الأسواق الشعبية القديمة في بلاد بني مروان

كتب : أحمد إبراهيم الحاج بكري

بني مروان هي مجموعة قبائل بعضها ضمن الجمهورية اليمينة، و البعض الآخر ضمن المملكة العربية السعودية، وتُعد مناطق بني مروان من المناطق التي تزخر بتراث وموروث شعبي يعكس الامتداد التاريخي العربي الأصيل والمتنوع، وخلال هذا المقال سنستعرض مقدمة بسيطة عن الأسواق الشعبية في بني مروان.
حيث تشهد بلاد بني مروان ((1 الكثير من الاسواق الشعبية القديمة التي يرتادها الكثير من المتسوقين من مختلف مناطق بلاد بني مروان، سواء من مناطق جيزان ( (2 بالسعودية او مناطق اليمن، وكذلك العديد من المتسوقين من المناطق المجاورة لبني مروان وتعد من اهم هذه الاسواق القديمة : ( سوق السبت العوجاء ، سوق عواض بمدينة حرض القديمة، سوق وعلان سوق الجماء (العادة) الأول، سوق الثلوث بحرض، سوق السبت العناد بالشعاب، سوق شدفين بالفج سوق الاثنين ببني الحداد سوق الجماء الثاني).
ودائما تكون الاسواق الشعبية من يقوم بتأسيسها هم المشائخ ووجهاء بني مروان، وبعد أن تم تأسيس هذه الاسواق الشعبية يقوم المشائخ بتكليف اشخاص نيابة عنهم، لحماية السوق من اي تلاعب أو فوضى ، وكذلك حمايته من السرقة وفصل المنازعات التي تحصل في السوق، ويطلقون على هؤلاء الاشخاص بحاكم السوق(3)، واما المواد والسلع التجارية التي يتم عرضها في هذه الاسواق القديمة والتي اعتاد عليها الباعة على تسويقها وبيعها في هذه الاسواق الشعبية، فهي عديدة ومتنوعة وسنذكر لكم البعض منها مثل : الحبوب بأنواعها الذرة الرفيعة، والذرة الشامية والدخن وغيرها من انواع الحبوب، اما الاواني المنزلية فكانت توجد الاواني الفخارية(4) كما توجد العديد من السلع والمواد الاخرى مثل القطران(5) الطفي (6)
الحزاب(7) الجبين (8) المهاجين (9) السعف (10) . أما الملبوسات، فهناك العديد من الاصناف تتواجد في هذه الاسواق ومنها كما يلي المصنف (11 ) المدرعة (12). اللحاف(13) الوزرة(14) الظلة (14) الكوافي (15) وغيرها من الملبوسات التي يتم بيعها في هذه الاسواق الشعبية.
وقد جاء ذكر هذه المسميات من الملبوسات القديمة على لسان الشعراء ومنهم، الشاعر يحي مطر البحيري المرواني حيث في عام 1365 هجري يقول في احدى القصائد الشعبية ذاكراً لأحد الشخصيات الاجتماعية بوصف الملبوسات التي كان يرتديها وحياته اليومية رغم الضروف الصعبة في ذلك العصر حيث يقول الشاعر:
لكان تلهم في مصيوف وهو ياكل على مخضير
يتكسى شولة ومصانف ومدارع حرير
من افخر اللباس
وأيضا جاء ذكر اسم اللحاف احد انواع الملبوسات، في قصيدة شعرية من كتاب الادب الشعبي في الجنوب الجزء الثاني، للشاعر علي بن يحي أثناء مرثية الشيخ مسيب شراحيلي عام 1344هجري حيث قال :
لامشئ مطلة على جنب المعقر ويسلحب في لحافة والفقر
عاقل الديرة حكيم
ومن خلال مجالستي لكبار السن من بني مروان فقد تناقلت الاخبار عن اهم العادات السابقة التي كان يتصف بها المتسوقين من بني مروان منها: إن الرجل القبيلي لا يأكل الطعام في الاسواق الشعبية وان اراد ان يأكل الطعام فإنه يأخذ حاجته من السوق ويذهب خارج السوق لأكلها ، ولو أكل شيء في السوق يعتبر عيبًا على المتسوق القبيلي ، وايضًا المجزارة ( مكان بيع اللحم ) ، والمحوات (مكان بيع الاسماك )، سابقًا الرجل القبيلي لا يدخلها ، وانما المكلف بالشراء من هذه الاماكن هم العبيد آن ذاك ،لانهم سابقًا يرون أن دخول الرجل القبيلي الى هذه الاماكن يعتبر عيب، وقد اندثرت هذه العادات مع انتهاء الحكم الامامي لليمن، بعد قيام ثورة 26 سبتمبر المجيدة.
أما بالنسبة للعملات المتداولة في هذه الاسواق قديمًا هي القرش، والجنية الذهب ، حتى ظهور الدولة المتوكلية والتي ادخلت العملة الريال الفضي المسمى بالفرانسي ، ومن ثم دخلت فيما بعد عملات أخرى كالريال السعودي والريال اليمني ، وكذلك حديثًا الدولار الامريكي في البيع والشراء.
وبعد هذه المقال البسيط سنحاول وفي مقالات قادمة بإذن الله أن نفرد لكل سوق من الأسواق الشعبية في بني مروان مقال خاص وبشيء من التفصيل.

الهوامش:
( 1)بني مروان : هم قبيلة من قبائل الجزيرة العربية القاطنة في تهامة الشمال او ما يسمى سابقا بالمخلاف السليماني، والممتدة من شمال صامطة حتى جنوب حيران الفاصلة مع قبائل بني حسن وتمتد على ساحل البحر الاحمر من الموسم او االشرجة حتى منطقة الطينة جنوب غرب مديرية عبس حاليا، ومن الشمال الشرقي تحدها مديرية الظاهر بمحافظة صعدة، ومن جهة الشرق قبائل بكيل ومن الشرق الجنوبي تحدها قبائل مستبا، ومن الغرب جزر ميدي بالبحر الاحمر ، ومن خلال التقسيم الاداري تنقسم بلاد بني مروان على مديريات وعزل، ١_ مديرية حرض ٢_مديرية ميدي ٣_مديرية حيران واجزاء من ٤_مديرية بكيل المير ، والذي يطلق عليه عزلة العطن ، ومن بني مروان فخوذ وقبائل مروانية تسكن داخل الحدود السعودية كمنطقة الموسم ومحطة بني العواجي وغيرها من مناطق داخل الحدود السعودية ضمن بني مروان.
(2 ) جيزان: هي إحدى المناطق الإدارية التابعة للمملكة العربية السعودية، تقع جنوب غرب المملكة وتطل على البحر الأحمر. ويوجد بها ميناء جيزان ثالث موانئ المملكة على ساحل البحر الأحمر من حيث السعة. عاصمة المنطقة الإدارية هي مدينة جيزان، وتضم المنطقة عدد من المحافظات والمراكز الإدارية التابعة لها المتوزعة في قسميها الشرقي في المرتفعات الجبلية والغربي الساحلي، حيث تمتاز بتنوعها البيئي والمناخي وتعتبر البوابة الرئيسية لجزر فرسان. وقد كانت المنطقة سابقاً ضمن مسمى المخلاف السليماني.
( 3) حاكم السوق : هو الحاكم والمكلف بحماية السوق الشعبي، وتحتكم إليه الباعة والتجار اثناء اي خلاف يحصل بينهم، ولديه جنود تحت امرته، يقومون بسجن الاشخاص الخارجين عن نظام وضوابط السوق.
(4) الاواني الفخارية : هي الاواني المصنوعة من الطين المحروق _ ولها عدة انواع ومنها _ الجرة _ الشربة -البلبلة – الميفاء وهو التنور – اكواب الشاي والبن – وغيرها من الاواني الفخارية.
( 5) القطران: هو مادة سائلة باللون الاسود ، يستخرج من الشجر ، مثل شجرة السلام وشجرة الصمر وشجرة الاراك بعد قطع من احدى هذه الاشجار، ،ويستخرج منها مجموعة من العيدان، ليتم طرح العيدان، في قطعة فخارية تسمى الجرة ومن ثم اشعال النار عليها لمدة يومين، وبعد اشعال النار تتحول العيدان الى مادة سائلة تسمى ( الشوب والروب) وهو ما يسمى بالقطران، ليتم تحويله من الجرة الى حفرة منحوتة من حجر كبير، وبعد هذا يتم استنزاف هذا القطران المسمى ( الشوب _ الروب) ليتم بيعه في هذه الاسواق الشعبية. ويتم استخدام هذا القطران ، في طلاء الابل والماعز اثناء فصل الشتاء ، وكذلك يستخدم القطران سابقا في بلاد بني مروان في طلاء وزينة الكراسي: هي جمع كرسي والكرسي السرير .
(6 ) الطفي : هو ما يستخرج من شجرة الدوم ويستخدم في صناعات الحرف اليدوية
(7 ) الحزاب: هي جمع الحزبة : وهي عبارة عن سلة مصنوعه من الطفي المستخرجة من شجرة (الدوم)
( 8) الجبين : هي حبال تستخرج من شجرة السلب وشجرة السلب تزرع في الرداح والجبال ويتم استخراج الجبين من هذه الشجرة بعد قطع من هذه شجرة وتعريضها على الشمس ومن ثم يقومون بتشقير السلب وتمحيصه حتى يتم استخراج هذا المسمى بالسلب ويقوم اشخاص بصناعة الحبال بصناعة يدوية والحبال تستخدم لربط بعض الاشياء او صناعة منه حبال الكراسي، كما ان الاشخاص الذين يجيدون هذه الحرفة اليدوية يطلقون عليهم بالمجابنة.
( 9) المهاجين : هي جمع المهجان والمهجان هو مستخرج من الطفي، شجرة الدوم يتم بيعه في الاسواق للاستخدامه في المنازل كسفرة الاكل، وكذلك النساء تقوم بطرحه على الارض وتوضع عليه المطحنة، اثناء طحن وقشر حبوب الذرة.
(10) السعف : يقصد به سعف النخيل ، وأيضا يوجد سعف من شجرة تسمى العنفج، وتنتشر هذه الشجرة على ضفاف الوديان
( 11) المصنف: هو قطعة من القماش، ويعتبر مئزرًا مزين من الاطراف ، يتم جلبه من الحديدة لبيعها في اسواق بني مروان .
( 12) المدرعة: هو الرداء على الاكتاف مرورا بالصدر والظهر حتى الخصر المسمى حاليا بالشميز ويتم استخراجه من قطعة قماش تسمى القطيفة ليتم خياطه للباس ،فكبار السن يفضل لبسه ابيض ، ولكن الشباب تقوم بتصميخ هذه القطعة وتلوينها من شجرة ( القوع _ومن لُب شجرة السدر) بعد غليه على النارويتم سبغ هذه القطعة لتكون باللون الاسود الفاتح.
(13) اللحاف: هو رداء يتم لبسه على كتف الرجل التهامي بشكل عام ، وسابقًا الشخصيات الاجتماعية والمشائخ وكبار القوم يتميز بلبس هذا الرداء، حيث يتم طرحه على كتف الرجل ، وكان يتم شراء هذا الزي من الاسواق الشعبية بعدما يتم جلبها من اسواق الحديدة.
( 14) الوزرة: هي نوع من انواع المآزر يتم لبسها من قبل النساء والرجال ولكن لها عدة مسميات: ( وزرة حطيم لنساء _ وزرة عكاس للنساء _ وزرة عريشية للرجال).
(15) الكوافي: جمع كوفية والكوفية: هي توضع للتغطية الرأس، في عموم تهامة، وإدخلت الى بلاد بني مروان في بداية القرن الثالث عشر الهجري، وتقوم بلبسها الشخصيات الاجتماعية في المنطقة، لان بني مروان سابقا تطرح وتلف على رؤسهم العمائم، وبنسبة للشباب يقومون بتطويل شعر رؤسهم ويطلقون على الشاب بالمجهف، كما ان الكوفية مصنوعة من الخيزران،ومن عيدان اثمار النخيل.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن الغد , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن الغد ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى