اخبار اليمن | في زمن الحرب وسوء الأوضاع الاقتصادية.. المرأة في جنوب اليمن تزاول مهناً صعبة وتتحدى الأمواج وتجابه الموت.
كفاح من أجل البقاء.. شبح الموت دفع بكثير من النساء لاقتحام مهن خطرة.
عندما أشعلت مليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من النظام الإيراني حربها في اليمن في عام 2015 م، وتحديدا في محافظة عدن (جنوب اليمن) بات المواطنون يتخبطون ويتجرعون الوان المعاناة ،الحقت الحرب أوضاعا معيشة صعبة مازالت ولادة لأوجه المعاناة الاقتصادية بالبلاد حتى يومنا هذا.
الأوضاع الاقتصادية والإنسانية دفعت بالكثير من الاسر لمواجهة ظروف الحياة، وتحمل أعبائها بمرارة وألم ليضمنوا أبسط سبل الحياة، ولكن هذه المرة تبدأ من بين أمواج البحر وأوجاع الأزمات لنساء يمنيات امتهنن مهن الرجال وتجاوزن تقاليد المجتمع ومارسن أعمالاً شاقة ويتعرضن للموت في أعماق البحار يدفعن ثمناً باهظاً لفاتورة الحرب الدائرة بالبلاد ولا يزلن يواجهن الموت بمهنة ( الصيد صيد الأسماك ) من أجل مساندة رب الأسرة وللحصول على ما يسد رمق جوعهن .
إنها حقيقة بالفعل نساء أصبحن غواصات ويعملن في صيد الأسماك دون أدوات السلامة، وأجبرتهم الظروف الاقتصادية على ممارسة مهنة الصيد والوقوف على القارب المهترئ وسحب الشبك وجلب الأسماك وبيعها في الأسواق.
مفيدة محمد صالح دوكم ( 31عاماً) واحدة من النساء اللواتي خاضت مهنة الاصطياد بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، حيث تذهب باكراً في السادسة فجراً من منزلها مصطحبة أطفالها نحو ساحل خور عميرة بمديرية المضاربة ورأس العارة في محافظة لحج من أجل الاصطياد، أجبرتها الظروف المعيشية الصعبة أن تعمل بهذه المهنة التي تعلمتها من والدها المتوفي عندما كانت طفلة صغيرة، حيث كانت تذهب برفقة أسرتها في عملية جلب الصيد من البحر.
ظروف وحياة قاسية:
الظروف المعيشية دفعت بالكثير من النساء لامتهان مهنة الاصطياد في المناطق الساحلية القريبة من منازلهم الخشبية كون العمل بالاصطياد يعتبر المنفذ الوحيد لتوفير قوت احتياجاتهم، حيث تقضي مفيدة نصف اليوم في البحر في مهمة شاقة للحصول على الصيد تضطر للدخول الى الجزر للبحث عن أنواع الأسماك التي يحتاجها السوق.
أم عباد هي العائل الوحيد لأسرتها المكونة من 9 أفراد فزوجها مصاب بحالة نفسية وهي تعاني من مرض بالحبال الصوتية فالظروف أجبرتها أن تغوص في البحر منذ الساعة السادسة صباحاً وحتى الساعة السادسة مساءً دون الاهتمام بصحتها، ومن خلال الحديث معها تصف لنا حجم المعاناة بإن عملها متوقف بسبب الظروف الاقتصادية و تقلبات الرياح ومواسم الاصطياد.
صعوبات وتحديات:
الكثير من الصعوبات تواجه “الصيادات” من الحصول على لقمة العيش منها عدم مقدرتهن على توفير كمية الوقود “البترول” لتشغيل قوارب الاصطياد للتوجه نحو البحر فارتفاع أسعار المشتقات النفطية والغلاء المعيشي وارتفاع تكاليف الغزل والمساطر أي حياكة الأشباك التي تستخدمها في عملية الاصطياد تشكّل تحدياً كبيراً للحصول عليها، حيث أن بعضهن لا يستطعن العمل بسبب ارتفاع سعر الأشباك، وعدم حصولهن على مال لاستئجار قوارب للصيد، فلم يكن البحر يوما بخيلاً عليهن ولكن السوق المحلي هو أيضا لم يهيأ لاستيعاب التدفق من الإنتاج الذي بات عبئا إضافيا.
تقول الصيادة أم عباد: “نضع أرواحنا بالبحر حتى نأتي بالأسماك، لكن عندما نأت بها الى السوق نجد إن الأسعار لا تغطي تكلفة الوقود وذلك بسبب انهيار سعر العملة المحلية بشكل غير مبرر- ورغم ذلك إلّا أنهن يواصلن العمل لمجابهة الفقر وسوء الأوضاع المعيشية.
غياب الجهات المسؤولة:
وفي سياق استعراض الصعوبات والتحديات والظروف الاقتصادية يقول المحلل الاقتصادي الدكتور محمد جمال: “إن المرأة اتجهت إلى مهن لا تتناسب مع قدراتها على التحمل ولا مع مستوى طاقتها وهي وأغلبها مهن شاقة.
ويضيف: “فإذا أخذنا بعين الاعتبار مهنة الاصطياد في أعماق البحر ظلت هذه المهنة لفترات طويلة حكرا على الرجال لمعرفة الجميع مدى خطورتها وصعوبتها فلا يمكن حتى للرجال الذين ليس لديهم طاقة وقدرات جسمانية على التحمل لممارسة هذا العمل.. واليوم وللأسف ما وصلت الية البلاد من ترد في الأوضاع وانهيار في الخدمات وانحسار الكثير من فرص العمل، – أي الفرص التي كانت النساء تقوى عليها – أصبحت العديد من النساء اليوم تخوض غمار هذه المهنة الشاقة الى جانب الرجل وذلك يعود إلى عدد من الأسباب أبرزها غياب مصادر الدخل الآمنة وغياب العائل للأسر من الرجال، وتدني مستوى الدخل؛ التي دفعت بالنساء للبحر في سبيل تحسين مستويات دخولهن، و الأهم الصيد البحري الذي يحتاج الى توفير معدات ووسائل للصيد التي أصبحت مكلفة، بالإضافة الى الظروف التي تتفاقم يوما تلو الآخر .
وتابع المحلل الاقتصادي قوله: بأن تدهور أسواق الصيد وتراجع الطلب ووقف تصدير المنتجات البحرية الى الخارج أدت الى تدهور هذه المهنة وتراجع مردودها وارتفاع أسعار وتكاليف الصيد، فالبعض منهم بالكاد يستطيع أن يغطي نفقات الصيد، والأهم التدهور المعيشي وانقطاع المرتبات وانخفاض أسعار الصرف، دفعت بالكثير من الأسر الى تقليص الاستهلاك، والتخلي عن بعض السلع، بما في ذلك السمك؛ والذي يمكن القول أنه كان من الوجبات الأساسية في كل بيت، ولا تكاد تخلو منة مائدة الأسر في المناطق الساحلية، ولكن بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية وغياب الجهات المسؤولة لم تعد الأسر بمقدورها على توفير مبالغ لشراء الأسماك.
آمال بمستقبل أفضل:
وأمام هذه الظروف الصعبة التي دفعت بالكثير الى حافة الفقر، في بلد مهدد بأسوأ أزمة إنسانية، لاتزال المرأة اليوم تعلق آمالها، على إنهاء الحرب وإحلال السلام في البلاد، التي يشهد صراعاً على مدى أكثر من عشرة أعوام، تسبب بتداعيات إنسانية ومعيشية واقتصادية صعبة، حيث يرون النساء اليوم في أحلال السلام هو السبيل الوحيد لتحسين أوضاعهن الاقتصادية وتوفير فرص عمل حقيقية لائقة بهن تساعدهن على العيش الكريم، وتمكنهن من المشاركة الفاعلة في مختلف جوانب الحياة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن الغد , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن الغد ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.