اخبار السعودية : ترامب و"إستراتيجية الفوضى المنظمة": هل تهجير غزة مجرد أداة لصرف الانتباه؟
![](https://7adramout.net/wp-content/uploads/2025/02/صحيفة_سبق_الإلكترونية.png)
عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته التي تتضمن تهجير سكان قطاع غزة إلى دول عربية مجاورة وتحويل القطاع إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” حسب وصفه، لم يكن الأمر مجرد تصريح سياسي عابر، بل جاء ليكشف عن رؤية غير مسبوقة لما يمكن أن يكون إعادة تشكيل قسرية غير مقبولة للواقع الفلسطيني.
لكن السؤال الأهم: هل هذه الخطة ممكنة التنفيذ؟ أم أنها مجرد بالون اختبار سياسي، يتم الترويج له في سياق محاولات واشنطن إعادة رسم حدود النفوذ الإقليمي؟ وهل تقف خلف هذا الطرح أهداف إستراتيجية بعيدة المدى، أم أنها مجرد ورقة ضغط جديدة في مفاوضات خفية؟
ترامب والتعامل مع غزة بعقلية المستثمر:
ويرى المتابعون أنه لطالما تعامل ترامب مع القضايا الدولية من منظور الصفقات، وليس كسياسي تقليدي. هل يبدو كسياسي أم رجل أعمال لا يرى في قطاع غزة قضية إنسانية أو سياسية معقدة، بل مجرد فرصة ضائعة للاستثمار العقاري والسياحي، طالما تم التخلص من “العائق السكاني”.
جاريد كوشنر، أحد أبرز مهندسي سياسات ترامب في الشرق الأوسط، كان واضحاً عندما قال: “يجب تطهير قطاع غزة وبناء منطقة جديدة ومزدهرة”.
لكن هذه الرؤية تتجاهل حقيقة أساسية: غزة ليست أرضاً فارغة، بل موطن لأكثر من 2.3 مليون فلسطيني، معظمهم لاجئون منذ نكبة 1948، وما زالوا متمسكين بأرضهم رغم العقود الطويلة من الاحتلال والحصار والحروب.
من جهتها الباحثة نجمة علي من جامعة أوتاغو توضح هذه الفكرة بقولها: “ما نشهده ليس مجرد فكرة اقتصادية، بل استمرار لإستراتيجية تطهير ديموغرافي بدأت منذ عام 1948، والآن يتم تقديمها في إطار “مشروع استثماري”.
البعد السياسي: تصفية القضية الفلسطينية عبر الطرد الجماعي؟
ليست المرة الأولى التي تحاول فيها (واشنطن) الترويج لمشاريع “بديلة” للحل السياسي للقضية الفلسطينية، فترامب تبنّى خلال ولايته الأولى سياسة “إعادة التشكيل الجذري للشرق الأوسط”، التي تضمنت الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، شرعنة المستوطنات، والضغط لإتمام اتفاقيات أبراهام.
لكن، ووفقاً للمحلل حسني عبيدي، مدير مركز دراسات وأبحاث العالم العربي في جنيف، فإن الخطوة الحالية تذهب أبعد من ذلك، إذ تهدف إلى إنهاء الوجود الفلسطيني في غزة بالكامل، تمهيداً لتغيير المعادلة الإقليمية لصالح إسرائيل.
يقول عبيدي: “التحدث عن تفريغ غزة من سكانها يعني محوها من الخارطة بالكامل، وهذا ينهي أي أمل في حل الدولتين.”
إذن، هل نحن أمام مرحلة جديدة من تهجير الفلسطينيين قسراً، أم أن هذا الطرح مجرد مناورة سياسية تستهدف فرض واقع جديد قبل أي مفاوضات مستقبلية؟
الأمن الإسرائيلي: الحل النهائي لحصار غزة:
من وجهة نظر تل أبيب، فإن غزة تمثل قلقاً إستراتيجياً مستمراً منذ الانسحاب الإسرائيلي منها عام 2005. ورغم الحصار المستمر، والضربات العسكرية المتكررة، لا تزال المقاومة الفلسطينية تشكل تهديداً مباشراً لإسرائيل.
السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، وصف الخطة بأنها “مشروع تطهير عرقي كامل”، وقال: “أرضنا هي أرضنا، وعلى ترامب أن يسمح للفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم الأصلية داخل إسرائيل، لأنها أماكن جميلة.”
لكن السؤال الأهم: هل تراهن إسرائيل على تنفيذ هذه الخطة فعلياً؟ أم أنها تستخدمها لانتزاع مزيد من المكاسب الأمنية والسياسية؟
الموقف الدولي: رفض واسع وتحذيرات من كارثة إنسانية:
أثارت خطة ترامب موجة رفض واسعة النطاق، حيث عبرت العديد من الدول الكبرى والمؤسسات الدولية عن قلقها العميق من تداعيات هذا الطرح.
الموقف السعودي: أعلنت المملكة العربية السعودية رفضها القاطع للخطة، مؤكدة على “دعمها الراسخ لحل الدولتين”. وفي بيان عبر وزارة الخارجية السعودية، شددت المملكة على أن: “موقفها ليس محل تفاوض أو مزايدات، ولن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.”
المواقف الدولية الأخرى:
الأمم المتحدة: وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الخطة بأنها انتهاك صارخ للقانون الدولي.
فرنسا: أكدت الخارجية الفرنسية أنها تهدد استقرار المنطقة بشكل خطير.
الاتحاد الأوروبي: شدد على أن التهجير القسري للفلسطينيين يمثل خرقاً للمعاهدات الدولية.
مصر والأردن: رفضتا بشدة أي محاولة لإعادة توطين الفلسطينيين على أراضيهما، معتبرتين ذلك تهديداً مباشراً لأمنهما القومي.
ترامب: رئيس أم رجل أعمال في السياسة الدولية؟
وفقاً للكثير من المحللين لا يمكن تجاهل أن أسلوب ترامب في الحكم لا يزال قائماً على “عقلية الصفقة”، حيث ينظر إلى القضايا الجيوسياسية من زاوية استثمارية بحتة.
حسني عبيدي يلخص هذا النهج بقوله: “ترامب لا يرى غزة كقضية سياسية أو إنسانية، بل كأرض استثمار يمكن إعادة توظيفها وفق مصالحه وحساباته التجارية.”
لكن، رغم ما قد توفره هذه الرؤية من عائدات اقتصادية محتملة، فإنها تتجاهل الواقع الجيوسياسي والتاريخي للصراع، مما يجعلها أشبه بمشروع استثماري عدائي أكثر منه مبادرة سياسية مسؤولة.
إستراتيجية الفوضى: خطة ترامب لتشتيت الانتباه
في تحليل نشرته “دويتشه فيله” (DW) بعنوان “الفوضى العارمة.. سياسة ترامب لتشتيت الانتباه وخلق واقع وهمي!”، يشير التقرير إلى أن ترامب يعتمد على خلق الأزمات المتكررة كوسيلة للتحكم بالرأي العام وإجبار خصومه على التحرك وفق أجندته الخاصة.
ويطرح التقرير سؤالاً مهماً:
“هل خطة ترامب لتهجير سكان غزة هي مجرد وسيلة أخرى لإشعال الفوضى وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية على حساب الفلسطينيين؟”
ختاماً: هل سينجح ترامب؟
بين المعارضة الدولية، والرفض الفلسطيني، والشكوك حول إمكانية التنفيذ، يبدو أن خطة ترامب قد تبقى مجرد إعلان سياسي غير قابل للتطبيق لتحقيق مكاسب ربما غير معلنة. لكنها بلا شك تمثل إشارة خطيرة لما قد يحاول البعض تمريره في المستقبل تحت غطاء “المشاريع الاقتصادية”.
ويبقى السؤال الأهم: هل يسعى ترامب فعلاً إلى تهجير الفلسطينيين، أم أنه يستخدم هذه الورقة لفرض أجندة جديدة على المنطقة؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.