اخبار السعودية : كيف تخدم سياسات ترمب تجاه مصالح الصين وروسيا وإيران؟

رغم أن آسيا الوسطى لا تحتل مكانة مركزية في أجندة السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، فهي لا تزال جزءًا من الإطار الجيوستراتيجي الأوسع للإدارة، بسبب عاملين مترابطين، الموارد الطبيعية في المنطقة والتقاطع بين المصالح الأمريكية وأهداف القوى الكبرى المنافسة لواشنطن.
في الوقت نفسه فإن الحضور الصيني في هذه المنطقة، عبر ممرات بنيتها التحتية، التي تتقاطع مع آسيا الوسطى باتجاه أوروبا والشرق الأوسط وتماشي مصالح بكين مع مصالح روسيا وإيران، مما يزيد من أهمية المنطقة في حسابات واشنطن.
وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية قالت إلفيرا أيدارخانوفا الباحثة الزميلة في مركز أبحاث ناشونال إنتريست الأمريكي إن آسيا الوسطى لم تعد على هامش أجندة السياسة الخارجية الأمريكية في ظل تركيز إدارة ترمب على احتواء إيران وشن حرب تجارية على الصين.
ولفهم المصالح الأمريكية في آسيا الوسطى، من الضروري النظر إليها في سياق مسار السياسة الخارجية الأمريكية ككل، الذي شهد تحولات جوهرية منذ تولي ترمب منصبه. فقد أغلقت الإدارة الجديدة رسميًا الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، متعللةً بزعم عدم كفاءتها، رغم أن الولايات المتحدة نفذت من خلالها مبادرات رئيسية للقوة الناعمة في دول آسيا الوسطى.
ولكن سحب جهود هذه الوكالة من المنطقة سيخلق حالة من الفراغ الذي ستملأه جهات خارجية أخرى، وفي مقدمتها الصين وروسيا وإيران، كما أن وسائل الإعلام الدولية تحذر من أن انخفاض الدعم الخارجي يُهدد بأزمة حقوق إنسان ومجتمع مدني في ثلاث دول على الأقل بآسيا الوسطى وهي قيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان.
وقد وصف وزير الخارجية الأمريكية ماركو روبيو نهج إدارة ترمب بأنه يقدم التجارة على المساعدات، والفرص على التبعية، والاستثمار على المساعدات، مُعطيًا الأولوية للمنطق الاقتصادي على التبعية الأبوية، لكن الواقع يقول إن ممارسات السياسة الخارجية الفعلية للإدارة الأمريكية تختلف إن لم تتعارض مع هذا النهج، ففي حين تحدث ترمب عن تقديم التجارة على المساعدات، سرعان ما شنت واشنطن هجومًا بالرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية والتي قد تؤثر سلبا على اقتصادات آسيا الوسطى. في الوقت نفسه فإن تراجع الاهتمام الأمريكي بهذه المنطقة الحيوية يعطي الصين وإيران وروسيا فرصة كبيرة لتعزيز حضورها فيها والاستفادة من مواردها الاستراتيجية.
وفي حين فرض ترمب رسوم جمركية بنسبة 10% على منتجات 4 من دول آسيا الوسطى، فرض على كازاخستان رسوما بنسبة 27%، قبل أن يخففها إلى 25%.
وفي مقال بصحيفة نيويورك تايمز، قال الكاتب الاقتصادي دايسوكي واكاباياشي إن قرار ترمب فرض رسوم جمركية مرتفعة على كازاخستان يعكس رغبته في الضغط على الدول الأعضاء في مجموعة البريكس لإضعاف علاقاتها مع الصين وروسيا، خاصة وأن الأرقام الرسمية تشير إلى أن كازاخستان تستحوذ على ما يقرب من نصف تجارة الصين مع دول المنطقة بأكملها بحصة قدرها 46% من إجمالي التجارة الصينية مع هذه الدول، مقابل 24% لقيرغيزستان و5ر14 أوزبكستان، و11% تركمانستان، وأخيرا 4% لطاجيكستان.
في الوقت نفسه حصلت الشركات الصينية على عقود لاستغلال حصة كبيرة من الموارد الطبيعية في كازاخستان التي تمتلك أكبر احتياطي معروف من معادن الأرض النادرة في آسيا الوسطى، رغم عدم الكشف عن حجمه بدقة. وبفضل هذه المعادن أصبحت كازاخستان محل اهتمام متزايد من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كمصدر لمعادن الأرض النادرة التي تسيطر الصين على تجارتها العالمية حاليا.
وبالنسبة للصين، أكدت الاتفاقيات التي وقعتها الصين مع كازاخستان بمليارات الدولارات لاستغلال الموارد المعدنية في الأخيرة، أثناء زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج للأستانة في يونيو/حزيران الماضي، أهمية هذه الدولة للسياسة الخارجية الصينية.
والحقيقة أن الرسوم الجمركية الأمريكية ليست أكثر ما يقلق كازاخستان بشأن الولايات المتحدة، وإنما يقلقها تقلب مواقف الرئيس ترمب وصعوبة التنبؤ بها.
وتقول إلفيرا أيدارخانوفا التي تدرس للحصول على درجة الدكتوراة في العلاقات الدولية من جامعة الفارابي الوطنية بكازاخستان إن السياسة الأمريكية اعتبرت آسيا الوسطى لفترة طويلة كتلةً واحدة، وظلت المنطقة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان حتى عام 2021. لكن بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، فقدت المنطقة أولويتها السابقة. ومع ذلك، لا تزال محاطة بأربع قوى نووية، هي الصين وروسيا والهند وباكستان. في حين تسعى إيران أيضًا إلى الانضمام للنادي النووي، وهي كلها عوامل تزيد هشاشة المنطقة من الناحية الاستراتيجية وتحتم على واشنطن ضرورة الإبقاء عليها في دائرة اهتمامها.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الوئام , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الوئام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.