروبا اليوم تحديات إستراتيجية جذرية تستدعي إعادة النظر في سياساتها الدفاعية والعسكرية، خاصةً في ظل تراجع الثقة بتوجيهات واشنطن. تدفع هذه الأحداث القارة لإعادة صياغة أولوياتها لتأمين مستقبلها في مواجهة المخاطر الإقليمية والدولية.
زعزعة الثقة
بدأت الأزمة بتصاعد خلافاتٍ شخصية بين ترامب وزيلينسكي، حيث شهد اللقاء في البيت الأبيض حواراً حاداً تخللته انتقاداتٌ لاذعة من الجانب الأمريكي؛ ما انعكس فوراً على المشهد الدبلوماسي الدولي. فقد أُلغيت المؤتمرات الصحفية المشتركة، وتغير مسار النقاش السياسي بشكلٍ جذري؛ إذ ظهر ترامب بموقفٍ صارمٍ أعلن فيه أن دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا قد يتعرّض للتراجع؛ إن لم يتم التوصل إلى اتفاقٍ يضمن مصالحها الأمريكية.
وتسبَّبت هذه الوقفة الأمريكية في زعزعة الثقة بين الشركاء التقليديين، وأثارت قلق قادة أوروبا الذين لطالما اعتمدوا على الدعم الأمريكي كضمانٍ لاستقرار المنطقة، مما دفعهم إلى البحث عن بدائل إستراتيجية تُلبي تطلعاتهم الأمنية والسياسية، وفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
تحديات وتهديدات
وأدرك المسؤولون الأوروبيون أن تراجع الدعم الأمريكي قد يوجِد فجوة إستراتيجية خطيرة، خاصةً في ظل التهديد المتزايد من روسيا. فقد أدّت الأحداث الأخيرة إلى تسليط الضوء على ضرورة أن تتبنى أوروبا سياسات دفاعية أكثر استقلالية، وتطوير قدراتها الذاتية لتأمين حدودها ومصالحها. يتطلب هذا التوجّه تعزيز التعاون بين دول الاتحاد الأوروبي وتوحيد المواقف السياسية، وهو ما يشكّل تحدياً كبيراً في ظل الانقسامات الداخلية والاختلافات بين الحكومات الأوروبية.
كما تبرز المخاوف من أن ينتهي الصراع بتسوية ضعيفة لمصلحة أوكرانيا، ما قد يبعث برسالة مضللة لروسيا بأن الخط الأحمر الأوروبي ليس بالأمر الحاسم. إن هذا الاحتمال يزيد من احتمالية تصعيد التوترات الإقليمية ويهدّد بتغيير ميزان القوى في القارة، مما يستدعي استجابة حازمة وسريعة من قِبل القادة الأوروبيين.
خيارات مستقبلية
وتواجه أوروبا الآن معضلة إستراتيجية تتجسّد في عدة خيارات جوهرية؛ منها تعزيز الدعم العسكري والاقتصادي لأوكرانيا، وهو خيارٌ يتطلب موارد مالية ضخمة وإرادة سياسية جماعية. إن مثل هذا التوجّه قد يشمل توسيع برامج التعاون الدفاعي وتطوير قدرات الردع المشتركة، وهو ما يُسهم في تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، رغم المخاطر المرتبطة بتعميق الانقسامات بين الدول الأعضاء.
وخيار آخر يتمثل في السعي لإيجاد حل دبلوماسي مستقل يأخذ في الاعتبار تطلعات جميع الأطراف المعنية. قد يترتب على هذا الخيار تحفيز مفاوضات مباشرة مع روسيا، بهدف الوصول إلى تسوية تضمن استقرار المنطقة على المدى الطويل، إلا أن هذا المسار يحمل في طياته مخاطر التنازل عن مبادئ الشراكة مع أوكرانيا والتأثير السلبي على مصداقية أوروبا كحليف قوي.
آفاق جديدة
بدأت مؤشرات التغيير تظهر في الخطابات الرسمية الأوروبية، حيث أكّد بعض القادة ضرورة إعادة هيكلة السياسات الخارجية والأمنية في ضوء التحديات الراهنة. يُعد الاجتماع المرتقب في بروكسل بمنزلة منصة محورية لوضع خريطة طريق شاملة لتعزيز الاستقلالية الدفاعية وتوحيد الصفوف أمام المخاطر المشتركة. تتطلب هذه المبادرة تعاوناً مكثفاً وإرادة سياسية لمواجهة التحديات المتزايدة في بيئة دولية متغيرة بسرعة.
يتضح أن الخيارات التي أمام أوروبا ليست بالسيئة فحسب، بل تحمل أيضاً فرصاً لإعادة تعريف دورها في النظام العالمي. قد يشكّل تبني سياسات دفاعية مستقلة نقطة تحول إستراتيجية تعزّز من قدراتها على مواجهة التحديات المستقبلية، وتحول الأزمة إلى فرصة لإثبات جدارتها كفاعلٍ رئيسٍ في الساحة الدولية.
مع استمرار تذبذب مواقف القوى العظمى، يبقى السؤال مفتوحاً: هل ستتمكّن أوروبا من صياغة إستراتيجية متوازنة تجمع بين القوة الدبلوماسية والاستقلال الدفاعي لتأمين مستقبلها في عالمٍ يشهد تحولات جذرية؟
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.