توتر “غير مسبوق”.. الحوثيون يواجهون أزمة اقتصادية خانقة في اليمن

على وقع القيود الدولية والمحلية المتزايدة، تواجه ميليشيا الحوثي أزمة مالية خانقة تتجاوز ارتداداتها القطاع الاقتصادي إلى قدرة الجماعة الأمنية على إدارة مناطق نفوذها. 

ويترافق ذلك مع تحذيرات من لجوء الحوثيين إلى الاعتماد الواسع على المنتجات الإيرانية المستوردة للتخفيف من حدة الانهيار المتفاقم.

وكشفت مصادر اقتصادية يمنية لـ”إرم نيوز”، عن مرحلة غير مسبوقة من الانكشاف المالي يعيشها الحوثيون، في ظل بوادر انهيار شبكات التمويل التقليدية، إثر الإجراءات الحكومية التي فرضت مزيدا من القيود الداخلية الرامية إلى إلحاق أكبر ضرر ملموس ببنية الميليشيا المالية.

وقالت إن الخطوات المحلية الموازية للعقوبات الدولية، ضربت آليات تمويل الميليشيا الرسمية وشبكاتها الاقتصادية الكبرى، خاصة بعد انخفاض قدرتها على إجراء معاملات مالية دولية بالمستوى المركزي، مع تقلّص عوائدها المالية من عمليات التهريب المختلفة، في ظل قيود الرقابة المحلية والدولية المفروضة.

وحذّرت المصادر من لجوء الحوثيين إلى استخدام وسائل بديلة للتكيّف مع الأزمة الحالية، من خلال إدخال سلع غذائية ومنتجات استهلاكية إيرانية منخفضة الجودة عبر واجهات تجارية مموهة أو شبكات التهريب المعقّدة، لطرحها في الأسواق بهدف تحقيق أقصى ربح للميليشيا وتعويض التراجع الحادّ في إيراداتها المالية.

وأكدت أن القوانين التي وضعتها حكومة الحوثيين مؤخرا لتقييد استيراد السلع المختلفة تحت مزاعم “الاكتفاء الذاتي وتشجيع المنتجات المحلية”، ليست سوى محاولة لإفساح الطريق أمام تدفّق هذه المنتجات، على غرار ما فعلته الجماعة سابقا مع الوقود الإيراني، الذي شكّل مصدرا رئيسا لتمويل عملياتها العسكرية.

المصادر ذاتها أشارت إلى التوتر الذي شهدته السوق الداخلية في مناطق سيطرة الميليشيا قبل أسابيع، مع اقتراب نفاد مخزون القمح في مطاحن الهلال الأحمر بالحديدة، ومنع الحوثيين وصول بعض شحناته المستوردة التابعة لمنافسين تجاريين، واختفاء السكر المحلي في الأيام الأخيرة وظهور بدائل مجهولة المصدر، معتبرة أن هذه دلائل على “التحوّلات التي يتم التمهيد لها في استراتيجيات التمويل والاستيراد الحوثية”.

يأتي ذلك وسط خسارة الحوثيين لأكبر شريان مالي، بعد تعطّل موانئ الحديدة، وانتقال معظم سلاسل الإمداد عبر الموانئ الحكومية، في ظل ارتفاع المخاطر الناجمة عن القيود الأمريكية وعقوباتها التي تواصل تفكيك شركات الواجهة التجارية السرّية التي تستخدمها الميليشيا.

ضربة قاصمة

وفي ظل الانكماش المالي الناتج عن العقوبات الأمريكية، يرى المحلل الاقتصادي ماجد الداعري، أن الحكومية اليمنية عملت على ترجمة المزاج الدولي الحادّ تجاه الحوثيين، إلى جملة من الإجراءات القانونية والعملية، لتشديد الحصار الاقتصادي وحرمان الميليشيا من استيراد المشتقات النفطية واستمرار نشاطها التجاري.

وذكر الداعري في حديثه لـ”إرم نيوز”، أن أبرز هذه الإجراءات تجسّد في نقل المقرات الرئيسة للبنوك من صنعاء إلى عدن، وهو ما شكّل ضربة قاصمة للحوثيين؛ إذ باتت تحويلات المغتربين المالية التي تعدّ من أهم مصادر العملة الأجنبية في البلاد، تصل إلى مراكز هذه البنوك الإدارية في مناطق الحكومة الشرعية.

وأشار إلى تشكيل لجنة الموارد، التي قال إنها “من أكبر إنجازات الحكومة على المستوى الاقتصادي؛ لأنها نظّمت عملية الواردات وأوقفت استغلال الحوثيين للاستيراد عبر موانئ الحديدة وتحصيل الإيرادات التي تعدّ الشريان الرئيس لتمويل الميليشيا”.

وأكد الداعري أهمية تعزيز هذه الخطوات بتشديد إجراءات الرقابة المتعلقة بمنافذ الجمهورية اليمنية لمحاربة التهريب، باعتباره أحد أساليب الحوثيين في خلق موارد مالية بديلة، إلى جانب ضرورة توفر الدعم الإقليمي والدولي للحكومة حتى يشمل حصارها قطاع الاتصالات وموارده التي لا تزال تحت قبضة الميليشيا.

قنوات بديلة

من جهته، قال الخبير الاقتصادي، محمد الجماعي، إن الحوثيين يحاولون اعتماد قنوات بديلة لملء الفراغ المالي، عبر تكثيف أنشطة تهريب الأسلحة والمخدرات وغيرهما من الأصناف.

وأكد أن الحكومة، بتعاونها مع المجتمع الدولي، واجهت ذلك بخطط أمنية رفعت على إثرها مستويات الرقابة وفعّلت دور قوات خفر السواحل، التي نجحت في ضبط العديد من الشحنات المهربة؛ ما يهدد نشاط النقل غير المشروع ويرفع من كلفته على الميليشيا.

وقال الجماعي لـ”إرم نيوز”، إن الحوثيين لجؤوا إلى فرض مزيد من إجراءاتهم الجبائية في الداخل، وإقرار رسوم جمركية مضاعفة بنسبة 100%.

وبيّن أن خطوات الميليشيا الأخيرة انعكست على الوضع الداخلي للحركة التجارية، وأدت إلى إضراب قطاعات كبيرة من الأسواق احتجاجا على قرارات حكومة الميليشيا “غير القانونية”، فضلا عن فشلها في إعادة تسويق ميناء رأس عيسى بالحديدة، كميناء تجاري.

تأثيرات أمنية

بدوره، يعتقد الخبير المالي، رشيد الآنسي، أن التماهي الدولي في الأعوام السابقة مع الحوثيين، حال دون تمكين الحكومة من اتخاذ مثل هذه القرارات الاقتصادية السيادية والمصيرية. 

أخبار ذات علاقة

مسلح حوثي في صنعاء

إضرابات في صنعاء تشل القطاع التجاري رفضاً لضرائب الحوثيين

وأضاف الآنسي في حديثه لـ”إرم نيوز”، أن التصنيف الأمريكي للحوثيين “منظمة إرهابية أجنبية” وما تلاه من إجراءات للبنك المركزي اليمني والحكومة الشرعية، يعدّ أولى خطوات الانهيار المالي للحوثيين.

ورجّح امتداد تأثيرات هذا الانهيار إلى قبضة الحوثيين الأمنية المشددة على مناطق سيطرتهم، خصوصا بعد ارتفاع أصوات التجار مؤخرا رفضا للجبايات والرسوم والضرائب، وبدئهم إضرابات صريحة ومفتوحة، وهو أمر لم يكن من الوارد حدوثه في تلك المناطق قبل الأزمة المالية الخانقة.

واعتبر الآنسي جرأة التجار في التعبير عن الرفض وعدم الامتثال لتوجيهات الحوثيين، دون خشية التعرض للاعتقال والقمع أو المنع عن مزاولة النشاط التجاري، مؤشرا على تضعضع سيطرة الميليشيا القوية؛ ما قد يشجع قطاعات أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة مع مرور الوقت.

وأشار إلى أن الحوثيين لم يعودوا يملكون رفاهية الوقت لممارسة سلوكياتهم الترهيبية المعتادة، وسط حاجتهم المتزايدة للمحافظة على ما تبقى من رؤوس أموال وشركات تجارية، لمواجهة قادم التحديات مع تصاعد حدّة الأزمة المالية والتراجع المتعاظم لشبكاتهم الاقتصادية.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارم نيوز , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارم نيوز ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى