اخبار الامارات اليوم - محمد بن راشد في "قصتي": أمي.. كانت تفرح بكل شيء يُفرحني

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة

التاريخ: 12 يناير 2019

روى صاحب السمو الشيخ آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، سيرة والدته في سطور تختزل سنوات طويلة ضمن فصلين، "لطيفة 1" و "لطيفة 2":

لطيفة 2
يقول نزار قباني في رثاء شريكة حياته بلقيس:

بلقيسُ..
كانت أجملَ الملكاتِ في تاريخ بابِلْ
بلقيسُ..
كانت أطولَ النّخْلاتِ في أرضِ ْ
كانت إذا تَمشي..
ترافقُها طواويسُ..
وتتبعُها أيائِلْ

ذكّرتني هذه الأبيات بأمي الشيخة لطيفة. كنتُ أراها وأنا صغير. أذكرُها تمشي وخلفها مجموعة من الغزلان التي اعتنت بها منذ صغرها، ترافقها وتتابعها أينما ذهبت. كانت أمي أميرةً وجميلة. كانت أمي أجمل الملكات. كانت أمي أطول النخلات. كانت إذا تمشي يرافقها غزال، وتتبعها عناية الرحمن.

أول هديّة أهديتُها لأمي كنتُ في حوالي السابعة. كنتُ في رحلة عند حميد بن عمهي؛ يعلِّمني فنونَ الصيد ومهارات البقاء في الصحراء. في إحدى المرات، رأيتُ غزالاً صغيراً رضيعاً كانت أمّه قد ولدته قبل قليل وانفصلت عنه. في العادة، تنفصل أنثى الغزال عن القطيع لتضع وليدها. لكنها تُصاب أحياناً بالهلع حين تودُّ العودة إلى القطيع، فتتركه يتيماً. كنتُ مع زوجة حميد نرقبه. ذهبتُ إليه واحتضنتُه، وانتظرنا عودة أمّه إليه. لم تعُد الأم. انتظرنا حتى اقترب المغيب. لم تعُد الأم. بقيتُ محتضناً الغزال، وعرفتُ من سيعوِّضه عن فَقْدِ أمّه، إنها أمي. أمي تحبُّ الغزلان. أمي أعطتني الحياة، وستعطيه.

جاء والدي مع مجموعة من الرجال، وبعد أن أعطى حميد الهدايا التي أعدّتها أمي لعائلته، أخذني والغزال في حضني. أخبرتُ الرجال بقصته، وأخبرتُهم أنه هدية.

وصلتُ البيت بعد طول انقطاع عن أمي. وبعد السلام والأحضان، أعطيتُها الغزال. فرحت به كثيراً. كان فرحي أكبر. عندما تعطي هديةً غير متوقَّعة لمن تحبّ فيفرح بها تكون فرحتك أكبر. ابتسامتها كانت حياة؛ كانت أجمل ما في الحياة.

من يشبهك يا أمي؟ من مثل أمي؟
هناك مواقف كثيرة لا أنساها مع أمي..

ما زلتُ أذكر وأنا جالسٌ في حضنها، تحدِّثُني عن أول رحلة لي إلى لندن؛ تحدِّثني عن بلاد غريبة ومغامرة تنتظرني للسفر إلى هناك، في بطن طائر كبير سيقطع بي محيطاً يمتدُّ على مدى النظر. كنتُ أنظر إليها بدهشة وهي تخبرني بأننا سننام في مبنى شاهق، لأن الجوّ في تلك البلاد يناسب النوم في الداخل، وليس كما نفعل في دبي، عندما ننام على السطح في فصل الصيف.

أوّلُ دهشة لا يمكن أن تنساها. أوّلُ معلومة لا يمكن أن تنساها. لحظات التعرُّف على أشياء جديدة لا تُنسى. لحظات حديث أمي الجميل لا أنساها أيضاً.
لا أنسى أنني لم أنم في الليلة التي أخبرتني أمي فيها بأنني سأذهبُ إلى لندن. كان ذلك في العام ١٩٥٩، بعد تولي والدي الحكم بعام تقريباً.

اشترت لي أمي كندورتين جديدتين، وسترةً أنيقةً من أجل السفر. كنتُ سعيداً. أصبح لدي أربع كنادير. اقترحتُ على أمي أن نقصَّ الكندورتين القديمتين لأستخدمهما عند ركوب الخيل والإبل. قصَّتهما لي وهي مسرورة. كانت تفرحُ بكلِّ شيء يفرحني.

من مثلك يا أمي؟ من يشبهك يا أمي؟

طباعة فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest + Whats App

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق