مقال : نهاية إيران في سورية ... «الأطرش بالزفة»

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة

«لن نتدخل في موضوع معاقبة الدول الغربية لنظام الأسد بسبب استخدامه الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، لكننا في الوقت ذاته لن نقبل بوجود إيراني (طويل الأجل) داخل سورية». هذا كان تعليق رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو قبل يومين في اتصال هاتفي بينه وبين الرئيس بوتين عشية إعلان الرئيس عبر حسابه في «تويتر» بقرب الضربة المرتقبة ضد نظام الأسد. ومع ذلك ومع تعدد الضربات الإسرائيلية للمعسكرات والتجمعات الإيرانية في السنوات الثلاث الأخيرة، يصر نظام طهران بأنه باقٍ في سورية. ليس ذلك فقط بل يستمر في تقديم الدعم المالي الكبير لنظام بشار الأسد وكأن مصارف العالم ومحافظه الاستثمارية تغرق من ضخامة الاحتياطات النقدية الإيرانية.

نعم، نجحت إيران نسبياً في عبر تأسيس ميليشيا «حزب الله» واعتقدوا أن بإمكانهم فعل ذلك في أي مكان، غير أن «حزب الله» حالة فريدة ومختلفة بسبب طبيعة لبنان ذاتها وتعدد الطوائف والانقسامات، إضافة إلى الحالة الاقتصادية المريضة على الدوام، ساعد نجاح «حزب الله» في لبنان أيضاً وجود الحروب المتكررة مع إسرائيل على رغم تفوق الأخيرة عسكرياً، إذ تمكن الحزب من الإسهام المباشرة في انسحاب إسرائيل من اللبناني قبل 20 عاماً. في كل الأحوال نجاح الحزب عموماً ولو كان موقتاً هو نجاح للبنانيين المنخرطين في قواته وليس لإيران.


من هنا نسأل؛ هل ستجد إيران في أو سورية أو في وقطر والبحرين حزباً يملك صفات وهوية وعقيدة «حزب الله» في لبنان؟ بمعنى آخر هل يمكن تطبيق نموذج «حزب الله» في أي بلد عربي آخر؟ هنا تتضح سياسة حكومة طهران وطموحاتها المتهورة وابتعادها بسنوات ضوئية من فهم الواقع السياسي والجغرافي، نحن نرى ما يحدث لموكلهم في اليمن ونتذكر ما حدث في بل وحتى العراق ذو الأغلبية الشيعية، بدأ يتململ من إيران ويتمنى العودة إلى أحضان العرب، ثم حتى لو افترضنا عدم تدخل إسرائيل في تواجد إيران داخل سورية، هل سيقبل الشعب السوري العريق بالهيمنة الفارسية الدائمة بعد الوصول لحلول تنهي الحرب الأهلية القائمة؟ رهان إيران التي يغلب على سلوكها لون ونكهة التمدد الفارسي وليس الشيعي، على بعض المرتزقة العرب هنا أو هناك، هو رهان خاسر طال الزمن أم قصر. المثير للدهشة أن من بين كتاب الرأي والمحللين العرب من يعتقد بأن إيران تنتصر فعلاً وأنه لا بد من التعامل معها بما يشبه والتعاون من دون أن يتغير سلوكها، بدلاً من مواجهتها.

أول من أمس (الخميس)، وقبيل الضربة الصاروخية التي ستنطلق من البوارج الأميركية والبريطانية والفرنسية المتمركزة قرب سواحل سورية الغربية يتأمل الفرد منا الوضع في الداخل السوري ودور إيران ومصيرها في هذه الدولة العربية الأصيلة. إنها تذكرني بذلك الطالب المشاغب الغبي الذي يقف أمام بعض الطلبة الفتوة في صراع عنيف عند خروجهم من فناء المدرسة، لا هو قادر على تخفيف حدة التوتر بين الفرقاء لأن وجوده أصلاً جزء من المشكلة، ولا هو قادر على المشاركة في الدفاع أو الهجوم. سيصبح وجوده سواء أثناء القصف أم حتى بعد ذلك كما «الأطرش بالزفة».
أما في الداخل الإيراني فقد هوت بالأمس قيمة العملة الإيرانية إلى المزيد من الانحدار، وطالب بعض أعضاء البرلمان الإيراني باستقالة محافظ البنك المركزي وكأنه هو من يضع السياسات النقدية الإيرانية. قبل ذلك بيومين يخرج الدكتور مهدي ذاكريان وهو أستاذ العلوم في «الجامعة الإسلامية الحرة» وعبر وكالة «إيسنا» الطلابية، ليذكّر حكام بلاده بأن ولي العهد السعودي يقوم بخطوات عظيمة لإرساء مستقبل السعودية ونموها. هذا بالطبع خلاف ما تردد الحكومة هناك ومن يدافع عنها من العرب. يتمنى هذا الأستاذ بحسرة لو أن بلاده استثمرت اتفاقها النووي مع دول الغرب قبل ثلاث سنوات بذات الطريقة والوسائل التي تقوم بها السعودية بدلاً من هدر الأموال على ميليشيات ومرتزقة الخارج.

قد تستمر إيران قليلاً في إثارة النعرات ودعم من ينوب عنها هنا أو هناك، لكن هذا النموذج لم يعد مثمراً. نقول ذلك بسبب ضعف وتردي الحال داخل الجمهورية الإسلامية وقرب انفجار الملايين هناك ضد هذه السياسة غير المسبوقة في أي دولة منذ تأسيس منظومة الأمم المتحدة.

الحرب بالوكالة مصيرها الفشل ولا يمكن أن نتناسى ما حاولت الولايات المتحدة بقوتها وتفوقها أن تحققه في فيتنام عندما دعمت حكومة فيتنام الجنوبية. صحيح أنها اضطرت في ما بعد إلى خوض الحرب الفيتنامية بجيشها لكنها في النهاية فشلت.


أطماع خامنئي قد تكون أسوأ من أطماع هتلر كما نبه الأمير عن ذلك في أكثر من لقاء صحافي، لكن ذلك لا يعني تشبيه هذا الرجل بذاك، فهتلر يقود الجيش الألماني بعظمته وصناعاته المتفوقة في ذلك الوقت ويحرك هذا الجيش في كل اتجاه، بخلاف خامنئي الذي لا يجرؤ على وضع جندي إيراني واحد للمشاركة في أي من مغامراته الآنفة الذكر. لهذا السبب وغيره لا يرى ولي العهد السعودي أن إيران تشكل خطراً حقيقياً ومباشراً على بلاده، على رغم تعاون بعض المرتزقة معها. الأمير كان واضحاً في ذلك عندما استبعدها من قائمة الدول القوية عسكرياً في المنطقة.

قل لي من تصاحب أقول لك من أنت، من هم أصدقاء خامنئي وحلفاؤه هذه الأيام. لا أحد سوى بدر الدين وحكومة تميم بن حمد آل ثاني والسيد حسن نصر الله في لبنان. هل أخطأت في العدد؟ لا يوجد خطأ، هم هؤلاء فقط من يرتبط بإيران وكأننا نتحدث عن فرقة «سوبرانوز» مع الأسف. تتلاعب بهم وروسيا لا تريدهم في سورية بل حتى بقية دول الاتفاق النووي الأوروبية ضاقت بهم ذرعاً على رغم بعض المصالح المشتركة بعد توقيع ذلك الاتفاق. إذاً، عن أي دولة نتحدث هنا، بل هل بإمكان عاقل أن يسمي إيران التي نعرفها اليوم دولة؟ إن لم تحدث ثورة في الداخل فسيتم شطب كل هذه الطموحات بالقوة عندما يتضح للعالم أن هذه الحكومة لا يمكن الوثوق بها وأن تركها تتدخل هنا وهناك لا بد أن يتوقف. قد تأتي هذه القوة من المصدر ذاته الذي يدمر ما يخيل لقاسم سليماني بأنها قواعد عسكرية في سورية كل شهر أو شهرين بضربات صاروخية فتاكة، وقد تأتي من جهة أخرى.

*نقلا عن صحيفة "الحياة".


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة جريدة الإتحاد ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من جريدة الإتحاد ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.