اخبار اليمن | بين الحلم والواقع.. مشروع زراعي كبير في طريق التنفيذ

اخبار اليمن

كتب / جمال محسن الردفاني

تداول مؤخرًا عدد من النشطاء وصنّاع المحتوى صور تظهر تدفق السيول بقوة غير مسبوقة في مجرى وادي بنا، خاصة تحت جسر وادي بنا الشهير الذي يربط بين مدينتي حبيل جبر والعسكرية. وسط هذه الصور المتداولة، تزايدت أمنيات الناس حول إمكانية حفظ تلك المياه وتصريفها إلى وادي تيم الزراعي، الواقع غربي عاصمة حبيل جبر.

إيمانًا بأهمية الزراعة ودور الإنتاج المحلي في رفد الاقتصاد الوطني، وتحسين الوضع المعيشي وخفض مستوى البطالة، فكرت بوضع الدراسات الافتراضية لمشروع استراتيجي لتصريف المياه، يمكن أن يغير مسار المنطقة. المشروع سيمتد من وادي بنا إلى وادي تيم، مسافة 16 كيلومترًا، وكانت خطوتي الأولى استخدام Google Earth لقياس ارتفاع مجرى وادي بنا تحت الجسر، والذي بلغ 539 مترًا فوق سطح البحر، وقارنته بارتفاع أعلى بقعة في وادي تيم، حيث كان الفارق بينهما تقريبًا 229 مترًا، مما يعني أن متوسط ارتفاع وادي تيم يبلغ 768 مترًا فوق سطح البحر. كانت هذه النتائج التقريبية مخيبة للآمال.

وباستخدام تطبيق خرائط مختلف، تجولت افتراضيًا في مجرى الوادي حتى وقفت عند نقطة مرتفعة قليلاً تُسمى “كنظارة”. باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، حاولت دراسة إمكانية شق الجبل المحاذي للوادي من الاتجاه الجنوبي الغربي لتحويل مجرى الوادي بانحدار تدريجي باتجاه مناطق حبيل جبر. لكن المشكلة كانت في شق الجبل، والأخرى في المجاري المائية المنخفضة في الطريق، والتي ستمنع التدفق الأفقي باتجاه وادي تيم، مما زاد من الإحباط.

بينما كنت أعاني من خيبة الأمل لهذه النتائج، تذكرت مشروع النهر الصناعي العظيم الذي أنجزه الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، والذي امتد على طول ألفي كيلومتر وسط الصحراء الليبية. حين قارنت مشروعنا بالنهر الصناعي، وجدت أن طول مشروعنا يعادل أقل من 0.001% من طول النهر الصناعي العظيم في ليبيا.

هذا التشجيع دفعني لإعادة المحاولة. وافترضت إقامة حاجز مائي أسفل وادي كنظارة بسعة 200 مليون متر مكعب. سيكون المشروع مزدوج الفائدة، يجمع بين حفظ المياه لاستخدامها في الري، وبين إمكانية تشغيل محطة طاقة كهربائية لضخ المياه من الخزان إلى الوادي، والقيام بعملية الري النهائي.

أما في سياق الإنتاج الزراعي، فوادي تيم يمتد في إطار تقريبي يبلغ ‫3,856,400 متر مربع، ما يساوي نحو ‫952.94 فدانًا من الأراضي الزراعية التي سيتم استصلاحها للزراعة. بناءً على تقديرات الزراعة العالمية في حدها الأدنى، فإن إنتاج القمح سيكون 2,382 طنًا سنويًا. إنتاج الخضروات سيكون 9,529 طنًا سنويًا. إنتاج الفواكه سيكون 7,624 طنًا سنويًا. والعائد المادي 4.9 مليون دولار سنويًا، وسيحتاج المشروع إلى نحو 1,429 عاملًا. وبذلك سيعزز المشروع الاقتصاد المحلي عبر زيادة الإنتاج، وخلق فرص عمل، والتخفيف من البطالة، وسيسهم في تحسين الأمن الغذائي وتحسين مستوى الدخل المعيشي للأسر. وهذا سيدعو منظمة الأغذية والزراعة (FAO) لتلبية احتياجات المجتمع المحلي من الحبوب والمبيدات وتقنيات الري الحديثة.

ولم نقم بتضمين أو حساب المناطق الزراعية التي ستستفيد من المشروع بواسطة القنوات التحويلية على امتداد 14 كيلومترًا، مثل “مثبر، فارعة، المبقلة، وغيرها”، وهي مناطق لا تقل أهمية عن المحيط الزراعي لوادي تيم. لكن صغر مساحاتها وتباعدها الجغرافي جعل من وادي تيم محور الحديث.

لتنفيذ هذه الرؤية، استعنت بفرق متخصصة للإشراف على دراسة المشروع. تم تكليف بن ثابت الردفاني للتواصل مع شركة “ساليني إمبريجيلو” الإيطالية التي تعمل ضمن فريق بناء سد النهضة الإثيوبي، كما تم تكليف فہخہآمہة ردفہآنہيہيہ بالتنسيق مع شركة “جنرال إلكتريك” الأمريكية، التي سبق وتواصل معها الرئيس هادي لبناء محطة توليد كهرباء في عدن. كانت الخطة أن تعمل “جنرال إلكتريك” بالتعاون مع “ساليني إمبريجيلو” في التشييد والتوليد.

من جهة أخرى، تم تكليف الأخ أمين الأمين و حنيش الردفاني بالتنسيق مع شركة “Veolia” الفرنسية، الرائدة عالميًا في إدارة المياه وتطوير البنية التحتية. مهمة “Veolia” كانت وضع الدراسات الميدانية لخطوط الإمداد اللازمة لضخ الكميات الكافية من المياه بكفاءة عالية وعمر افتراضي طويل الأمد، وكانت هذه النقطة حاسمة في سلسلة مراحل الدراسة.

ولتغطية احتمالات نقص مخزون المياه في سد “كنظارة” أثناء فترات توقف السيول، أوكلنا للأخ نائف اليعقوبي الداعري القيام بوضع الدراسات اللازمة، بالتعاون مع متخصصين في الوكالة الدولية للري والصرف (ICID) وهي منظمة تُعنى بتطوير وتنظيم نظم الري على مستوى العالم، لحفر نحو 150 بئر ارتواز، تساهم في تأمين الاحتياج اللازم من المياه خلال فترات الجفاف، وهذا سيكون ضمن المرحلة الثانية من المشروع. على ان يكون الجنوب عشق لاينتهي مشرفًا خارجيًا.

وكان من المفترض أستكمال باقي المهام في اليوم التالي.
لكن في الصباح الباكر، جاءني الأخوة المكلفين بالمهام أعلاه وهم في حالة ذعر.

سألتهم: “ما الخطب؟”

ردوا: “لم نبدأ بعد إلا وخرجت ضدنا مسيرة غاضبة.
البعض يطالب بتوفير شبكة 4G قبل أي مشروع
وآخرون يريدون استقرار سعر الصرف أولاً
وحتى آخرين يطالبون باستكمال (صراب الجلجل) قبل تنفيذ المشروع!”

أجبتهم: “كيف هذا ونحن لم نبدأ في المشروع؟”

قالوا: “لا نعلم، وهذا خطاب استقالة جماعية
ورجاءً، لا تكلفونا بأي شيء مستقبلًا!”

وعندما هممت بمراجعتهم، استيقظت على صوت المنبه وهو يشير إلى السابعة صباحًا، وحلول موعد الدوام.

عمومًا:
هذا النَص هو من مخيلة الكاتب، وجميع الأحداث هي من وحي الخيال، دون قصد للإشارة إلى أحد.
والموضوع للدعابة من جهة، ولتوضيح مدى صعوبة تنفيذ بعض المشاريع من جهة أخرى، التي هي من وجهة نظر العالم، بسيطة وروتينية وفي المتناول.
أما بالنسبة لنا، هي مجرد حلم!
والله المستعان

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن الغد , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن الغد ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى