تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.. أي انعكاسات على الوضع الإنساني؟

اخبار اليمن

بعد نحو 10 سنوات على الحرب في اليمن، لا تلوح في الأفق أي مؤشرات على نهاية قريبة لهذا الصراع الذي يدفع المدنيون ثمنه الأكبر، وهم مهددون اليوم بأزمة إنسانية أصعب بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب تصنيف جماعة الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، خصوصاً بسبب انعكاسات هذه الخطوة على تعطيل الواردات الحيوية من الغذاء والدواء والوقود، علماً أن اليمن يعتمد على آلية الاستيراد بنسبة أكثر من 90% لتوفير احتياجاته من المواد الغذائية والسلع التموينية. وفي حين تشير تقارير منظمات إنسانية دولية إلى حاجة نحو 19.5 مليون يمني إلى مساعدات إنسانية في العام 2025 من إجمالي مجموع السكان البالغ 34.9 مليون نسمة، ومع عدم قدرة هذه المنظمات على توفير هذه الحاجات بشكل كامل، يشي القرار الأميركي الجديد بانعكاسات سلبية كبيرة على المدنيين اليمنيين، خصوصاً أن أكثر من 75% من سكان اليمن يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وذلك فيما كانت الهجمات الأميركية والبريطانية والإسرائيلية الأخيرة على اليمن والتي استهدفت ميناء الحديدة ومطار صنعاء قد زادت من تدهور الوضع الإنساني.

وتدخل أغلب المساعدات الإنسانية إلى اليمن من الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وأبرزها ميناء الحديدة، كذلك فإن المصارف اليمنية التي يسيطر الحوثيون على نسبة كبيرة منها تشكّل ملاذاً يعتمد عليه آلاف اليمنيين لتلقي تحويلات مالية من الخارج، ومن المتوقع أن يؤثر القرار الأميركي سلباً على التعاملات المالية، مما قد يدفع المغتربين للجوء إلى السوق السوداء لإرسال الأموال إلى ذويهم مع ما يعنيه ذلك من وصول هذه التحويلات إلى أيادي الحوثيين الذين يسيطرون على هذه الأسواق.

وكانت إدارة دونالد ترامب قد بررت قرارها الصادر الأسبوع الماضي بتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، بـ”إطلاق الحوثيين النار على سفن البحرية الأميركية عشرات المرات منذ عام 2023، مما عرّض رجال ونساء القوات المسلحة الأميركية للخطر”، وكذا “شن الحوثيين هجمات عديدة على البنية التحتية المدنية” و”مهاجمة الحوثيين السفن التجارية العابرة لمضيق باب المندب، وإجبار بعض حركة التجارة البحرية في البحر الأحمر على تغيير مسارها، مما ساهم في التضخم العالمي”. ويهدف القرار الذي أعلنت عنه الخارجية الأميركية، إلى الحد من تعزيز قدرات الحوثيين المالية والعسكرية. وبناء على هذا القرار الذي يسري بعد ثلاثين يوماً من إعلانه، سيتم تجميد جميع أصول الأفراد أو الكيانات المدرجة ضمن الولاية القضائية للولايات المتحدة، ويمنع الأشخاص الأميركيين من المشاركة في أي معاملات مالية أو تجارية معها.

لكن منظمة أوكسفام البريطانية أكدت أن هذه الخطوة ستؤدي إلى تفاقم معاناة المدنيين اليمنيين، وتعطيل الواردات الحيوية من الغذاء والدواء والوقود. وقال سكوت بول، مدير السلام والأمن في منظمة أوكسفام أميركا، في بيان، إن “إدارة ترامب تدرك هذه العواقب التي ستؤثر بشدة على اليمن، وعلى الرغم من ذلك اختارت المضي قدماً على أي حال”. وأكد بول أن إدارة ترامب “ستتحمّل مسؤولية الجوع والمرض الذي سيترتب على قرار إعادة التصنيف”. وتتفاقم الأزمة الإنسانية في ظل إصدار وزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار في حكومة الحوثيين مطلع الشهر الحالي قراراً يقضي بمنع استيراد مادة الدقيق عبر موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرة الجماعة، كما دعت الشركات الملاحية إلى الالتزام بالقرار وعدم شحن أي كمية من الدقيق عبر موانئ الحديدة والصليف، محملاً إياها المسؤولية حال خالفت تلك التوجيهات.

وفاقمت الهجمات الأميركية والبريطانية والإسرائيلية الأخيرة على ميناء الحديدة ومطار صنعاء من تدهور الوضع الإنساني، وقالت منظمة أطباء بلا حدود، في وقت سابق، إنه “نتيجة للهجمات الأخيرة، لم تتمكن فرقنا من إدخال المساعدات عبر ميناء الحديدة واضطرت إلى إعادة توجيه الإمدادات الطبية والإنسانية مما تسبب في تأخير وصولها إلى المحتاجين”. ودعت “جميع أطراف الصراع إلى احترام البنية التحتية المدنية الحيوية لتوصيل الإمدادات الإنسانية”.

وارتفع عدد السكان اليمنيين المحتاجين للمساعدات الإنسانية والحماية في العام 2025 إلى 19.5 مليون، من 18.2 مليون شخص عام 2024، وفق ما أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأممي (أوتشا)، الشهر الماضي. وأكد حاجة خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام 2025 إلى 2.5 مليار دولار أميركي، علماً أن خطة الاستجابة الأممية للعام 2024 طلبت 2.7 مليار دولار أميركي، لكنها لم تحصل سوى على 47%، بواقع 1.4 مليار، وهو ما انعكس سلباً على تلبية حاجات السكان المستهدفين بالمساعدات، بل أدى ذلك لتوقف بعض البرامج. وأشار تقرير “أوتشا” إلى أن مستويات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في اليمن ستظل مرتفعة في عام 2025، وتشير التقديرات إلى أن 17 مليون شخص (نحو 49% من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف طارئة، وسيؤثر سوء التغذية الحاد على حوالي 3.5 ملايين شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.

وعن انعكاسات تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، قال وزير الإدارة المحلية السابق في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، عبد الرقيب فتح، لـ”العربي الجديد”، إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية موجّه بصورة أساسية للمليشيات الحوثية، وقياداتها، وداعميها، وجهات تمويلها المتعددة، وليس للأنشطة الإنسانية في اليمن بصورة عامة، ولن يؤثر على آليات الوصول للمستهدفين بصورة عامة، والحديدة بصورة خاصة. وأضاف أنه “إذا تعاملت الشرعية مع هذا التصنيف بصورة علمية ومخطط لها وذلك من خلال تقديم تصورات علمية وإدارية لتفعيل دور المنظمات الدولية، وتسهيل مهامها، وفرض قيود على أعمالها تتسق مع مهام العمل الإنساني وضوابطه، فإن ذلك التصنيف سيكون لصالح الأنشطة الإنسانية المختلفة”. وأشار فتح إلى أن “المليشيات المسلحة الحوثية تتعامل مع الإغاثة بصورة خاصة والدعم الإنساني بجوانبه المختلفة بصورة عامة بما هي مصدر من مصادر تمويل مجهودها الحربي، لذا لا يتم توجيه الأعمال الإنسانية لصالح المحتاجين أو لصالح مشاريع تدعم الإنسان وتخلق مصادر دخل له، وهذا بشهادات مسؤولي المنظمات الدولية، فقد وصفها المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي بأنها تسرق الإغاثة من أفواه الجياع”.

من جهته، قال جمال محفوظ بلفقيه، المنسق العام للجنة العليا للإغاثة التابعة للحكومة المعترف بها دولياً، لـ”العربي الجديد”، إن قرار إدارة ترامب تصنيف جماعة الحوثيين منظمة إرهابية عالمية “سينعكس ايجابياً على الجانب الإنساني من خلال تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية لكل رقعة في اليمن عبر المناطق المحررة، إذ تطالب الحكومة (المعترف بها دولياً) المنظمات الدولية بنقل مقراتها الرئيسية من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، وقرار الإدارة الأميركية سيساعد بشكل كبير في استعادة ثقة الدول المانحة بما يساهم في تنظيم العمل الإنساني والإغاثي”. وأضاف بلفقيه أن “قرار الإدارة الأميركية جاء مواكباً لتوجه مجلس القيادة الرئاسي لإعادة تشكيل اللجنة العليا للإغاثة بوصفها نافذة واحدة تنظم وتسهل العمل الإنساني ومساعدة المنظمات لتذليل الصعوبات وتسهيل عملها على مبدأ لامركزية العمل الإنساني والإغاثي، والاستفادة من 22 ممراً برياً وبحرياً لإيصال المساعدات لجميع المحافظات اليمنية، ورفع الاحتياج من أرض الواقع”.

أما الصحافي اليمني وفيق صالح، فقال لـ”العربي الجديد” إنه “من المتوقع أن تتفاقم عزلة مليشيا الحوثيين على الصعيد الخارجي نتيجة التصنيف الأميركي، في حين سيجري تتبّع كافة الاستثمارات والشركات التابعة لقيادات وعناصر في الجماعة في الخارج، كما سيتم فرض عقوبات على أي أطراف أخرى قد تتعامل وتسهل العمليات المالية أو اللوجستية لمليشيا الحوثي، وهذا سيؤثر على المساعدات المقدمة إلى مناطق سيطرة المليشيا”. وأضاف: “على المستوى المحلي، سيتم تجفيف كافة الموارد العامة التي كانت تحصل عليها المليشيا من الموانئ والمطارات، وستتراجع عملية التجارة الخارجية عبر موانئ محافظة الحديدة، في حين سيتم التدقيق بكافة المواد والسلع التي تدخل عبر الموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى جانب تتبّع عمليات التحويلات الخارجية، والتأكد من عدم وصولها إلى مليشيا الحوثي”. وأوضح أن “الواقع يشير إلى أن الظروف المالية والتحركات الخارجية لقيادات مليشيا الحوثي ستصبح أكثر تعقيداً، وستفقد المليشيا قدرتها على المناورة أو استخدام الورقة الاقتصادية ورقة حرب ضد الشعب اليمني، كما عملت طوال السنوات الماضية”.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن الغد , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن الغد ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى