اخبار السعودية : أئمة الدولة السعودية وبناء الهوية الوطنية والثقافية للمملكة.. قواعد لا تزال حاضرة في وجدان السعوديين

منذ أن بزغ فجر الدولة السعودية الأولى، أرسى الأئمة قواعد القيادة التي أسهمت في تشكيل هوية ثقافية ووطنية متينة، لا تزال حاضرة في وجدان السعوديين حتى يومنا هذا، ولم يكن تأثيرهم مقتصراً على التوجيه الديني فحسب، بل امتد إلى بناء منظومة متكاملة من القيم والمبادئ التي أسهمت في استقرار المجتمع وترسيخ مكانة المملكة ككيان موحّد ومتماسك.

وكانت العلاقة الوثيقة بين الأئمة والمجتمع السعودي محوراً أساسياً لبناء هذه الهوية، حيث حرص ثالث أئمة الدولة السعودية الأولى الإمام سعود بن عبدالعزيز -كما أشار المؤرخ ابن بشر- على الاستماع إلى شكاوى الناس وتلبية احتياجاتهم، مما عكس التلاحم المجتمعي والقيادة الحكيمة.

وكان الناس يخاطبونه ببساطة وتواضع، مستخدمين ألقابًا كـ”يا سعود” أو “يا أبو عبدالله”، وكان الإمام بدوره ينادي كل فرد باسمه، مما يعكس عمق التواصل بين الحاكم وشعبه.

وفي الدرعية، أصبحت مجالس العلم التي عقدها الأئمة منارات للمعرفة، حيث أسهمت هذه المجالس المفتوحة للجميع في نشر العلوم وترسيخ قيم التعليم بصفتها جزءاً أساسياً من النهضة الثقافية والاجتماعية. وكانت مجالس العلم تعقد ثلاث مرات يومياً في السوق والمساجد؛ ما جعل التعليم والثقافة متاحين للجميع.

وكان للأئمة السعوديين دورٌ بارزٌ في دعم العلم والتعليم؛ إذ حرصوا على مجالس العلم اليومية في شتى الأوقات، وجعلوا منها أساساً لتقوية المجتمع فكريًّا وثقافيًّا.

كما اهتم الأئمة بدعم العلماء وطلبة العلم بكل السُبل، سواء بالدعم المالي أو توفير بيئة مناسبة للتعلم، وشهدت الدرعية نهضة علمية جعلتها مقصدًا للراغبين في التعلّم من داخل الجزيرة العربية وخارجها، حيث كان الإمام عبدالعزيز بن محمد، يرسل المال لطلبة العلم وحَملة القرآن والمعلمين والمؤذنين في مختلف المناطق.

وفي الجانب الاقتصادي، كانت الدرعية مركزاً حيوياً للتجارة في الجزيرة العربية، وشكّلت مركزاً اقتصادياً مزدهراً بفضل السياسات الحكيمة للأئمة، التي ساعدت على تعزيز النشاط التجاري وتبادل البضائع مع المناطق المحيطة، وكذلك استتباب الأمن وانتشار العدل في الدولة السعودية الأولى، أسهما أيضاً في تعزيز حركة التجارة، حيث كان المسافرون يسيرون في الطرق بأمانٍ تامٍ حاملين أموالهم دون خوف.

وأثبت أئمة الدولة السعودية حرصهم الكبير على دعم المحتاجين من المواطنين؛ فقد كانوا كثيري العطاء والصدقات، خاصة خلال شهر رمضان، وكانوا يوفّرون الطعام والكسوة للفقراء، ويهتمون بأئمة المساجد والمؤذنين ومعلمي القرآن، وفي العشر الأواخر من رمضان، كانوا يقدّمون عباءات وهدايا للأطفال دعماً وتشجيعاً لهم على التعليم.

الرحالة السويسري جون لويس بوركهارت، تحدّث عن الدولة السعودية الأولى بإعجاب بالغ، مشيراً إلى قرب الإمام سعود بن عبدالعزيز من شعبه، وتواضعه في التعامل معهم، حيث كان يفتح مجالسه لاستقبال الناس صباحاً ومساءً، ويجلس معهم دون تكلفٍ، ويستمع إلى شكواهم وحاجاتهم.

كما أشار الرحالة الإيطالي جيوفاني فيناتي، إلى كرم السعوديين وأخلاقهم النبيلة، وذكر كيف أنهم قدّموا له العون والضيافة في رحلته، مما يعكس أصالة القيم الاجتماعية التي غرسها الأئمة في نفوس المجتمع.

ويأتي يوم التأسيس ليجسّد هذه القيم الراسخة، مستذكراً المسيرة المباركة التي بدأت مع الدولة السعودية الأولى، حيث أصبح هذا اليوم رمزاً للفخر والاعتزاز بجذورنا التاريخية وركيزة لمستقبلنا المشرق، ومناسبةً وطنية تجمع السعوديين على مبادئ الوحدة والانتماء، وتُعيد إحياء التراث الذي صنعه الأئمة ليبقى مصدر إلهام للأجيال القادمة.

بهذا الإرث العريق، تواصل المملكة مسيرتها بثبات نحو المستقبل، راسخة في هويتها الوطنية، ومتمسكة برؤية طموحة تعكس أصالة الماضي وتطلعات الغد.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى