الأزمة في اليمن بين حلم السلام وتلاعب الأطراف اليمنية
(صوت الشعب) إعداد/ د. بدر العرابي:
ستظل الأزمة في اليمن راسخة رسوخ نية تعطيل الأطراف وانصرافها لأهداف هامشية ، رغم إظهارها الاهتمام باتفاق السلام وضرورة حل الأزمة ولكنها تحتفظ في باطنها بطموحات ذات سقف منخفض تمارسها بعناية تامة وبشكل مبطن ؛ بما يضع الخذلان لطموحات التحالف والمجتمع الدولي في إحلال السلام المزعوم . وسنحاول في هذه القراءة تحليل مواقف الأطراف وطموحاتها والأهداف السياسية التي تسعى لتحقيقها .
اولاً : موقف التحالف :
يسعى التحالف ، بعد فشله المحقق في مساندة ما يسمى بالشرعية ، لاستعادة الدولة من انقلاب المليشيات _ يسعى إلى الخروج بسلام مما أدخل فيه من صراع ومواجهة مع الانقلابيين كبدته الكثير من الخسائر وغمسته في حفرة ، غدا الخروج منها هدفاً استراتيجياً ملحاً ؛ من خلال تسوية سياسية يمنية ، بغض النظر عن ترجيح كفة طرف على اطراف اخرى ، والاعتراف به كقوة سياسية وعسكرية يصعب تجاوزها ، ومن ثم لا ضير ان يُمنح مكاسباً ما كان يحلم بها ؛ إذا كان ذلك يشفع لاتفاق السلام بالحدوث ، وقبله ، يشفع للتحالف بزعامة المملكة العربية السعودية ، بأن يخرج يده خروجاً نهائياً ، من الحفرة التي وضع نفسه فيها .
ثانياً : موقف القوى السياسية الشمالية المنخرطة في سلطة الشرعية :
ينماز موقف القوى السياسية الشمالية المتعاقبة على الحكم والسلطة ، منذ عام ٢٠١٥م حتى اللحظة الراهنة _ ينماز بواحدية الطموح والهدف ، الذي يتجسد في تعطيل الاستحقاق الجنوبي ؛ خاصةً بعد عام ٢٠١٥م ، بوصف هذا الاستحقاق كان نتاج ومخاض مراحل نضالية ، ابتدأها الجنوبيون فيما قبل حرب ١٩٩٤م ، تجسدت في رغبة الشريك الجنوبي ، في الوحدة ، العودة إلى ما قبل ١٩٩٠م وعودة الدولتين ، مروراً بحرب ١٩٩٤م التي عمدت إلى إزاحة الشريك الجنوبي .. يضاف إلى ذلك الحراك الجنوبي السلمي الذي امتد من منتصف العام ٢٠٠٧م حتى يوليو ٢٠١٥م ، و بما كان من مخاض تحرير الأرض الجنوبية من القوات الشمالية التي احتلت الجنوب في يوليو ١٩٩٤م ، في يوليو ٢٠١٥م .
فالقوى الشمالية المنخرطة في الشرعية ، تتلاعب على التحالف وعلى المجتمع الدولي ، بما يسعيان إليه من اتفاق سلام مزعوم ؛ إذ تحاول تلك القوى الإبقاء على الوضع في اليمن بتلك الصورة التي هو عليها ؛ لأن ذلك يؤدي إلى كبح مظاهر الاستحقاق الجنوبي ويعمد إلى إرجائها وتأجيلها أقصى مدة ، فمن جانب ، يعطي هذا التأجيل والإرجاء ، فرصة لاستعادة ما انفلت لدى الشمال من سيطرة عسكرية سابقة على الجنوب ، ومن جانب آخر ، يمنح القوى الشمالية وقتاً لاستعادة قوتها ولم شتاتها والعودة إلى مواجهة الطموح الجنوبي ، في استعادة دولته ؛ من خلال استغلال تلك القوى للقرار السياسي ، بوصفها قائمة على السلطة بشكل قانوني وشرعي ، وتحاول خلخلة التماسك الجنوبي ، بين قيادته السياسية والعسكرية وحاضنته الشعبية ؛ من خلال تعطيل الخدمات جنوباً وتعطيل المعيشة ومضاعفة المعاناة الشعبية ؛ طمعاً في إيجاد فجوة وعداء بين الحاضنة الجنوبية الشعبية والمجلس الانتقالي الجنوبي ، بوصفه القوة السياسية والعسكرية التي انتجتها حرب ٢٠١٥م ، وبوصفه مخاضاً جوهرياً لنضال الشعب الجنوبي ، منذ غزو وحرب ١٩٩٤م على الجنوب وإخضاعه للاحتلال العسكري الشمالي في ٧يوليو ١٩٩٤م .
ثالثاً : موقف الحوثيين :
يبدو موقف الحوثيين واضحاً، من جهة ، ومضطرباً ومتذبذباً ، من جهة أخرى ؛ فالحوثي هدفه الاستراتيجي البقاء على سيطرته السياسية والعسكرية ، شمالاً اقصى مدة ، حتى يبدو للتحالف والمجتمع الدولي ان لديه من القوة ، ما لاتستطيع نزعها اي قوة ، وانه أمر واقع ، يصعب ، بل ويستحال زحزحته ، سواءً بالقوة أو الحصار أو بالاتفاق السلمي . ولتحقيق ذلك ؛ فهو يبادر إلى الضغط على المجتمع الدولي وتركيعه من خلال إبراز إمكانياته في إحداث فوضى وخلخلة وتهديد مستديم في طريق الملاحة الدولية ، وكذا قدرته الصاروخية التي ستصل إلى حيث يريد ، في حال تكالبت عليه القوى الإقليمية والدولية ، وفكرت في إزاحته من حيث هو يقف الآن . وكذلك تهديده لعملية تصدير النفط الجنوبي منذ مدة ، فهو هنا يضغط ايضاً على المجتمع الدولي ، ليحطهم علماً ان اوراقه لن تنتهي ولن تنفد .
لكن موقف الحوثي المتذبذب يبدو في وضع نفسه أحياناً أداة لقوة إقليمية ، لها إرث من الصراع مع الدول الكبرى ولها ملفات يصعب حصرها ، في هذا الصراع ؛ بما يجعل الحوثي يقلص من قوة وجوده ، بوصفه طرفاً سياسياً وعسكرياً في الأزمة اليمنية ؛ إذ يمكن أن يتحول بين لحظة وأخرى ، إلى أداة وذراع تستخدمها قوة إقليمية متى ما شاءت للضغط على أعدائها .
من جهة أخرى فالحوثي يلتقي ، في أهدافه ، في الداخل اليمني ، مع أهداف القوى السياسية الشمالية المنخرطة في الشرعية ، و إن بشكل واع او بشكل غير واع ، فيما يخص مواجهة وتعطيل طموحات الجنوبيين ، في استعادة دولتهم ، بما لديهم من مقومات افضت لها المواجهة المسلحة مع الحوثي في ٢٠١٥م ؛ ويتجسد التقاء الحوثي مع القوى السياسية الشمالية ، في مساهمته في إرجاء وتأجيل الاستحقاق الجنوبي ؛ من خلال تعطيله لاتفاق السلام المزعوم وتمييعه وخلق الصعوبات أمام هذا الاتفاق .. وقد تلتقي اهداف القوى السياسية الشمالية ، مع الحوثي ، بشكل من المجاهرة المبطنة ، في حالة خطى الإقليم والمجتمع الدولي خطوات نحو منح الحنوب حكماً ذاتياً ، إذا ما فرض الجنوبيون ذلك فرضاً وجعلوه واقعاً يستحال على الإقليم والمجتمع الدولي تلافيه ؛ ومن ثم قد يستخدم الحوثي ورقة فوضى الملاحة البحرية الدولية وتهديده لتصدير النفط جنوباً ، قد يستخدمها أوراقاً ضاغطة لتعطيل الاستحقاق الجنوبي وإن بدى ذلك سابقاً لأوانه .
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صوت الشعب , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صوت الشعب ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.