السقايات… وسيلة تخزين المياه الأهم في ريف اليمن
تعتمد مناطق كثيرة في ريف اليمن على وسائل بدائية لتوفير مياه الشرب والتغلب على مشكلة نقص وانعدام مصادرها في بلد يعاني من أزمة حقيقية في توفير المياه. ومن بين الوسائل القديمة جداً السقايات التي تستخدم أسر مياهها للشرب والطبخ وتوفير الاحتياجات المنزلية وري الأشجار.
وتعد السقاية شكلاً مطوراً للسدود التي اشتهر اليمنيون قديماً ببنائها من أجل تخزين المياه. والأكثر شهرة سد مأرب القديم الذي استخدم لري الأراضي الزراعية في بيئة صحراوية. وخلال فترة حكم الأئمة كان اليمنيون يبنون في كل قرية سداً مفتوحاً يسمى “الكريف” لجمع المياه. وتوجد بعض هذه السدود حتى الآن.
والسقاية عبارة عن حوض عميق مبني بأحجار، على شكل صهريج، ويتضمن بركة ودرجاً يفصل بينهما ما يسمى بـ “باب العقد”، وتُسقف إما بالخرسانة المسلحة، الطريقة التي يكثر استخدامها حالياً، أو بأحجار على شكل تقويس يسمى “جمنون”.
وتختلف أحجام وسعة السقايات استناداً إلى عوامل عدة، أهمها وجود مساحة، وسهولة الحفر، وتوفر الأحجار، وقدرة صاحب السقاية على توفير الاحتياجات المالية لبنائها، إضافة إلى عامل الكمية التقريبية التي يحتاجها سنوياً من المياه، والتي تحدد حجم وسعة السقاية عند بنائها.
وتتراوح سعة السقايات المنزلية في المتوسط بين 20 متراً مكعباً، أي 20 ألف ليتر، و100 متر مكعب، أي 100 ألف ليتر. وتعد السقاية من الوسائل الناجحة لمواجهة مشكلة نضوب وجفاف المخزون المائي في اليمن الذي يعد أحد أفقر بلدان العالم في شح المياه، ويبلغ فيه نصيب الفرد من المياه المتاحة 85 متراً مكعباً، وهي أدنى بكثير من حدّ ندرة المياه المعترف بها، والذي يبلغ ألف متر مكعب.
ويبلغ المعدل السنوي للأمطار في اليمن 167 ملليمتراً، لكن 3% فقط من هذه المياه تتحول إلى جريان مائي سطحي.
يقول علي الأسود، وهو فلاح في ريف تعز، لـ”العربي الجديد”: “نعتبر السقاية أهم من المنزل، لذا من يريد أن يبني منزلاً لا بدّ أن يبني السقاية قبل المنزل لأنها المصدر الرئيسي والوحيد لاحتياجات المياه، لذا فهي تكتسب أهمية خاصة في أولوياتهم”.
يضيف: “بالطبع تبنى السقاية قرب المنزل، وغالباً في دوره الأرضي أو جنبه. وتبنى بعض السقايات في حقول القات من أجل استخدامها في ري أشجار القات، والتي تعد مصدر رزقنا الوحيد. ولا توجد آبار وعيون مياه وسواقٍ، لذا نعتمد في شكل رئيسي على مياه الأمطار لتوفير احتياجاتنا من المياه، سواء للاستخدام في البيوت أو لري أشجار القات”.
وتقول المزارعة مريم الجحيشي، لـ”العربي الجديد”: “لا بدّ إلا أن يملك كل صاحب أسرة سقاية توفر له احتياجاته من المياه خاصة في المناطق الجبلية والزراعية التي لا تضم مصادر مياه أخرى. ويملك أشخاص أكثر من سقاية، خاصة أصحاب الأملاك الكبيرة. من هنا قد يملك الشخص سقاية خاصة بتوفير مياه الشرب والاحتياجات المنزلية، ويملك في جانبها سقايتين أو أكثر تستخدم لري المزارع”.
ويوضح الخبير المائي مروان الوجيه، لـ”العربي الجديد”، أن “سكان الريف في اليمن يعتمدون بشكل أكبر على السقايات لأنها تلعب دوراً حيوياً في إدارة الموارد المائية وتوفير احتياجات المياه في الشرب والأمن الغذائي، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص حاد في المياه، خصوصاً تلك الريفية الجبلية، فشبكات المياه تغطي أقل من ثلث سكان اليمن، والاعتماد على السقايات بطريقة اليمنين منذ القدم في توفير وتأمين مصادر المياه والتي ما زالت حتى يومنا الحاضر”.
ويوضح أن “السقايات أثبتت أنها أهم استراتيجية في اليمن في إدارة الموارد المائية وتوفير احتياجات مياه الشرب، واستعادة الأراضي المتدهورة، وتحسين الري، وتعزيز الأمن الغذائي في المناطق التي تعاني من شح المياه، ما يحسّن الظروف المعيشة للأسر، فهي من حيث التكلفة أقل بكثير، وخيار اقتصادي ناجح مقارنة بمشاريع الشبكات، حيث الفرصة متاحة في استخدام المواد المحلية وخبرات المجتمعات في التنفيذ”.
ويشير الوجيه إلى أن هذا الواقع لا يمنع وجود تحديات تتمثل في التمويل، فبناء الخزانات وصيانتها، ومكافحة تأثيرات التغيرات المناخية على أنماط الأمطار، وتعزيز قدرتها على تجميع المياه، تحتاج إلى استثمارات كبيرة، وتدريب مثالي لضمان فعّالية السقايات على المدى الطويل. ومن أهم التحديات جودة المياه وعدم تلوّثها بالغبار والرماد والبكتيريا التي تسبب أمراضاً، وأيضاً بالمعادن الثقيلة والملوثات غير العضوية الأخرى، ويرقات البعوض التي تسبب أمراضاً كثيرة منها الكوليرا وأمراض خبيثة. وزادت التأثيرات الخطيرة للمعادن الثقيلة نتيجة مخلفات الحروب والدخان الذي يرتبط بجزيئات المطر ويؤدي إلى تركزها فيها، وهذا أكبر عامل في انتشار أمراض السرطان أخيراً، لذا يجب استخدام طرق مناسبة لمعالجة للمياه قبل الاستخدام.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن الغد , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن الغد ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.