اخبار حضرموت | تزايد التحديات الأمنية والسياسية وحضرموت تتأهب لإعلان موقفها من قلب الوادي

(حضرموت21) خاص 

تستعد محافظة حضرموت، وأكبر محافظات الجنوب مساحة وثروة، لموعد فارق قد يحدد مسارها السياسي والأمني خلال السنوات القادمة، حيث تتأهب مدينة سيئون التاريخية لاستقبال حشود مليونية في الثلاثين من نوفمبر 2025، الذي يمثل رمزاً لاستقلال الجنوب، ومناسبة لإعلان موقف حازم يطالب بالتحرير الكامل لوادي وصحراء حضرموت من قبضة القوات التابعة للمنطقة العسكرية الأولى.

ويأتي هذا الحشد الجماهيري الضخم على وقع تصاعد غير مسبوق في التحديات الأمنية والسياسية، إذ تتركز المطالب الشعبية في إخراج القوات المتمركزة في الوادي، التي يصفها أبناء حضرموت والقوى الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي بأنها “عائق أمام الاستقرار ونهب للثروات”، فيما تُبذل جهود سياسية وعسكرية مكثفة من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم شعبياً، لتوظيف هذه الفعالية كقوة ضاغطة تسرّع من تنفيذ بنود “اتفاق الرياض” المتعلقة بإعادة انتشار القوات.

ويتوقع سياسيون أن تكون فعالية سيئون بمثابة “الاستفتاء الشعبي” الذي لا يمكن تجاوزه، وأنها ستشكل ضغطاً حاسماً على مجلس القيادة الرئاسي والتحالف العربي.

وتعكس الاستعدادات الجارية، حالة التعبئة القصوى التي تشهدها المحافظة التي يوالي سوادها الأعظم المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أثبت قدرته على حماية منجزات التحرير في الساحل، ويعد اليوم المظلة السياسية والعسكرية الأبرز التي تحظى بتأييد واسع في حضرموت، نظراً لجهوده المتواصلة في كشف التحديات الأمنية ودعم القوات المحلية.

التحدي الأمني وسيادة الوادي

تمثل المنطقة العسكرية الأولى، التي تسيطر على مساحات شاسعة من وادي وصحراء حضرموت، التحدي الأمني الأبرز أمام تطلعات أبناء المحافظة نحو الاستقرار وإدارة شؤونهم. وتتهم قطاعات واسعة من أبناء حضرموت هذه القوات بأنها لم تسهم في تأمين المنطقة، بل غضت الطرف عن تنامي النشاطات الإرهابية، كما تُعد ورقة مساومة سياسية تعوق أي تقدم نحو فصل ملفات الأمن والإدارة المحلية.

ويشير الخبراء الذين تحدثوا لـ “حضرموت21” إلى أن الانسحاب الجزئي للقوات التابعة للمنطقة العسكرية الأولى، في يناير 2023، من بعض مواقعها في الفترة الماضية، كان نتيجة لجهود متواصلة قادها المجلس الانتقالي الجنوبي، لكن هذا الانسحاب لم يكن شاملاً، بل اقتصر على إعادة تموضع لم يغير من واقع السيطرة الأساسية.

ويشدد الخبراء على أن أي حل مستقبلي لحضرموت يجب أن يمر عبر تمكين أبنائها من إدارة أمنهم، وهي الرؤية التي يتبناها المجلس الانتقالي الجنوبي ويحث عليها.

ويؤكد الخبراء أن التحديات الأمنية تضاعفت مع استمرار تواجد هذه القوات التي توصف بأنها “وحدات متقادمة ترتبط بولاءات سياسية خارج إرادة حضرموت”، مشددين على أن المطالبة بإخراجها ليست مجرد مطلب سياسي، بل ضرورة أمنية وإنسانية لوقف حالة الفوضى التي تُستغل لنهب الموارد النفطية والغازية الهائلة التي تمتلكها حضرموت.

ففي الوقت الذي تعاني فيه المحافظة من نقص في الخدمات الأساسية وتأخر في صرف المرتبات، تذهب عائدات النفط والغاز إلى خزائن المركز دون أن يعود منها شيء يذكر لتحسين معيشة المواطن الحضرمي.

ويُنظر إلى فعالية سيئون المرتقبة على أنها الفرصة الأخيرة لتوجيه رسالة قوية إلى مجلس القيادة الرئاسي وإلى المجتمع الدولي، مفادها أن صبر أبناء حضرموت قد نفد وأن المسار الوحيد المتبقي هو تقرير مصيرها.

ومن منظور أبناء حضرموت، لا تقتصر المليونية القادمة على المطالبة بالأمن فقط، بل هي تأكيد على الهوية الجنوبية للمحافظة ورفض لأي محاولات لفرض أجندات سياسية لا تخدم مصالح أبنائها.

وتكتسب الفعالية أهمية إضافية لأنها تأتي في “ذكرى الاستقلال”، وهو ما يربط المطالب الحالية بإرث النضال الجنوبي ضد الاحتلال الأجنبي ثم الوحدة القسرية.

وقد أسهمت جهود المجلس الانتقالي في توضيح الرؤية السياسية لأبناء حضرموت، وهي الرؤية التي تدعم استعادة دولة الجنوب، وتعتبر تحرير وادي حضرموت جزءاً لا يتجزأ من هذا الهدف الاستراتيجي.

إخراج المنطقة العسكرية الأولى أولى المطالب

يظل ملف إخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى الملف الأكثر تعقيداً في المشهد السياسي والعسكري باليمن، خاصة وأن هذه القوات خاضعة لإشراف الحكومة اليمنية وحزب الإصلاح اليمني، الجناح السياسي لتنظيم الإخوان المسلمين، لكنها فعلياً مرتبطة بولاءات قديمة، مما يجعل تحريكها صعباً دون إرادة سياسية عليا مدعومة بضغط شعبي جارف.

وبشأن إمكانية تأثير فعالية سيئون على ملف إخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى، قال المحلل السياسي والعسكري محمد الجفري لـ “حضرموت21” إن هذه القوات “خاضعة لإشراف حكومة الشرعية”، وإن الملف في الأساس “جزء من اتفاق الرياض الذي نص على إعادة انتشار القوات وتحريك الوحدات الراكدة“.

وأشار إلى أن الموقف الجماهيري الحضرمي “يمكن أن يكون عاملاً ضاغطاً يساعد في الدفع نحو تنفيذ الالتزامات الواردة في الاتفاق“.

وأضاف أن تحريك ملف المنطقة العسكرية الأولى “لن يتم من دون وجود إرادة شعبية واضحة تساند الخطوات السياسية والعسكرية“.

وقال إن التنسيق بين القوى الجنوبية، بما في ذلك ممثلوها في مجلس القيادة الرئاسي، “إلى جانب دعم التحالف ممثلاً بالمملكة العربية السعودية، يشكل أساس أي حل ناجح لهذا الملف“.

وأشار الجفري إلى أن المواطن الحضرمي “كان وسيظل صاحب موقف صلب”، وأن تحسين الخدمات والمرتبات واستعادة القرار “يمر عبر مسار سياسي واضح ومتماسك تدعمه مواقف جماهيرية تعبر عن إرادة حضرموت“.

ويؤكد هذا الطرح أن المجلس الانتقالي الجنوبي يعمل على مسارين متوازيين: الضغط الشعبي الداخلي، والتنسيق السياسي، مما يضاعف من فرص نجاحه في تحقيق المطالب الحضرمية.

تطلعات حضرمية

تترسخ التحديات السياسية والأمنية في حضرموت في ظل أزمة اقتصادية خانقة، حيث يتفاقم انهيار العملة وتردي الخدمات الأساسية، خاصة الكهرباء والصحة، وهو ما يضع عبئاً إضافياً على كاهل المواطن الحضرمي ويزيد من سخطه على الوضع القائم، خاصة وأن حضرموت تعد المحافظة الأغنى بالنفط والغاز.

وفي هذا السياق، تطرق المحلل السياسي د. عمر باعباد إلى جذور هذه التحديات المتراكمة، وقال إن التحديات التي تمر بها حضرموت في هذا الوقت، وقبيل عيد الجلاء من الاستعمار البريطاني، “ليست وليدة اللحظة”، مشيراً إلى أن أسبابها “كثيرة ومتراكمة” وأن تفاقمها وتصاعدها يعود إلى عدة عوامل.

وأضاف باعباد لـ “حضرموت21” أن حضرموت “محافظة كبيرة جداً من حيث المساحة الجغرافية”، موضحاً أن موقعها الاستراتيجي “يجعلها محط أنظار القوى الداخلية والخارجية“.

وأشار إلى أنه منذ تحرير الساحل في عام 2015 “لا تزال القوات اليمنية التابعة للمنطقة العسكرية الأولى ترابط وتفرض سيطرتها على نصف محافظة حضرموت في الوادي والصحراء، وتنهب ثروات المنطقة“.

وقال إن هذه القوات “تحظى بدعم جهات داخلية وخارجية تغذي وجودها لإبقاء الفوضى في المحافظة كاملة“.

وتحدث باعباد عن “أطماع وتسلط” لا تخدم حضرموت، قائلاً إن هناك جهات “تدعم كيانات وقوى مختلفة لتكوين قوات ومليشيات ليس لحضرموت فيها ناقة ولا جمل“.

وقال إن ما يحدث اليوم من تعدد الجهات الداعمة “دون رؤية واضحة” لن يؤدي إلى حماية حضرموت، مضيفاً: “لن يُحفظ مستقبل حضرموت إذا لم يتحكم شعبها بمنطق العقل والحكمة الحضرمية، وإذا استمر هذا التأجيج“.

وأكد أن “كثيراً من العقلاء يتحدثون ويحذرون، لكن لا أحد يسمعهم لتجنيب حضرموت هذا المأزق”. وأشار إلى أن اللواء البحسني “كشف بعض الشيء في تصريحاته الأخيرة”، لكنه شدد على ضرورة “عودته إلى حضرموت والتشاور مع العقلاء، وإصدار قرارات صائبة وتنفيذية لنهضة حضرموت“.

ويشير هذا الطرح إلى أنّ تطلعات أبناء حضرموت لا تتوقف عند الأمن والسياسة، بل تشمل الإدارة الذاتية للموارد، وهو ما يعزز موقف المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يرى في استعادة القرار الاقتصادي مفتاحاً للنهوض.

وتُعتبر فعالية سيئون دليلاً على أن الإرادة الشعبية أصبحت متوحدة خلف خيار التحرير الشامل والتمكين، وهو ما يجعل من 30 نوفمبر 2025 محطة تاريخية في مسار حضرموت والجنوب نحو بناء مستقبل مستقر.

ومن المرجح أن تكون الرسالة التي ستبعثها حشود سيئون قوية ومؤثرة، وتضع حكومة الشرعية ومجلس القيادة الرئاسي أمام مسؤولية مباشرة للتعامل بجدية مع ملف إخراج المنطقة العسكرية الأولى وتمكين القوات الجنوبية، المدعومة من المجلس الانتقالي، من تولي مهام الأمن وحماية الثروات.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة :
حضرموت 21، ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وإنما تم نقله بمحتواه كما هو من حضرموت 21، ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكره.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى