تجارة الخردة في اليمن .. سياسة الحكومة والحلول الممكنة
![](https://7adramout.net/wp-content/uploads/2025/02/a5d2bfa8-d8fb-4333-ad4e-3af31380dbfe.jpg)
الاهمية
الخردة نشاط اقتصادي وتجاري له واقع معاش في البلد حيث يعمل فيه قطاع واسع من الناس وهو قطاع غير منظم ولا يوجد قانون ينظم هذا النشاط.
تأتي الخردة من تجميع السلع المتهالكة والغير صالحة للاستخدام تقريبا، وهي على شكل مواد وسلع ومعدات مستخدمة ومستهلكة في الغالب.
إن الخردة هي سلع ثمينة في الغالب عندما كانت جديدة ولكن بفعل الاستخدام وانتهاء العمر الافتراضي وبسبب سوء الاستخدام أصبحت خردة ولعل المصدر الرئيس لتلك السلع هو الاستيراد من خارج البلد.
تكلف السلع المستوردة مئات الملايين من الدولارات وهي جديدة وعند تصديرها إلى الخارج على شكل خردة تساوي مئات الدولارات وبالتالي فإن الفرق بين الواردات والصادرات من السلع هو عجز كبير يخسره اقتصاد البلاد بسبب عدم الاستخدام الأمثل للخردة كثروة وطنية وهنا يكمن مفهوم أن الخردة ثروة وطنية مهدورة بسبب غياب السياسات الاقتصادية والتنموية الفعالة.
المشتغلين في نشاط الخردة التجاري
يعمل في الخردة قطاع واسع من السكان. فهناك تجار الخردة الصغار والكبار وهناك عمال تجميع الخردة وهنا ندرك دورة حياة الخردة كسلعة في نشاط المجتمع حيث يعمل الفقراء على تجميع الخردة من كل مكان وبجهد كبير وشاق وبيعها بأسعار زهيدة للغاية لتجار الخردة الصغار ومنهم إلى التجار الكبار ومن ثم إلى تجار التصدير.
يتميز هذا النشاط بغياب رقابة الدولة حيث يتم تخريد سلع قبل فوات أوان تخريدها سواء كانت سلع صغيرة أو كبيرة رخيصة أو ثمينة فيشاهد نهب سلع ومعدات وبيعها لتجار الخردة مثل أعمدة الكهرباء في الشوارع وكابلات وأسلاك الكهرباء العمومية وبيع المعدات العسكرية والسيارات والأجهزة والمعدات دون حسيب أو رقيب وذلك من أجل الحصول على المال وخاصة مع انتشار عدم الاستقرار السياسي والامني والحروب وانتشار الفقر والبطالة والمجاعة وغياب سلطات الدولة وانعدام المحاسبة حيث كل شي معرض للنهب.
حجم تجارة الخردة في اليمن
حسب معلومات غير رسمية فقد بلغ إجمالي الصادرات من حديد الخردة عبر ميناء عدن لعام 2023 حوالي 230 ألف طن. كما قدر سعر طن التصدير حوالي 400 دولار فقط.
في حين قدر إجمالي الواردات لعام 2023 حوالي 1100 الف طن من حديد التسليح وقدر سعر الطن المستورد حسب (CIF) 600دولار للطن، وهنا يمكن إدراك الفرق بين اسعار استيراد الحديد وتصديره.
خسائر تحويل الواردات إلى خردة تصدير
يمثل الفرق بين قيمة السلع والأصول المستوردة وتصديرها كخردة خسارة اقتصادية كبيرة للأسباب التالية:
– خسارة القيمة المضافة فعندما يتم استيراد السلع الجاهزة أو المواد الخام التي تمتلك قيمة صناعية أو اقتصادية عالية في بادى الأمر ولاحقا عند تحويلها إلى خردة وتصديرها تفقد الدولة القدرة على الاستفادة من تلك القيمة المضافة التي كان يمكن تحقيقها من خلال تصنيعها أو استخدامها في الإنتاج المحلي.
– إهدار العملة الصعبة
فاستيراد السلع يتطلب صرف عملات أجنبية وعندما يتم تصديرها تقيم كخردة بأسعار منخفضة فلا يتم استرداد القيمة الاقتصادية التي أنفقت على استيرادها مما يؤدي إلى نزيف في احتياطي العملة الصعبة للبلد.
– التأثير السلبي على الصناعة المحلية
فتحويل الواردات إلى خردة يحرم الصناعات المحلية من المواد الخام أو الأجزاء التي قد تكون ضرورية لعملية الإنتاج كحديد الخردة ما يؤدي إلى ضعف القدرة التنافسية للصناعة المحلية.
– تراجع الاستدامة الاقتصادية فتصدير الخردة يضعف استدامة الموارد ويظهر عدم كفاءة في استخدام السلع المستوردة بدلا من إنتاجها محليا مما يجعل الاقتصاد معتمداً على الاستيراد بشكل متزايد.
– الضرر بالميزان التجاري
وذلك عندما تتحول السلع المستوردة إلى خردة يتم تصديرها بأسعار زهيدة مقارنة بقيمتها الأصلية مما يزيد من العجز في الميزان التجاري ويضع ضغطاً إضافياً على الاقتصاد الوطني.
– ضياع فرص عمل محتملة فعدم الاستفادة المثلى من الواردات المخردة في عمليات الإنتاج المحلي كصناعة الحديد وتحويلها إلى خردة تضيع هذه الفرص.
مشاكل تجارة الخردة في اليمن
– غياب التنظيم حيث يتم التعامل مع تجارة الخردة بشكل غير منظم مما يؤدي إلى خسارة عوائد ضريبية واقتصادية للدولة.
– الآثار البيئية فسوء إدارة الخردة يمكن أن يؤدي إلى التلوث.
– الاثار الاجتماعية حيث غالبا ما يعمل الأطفال والنساء في ظروف عمل غير آمنة وبأجور منخفضة.
– التصدير غير المنظم وتصدير الخردة بأسعار زهيدة للدول الأخرى، مما يفقد الاقتصاد المحلي فرص الاستفادة منها في جذب الاستثمارات إلى قطاع صناعة الحديد.
إجراءات حكومية متناقضة
تنتهج الدول سياسات مختلفة لتنظيم هذا النشاط الاقتصادي ومن تلك الإجراءات سياسة منع تصدير الخردة وهي إجراء تقوم به الحكومات بهدف حماية الموارد الوطنية ودعم وتشجيع الصناعات المحلية وتعزيز الاقتصاد الوطني. وتتضمن هذه السياسة حظر تصدير الخردة المعدنية مثل الحديد، الألمنيوم، والنحاس، أو فرض قيود على تصديرها وذلك لتحقيق عدة أهداف منها:
1. دعم الصناعات المحلية من خلال توفر المواد الخام بأسعار معقولة للمصانع المحلية مما يعزز قدرتها على المنافسة والإنتاج وتقليل الاعتماد على استيراد المواد الخام من الخارج.
2. حماية البيئة وذلك عن طريق تقليل استنزاف الموارد الطبيعية من خلال إعادة تدوير الخردة داخليا وبالتالي تشجيع إنشاء مصانع لإعادة التدوير مما يقلل النفايات ويحسن استدامة الموارد.
3. زيادة القيمة المضافة عبر تحفيز إنتاج منتجات نهائية عالية القيمة بدلاً من تصدير المواد الخام بأسعار منخفضة، وتعزيز توظيف العمالة المحلية في قطاع إعادة التدوير والصناعات التحويلية.
4. حماية الأمن القومي من خلال الحفاظ على المواد الاستراتيجية مثل المعادن النادرة داخل الدولة لاستخدامها في مشاريع تنموية أو دفاعية.
ومن الآثار الإيجابية لسياسة منع تصدير الخردة تعزيز الصناعات الوطنية وتحسين وضع ميزان المدفوعات ودعم الاقتصاد المحلي.
وفي اليمن بدأ انشاء صناعة الحديد منذ بداية التسعينات من القرن الماضي ليصل عددها الى 4 مصانع وهي:
• الشركة العربية للحديد والصلب (بازرعة).
• شركة عدن للحديد والصلب (مطلوب عاطف).
• الشركة الوطنية للحديد والصلب (صوفان).
• شركة المكلا للحديد والصلب.
وفيما يتعلق بسياسة الحكومات اليمنية في تنظيم تجارة الخردة فقد أصدرت عدد من القرارات ومنها:
1. إصدار قرار بمنع تصدير الخردة في عام 2004 مع إنشاء أول شركة لصناعة الحديد.
2. إصدار قرار بالسماح بتصدير الخردة بعد عام 2011.
3. إصدار قرار بمنع تصدير الخردة في عام 2024.
وهنا يلاحظ غياب استراتيجية واضحة في تنظيم هذا النشاط الاقتصادي.
إن السماح بتصدير الخردة إلى الخارج قد تسبب في إغلاق 3 مصانع حديد حتى الآن إضافة لأسباب اخرى وأدى أيضاً إلى خسران العمال وظائفهم وخسران دخل الأسر وبالتالي انتشار البطالة والفقر.
كما إن الاعتماد على استيراد الحديد المصنع من الخارج بدلاً عن التصنيع المحلي يكلف الاقتصاد مبالغ كبيرة بالعملات الأجنبية، كما أن اغلاق المصانع يرسل رسالة سلبية للمستثمرين حول بيئة الاستثمار خاصة وأن البلاد تحتاج إلى المزيد من منتجات الحديد في مرحلة إعادة الاعمار القادمة، الأمر الذي يجب معه تشجيع الاستثمار في مجال صناعة الحديد محلياً.
الحلول الممكنة لتنظيم تجارة الخردة
• ضرورة سن تشريعات تنظم هذا القطاع لضمان الشفافية وتقليل التهريب وفق سياسة حكومية واضحة.
• تشجيع الاستثمار من خلال تقديم حوافز للشركات التي تعمل في إعادة التدوير والتصنيع مثل مصانع الحديد.
• التوعية المجتمعية عبر توعية السكان بأهمية إدارة النفايات وإعادة التدوير.
• استخدام تقنيات حديثة ومتطورة لتحسين كفاءة جمع وفرز الخردة وتقليل الأضرار البيئية والاقتصادية.
• منع تصدير الخردة دون رقيب أو حسيب باعتبارها ثروة وطنية.
وعليه فإن الادارة الصحيحة لنشاط الخردة يمكن أن يحول هذا النشاط إلى مصدر كبير للدخل والتنمية المستدامة بدلاً من أن تكون مجرد ظاهرة غير منظمة تؤثر سلبا على البيئة والاقتصاد والمجتمع.
د. حسين الملعسي رئيس مؤسسة الرابطة الاقتصادية
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.