غياهب الظلم: مأساة الأبرياء خلف قضبان الاتهام الباطل في الضالع
في زاوية مظلمة من مشهد العدالة الملتبسة، يقبع أربعة مواطنين من مديرية الشعيب خلف قضبان السجون بمحافظة الضالع، في قضية تثير تساؤلات عميقة عن العدالة ومصير الأبرياء في مواجهة الاتهامات الملفقة والفساد المستشري، هم مازن عبد الحميد صالح ، عبد الناصر عبد الحميد صالح، عبد الفتاح محمود علي ناجي، والفتى القاصر عبد الفتاح محمد عبد الحميد، من ابناء قريه الرباط بمديريه الشعيب بمحافظة الضالع الذين باتوا ضحية منظومة شائكة تفتقر إلى أدنى مقومات النزاهة والشفافية.
هؤلاء الأربعة، الذين لا تربطهم أي صلة بالضحية ولا بأطراف القضية، ألقي بهم في قبضة الأمن السياسي والسجون السرية التابعة للحزام الامني بالضالع الطفل عبد الفتاح محمد عبد الحميد منذ شهر رمضان الماضي، والاخرين اكثر من اربعة اشهر في قضية قتل مواطن من قريه صولان بالشعيب بصورة بشعة لا تعبر إلا عن حقد فاعليها تجاه الضحية ولا صلة لهؤلاء الابرياء فيها لا من قريب ولا من بعيد . اللافت في هذه المأساة أن الاتهام لم يكن سوى تُهمة ملفقة، أُلبست لهم زوراً وبهتاناً، فبدلا “من البحث عن القاتل الحقيقي تم اتهامهم بالباطل
لم تكن هذه المرة الأولى التي يُستهدف فيها هؤلاء الأبرياء ، فقد سبق أن تم احتجازهم في الايام الاولى من وقوع الجريمة قبل نحو ثلاثة اعوام على ذمة القضية ذاتها ولمدة خمسة اشهر ذاقوا خلالها كل اصناف الظلم والقهر وبعد صراع مرير بين الحق المعتمد على الحق سبحانة وتعالى والباطل المعتمد على باطل المنظومة الامنية وفسادها ، ينتصر الحق في إصدار النيابة العامة قراراً بإخلاء سبيلهم بعد ثبوت براءتهم من كافة التهم الموجهة إليهم؛ رغم ذلك، فإن شبح القضية عاد ليطاردهم مجدداً، في تكرار صارخ لنهج يتجاهل أبسط حقوق الإنسان.
ورغم غياب أي أدلة تربطهم بالجريمة، فإن لعبة المصالح والرشاوى التي تُدفع لبعض قيادات المديرية والمحافظة، لعبت الدور الأكبر في إعادة الزج بهم في هذه القضية. وهكذا، تحوّلت العدالة إلى سلعة تُباع وتُشترى، في مشهد يثير الاشمئزاز ويضع علامات استفهام كبيرة حول مصداقية المؤسسات الأمنية والقضائية.
عبد الفتاح محمد عبد الحميد، الذي لا يزال في ريعان طفولته، يُعدّ أبرز ضحايا هذه المأساة. عمره لم يتجاوز 15 عاماً، يقبع خلف القضبان ما يقارب عن احدعشر شهرا دون أن يُسمح له بلقاء عائلته، ودون أن يُعرض على طبيب رغم تعرضه لتعذيب قاسٍ ولا زالت آثار التعذيب على جسده النحيل ‘ مع العلم أن عرضه على الطبيب واخذ اقواله بوجود محامي كونه قاصر حق جوهري من حقوق الدفاع الذي كفله الدستور قبل ان يكفله القانون مرفقين للقارئ الكريم صورة من طلب عرض القاصر والمخفي قسرا في سجون سرية على الطبيب وكيف تهرب وكيل نيابة الشعيب من هذا الحق الجوهري للدفاع مدعيا إن السجين لم يشتكي مرضا ولم يطلب منه ذلك.
إن احتجاز قاصر في ظروف كهذه يشكل انتهاكاً صارخاً لكل القوانين المحلية والدولية التي تكفل حقوق الطفل، وتُدين أي ممارسات تعسفية كهذه؛ لكن في ظل غياب الرقابة وارتفاع صوت المصالح الشخصية، يبدو أن هذه القوانين أصبحت حبراً على ورق.
إحدى النقاط الأكثر إثارة للقلق في هذه القضية هي أن القاصر عبد الفتاح محمد عبد الحميد ، محتجز في سجن سري تابع لقوات الحزام الأمني بالضالع . وهذه السجون، التي تعمل خارج إطار القانون، تُعدّ رمزاً صارخاً للتجاوزات والانتهاكات التي تتعرض لها حقوق الإنسان في مناطق النزاع.
ورغم مناشداتنا المتكررة، فإن السلطات الأمنية ترفض السماح لنا بزيارتهم أو حتى تقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم. بل إن هذه السلطات تواصل إغلاق الأبواب أمام أي محاولات للوصول إلى الحقيقة، في تحدٍّ سافر لكل القيم الإنسانية والقانونية.
لا يمكن الحديث عن قضية كهذه دون التطرق إلى الدور الذي يلعبه الفساد في تأجيج المأساة، فوفقاً لمصادرنا، فإن بعض القيادات في مديرية الشعيب والمحافظة متورطة في تزوير التقارير والتلاعب بالحقائق، مقابل مبالغ مالية تُدفع لهم من قبل أطراف تسعى لحرف مسار العدالة. هذا السلوك لا يقتصر على هذه القضية فحسب، بل يعكس ثقافة فساد متجذرة تُهدد بنخر ما تبقى من هيبة الدولة ومؤسساتها.
إن هذه القضية ليست مجرد مأساة عابرة، بل هي شهادة على انحدار منظومة العدالة في اليمن عامة والضالع خاصة إلى مستويات مثيرة للقلق، وعليه، فإننا نوجه نداءً عاجلاً إلى كل الجهات المختصة، المحلية والدولية، لفتح تحقيق شفاف ومستقل في هذه القضية، وضمان الإفراج الفوري عن المعتقلين الأبرياء.
كما ندعو منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام إلى تسليط الضوء على هذه القضية، والعمل على فضح الانتهاكات التي يتعرض لها هؤلاء الأبرياء، الذين أصبحوا رهائن في يد منظومة لا تعرف للعدالة طريقاً.
إن استمرار احتجاز اخواننا وابنائنا الأبرياء، في ظل غياب أي أدلة تُثبت تورطهم، هو وصمة عار على جبين العدالة. وما لم يتم التحرك بسرعة لإنصافهم، فإن الثقة في المؤسسات الأمنية والقضائية ستتآكل أكثر، وستتعمق الفجوة بين المواطن والدولة.
إن العدالة ليست مجرد شعار يُرفع في المناسبات، بل هي حق أصيل لكل إنسان، وما لم تُستعد كرامة هؤلاء المعتقلين ويُحاسب كل من ساهم في ظلمهم، فإننا سنظل نعيش في زمنٍ تُباع فيه القيم،
ويُشترى فيه الضمير..
كاتب المقال .. شقيق السجناء مازن عبد الحميد صالح وعبد الناصر عبد الحميد صالح وعم الحدث عبد الفتاح محمد عبد الحميد المسجون في السجن السري التابع للحزام الامني وخال المسجون عبد الفتاح محمود علي ناجي وهو جزء من المعاناة .
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صوت الشعب , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صوت الشعب ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.