واقع التعليم الجامعي الخاص في مناطق الشرعية

ان خصخصة التعليم في اليمن ظاهرة جديدة ترجع الى بدايات التسعينات من القرن العشرين أي بعد تحقيق الوحدة اليمنية . لقد تم فتح كثير من الجامعات الخاصة وانتشرت في معظم المدن الرئيسية وفتحت لها فروع في مناطق مختلفة. والغريب ان هذه الجامعات في عمر قصير فتحت برامج دراسات عليا ( دبلوم عالي ، ماجستير ودكتوراه ) في العديد من التخصصات العلمية بما فيها الدقيقة وهذه البرامج لم تصل اليها بعد جامعتي صنعاء وعدن رغم عمرهما الطويل الذي يزيد عن خمسين عاماً وما يتوافر لهما من كفاءات علمية ودعم كبيرين.

علماً ان الجامعات الخاصة تعتمد في كوادرها التدريسية والفنية والادارية على الجامعات الحكومية اضافة الى غياب القواعد والمعايير الموضوعية لافتتاح هذه الجامعات .

ويمكن ان نعرض بصورة مختصرة ملامح واقع التعليم الجامعي الاهلي وفقاً للآتي :

اولاً : الجانب الاكاديمي

يمكن ان نوضح الصورة للجانب الاكاديمي في الجامعات الخاصة وفقاً للآتي :

1- كافة الجامعات الخاصة ليس لديها اقسام علمية بأساتذة متفرغين للعمل فيها بل انها تعتمد على بعض الاساتذة من الجامعات الحكومية او موظفين من جهات مختلفة اخرى بما يخالف نص الفقرة ( ج ) في المادة رقم ( 6 ) من القانون رقم ( 13) لعام 2005م بشان الجامعات والمعاهد العليا والكليات الاهلية التي تنص على ((الالتزام بتعيين نسبة لا تقل عن (30%) من عدد أعضاء هيئة التدريس المتفرغين في كل قسم على ان تتم الموافقة على افتتاحه على أن تصل النسبة إلى (70 % ) بعد سبع سنوات من بدء إنشائها . ))

2- كافة رؤساء الجامعات الخاصة غير مفرغين لإدارة هذه الجامعات وكلهم مازالوا مرتبطًين وظيفيًا بجامعاتهم الحكومية ولا يداومون في هذه

الجامعات او لا يقومون باي اعباء اكاديمية فيها او يكون ارتباطهم محدوداً بينما في الجامعات الخاصة تجدهم منضبطين بدوام كامل في هذه الجامعات , وهذا يعد مخالفة لنص المادة ( 33) من القانون رقم ( 13 ) لعام 2005م بشان الجامعات والمعاهد والكليات.

3- معظم عمداء الكليات في الجامعات الخاصة ليسوا موظفين ثابتين او مفرغين للعمل فيها بل انهم يأتون من جامعات حكومية ومازالوا مرتبطين بها مالياً وادارياً

4-منحت وزارة التعليم العالي التراخيص لكافة الجامعات الخاصة دون توافر نسبة 30% من اعضاء هيئة تدريس في اقسامها العلمية وهو مخالف لنص المادة ( 7 ) من القانون رقم ( 13 ) لعام 2005م بشان الجامعات والمعاهد العليا والكليات الاهلية

5- ما يخص عمداء الكليات ينطبق كذلك على رؤساء الاقسام العلمية فهم ليسوا متفرغين لإدارة هذه الاقسام وهم مرتبطون بالتدريس في الجامعات الحكومية التي ينتمون اليها

6-كثير من رؤساء الاقسام في الجامعات الخاصة من حملة الماجستير او البكالوريوس أو من اساتذة ليس لهم علاقة علمية بالقسم من حيث التخصص.

7-معظم الذين يقومون بتدريس المقررات الدراسية هم من حملة البكالوريوس او الماجستير وهو ما يخالف نص المادة ( 40 ) من القانون رقم ( 13 ) لعام 2005م بشان الجامعات والمعاهد العليا والكليات الاهلية والتي تنص على انه يجب ان يكون عضو هيئة التدريس في الجامعة حاصل على درجة الدكتوراه او ما يعادلها.

8- يسند في الجامعات الخاصة تدريس كثير من المقررات الدراسية لمدرسين ليست من تخصصاتهم وهو ما يضعف مخرجات التعليم.

9-معظم الجامعات الخاصة لا تتوافر فيها المكتبات العلمية وان وجدت في بعض الجامعات فهي محدودة للغاية لا تفي باحتياجات الطلاب والاساتذة العاملين فيها اذا اخذنا في الاعتبار ان هذه الجامعات لديها دراسات عليا ماجستير ودكتوراه وليس لديها كتب ومراجع ودوريات.

10-ضعف المعامل والمرافق اللازمة للتدريس في بعض الاقسام العلمية او عدم وجود مستشفيات وعلوم صحية.

11-عد م ملاءمة المباني التي تمارس فيها الجامعات الخاصة اعمالها من حيث القاعات الدراسية ناهيك عن ان هذه المباني ليست ملك لها بل هي مؤجرة في معظمها.

12-تقوم هذه الجامعات الخاصة بفتح اقسام علمية جديدة من اجل التميز الوهمي وتعظيم ارباحها منها, وعلى سبيل المثال لا الحصر ان هذه الجامعات قامت بفتح قسم خاص بالأمن السبراني في الوقت الذي ليس لديها أي اساتذة متخصصين في تدريس المقررات العلمية بهذا القسم بل سوف تستعين بأساتذة من الجامعات الحكومية التي هي نفسها ليس لديها هذا القسم العلمي, وهو ما يؤكد ان من سيقوم بالتدريس في هذا القسم هم مدرسون في تخصص الحاسوب او ان هذه الجامعات قد تستعين ببعض الموظفين في المرافق الحكومية ولكن وزارة التعليم العالي تمنح ترخيص فتح هذه الاقسام على الرغم انها على دراية بكل هذه التفاصيل.

13-قبول الطلاب بأعداد كبيرة في بعض التخصصات بهدف تحقيق ايرادات عالية من الرسوم المبالغ فيها لمثل هذه التخصصات ومنها على سبيل المثال القبول للطلاب في كلية الطب البشري

14-تقديم كشوفات غير دقيقة بأسماء اساتذة على انهم اساتذة متفرغون في هذه الاقسام وذلك من اجل الحصول على ترخيص وزارة التعليم العالي لفتح هذه الاقسام بينما ليس لهم أي علاقة بهذه الاقسام .. وهذا تدليس واضح اعتقد انه لا يخفى عن وزارة التعليم العالي.

15-لا تلتزم بعض الجامعات بالفترة الزمنية للفصل الدراسي والذي متعارف عليه اكاديمياً بستة عشر اسبوعاً اذ يصل اسابيع المحاضرات التي يتم تنفيذها فعلياً في بعض الجامعات الى اقل من عشر محاضرات وهو اكاديمياً تعتبر هذه المقررات غير مستنهجة لأنها لم تغطي 80% من مفردات هذه المقررات والهدف من ذلك تقليص النفقات الخاصة بأتعاب الاساتذة اللذين يدفع لهم اجر بالساعة اضافة الى التوفير في نفقات استهلاك الطاقة والنفقات الاخرى

ثانياً : الدراسات العليا

ومن اجل تحقيق ارباح عالية اتجهت الجامعات لاقتحام مجال الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه) وهي لا تمتلك الحد الادنى من المتطلبات اللازمة لفتح هذه البرامج ويمكن ان نعرض النقاط الاساسية حول هذه البرامج بالآتي :

1- تفتح كل الجامعات الخاصة برنامج ماجستير ودكتوراه في تخصصات معينة دون ان يكون لديها اساتذة متفرغين.

2- تفتح بعض الجامعات الخاصة برامج ماجستير ودكتوراه دون ان يكون قد تخرج على الاقل ثلاث دفعات من حملة الشهادات الجامعية الاولى فيما يخص برنامج الماجستير او ثلاث دفعات من حملة الماجستير بالنسبة لبرنامج الدكتوراه وهو ما يعد مخالفاً لنص المادة (40) من نظام الدراسات العليا في الجامعات اليمنية بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ( 40 ) لعام 2008م

3– تدريس المقررات في برنامج الماجستير والدكتوراه من قبل مدرسين لا تنطبق عليهم شروط ومتطلبات التدريس في هذه البرامج اما من حيث تخصصاتهم او من حيث القابهم العلمية واسهاماتهم البحثية.

4– الاشراف العلمي على طلاب الماجستير والدكتوراه من قبل اساتذة لا تنطبق عليهم الاشتراطات.

5– الاشتراك في مناقشة الرسائل العلمية للماجستير والدكتوراه من قبل اساتذة لا تنطبق عليهم الاشتراطات المطلوبة للمناقشة سواء من حيث اللقب العلمي او التخصص او الموقع الوظيفي, ولان الاقسام العلمية لهذه الجامعات لا يوجد بها اساتذة مفرغين للعمل فيها فتجد في لجان المناقشات المشرف العلمي من خارج الجامعة والمناقش الداخلي كذلك من خارج الجامعة والذي من المفترض ان يكونا من اعضاء القسم المختص في الجامعة نفسها لا من خارجها وترى امامك مسرحية مضحكة فكل اعضاء لجنة المناقشة من خارج الجامعة فقط موقع المناقشة في قاعة الجامعة الخاصة.

6– لا توجد مكتبة علمية تخدم البحث العلمي لبرامج الماجستير والدكتوراه.

ان هذه الصورة القاتمة لأوضاع الجامعات الخاصة في المناطق المحررة تعود للأسباب الآتية :

1-عدم الالتزام بتطبيق قانون القانون رقم (13) لعام 2005م بشان الجامعات والمعاهد والكليات.

2- عدم الالتزام بتطبيق نظام الدراسات العليا في الجامعات اليمنية والصادر موجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ( 40 ) لعام 2008م

3-ضعف الدور الرقابي لوزارة التعليم العالي.

4-منح تراخيص لفتح جامعات خاصة او فتح برامج فيها دون مراعاة وتطبيق الاشتراطات والمعايير المطلوبة.

5-اندفاع الجامعات الخاصة لفتح برامج مختلفة للبكالوريوس بهدف تحقيق ارباح عالية دون توفرالإمكانيات المطلوبة وان مثل هذه البرامج ليست موجودة في الجامعات الحكومية والتي تمتلك كادر تدريسي وامكانيات كبيرة.

6-ضعف تقييم أداء الجامعات الخاصة و محدودية الزيارات التي يقوم بها المسؤولون في وزارة التعليم العالي والتي لا تحمل أي فائدة لتطوير التعليم الجامعي الاهلي

لابد من الاشارة ان فساد التعليم الجامعي ينتج عنه مخرجات تعليم ضعيفة للغاية لا يرقى أداؤها للمستوى المهني المطلوب ولا يواكب مستوى التطور العلمي المتسارع.

على ان المتعارف عليه ان خريجي الجامعات الخاصة يتمتعون بكفاءة عالية لما توفر لهم هذه الجامعات من امكانيات تكنولوجية وبنية تحتية راقية وهيئة تدريس متمكنة وذات تأهيل وخبرات كبيرة في مجالاتها.

التوصيات :

من خلال ما تم عرضه عن التعليم الجامعي الخاص في المناطق المحررة لابد ان نقدم محاولة لتصحيح هذا الوضع الغير طبيعي من خلال التوصيات الآتية :

1-ايقاف التراخيص للبرامج التي تم فتحها دون ان تكون مطابقة للمعايير المطلوبة.

– إلزام الجامعات الخاصة بتوظيف اساتذة متفرغين للعمل فيها وفقاً لما تنص عليه في المادة رقم (6) من القانون رقم (13) لعام 2005م بشان الجامعات والمعاهد العليا والكليات الاهلية وهو (( الالتزام بتعيين نسبة لا تقل عن (30%) من عداد أعضاء هيئة التدريس المتفرغين في كل قسم على ان تتم الموافقة على افتتاحه على أن تصل النسبة إلى 70 %  بعد سبع سنوات من بدء إنشائها . ))

2-تعيين رؤساء الجامعات الخاصة وعمداء الكليات ورؤساء الاقسام وفقاً لقانون الجامعات الاهلية وان يكونوا مفرغين لهذه الوظائف.

3- الزام الجامعات الخاصة بضرورة انشاء مختبرات ومكتبات علمية لديها مع مراعاة ان تتوافر فيها الوسائل والكتب والمراجع والدوريات التي يحتاجها الطلاب في الجامعة.

4-اعادة تقييم برامج الدراسات العليا في الجامعات الخاصة مع ضرورة التقيد بما ورد في نظام الدراسات العليا في الجامعات اليمنية والصادرة موجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ( 40 ) لعام 2008م.

5-تشكيل لجان علمية متخصصة لتقييم كافة برامج الجامعات الخاصة من خارج وزارة التعليم العالي ويكتفى بوجود ممثل عنها فقط في هذه اللجان.

انتهى

استاذ جامعي متقاعد

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى