اخبار اليمن اليوم الاثنين 12/11/2018 هل يتقن #الـرئيس_هادي لعبة التحالفات ؟

0 تعليق ارسل لصديق نسخة للطباعة

اليوم الاثنين 12/11/2018

كتب / د.عيدروس نصر النقيب *في ظل تسريبات متعددة ومتناقضة تتعلق بالوضع الصحي للرئيس المشير ومعظمها صادرة من مطابخ تابعة للطاقم العامل معه في مؤسسة الرئاسة، وشخصيا كنت قد قلت مراراً إنه وبغض النظر عن ملاحظاتنا على أداء وسياسات فإننا لا يمكننا إلا أن نتمنى له موفور الصحة والسعادة حتى نتمكن معه من التغلب على تحديات المرحلة التي ورثها من سلفه ويصر أنصاره على الحفاظ عليها لأغراض تخصهم وهذا ليس مقام الحديث عنها، وعلى رأس تلك التحديات القضية الجنوبية، وما سنكتبه هنا ينطلق من فرضية أن الرئيس هادي يتمتع بكامل المؤهلات الجسدية والذهنية الكافية لإنجازه المهام المناطة به في هذه المرحلة الحرجة.
يحظى الرئيس هادي بفرص كثيرة تمكنه من لعب دور أكثر حسماً وأكبر وزناً وفاعليةً في توجيه دفة الأمور بالاتجاه الذي يمكن أن يعزز من شرعيته ويمكنه من بصناعة القرار والتحرر من ضغوط مراكز القوى التي ما يزال الكثير من أفرادها وجماعاتها يعتبرون الرئيس عبارة عن ضيف يجب أن يمتثل لأصول الضيافة، انطلاقا من "نحن من جاء بك إلى هذا المنصب".
الحالي المهيمن على صناعة القرار الرئاسي ليس تحالفاً متجانساً، فلكل طرف فيه أجندته الخاصة (الخفية غالباً والمعلنة أحياناً قليلة) لكنهم جميعا يستظلون بشرعية الرئيس هادي وينظمون المدائح فيها لغاية في نفوسهم يعلمها الجميع.
تلعب ثنائية والشمال دورها المحوري في صناعة التحالفات والصراعات المحيطة بمؤسسة الرئاسة والداخلة فيها، وقد شهدت حلبات مؤتمر للحوار الوطني تمظهراً جلياً لا يمكن أن تشوبه شائبة وقد سمعنا جميعا الضجيج والضجيج المضاد عن تخصيص نسبة الخمسين في المائة للجنوب في كل مؤسسات صناعة القرار وسمعنا زملاء كثر من ساسة الشمال يتشاكون ويتباكون : أين حصتنا نحن الشماليين؟ ولمن سنذهب؟ في مناحة على جلد النمر الضائع في متاهات الغابات الشائكة.
كانت تلك المقاربة بمثابة معطوبة ومغشوشة لا تصلح لمعالجة الحالة المرضية القائمة، فالجنوب لم يثر التعديل نسبته في السلطة ولا حتى لجعل منصب الرئيس أو رئيس الوزراء أو كليهما أو حتى كل الحكومة لشخصيات جنوبية، بقدرما ثار وقدم آلاف الشهداء وأضعافهم من الجرحى والمعوقين والمفقودين من أجل رفع الظلم الواقع عليه بعد غزوة 1994م وما تركته من آثار مدمرة ما تزال قائمة وستستدعي عقوداً طويلةً من الزمن لمعالجتها، ومن هنا فإن حكاية الخمسين % أو أي نسبة أكبر أو أقل لا يمكن أن تصلح لمعالجة الحالة وقد شاهدنا كيف أن أغلب هذه النسبة كانت أكثر طغياناً وفساداً وعدائيةً للجنوب من غزاة 94 الشماليين أنفسهم، وما والميسري وبن حبتور وهشام شرف إلا نماذج لتلك النسبة الزائفة.
وعودة إلى تحالفات الرئيس هادي نشير هنا إلى إن فخامته يقيم تحالفاته على الرهان المفترض أن من يمدحونه ويتحدثون عن عبقريته ودهائه السياسي ومنجزاته النادرة، سيوصلونه إلى صنعاء ثانيةً وسيعيدونه زعيماً لكل اليمن، وهو رهان لا يوجد من المعطيات معطىً واحدٌ يدل على صوابيته، كما إن المتغيرات النفسية والثقافية والسيسيولوجية التي صنعتها الحرب وعبث القوى السياسية، تجعل هذا الرهان في قائمة الخيارات المستبعدة بل والمستحيلة، فلا خصوم الرئيس وهم غالبية الشماليين يرحبون به بعد أن انقلبوا عليه وحبسوه وهو رئيس منتخب ولا حلفاؤه الذين كانوا على وشك الرحيل إلى طهران بعد سقوط صنعا سيثبتون على موقفهم المادح والمتملق له بعد أي تسوية مرتقبة ولن يصمد معه ويؤازره ويحمية من أي انقلابات قادمة إلا الجنوب والجنوبيين، وقد برهنوا ذلك خلال العام 2015م عندما احتضنوه حينما تخلى عنه من انتخبوه ودافعوا عنه حينما ناصبه العداء اقرب المقربين، وأعادوه إلى العاصمة حينما طردته كل مدن الشمال.

وللأسف الشديد لدى الرئيس هادي فرصة لإقامة تحالف يمكنه أن يتخذ منه حجر توازن أو خط دفاع ضد أي انقلاب من تلك التي تبدو ملامحها في الأفق القريب، تماما مثلما انقلب عليه عام 2014م من انتخبوه عام 2012م، أو على الأقل يجعله وسيلة لتقوية مكانته في مواجهة التحالفات المستهدفة له ، معلنة كانت أم غير معلنة، ومكان هذه الفرصة هو الجنوب، والمقصود بالدنوب هنا هو الطبقة السياسية الجنوبية الوازنة والفاعلة والتي مثل الحراك السلمي الجنوبي بذراتها المبكرة من العام 2007م ثم جاءت المقاومة الجنوبية منذ العام 2015م لتبرهن صدقية وأهمية الرهان على الجنوب ومناضليه مهما كانت نقاط الاختلاف معهم، وجاء إشهار ليمثل الثمرة السياسية لمسيرة عقد من الزمن من النضال السلمي والمسلح المعبر عن موقف الشعب الجنوبي، لكن الرئيس بكل أسف عودنا على سوء الاختيار حتى عندما يحاول تذكر مكانة ووزن وقيمة الجنوب، حيث يقيم اختياراته ليس على أساس ثقل ودور ومكانة وسمعة من يختارهم كحلفاء بل يهتم أولا بقرب قناعاتهم من قناعاته، ثم يسعى لتطويع البعض والإغداق على البعض بالعطاءات وجر البعض إلى دهاليز الفساد ثم ينبري إعلاميوه صارخين: إن الجنوب هو من يحكمنا وهو من يقرر مصيرنا فهو ممثل بـ 50 %، وهذه الـخمسون ليست إلا من نوعيات بن دغر وخالد باراس وأحمد القنع وبا قزقوز وعبد السلام جابر ومن على شاكلتهم.
الجنوب يا فخامة الرئيس ليس هذه النوعيات، وقد مر على الجنوب طوابير عديدة من القادة الذين رفعهم الجنوبيون على رؤوسهم وأكتافهم، لكن القائد الذي تغنت باسمه الملايين ما أن ينخرط في دوائر الفساد والاستثمار السياسي باسم القضية الجنوبية حتى تشطبه الجماهير من قائمة القادة المحبوبين وإذا لم تلعنه فتكتفي بإهمال اسمه واعتباره كأن لم يكن، ثم تأتي فخامتك لتلتقطه وكأنه سقط متاع ليس إلا، وبالتالي فالرهان على هذا النوع من القادة هو رهان على فرس واقف لا حركة فيه ولا طاقة ولا قدرة على العطاء والسباق حتى نهاية المضمار، وفي الحقيقة أن كثيرين من هؤلاء قد أنهكهم الفقر والعوز والحاجة والإحباط فلاذوا بالرئيس ليس ليخدموه عند الحاجة ويكسبوه المزيد من الأنصار بل ليرتبوا أوضاعهم دون أن يفيدوا الرئيس في شيء يذكر، والمقصود بالفائدة هنا هو إضافة قوة نوعية لصالح التحالف الذي يمكن أن يبنيه الرئيس للمستقبل وتقلباته وليس للمدح والتطبيل.
وبعيدا عن الإطالة والخوض في التفاصيل يمكن التعرض للخلاصات التالية:
1. إن عودة الرئيس هادي إلى صنعاء لا تبدو فقط مستبعدة، بل ومستحيلة، ليس فقط بسبب الانقلاب وما ترتب عليه من متغيرات سياسية واقتصادية ونفسية وسيسيولوجية، وقد لاحظنا تلك الحملة التي شنها إعلاميو على الرئيس هادي أثناء تعرضه للحصار والاعتقال إلى درجة وصفه بــ"العار الأبدي" و"اللعنة التاريخية" من قبل أبرز كتاب أنصار الشرعية بغض النظر عن احتياجاتهم له فيما بعد عاصفة الحزم وما ترتب عليها من اختلال في ميزان القوى لصالح الرئيس هادي.
2. إن التحالف المحيط بالرئيس هادي هو تحالف متعدد المشارب والاتجاهات والأجندات، وأنا هنا لا أتحدث عن الخلفيات الآيديولوجية والتاريخية لممثليه، لكنني أتحدث عن المصالح العينية والسياسية التي يجنيها هؤلاء الحلفاء على ما يحققونه من الإحاطة بكرسي الرئيس وما يمثلونه من توسع في النفوذ والاتجاه نحو الهيمنة الكلية أو حتى الجزئية على صناعة القرار.
3. هذا التحالف ليس فقط غير متجانس لا فكريا ولا سياسيا ولا تاريخيا فهذه المسائل قد تبدو ثانوية بالمقارنة مع ما ينزع إليه رموز هذا التحالف بالتوجه نحو تقاسم الغنيمة عندما يحين الاستغناء عن الرئيس هادي، وهي لحظة قد لا تبدو بعيدة في ظل الحديث عن اقتراب التسوية السياسية وإنهاء الحرب والانتقال إلى ضخ الدم في عروق العملية السياسية.
4. في ظل تلك المعطيات التي تبين تمظهرات الصراع البارد والخفي داخل المؤسسة الرئاسية ومن ثم داخل كل بنية الدولة، وتدني احتمال عودة الرئيس هادي إلى صنعاء وغياب الحليف القوي والوازن للرئيس بين القوى السياسية الشمالية وضعف حضور وتأثير الحلقة الجنوبية المحيطة بالرئيس وسوء سمعة الكثير من المنتميين إليها، وعدم إشراك البعض (المحترم من أفرادها) في صناعة القرار تبدو حاجة الرئيس توسيع دائرة الحليف الجنوبي القوي ليس من بين الباحثين عن المصالح أو المراهنين على نصيبهم من أية كعكة قادمة، بل من القوى السياسية التي جربتها ساحات السياسية وميادين المواجهة العسكرية، وبرهنت بأنها أهلا للثقة والتعاون وأنها أوفى عند قطع العهود وتنفيذ الوعود.
لقد كان (وما يزال) بإمكان الرئيس هادي إقامة قنوات اتصال مع كل القوى السياسية الجنوبية وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي، ليس على أساس الانخراط في الجوقة والعمل وفقا لمبدأ "التبعية الكلية أو العدائية الكلية"، بل من منطلق المشتركات الكثيرة التي تجمع شرعية الرئيس هادي مع الطبقة السياسية الجنوبية، والتي برهنت حرب 2015م على حضورها الفاعل وأهميتها الكبيرة.
وللحديث بقية..

*برلماني ورئيس دائرة العلاقات الخارجية في المجلس الانتقالي الجنوبي

اخبار اليمن اليوم الاثنين 12/11/2018


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت | اخبار اليمن وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

0 تعليق