المخا.. عاصمة الطاقة المتجددة في اليمن

على الشاطئ الغربي لليمن، تقف المخا شامخة كمدينة استعادت دورها الريادي. هذه المدينة التي حملت القهوة اليمنية إلى موانئ العالم، تعود اليوم لتصدر أنموذجاً جديداً للتنمية الخضراء، حيث أصبح التحول نحو الطاقة النظيفة عنواناً لمرحلة جديدة من النهوض بقيادة الفريق الركن طارق محمد عبدالله صالح، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الذي جعل من الاستدامة البيئية والطاقة المتجددة محوراً أساسياً في خطته لإعمار المناطق المحررة.
في المخا، لا تشرق الشمس فقط على البحر، بل تشرق أيضاً على ألواح الطاقة الشمسية التي تحولت إلى رمز للتحول الاقتصادي والمناخي في آن واحد.
رؤية استراتيجية للتحول الطاقي في الساحل الغربي
يقول الدكتور فهد المعبقي، مدير القطاع الاقتصادي في المقاومة الوطنية: “انبثقت فكرة إنشاء محطة المخا للطاقة الشمسية من الرؤية الاستراتيجية للمقاومة الوطنية بقيادة الفريق الركن طارق محمد عبدالله صالح، والهادفة إلى إعادة هيكلة قطاع الكهرباء في المناطق المحررة وبنائه على أسس علمية حديثة تضمن الاستدامة والاكتفاء الذاتي.”
ويضيف، أن المشروع، الممول من دولة الإمارات، “يعد الأول من نوعه في اليمن بطاقة إنتاجية تبلغ 20 ميجاوات، وهو ما أسهم في تحسين خدمة الكهرباء في المخا، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري الملوث، وتعزيز ثقة المواطنين بقدرة الإدارة الوطنية على التحول من مرحلة الحرب إلى البناء والتنمية.”
تجربة المخا: 20 ميجاوات من الضوء في مواجهة التحديات
تعد محطة المخا للطاقة الشمسية أحد أهم مشاريع الطاقة الخضراء في اليمن. وبحسب القائمين عليها، فقد واجهت تحديات بيئية وفنية كبيرة أبرزها الحرارة والرطوبة العاليتان والغبار والرياح الموسمية.
لكن الفريق الفني تغلّب على تلك التحديات عبر تصميم هندسي مقاوم للمناخ القاسي وتطبيق أنظمة تحكم ذكية تتيح المراقبة اللحظية للأداء، كما تم اعتماد معايير ISO 14001 البيئية لضمان التوازن بين الإنتاج والحفاظ على البيئة.
ويشير المعبقي إلى أن بطاريات تخزين الطاقة الذكية بقدرة 20 ميجاوات إضافية وصلت إلى المخا، وأن تشغيلها المرتقب خلال الشهرين القادمين سيعزز استقرار التيار الكهربائي ويتيح الانتقال إلى منظومة كهرباء ذكية متكاملة، لترتفع القدرة الإجمالية إلى 40 ميجاوات من أصل 60 ميجا.
مبادرة إماراتية ورؤية وطنية
يُعد مشروع محطة المخا الشمسية واحداً من ستة مشاريع تنفذها مبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة لدعم الطاقة النظيفة في اليمن، في كل من عدن والمخا وشبوة والخوخة وحيس وأخيراً أبين، في إطار استراتيجية إقليمية تهدف إلى تعزيز أمن الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية.
وتأتي هذه المبادرة امتداداً للالتزامات التي أكّدتها الإمارات خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (COP28) الذي استضافته مدينة دبي في نهاية عام 2023، حيث شددت الدولة على دعم الدول النامية في التحول نحو الطاقة المتجددة، وتمكينها من مواجهة التحديات المناخية بالتكنولوجيا النظيفة والتمويل الأخضر.
وفي اليمن، تجسّد المخا هذه الرؤية المشتركة بين الدعم الدولي والرؤية الوطنية، إذ تُعد أنموذجاً للتكامل بين التمويل الإماراتي والرعاية بقيادة الفريق الركن طارق صالح، بما يعكس شراكة تنموية تستجيب لاحتياجات المجتمع وتنسجم مع أهداف المناخ العالمية.
التزام رسمي بالاتفاقيات البيئية
وفي السياق ذاته، أعلن وزير المياه والبيئة المهندس توفيق الشرجبي أن اليمن “أوفى بكافة التزاماته المالية تجاه الاتفاقيات البيئية الدولية قبيل انعقاد مؤتمر الأطراف (COP30) المقرر عقده في مدينة بيليم البرازيلية”.
وأوضح الوزير، في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، أن هذا الإجراء “يعكس حرص الحكومة على تعزيز حضور اليمن في المحافل البيئية الدولية واستعادة مكانته كشريك فاعل في الجهود العالمية لمواجهة تحديات التغير المناخي”.
وأضاف الشرجبي، أن “تسوية الالتزامات المالية ستسهم في تفعيل مشاركة اليمن في برامج ومشاريع بيئية جديدة تنفذها الصناديق والهيئات الدولية”، مؤكدا التزام الحكومة اليمنية بالعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وحماية البيئة رغم التحديات الراهنة.
وفي هذا السياق، من المنتظر أن يشارك نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الفريق الركن طارق صالح، ويرأس وفد اليمن في أعمال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (COP30)، المقرر انعقاده في مدينة بيليم بمنطقة الأمازون في البرازيل، خلال الفترة من 10 إلى 21 نوفمبر الجاري، بمشاركة 143 وفداً من مختلف دول العالم، لبحث سياسات مواجهة تغير المناخ وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.
تغير المناخ.. تهديد يطول المدن الساحلية
يشهد العالم ارتفاعاً غير مسبوق في درجات الحرارة، وذوباناً للجليد، وازدياداً في الظواهر المناخية القاسية كالسيول والجفاف، وفي اليمن، تعد المدن الساحلية مثل المخا والحديدة الأكثر تأثراً بهذه التحولات بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر وتراجع الموارد المائية.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن كل زيادة بمقدار درجة مئوية واحدة في متوسط الحرارة تؤدي إلى تراجع إنتاجية الزراعة وازدياد معدلات النزوح البيئي. ومن هنا يصبح التحول إلى الطاقة النظيفة ضرورة وجودية لضمان الأمن الاقتصادي والغذائي والسكاني.
لمحة علمية: التغير المناخي… التحدي الأكبر في القرن الحادي والعشرين
يعد التغير المناخي أحد أخطر التهديدات التي تواجه الكوكب اليوم، فارتفاع درجات الحرارة الناتج عن زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة الأخرى أدى إلى اضطرابات مناخية متطرفة: جفاف، أعاصير، فيضانات، وارتفاع مستوى البحار.
ووفقاً لتقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، فإن العالم بحاجة إلى تقليص انبعاثاته بنسبة 45% بحلول عام 2030 لتفادي تجاوز درجة حرارة الأرض حاجز 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
اليمن، رغم كونه من أقل البلدان إسهاماً في الانبعاثات، يُعد من أكثرها تأثراً، بنتائج هذا التغير. فالجفاف وتراجع الإنتاج الزراعي وارتفاع درجات الحرارة عوامل جعلت من التحول نحو الطاقة النظيفة خياراً وطنياً لا ترفاً بيئياً.
الأثر البيئي والاقتصادي: حين تتحول الطاقة إلى تنمية
يقول الصحفي عمر الحياني، المتخصص في البيئة والطاقة المتجددة، إن إقامة محطات الطاقة النظيفة في المدن اليمنية “تمثل الخطوة الأولى نحو استغلال موارد البلد المناخية المتنوعة في إنتاج الطاقة، فاليمن قادر على توليد ما يزيد على 400 ألف ميجاوات من الطاقة النظيفة سواء من الشمس أو الرياح أو الطاقة الحرارية.”
ويضيف، أن “تعزيز الاستثمار الحكومي في هذا الجانب خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تقليل استخدام الوقود الأحفوري والتخفيف من انبعاثاته الضارة بالبيئة، كما أنها تمثل لبنة في بناء التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر.”
ويؤكد الصحفي عبدالملك النمري المختص بالبيئة والمناخ، أن “مشاريع الطاقة الشمسية في مناطق الساحل الغربي، المنفذة برعاية نائب مجلس القيادة الرئاسي الفريق أول ركن طارق صالح وتمويل من دولة الإمارات، تمثل خطوة عملية وملهمة نحو مستقبل أكثر استدامة، فهي على المدى القصير تقدم حلولاً واقعية لأزمة انقطاع التيار الكهربائي التي أثّرت على حياة السكان والخدمات الحيوية في المنطقة لسنوات طويلة.”
ويضيف النمري، أن “القيمة الأعمق لهذه المشاريع تتجاوز حدود معالجة المشكلة الآنية، إذ تعد مساهمة يمنية مهمة ضمن الجهد العالمي لمواجهة الأزمة الأكبر التي يعيشها كوكبنا، وهي أزمة تغير المناخ.”
الطاقة النظيفة بعيون المجتمع المحلي
من جانبه يقول عبدالعليم صائم الدهر، أحد أبناء المخا: “الطاقة النظيفة كانت حلماً وأصبحت واقعاً بفضل اهتمام طارق صالح. فهي غير مكلفة وصحية وتقلل من الأمراض الناتجة عن التلوث، كما ساهمت في استمرار الخدمات الصحية والتعليمية والاقتصادية. فالتنمية بلا كهرباء لا تكون مجدية.”
التحول الطاقي بين العلم والإعلام
يؤكد الدكتور أنور الشاذلي، الأكاديمي والخبير البيئي، أن الانتقال إلى الطاقة البديلة لم يعد خياراً ترفيهياً، بل أصبح أمراً حتمياً بعد أن أثبتت العقود الأخيرة أن الاعتماد على الوقود الأحفوري أضر بالنظام البيئي وأثر سلباً على صحة الإنسان واستقرار المناخ.
ويشير إلى أن التحول للطاقة النظيفة في اليمن ضرورة وطنية وأخلاقية، ليس فقط التزاماً بالاتفاقيات الدولية، بل حفاظاً على مستقبل الأجيال القادمة وتقليلاً للبصمة الكربونية الناتجة عن الوقود الأحفوري.
ويصف الشاذلي، ما حدث من احتطاب جائر وحرق لما يقارب عشرة ملايين شجرة بأنه “كارثة بيئية كبرى”، مؤكداً أن مشروع محطة المخا الشمسية يمثل خطوة استراتيجية رائدة في مسار التحول نحو الطاقة النظيفة وتحقيق التوازن بين التنمية والحفاظ على البيئة.
نظرة إلى المستقبل: المخا العاصمة الطاقية لليمن
تتجه الخطط الحالية نحو إكمال المشروع إلى 60 ميجاوات، وإكمال محطتين في الخوخة وحيس بقدرة 10 ميجاوات لكل محطة، إلى جانب مشروع طاقة الرياح الجاري دراسته في الساحل الغربي.
وتهدف الرؤية الشاملة إلى ربط هذه المشاريع بشبكة كهربائية ذكية تغطي مدن الساحل كافة، لتجعل من المخا مركزاً وطنياً للطاقة النظيفة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة 2 ديسمبر , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من 2 ديسمبر ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.








