الإعلام الجنوبي .. سلاح الحقيقة في مواجهة تضليل الأعداء

يعد الإعلام وسيلة هامة وشديدة التأثير في صناعة الرأي العام وفقا لنظريات سياسية وثقافية محددة، وذلك بما له من فاعلية حاسمة في توفير المعلومة التي تصنع القناعات عند الجماهير سيما وان وسائل الإعلام تقوم بالدور الأهم في صياغة الصورة وتعديلها بما يخدم وجهة النظر التي تسعى لنشرها، كما أن للإعلام أيضا دورا أساسيا في بلورة السياسات وصياغة القرار السياسي، عبر الأخبار والمعلومات التي يروجها الإعلام في هذا الحدث أو ذاك خاصة في ظل التحولات والتطورات التكنولوجية المتطورة في الاتصالات حيث الأقمار الصناعية واستخداماتها الايجابية وكذلك السلبية التي تقوم على خلق تشوهات وإفراز إشكالات خطيرة تؤثر في وعي الجماهير ومواقفها السياسية من الأحداث.

في الجنوب كان الإعلام قبل الوحدة الصوت المعبر في كافة المجالات وكان له الأثر الكبير في توعية الشعب ونقل الأحداث عبر الصحف الرسمية وإذاعة وتلفزيون عدن آنذاك إلا ان تلك الوسائل تم تدميرها وتهميشها بعد الوحدة المشئومة في العام 1990م.

“الأعلام الجنوبي بعد حرب صيف 94م”

بعد الوحدة المشؤومة وجد الإعلاميون والصحفيون الجنوبيون أنفسهم مهمشين ومستبعدين محاربين، وتقلصت الفرص أمامهم بصورة كبيرة، سواء على مستوى الدراسة والتخصص في مجال الإعلام، أو العمل في وسائل الإعلام الجنوبية الرسمية، التي سيطر عليها نظام صنعاء اليمنية سيطرة كاملة، لا سيما بعد أحداث حرب صيف 94 المشؤومة، وأصبح الإعلام من يومها موجهًا لخدمة مصالح نظام صنعاء وتوجيهه ضد الجنوب , وقد سعى نظام الاحتلال اليمني الى تدمير قطاع الإذاعة والتلفزيون في عدن وطمس وتدمير ونهب كل ما يتعلق بهاذين القطاعين وإعلان الحرب على صحيفة الأيام وصحيفة الطريق التي كانتا الصوتين الوحيدين في الجنوب التي تنقل مأساة الجنوب, وكذا رفض نظام صنعاء منح التراخيص لوسائل إعلام جنوبية.

” الثورة الجنوبية والإعلام “

يمكن التأكيد أن المراحل النضالية التي مر بها الجنوب منذ ما بعد حرب الاحتلال اللعينة، لم تكن تحظى بتغطيات إعلامية كبيرة، إلى أن تفجرت ثورة الحراك السلمي في يوليو 2007، وجد الجنوبيون أنفسهم بحاجة لإعلام جنوبي مستقل وحر، لإيصال صوتهم للعالم، ونقل أحداث ثورتهم المتسارعة دون تلوين أو تشويش ، وفي هذه المرحلة الثورية السلمية التي مر بها الجنوب، ظهرت قنوات وصحف ومواقع إعلامية جنوبية، لكنها سرعان ما اختفت وتراجعت، إما لقلة الإمكانيات أو بسبب اختراقات النظام الحاكم، الذي سعى لتدمير كل الأصوات الجنوبية المعبرة والمناهضة، ومنها على وجه الخصوص صحيفة الأيام, و قناة عدن لايف تبث من الخارج وكانت مكلفة وبثت بضع سنوات ثم أغلقت, وهو ما دفع الشباب الجنوبي بالتوجه للمنتديات والمدونات على مواقع شبكة الإنترنت، في وقت كانت فيه وسائل الإعلام الخارجية أيضا حكرًا على الشماليين، ولم يكن هناك مراسلين جنوبيين لوسائل إعلام خارجية كوكالات أنباء عالمية، وقنوات، وصحف، إلا بالنادر.

لكن هذا لم يمنع الجنوبيين الذين وجدوا أنفسهم بحاجة للإعلام أكثر من أي وقت مضى، الأمر الذي أدى إلى إرسال المزيد من الشباب الجنوبي للدراسة في قسم الإعلام بجامعة عدن وحضرموت والتخصص في مجالات الإعلام المختلفة، لإيجاد كادر مؤهل ومحترف قادر على شق طريقه المهنية لخدمة قضيته السياسية العادلة، والتعبير عن ثورته الظافرة التي أخذت في التوسع والانتشار.

” الحرب الإعلامية”

تعددت وسائل إعلام اليمنية بمختلف انتماءاتها (اخوانية، عفاشية، حوثية) المحرضة ضد أهداف شعبنا الجنوبي العظيم وقضيته العادلة وقيادته , وشنت حرب إعلامية شرسة في تكوين الاتجاهات والأفكار والتطرف والإرهاب فهي تؤثر بما تقدمه من برامج وأفلام وأخبار عن الأشخاص والأحداث.

وتنشر بعض وسائل الإعلام مشاعر الكراهية والعدوانية للجنوب ومن جانب آخر، لقد ساعدت شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت) كوسيلة إعلامية عالمية في نشر الأفكار الأيديولوجيات المتطرفة والمنحرفة من خلال بروز فقه جديد عبر هذه الشبكة وهو ما يسمى فقه الإنترنت بما يحتويه من فتاوى فردية مشحونة بالانفعال والكراهية والتحريض على العنف، وصل إلى حد تجنيد الشباب صغار السن والتغرير بهم بدون علم أهلهم وبطرق كثيرة.
وتتأتى خطورة المرجعيات الدينية والنخبوية المختلفة في اليمن بوسائلها الإعلامية من أنها تستهدف الثقافة الجنوبية؛ بإلغاء الخصوصيات الثقافية وجعلها تابعة لثقافة الشمال، وبث وتسيد مفاهيم اجتماعية تفيد بتعبية الجنوب للشمال وتهشيم قاعدة المُقَدَّس بإحلال مفهوم الحاد الجنوب في دينهم، وهتك القيم؛ ومن ثم خلق الذهنية القابلة لتطور القيم وكسر الأمور المحرمة التي تحمي ثبات هذه القيم ؛ باعتبارها النواة الصلبة والثابتة التي تتمحور حولها مفردات الهوية الجنوبية وعلى رأسها العقيدة.

كما نشر إعلام الاحتلال اليمني الموجة العدائية الحديثة للقوى اليمينة بكل اطيافها على الجنوب ليست كولونيالية عسكرية، كما أنها ليست غزواً ثقافياً بالمعنى التقليدي؛ إنما هي حملة استئصال ثقافي تستهدف عقيدة الجنوب؛ لأن العقيدة مصدر قوة للمواطن الجنوبي.

“تأسيس الاعلام الجنوبي”

الاعلام الجنوبي تعرض لتدمير ممنهج في منظومته ابتداء من بنيته التحتية وانتهاء بكادره الذي تعرض للاقصاء والتهميش منذ احتلال الجنوب في يوليو 1994، وقد شكل اعلان عدن التاريخي في 4 مايو 2017 وتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي مرحلة جديدة في تاريخه لها خصائصها وسماتها ووسائلها،
صنع المجلس بمواقفه التفافًا إعلاميًا مساندًا حوله، ثم قامت القيادة بتأهيل 50 إعلاميا في دورات محترفة بجمهورية مصر العربية لدى أكثر المؤسسات احترافا وبشهادات معتمدة من كلية كمبردج البريطانية لتعلم فنون الإعلام الحديث، وأثمرت هذه الجهود عن إعلام جنوبي يصنع الحدث حاليا وأصبح قوة يحسب لها حساب بجهود الجميع وفي المقدمة القوة المساندة من شباب جنوبي وطني متطوع لخدمة شعبه وقضيته وقيادته وكان الجميع درع للجنوب وهزم آلة عالمية لدول وأحزاب ومرتزقة الإعلام.

بدأت القيادة الجنوبية بتدشين الاعلام الرسمي بافتتاح اذاعة هنا عدن في 9 فبراير 2019 وقناة عدن المستقلة في 13 مايو 2019 من العاصمة عدن ليدخل الاعلام الجنوبي مرحلة جديدة في تطوره، ومن ثم وضع استراتيجية للخطاب الاعلامي الجنوبي من جملة من الثوابت والمرتكزات من بينها التأكيد على مركزية الهوية الوطنية الجنوبية، وتعزيز الثوابت والقيم والمبادئ لشعب الجنوب وفي مقدمتها مبدأ التسامح والتصالح، وتوضيح مواقف شعب الجنوب المؤيدة للتحالف العربي، فشعب الجنوب شريك فاعل واساسي مع التحالف العربي في معركة الدفاع عن المشروع العربي وغيرها من الثوابت والمرتكزات ومن ثم تأسيس قطاعات إعلامية، قطاع الإذاعة والتلفزيون والصحافة والاعلام الحديث، ومركز التدريب والتأهيل الاعلامي وتأسيس عشرات من المواقع الإلكترونية الجنوبية، وتدريب المئات من الإعلاميين والصحفيين الجنوبيين ومن الجنسيين في الداخل والخارج، وكذلك فتح قنوات التواصل مع عدد من الصحفيين العرب والأجانب لمناصرة قضية شعب الجنوب وإيصال قضيته للمحافل الدولية .
وتم تأسيس الهيئات والكيانات الصحفية والإعلامية، وتأسيس الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي وتشكيل كيان نقابي مهني، يمثل حاضنا للمئات من الإعلاميين والصحفيين الجنوبيين، وتوسيع مساحة الحرية، وتأهيل الكوادر الإعلامية والصحفية، ودعم امتلاك وسائل الإعلام للراغبين في ذلك من المستثمرين والناشطين وكذلك إقرار نقابة الصحفيين الجنوبيين ميثاق الشرف الإعلامي الذي ينظم العلاقة بين وسائل الإعلام.

” مواجهة الاعلام المضاد”

إن النهج الإعلامي الذي يتسم بالخلل والتشويه والتحريض على العرب عامة وعلى الجنوب العربي الاصيل الذي كان انتهجه حزب الاخوان وذراعه الإرهابي القاعدة ومليشات الحوثي ضد الجنوب ودول التحالف العربي لما لها من أبعاد هذه الحرب الإعلامية وعليه حيث عرى الإعلام الجنوبي حقيقة أهداف تلك الإعلام الحاقد وكشف أهدافه المعادية للأمة، كما يتطلب من الجميع إدراك حقيقة هذا الإعلام والتوقف عندما ينشره ويبثه من إشاعات وتحريض للنيل من هذا قيادات شعب الجنوب المناضلة وشعبنا العربي ومقاومته المتمسكة بالثوابت الوطنية الجنوبية والعربية والمدافعة عن عقيدتها ومقدساتها هويتها.

كما إن الاعلام الوطني الجنوبي حقق عدد من الانجازات وقدم كثيرا من التضحيات ,
عملت وسائل الإعلام الوطني الجنوبي في المرحلة الأولى على صدّ ضربات الضخ الإعلامي والكثير من الأخبار المضللة، وبدأ العمل بطريقة مختلفة حين انتقل الإعلام إلى مرحلة كشف التضليل الإعلامي والتقنيات التي استخدمت والردّ عليه، حيث أن الإعلام استمد قوته وعزيمته من القوات المسلحة والمقاومة الجنوبية بقيادة الرئيس القائد / عيدروس قاسم الزبيدي، الذي كان يعبّر عن تقديره لكل إنجازات الإعلام، فقدّم الإعلاميون أرواحهم وهم يقومون بأداء واجبهم، وبات جميع الجنوبيين مذيعين ومحررين ومراسلين، حيث أصبح المواطن صانعاً للحدث.

وفي سبيل مواجهة التحديات التي تعيق مسير قضيته بذل المجلس الإنتقالي الجنوبي خلال السنوات المنصرمة منذ تأسيسه جهوداً كبيرة لتوحيد الخطاب الإعلام والسياسة الإعلامي , وأصبح الخطاب الإعلامي الجنوبي خطاب موحدا من خلال إيجاد فاعل سياسي متزن يشمل الجميع، بشكل عملي لضمان صيرورة خطاب فاعل ومرن يشمل الجميع بلا استثناء وقادرا على تجاوز الاختلافات والأزمات التي تنشا هنا وهناك، والعمل وفق تفاهمات مشتركة تضمن استمرارية الاستقرار السياسي وتشكيل نواة لممارسة النفس الديمقراطي.

“معالجات”

يرى مراقبون ان التخطيط الإعلامي الاستراتيجي الشامل يحتاج بشكل أساسي توفر سند إعلامي استراتيجي، لذلك أصبح الإعلام الاستراتيجي أحد القوى التي تعتمد عليها الدول، لأنه يمثل قدرة الدولة على التواصل مع الجمهور وقدرتها في التأثير عليه، وان الضعف في ذلك يعني منح الفرصة لإعلام الغير للتواصل مع الجمهور وبالتالي تشكيله وفق رؤية أخرى قد تكو مناقضة كليا لمتطلبات الدولة، كما يعني الإعلام الاستراتيجي على المستوى الخارجي القدرة على التواصل مع الجمهور العالمي وتشكيل رأي عالمي، مما يعطي الفرصة لتمرير مصالح الدولة على الساحة , لذا يرى المراقبون ان يتم تطوير وسائل الإعلام الجنوبي بما يتواكب العصر الحديث والعمل على تدريب وتأهيل الإعلاميين والصحفيين وإيجاد وسائل إعلام مختلفة قادرة على التصدي لتلك الشائعات والتضليل .

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة 4 مايو , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من 4 مايو ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button