اخبار حضرموت | اختفاء بن حبريش وعودة بن ماضي.. من الرابح ومن الخاسر؟ قراءة معمقة في المشهد الحضرمي

المكلا (حضرموت21)خاص:

تشهد حضرموت هذه الأيام منعطفًا سياسيًا حادًا، تجسّد في اختفاء الشيخ عمرو بن حبريش، رئيس حلف قبائل حضرموت، بالتزامن مع عودة المحافظ مبخوت بن ماضي إلى المكلا. مشهد كهذا لم يكن عابرًا، بل جاء ليكشف عن تحولات جذرية في موازين القوى، وليعيد طرح السؤال الجوهري: من الرابح ومن الخاسر في هذه المعادلة؟

المحافظ بن ماضي.. عودة الدولة من بوابة المكلا

عودة المحافظ مبخوت بن ماضي إلى المكلا لم تكن مجرد عودة شخصية، بل كانت عودة الدولة بكل ثقلها. فقد ظهر المحافظ بثقة أكبر، مدعومًا بشرعية رسمية وإسناد إقليمي ودولي، ليؤكد أن حضرموت لن تُدار بعد اليوم من وراء الستار عبر حلف قبلي أو جماعات مصالح ضيقة.
أبناء المحافظة لمسوا هذا التغيير بوضوح؛ فعودة بن ماضي حملت رسائل قوية بأن زمن الفوضى قد انتهى، وأن الدولة قادرة على فرض حضورها ومتابعة ملفاتها الخدمية والأمنية بعيدًا عن ابتزازات أو ضغوط خارج إطار القانون.

غياب بن حبريش.. سقوط النفوذ وتآكل الحلف

على الضفة الأخرى، مثّل اختفاء الشيخ عمرو بن حبريش ضربة موجعة لحلفه القبلي. فالأزمة المالية التي ضربت الحلف بحسب المصادر عرّت هشاشته، وأضعفت قدرته على الحشد والتأثير. ومع توقف الدعم المالي واللوجستي، وجد الحلف نفسه معزولًا ومطالَبًا بتسليم السلاح ووقف الأنشطة الخارجة عن النظام.
هذا الغياب لم يُقرأ كاستراحة محارب، بل كإقصاء فعلي لرجل فقد أوراقه وأدواته، وعجز عن توظيف الاحتجاجات الشعبية لصالحه، بل تحوّل إلى عبء على حلفه ذاته أمام الداخل والخارج.

بن ماضي الرابح الأكبر.. رجل التوازن والمرحلة

كل المعطيات تؤكد أن الرابح الحقيقي من هذه التطورات هو المحافظ مبخوت بن ماضي. فقد كسب ثقة الدولة، واستعاد زمام المبادرة في حضرموت، وأثبت أنه الرجل القادر على قيادة المرحلة بما يملكه من هدوء وحكمة واتزان.
بن ماضي ظهر كرمز للتوازن بين المكونات، ورجل مؤسسات أكثر من كونه رجل صفقات أو تحالفات هشة. شخصيته الهادئة وقدرته على إدارة الملفات الشائكة عززت صورته لدى الشارع الحضرمي، ورسّخت قناعته بأن الدولة لا بد أن تكون المرجعية الوحيدة لإدارة شؤون المحافظة.

الخاسر الأكبر.. مشروع الحلف القبلي

في المقابل، بدا حلف بن حبريش الخاسر الأكبر، بعد أن فقد الدعم المالي والغطاء الإقليمي (بحسب المصادر)، وخسر رهانه على تعطيل الإصلاحات، لتبقى صورته مرتبطة بعرقلة المشاريع وبالمواقف التي وضعت حضرموت في دائرة الشكوك. ومع انكشاف أوراقه، تراجع نفوذه إلى حدود ضيقة، بينما تمدّد المحافظ بصفته الرسمية والشعبية.

حضرموت بين مشروعين

اليوم تقف حضرموت أمام مفترق طرق تاريخي، يتجسد في مشروعين متناقضين يحددان مصيرها ومستقبلها:

المشروع الأول: مشروع الدولة

هذا المشروع يمثّله المحافظ مبخوت بن ماضي، الذي ظهر في لحظة غياب خصومه وكأنه الصوت الوحيد القادر على إعادة الاعتبار لسلطة الدولة. يقوم هذا المشروع على بسط النظام والقانون، وتحرير القرار الحضرمي من قبضة المصالح الضيقة، وربطه بالمؤسسات الرسمية التي تحظى بدعم إقليمي ودولي.
مبخوت بن ماضي قدّم نفسه كمسؤول لا يبحث عن الزعامة القبلية أو الحضور الشخصي، بل عن بناء منظومة حكم محلية فاعلة قادرة على إدارة موارد حضرموت، وضمان استقرارها، وحماية أبنائها من دوامة الصراع والفوضى. وفي ظل دعمه من الدولة والتحالف، فإن مشروعه يكتسب قوة إضافية تجعله الخيار الواقعي والآمن لأبناء المحافظة.

المشروع الثاني: مشروع الحلف القبلي

في المقابل، هناك مشروع الحلف القبلي بقيادة الشيخ عمرو بن حبريش، وهو مشروع تآكلت أركانه تدريجيًا بفعل الأزمات الداخلية والخارجية. فقد انكشف عجزه عن إدارة أي مسار سياسي أو خدمي، وأصبح مرادفًا للعرقلة وتعطيل الإصلاحات. ومع توقف الدعم المالي وتزايد الضغوط الإقليمية والدولية، لم يعد الحلف سوى ظلّ باهت لما كان يدّعيه من قوة ونفوذ.
هذا المشروع، القائم على الولاءات والمصالح، لا يملك رؤية لمستقبل حضرموت، بل يعتمد على لغة القوة والسلاح التي لم تعد مقبولة داخليًا ولا خارجيًا. وهو ما جعل أبناء المحافظة ينظرون إليه كمصدر للتوتر بدلاً من كونه مظلة حماية أو تمثيل سياسي حقيقي.

حضرموت تختار

بين هذين المشروعين، يبدو أن حضرموت بدأت تميل بوضوح نحو مشروع الدولة الذي يجسده المحافظ بن ماضي. فالمجتمع الحضرمي، بطبيعته السلميّة والمدنيّة، يفضّل الاستقرار والتنمية على الفوضى والابتزاز، ويرى في الدولة إطارًا جامعًا يوفر الأمن والخدمات ويؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة الفاعلة.
أما مشروع الحلف القبلي، فقد تضاءلت فرصه في الاستمرار، بعدما فقد أدواته وغطاءه، ولم يعد قادرًا على مجاراة التغيرات المتسارعة التي تشهدها حضرموت والجنوب عمومًا.

خلاصة
حضرموت اليوم أمام خيار استراتيجي: إما أن تنحاز لمشروع الدولة بقيادة المحافظ مبخوت بن ماضي، وهو المشروع الذي يحمل معها وعد الاستقرار والتنمية، أو أن تتمسك بمشروع الحلف القبلي الذي ثبت فشله وانكشافه. ومع كل التطورات الأخيرة، يبدو أن الكفّة ترجّح باتجاه الدولة، وأن حضرموت بدأت ترسم مستقبلها الجديد بعيدًا عن الابتزاز القبلي والرهانات الخاسرة

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة :
حضرموت 21، ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وإنما تم نقله بمحتواه كما هو من حضرموت 21، ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكره.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى