اخبار السعودية : كيف استعدت المملكة لموجات الحر في موسم الحج 2025؟

في قلب المشاعر المقدسة، وعلى وقع خطى الحجاج، تقف مراكز الإجهاد الحراري في المملكة كخط دفاع حيوي لحماية ضيوف الرحمن من ضربات الشمس والمضاعفات الصحية المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة. ومع حلول موسم حج هذا العام، كثّفت الجهات الصحية جهودها لتشغيل هذه المراكز بأقصى درجات الجاهزية، معتمدةً على طواقم طبية متخصصة وتجهيزات متقدمة لتبريد الجسم وتقديم الرعاية العاجلة.

وبين عيادات ميدانية متنقلة، ووحدات إنعاش حراري متكاملة، ومراكز مزوّدة بمراوح رذاذ ومضخات تبريد، تعمل هذه المنشآت على مدار الساعة لتقديم الإسعافات الأولية للحجاج المتأثرين بالإجهاد الحراري. ويبرز في هذا السياق تنسيق عالي المستوى بين وزارة الصحة، وهيئة الهلال الأحمر، والقطاعات الأمنية، لضمان التدخل السريع ونقل الحالات الحرجة إلى المرافق الطبية المناسبة، ما يجعل من هذه المنظومة المتكاملة حصنًا متقدمًا في مواجهة أخطر تحديات حج الصيف.

مراكز الإجهاد الحراري.. الجانب التقني

تراعي التصاميم الهندسية والتقنيات الحديثة في مراكز الإجهاد الحراري توفير أقصى درجات التبريد والراحة. وقد جُهّزت تلك المراكز بمحركات ومضخات مياه تضخ رذاذًا باردًا في الهواء، كما استُخدمت مراوح ضبابية مزدوجة لتعزيز التبريد السطحي للمرضى.

ويعد مستشفى النور المركز الأول على مستوى مستشفيات مكة المكرمة، ويعمل تحت إشراف قسم الطوارئ لاستقبال مرضى الإجهاد الحراري وضربات الشمس على مدار 24 ساعة، وهو مجهز بكوادر وطنية متميزة ومهيأة ومدربة وملمة بالإجراءات العلاجية للتعامل مع هذا النوع من الحالات.

اقرأ أيضًا: التحدي الأكبر للحجاج.. ما هو الإجهاد الحراري وطريقة تجنبه؟

وقد أُعيد تخطيط المشاعر المقدسة لتخفيف الحرارة؛ ففي مشعر مزدلفة أنشئ ممشى مطاطي بطول 170 ألف متر مربع مع زراعة نحو 10 آلاف شجرة لتظليل المسارات وتخفيف الإجهاد الحراري للراجلين. أما مشعر منى فقد شهد توفير خيام سكنية بطابقين بنسيج متطور مقاوم للحرارة، وشبكات متطورة لتكييف الهواء في بعض المباني الخدمية.

كما قامت الهيئة الملكية بتنفيذ 400 براد مياه آلي لتوزيع المياه المثلجة على الحجاج طوال اليوم، إضافة إلى مناطق استراحة مظللة ومظلات شمسية متنقلة على طول مسارات أداء المناسك. تسهم هذه الحلول التقنية (كالمراوح الرذاذية، والتكييفات الميدانية، والعزل الحراري للخيام) في مواجهة ضربات الشمس بشكل فعال وتحسين مقومات الراحة في ظروف الحرارة القصوى.

الجانب التنظيمي والإداري

وتشرف وزارة الصحة على تشغيل المراكز الصحية الطارئة بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية. ويتولى تجمع مكة المكرمة الصحي والصحة العامة في المشاعر المقدسة الإشراف المباشر على المراكز الميدانية المستحدثة، بينما يتولى الهلال الأحمر السعودي نقل الحالات الطارئة وتشغيل مراكز إسعاف متنقلة وسيارات إسعاف موزعة في المشاعر.

وقد أعلن الهلال الأحمر في منى عن استعداده بـ 37 مركزًا إسعافيًا ثابتًا لتقديم الخدمة الطبية العاجلة للحجاج، إضافةً إلى وسائل إخلاء جوي من خلال طائرات الإسعاف السريع التي تمركزت في مهابط الأبراج المحيطة بالمسجد الحرام لتسريع الاستجابة للحالات الطارئة.

كما تشارك الشؤون الصحية بالحرس الوطني في تقديم الرعاية عبر عيادات ميدانية ثابتة ومتنقلة في مشعري منى وعرفات.

وتضطلع الدفاع المدني بنشر الفرق الاحتياطية للتعامل مع أي حالات حرائق أو إنقاذ طارئ، فضلًا عن الإجراءات الأمنية لمراقبة الحشود. أما توزيع المراكز فقد شمل تغطيةً واسعةً لكافة المشاعر: فقد أعلن مسؤولو الصحة جاهزية 46 مركزًا صحيًا في مشعر عرفات، و26 مركزًا في مشعر منى، إضافةً إلى عشرات نقاط الإسعاف على امتداد مسارات المشاة ومنشأة الجمرات.

وترتبط هذه المراكز بشبكة اتصالات المركز الوطني 937 لخدمة الحجاج، وتنسق مع غرفة العمليات المركزية في وزارة الصحة لتبادل المعلومات وتسيير الحالات الطارئة بأسرع وقت.

ولم تقتصر الاستعدادات على الجهات المحلية، إذ تعاونت السعودية مع بعثات طبية دولية وإقليمية (مثل بعثات الحجاج الحكومية) لتوفير الأدوية والإرشادات وتبادل الخبرات في الوقاية من الإجهاد الحراري.

مراكز الإجهاد الحراري.. تطور لافت

شهدت مراكز الإجهاد الحراري تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية. ففي مواسم ما قبل 1444هـ، كانت الخدمة الصحية المعنية بالحر محدودًة مقارنة بالحجم الحالي، أما الآن فنجد توسعًا في عدد المراكز والتجهيزات. وعلى سبيل المثال، افتتح مستشفى النور بأول مركز متخصص لضربات الشمس بطاقة 10 أسرّة عام 1444هـ، ثم توسع العمل فيها في الأعوام التالية.

وأفاد المتحدث الرسمي لوزارة الصحة بأن منظومة الحج في 1445هـ شملت أكثر من 6,515 سريرًا (منها نحو 800 في العناية المركزة) و280 سريرًا مخصصًا لضربات الشمس والإجهاد الحراري، مقارنة بعدد أقل في سنوات سابقة.

وفي موسم 1445هـ أيضًا، تعاملت الفرق الطبية مع أكثر من 2,700 حالة إجهاد حراري في يومٍ واحد، مما دفع إلى تعزيز خطط الوقاية والتبريد في موسم 1446هـ. ولاحظ المراقبون كذلك زيادة الاعتماد على التقنيات الحديثة؛ إذ كانت هناك متابعة باستخدام تطبيقات ذكية ورصد جوي لدرجات الحرارة.

وبالمقارنة، تبدو مراكز 1446هـ أكثر تجهيزًا واستجابة لحالات الحرارة، إذ تتضمن خطوطًا عريضة لتظليل المسارات وحدائق شجرية في الطرق بين المشاعر، إلى جانب زيادة أجهزة التبريد والمبردات المائية.

وعمدت الجهات المعنية إلى الاستفادة من تجارب الأعوام السابقة، فزاد التنسيق بين الوزارات (الصحة، الداخلية، الشؤون البلدية وغيرها)، وزادت حملات التوعية للحجاج حول الوقاية. وعلى الرغم من الارتفاع القياسي في أعداد الحجاج (توقعات بلغت أكثر من 2 مليون حاج)، تظهر المؤشرات الأولية أن عمليات إنقاذ الحالات الحرجة أصبحت أسرع من ذي قبل بفضل هذه التحسينات.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الوئام , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الوئام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى