اخبار السعودية : "سبق" تدق ناقوس الخطر وتناقش مستقبل المياه.. والغامدي يرد: امنعوا "مزارع" المتقاعدين ورجال الأعمال وارفعوا الأسعار للحفاظ على الماء

– إذا فقدنا الشريط “المطير” من الطائف حتى الجنوب سيسود العطش وسيهدد وجود أجيالنا القادمة.

– الغطاء النباتي يشكل أحد أهم حلقات الدورة المائية في الطبيعة وهنا تبرز أهمية مبادرة “السعودية الخضراء” ووظيفتها.

– لهذه الأسباب جفت عيون الأحساء “الفوارة” والآبار بعد أن كانت المياه على بُعد 10 أمتار فقط من سطح الأرض.

– أدعو لوقف التصدير الزراعي بكل أشكاله فنحن نحلي مياه البحار بأغلى الأثمان ونصدر مياهنا الجوفية مجانًا وبدون ثمن.

– التخبط والاجتهادات استنزفت “المياه الجوفية” والمُزارع السعودي سيدفع الثمن بخروجه من المهنة.

– أطالب بالتخلص من النخيل الزائد وإيقاف زراعة الفواكه ومنع تصدير المنتجات الزراعية فليس المهم أن ننافس بل نوفر الماء.

– النمو السكاني وتغير المناخ سيزيدان الضغط على استنزاف المياه في مناطق الدرع العربي والصخور الرسوبية.

– منذ تأسيس وزارة البيئة والمياه والزراعة عام 1954م ورغم الحقائق المقلقة لم نرَ منها مشروعًا واحدًا لتنمية المياه الجوفية.

– مخزوننا من المياه سُحِب منه 700 مليار متر مكعب على زراعات عشوائية خلال العقدين الماضيين.

– لمنع التصحر تم غرس 10 ملايين شجرة في مشروع حجز الرمال بالأحساء عام 1961م.. لكن تم القضاء عليه.

– لا بد من عودة العائلة الزراعية السعودية فهي صمام الأمان لتلافي الجوع والعطش.

– السدود أحد مؤشرات التصحر وهي مشاريع لتجميع مياه السيول وتبخيرها وتمنع تغذية المياه.

– أشجار “الأثل” و”البرسوبس” نجحت في محاربة التصحر وزحف الرمال في سهول تهامة والشرقية.

حوار / شقران الرشيدي- سبق- الرياض : في شهر مايو الماضي أصبحت السعودية أحدث دولة تنضم رسميًّا إلى التحالف الدولي لمكافحة الجفاف، وهو تحالف عالمي يحشد القوى السياسية، والقدرات التقنية والاستثمارات المالية من أجل إعداد العالم لمواجهة أشد موجات الجفاف كأبرز الكوارث الطبيعية فتكًا وتكلفةً على البشر.. اهتمت “سبق” بموضوع الجفاف ومستقبل المياه في السعودية، واستضافت الخبير والباحث السعودي الدكتور محمد بن حامد الغامدي، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل سابقًا، الأكاديمي والمهتم بقضايا ومشكلات المياه والبيئة، لمناقشة هذا الملف التنموي الهام.

وقال الغامدي: “مبادرتا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”، تمثلان الحل الاستراتيجي الأمثل لمشكلة ندرة المياه في السعودية على المدى الطويل”.

وأشار إلى أن أشجار (الأثل)، و(البرسوبس) أثبتت نجاحًا في محاربة التصحر وزحف الرمال، خاصة في مناطق سهول تهامة والمنطقة الشرقية خاصة.

وأكد أن استنزاف المياه الجوفية شكّل خطرًا حقيقيًّا على المخزون الاستراتيجي من المياه التي لا يمكن تعويضها في مناطق الصخور الرسوبية، وعلى زراعات عشوائية وبدون تخطيط وحسابات الجدوى الاقتصادية المائية.

ويتناول الحوار محاور مهمة حول الجفاف ومستقبل المياه في السعودية، فإلى التفاصيل.

السعودية الخضراء

** أعلن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن إطلاق مبادرتَي “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”.. كيف ترى انعكاسات هاتين المبادرتين في المحافظة على مصادر المياه، وفي توظيفها للتقنية الحديثة وتنميتها؟

يحمل هذا السؤال المهم 3 محاور رئيسية، الأول: المبادرة نفسها، والثاني: علاقتها بالمحافظة على المياه، والثالث: علاقتها بتوظيف التقنيات الحديثة وتنمية هذه التقنيات.. أيضًا تشمل المبادرة بلدنا السعودية، وبلاد الشرق الأوسط. والملفت للنظر أننا جميعنا في هذه المنطقة شركاء في حقيقة شح المياه وندرتها، وهي المناطق الأكثر حاجة للمياه من أي بقعة في العالم، وهذه المبادرة تمثل واجهة محور الحل الاستراتيجي الأمثل لحل مشكلة ندرة المياه في المملكة على المدى الطويل، فهي ستعمل لتحقيق هذا في حال تم تبني فلسفتها لصالح البيئة، وسأتحدث هنا عن أهميتها من خلال سرد بعض الحقائق عن وضع المياه في المملكة:

1. نحن في وطن صحراوي شديد الجفاف في مناطقه الأكثر مساحة، وتشكل حوالى (1.366) مليون كيلومتر مربع من مساحته البالغة (2.25) مليون كيلومتر مربع.

2. المطر المصدر الطبيعي الوحيد والرئيسي لمياهنا الجوفية الثمينة.

3. كمية المطر قليلة وشحيحة، وتتعاظم في جزء بسيط من مساحة هذا الوطن العزيز.

4. تتركز مساحة نزول المطر، الذي يعول عليه، في شريط قمم المناطق الجبلية المطلة على سهول تهامة من جبال الحجاز والسراة، وبعرض لا يتجاوز (10) كيلومترات، وترتفع بأكثر من (2000) متر عن سطح البحر، هذا الشريط المطير حاليًا هو الأهم استراتيجيًّا لمياه الحاضر والمستقبل.

5. هذا الشريط المطير هو ما تبقى من المناطق المطيرة، وحقائق هذا الشريط تدعو بقوة لتعظيم القلق على المياه، وعلى سلامة وصحة بيئة تلك الجبال الاستراتيجية، وتلك المنطقة المطيرة تقلصت بفعل عوامل كثيرة، ولم يتبقَّ منها حاليًا سوى الشريط المطير في الجنوب الغربي، الممتد من الطائف حتى أقصى نقطة جنوبية، وبفقده هو الآخر سيسود العطش الذي سيهدد وجود حياة أجيالنا القادمة، جميع عوامل تآكل هذا الشريط المطير، وحقائق مؤشرات تدهوره تتعاظم عبر العقود، مع إهمال يأخذ منحنيات ومسارات عديدة تزيد الطين بلة في ظل تدمير وإهمال بيئة جبالها دون عناية واهتمام.

مع تلك الحقائق وغيرها، تأتي أهمية مبادرة سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في جعل بلدنا خضراء، فلقد أثبتت جميع النظريات العلمية والحقائق الطبيعية أن الغطاء النباتي يشكل أحد أهم حلقات الدورة المائية في الطبيعة، من هنا تبرز أهمية المبادرة ووظيفتها، ويأتي التصحر ويتوسع مع غياب الشجر، ويأتي العطش مع التصحر، ويأتي الموت والهجرات مع العطش.. إن تعظيم حلقة عامل الغطاء النباتي في الدورة المائية الطبيعية، سيزيد من كميات الأمطار ويخفض درجات الحرارة، وهكذا يتضح دور وأهمية هذه المبادرة في ظل حقيقة ندرة مصادر المياه الطبيعية في المملكة.

تحقيق التوازن

** إذًا كيف نحقق التوازن المطلوب بين هذه المبادرة وحقائق شح المياه حاليًا؟

التوازن يأتي من رصيدنا في مكافحة التصحر، والذي فرطنا فيه في مرحلة عقود سابقة، وبشكل يثير علامات التعجب، نحن أول من بادر على مستوى العالم في محاربة التصحر؛ حيث تم تأسيس مشروع حجز الرمال في الأحساء، عام 1961م؛ بهدف وقف زحف الرمال؛ وذلك بغرس (10) ملايين شجرة، وبالفعل حقق المشروع أهدافه بأيدٍ وعقول سعودية، واكتسبنا خبرة تراكمية جعلتنا أول من ابتكر الطريقة الجافة في زراعة الأشجار؛ لكن تم القضاء على المشروع وعلى خبراته السعودية التراكمية الفريدة والنادرة، وتحقيقُ هذه المبادرة يجب ألا يكون على حساب استنزاف المياه الجوفية، وعلينا إحياء طريقة الزراعة الجافة وتطويرها تقنيًّا لتسهيل نجاح التشجير دون ري، وأيضًا علينا اختيار الأشجار المحلية المناسبة لكل منطقة وفقًا لظروفها المناخية والجغرافية والجيولوجية، وأمامنا بجانب الأشجار المحلية -لكل منطقة- أشجارٌ أخرى نافعة ثَبَت نجاحها في تحمل الظروف المناخية في جميع المناطق ومنها أشجار (الأثل) و(البرسوبس) التي أثبتت نجاحًا في محاربة التصحر وزحف الرمال؛ خاصة في مناطق سهول تهامة والمنطقة الشرقية خاصة، وأيضًا علينا تلافي التوسع في زراعات أشجار الفاكهة حيث يعتبرها البعض جزءًا من تحقيق هدف هذه المبادرة.

وهناك فكر يرى زراعة الأشجار المثمرة بدلًا من الأشجار غير المثمرة، وهنا الخطورة التي يجب تجنبها؛ لأن جميع الأشجار المثمرة بحاجة إلى كميات ري طوال السنة، وهذا يشكل ضغطًا هائلًا على استنزاف المياه الجوفية المحدودة سواء المياه المتجددة أو غير المتجددة.. وكنتيجة لهذا؛ سيعظم استنزاف المياه الجوفية المحدودة بشقيها المتجدد وغير المتجدد، وفي الجانب التقني سيكون لمبادرة “السعودية الخضراء” دور مهم في تطوير التقنيات بجانب تطوير طرق الزراعة في المناطق الصحراوية بما يضمن نجاح التشجير بدون ري، وعلى رأسها طريقة الزراعة الجافة التي تم ابتكارها بفكر سعودي في مشروع حجز الرمال قبل الغائه.

ندرة الموارد المائية

** في ظل ندرة الموارد المائية والنمو السكاني المطرد، وتغير المناخ؛ كيف يمكن تقييم الوضع الراهن لقطاع المياه في المملكة؟

لم تتغير الحقائق الجغرافية والمناخية في المملكة، ونتيجة لذلك سيظل الماء المحور الأهم والضروري لأي تنمية اقتصادية واجتماعية، وليس هذا فقط؛ لكن مع زيادة الطلب على المياه سنة بعد أخرى؛ سيزيد الضغط على استنزاف المياه الجوفية الاستراتيجية بشقيها المتجدد في مناطق الدرع العربي أو غير المتجدد في مناطق الصخور الرسوبية، وقد حققت المملكة أعظم إنجاز في تاريخ شبه الجزيرة العربية بكاملها بتوفيرها المياه بطرق وأدوات وإمكانيات مالية ضخمة سخّرتها بسخاء لتوفير المياه من أجل راحة ورفاهية المواطن والمقيم.

محاربة العطش

** تَبَنَيْتَ مشروع “محاربة العطش” من أجل تحقيق الاستدامة المائية للأجيال القادمة، لماذا طرحتَ هذا المشروع؟

هناك أسباب عديدة منها:

1. أن بلدنا عبر التاريخ بلد طارد بسبب ندرة الماء، ولا يوجد في بلدنا مياه سطحية، وهي المياه التي نلمسها باليد ونراها بشكل مباشر مثل الأنهار والبحيرات؛ ونتيجة لذلك أصبح -وعبر التاريخ- بعض سكان المملكة يعتمدون في الواحات على مياه العيون الفوارة في مناطق الصخور الرسوبية، ومنها واحة الأحساء في المنطقة الشرقية وواحة الخرج في المنطقة الوسطى؛ لكن الكثافة البشرية كانت تتوزع على مناطق الجنوب الغربي المطيرة، وقبل البترول كان أهل هذه المناطق يشكلون حوالى 60% من سكان المملكة.

2. شكل استنزاف المياه الجوفية خطر حقيقيّ على المخزون الاستراتيجي من المياه الجوفية التي لا يمكن تعويضها في مناطق الصخور الرسوبية، وعلى زراعات عشوائية أي بدون تخطيط وبدون حسابات الجدوى الاقتصادية المائية، ونتيجة لذلك تم سحب أكثر من (700) مليار متر مكعب من هذه المياه الثمينة خلال أقل من عقدين وعلى زراعات لم يُكتب لها نجاح الاستدامة.

3. جفاف جميع العيون الفوارة في جميع مناطق المملكة وأيضًا انخفاض مناسيب المياه الجوفية بشكل حاد، وهذا مؤشر خطورة على وقوع العطش؛ حيث انتشر جفاف المزارع وتوقف النشاط الزراعي في مناطق عديدة.

4. مُعايشتي لجفاف جميع عيون الأحساء الفوارة وهي تشكل الواحة الأكبر على مستوى العالم، وقد وضعتُ كتابًا عن وضع المياه في الأحساء بعنوان: (الكارثة المغيبة- نضوب مياه عيون واحة الأحساء)، لقد عشت غزارة إنتاج هذه العيون الفوارة من المياه، وعشت هبوط مناسيبها، وعشت أيضًا نضوبها بالكامل.

5. انخفاض مناسيب المياه الجوفية في الآبار الارتوازية لأكثر من 200 متر في بعض المواقع وكانت على بُعد (10) متر من سطح الأرض.

6. في مناطق الدرع العربي أصبح السحب من المياه الجوفية المتجددة يفوق التعويض بعشر مرات.

7. انتشار جميع مؤشرات التصحر في جميع مناطق المملكة وبشكل سريع ومضاعف، ومنها تهدّم النظم الزراعية والمائية التقليدية.

8. تشكل المياه الجوفية المصدر الأهم لحوالى 90% من استهلاكنا من المياه لجميع الأغراض: (الزراعية، والبشرية، والبيئية، والصناعية)، وهذا يحدد أهميتها؛ وبالتالي أهمية القلق على مياهها، من مواجهة النضوب الدائم، وهناك أسباب أخرى عديدة وكلها مهمة وخطيرة، ومع الماء كل شيء خطير ومهم، وليس هناك مهم وأهم، وهذه حزمة من الأسباب التي تدعوني إلى دق ناقوس خطر العطش في ظل المؤشرات وتفاقمها.

مياه الشرب

** ذكرت بعض التقارير المتخصصة أن 50% من مياه الشرب تأتي من تحلية مياه البحر، و40% من استخراج المياه الجوفية غير المتجددة، و10% من المياه السطحية “الأمطار”، فكيف يمكن تنمية ثروتنا المائية؟

سؤال استراتيجي مهم ويحمل الكثير من الأبعاد، وبغض النظر عن الأرقام وما يترتب عليها من استنتاجات مهمة؛ المهم الذي يجب إدراكه ويجب عدم غيابه -خاصة لواضعي السياسات المائية- هو حقيقة ندرة المياه في المملكة التي تقدر مساحتها بـ(2.25) مليون كيلومتر مربع، هذه الندرة تشكل فاجعة مستدامة تحتاج إلى حلول استراتيجية دائمة العطاء ومتجددة، حتى اليوم ورغم الحقائق المقلقة لا أرى أي مشروع واحد لتنمية المياه الجوفية منذ تأسيس وزارة البيئة والمياه والزراعة عام 1954م، هناك من يدّعي أن السدود هي مشاريع لتنمية المياه الجوفية؛ لكني أراها أحد مؤشرات التصحر، وكتبت عن هذه السدود الكثير، وهي مشاريع لتجميع مياه السيول وتبخيرها، ومشاريع تمنع تغذية المياه الجوفية، والحديث السلبي عنها يطول.. إن فهم طبيعة البيئة السعودية مقدمة لحل شامل لتنمية المياه الجوفية، وقد وضعتُ (12) كتابًا حول هذا الشأن الاستراتيجي المهم؛ حتى إن عناوين أحد هذه الكتب يحمل (إنقاذ المستقبل من العطش)، وهناك كتاب جديد قادم يحمل رسالة عظيمة يحمّلنا مسؤولية فشلنا في استدامة المياه الجوفية في ظل المؤشرات القائمة، وعالميًّا نحن كعرب في شبه الجزيرة العربية مَن وضع أسس تغذية المياه الجوفية، ونفّذها، ومارسها عبر القرون، ونحن من أسس لعلم تغذية المياه الجوفية الذي حافظ على بقائنا في وطننا حتى اليوم، ومشروع تغذية المياه الجوفية مشروع لا تتوقف توسعاته، ويمكن لكل جيل إضافة جزء إلى البناء السابق، وهكذا من جيل إلى جيل يستمر عطاؤه، وهذا المشروع التاريخي بدأ يتآكل، وكتابي القادم الذي سيتم طرحه يحمل النداء الأخير لإنقاذ المستقبل من العطش؛ وذلك بتحقيق إنقاذ بناء هذا المشروع التاريخي التراثي المتجدد مع الأجيال.

مشاريع ضخمة

** هذا يدفعني لسؤالك عن إنشاء أكثر من 570 سدًّا مائيًّا تجمع نحو 2.6 مليار متر مكعب تقريبًا؛ فهل تراها كافية لدعم مصادر مياه الشرب؟

ليس هناك أي مشروع لحصاد المطر بهدف تغذية المياه الجوفية، وكل هذه السدود لا تحقق الأمن المائي، ولن تحققه لجميع القطاعات الزراعية والسكانية والبيئة والصناعية، وقدمت نظرية ضد بناء السدود في المناطق الجافة في تسعينيات القرن الماضي الميلادي، ومعظم هذه السدود تقع في جبال الدرع العربي وهذا يمنع تسرب مياه الأمطار من تغذية المناطق الداخلية مرورًا بهضبة نجد حتى الخليج العربي. وضّحتُ هذا الأمر في كتابي بعنوان “بيشة الموقع الاستراتيجي لقياس مستقبل وضع المياه الجوفية في المملكة العربية السعودية”، المشكلة ليست في مياه الشرب، المشكلة الأكبر تكمن في الوفاء بمتطلبات التوسعات الزراعية من المياه الجوفية، فالبيئة أيضًا بحاجة إلى الماء، أيضًا الصناعة بحاجة إلى الماء، والزراعة وحدها تستهلك أكثر من 80% من مياهنا الجوفية، ونحن نعيش في وطن كل مساحته بحاجة إلى الماء. ونتيجة لذلك كان أحد أهم كتبي يحمل عنوان “الماء وطن”.

إيقاف زراعة الأعلاف

** إلى أي مدى أدى خفض مساحات المزارع، وإيقاف زراعة الأعلاف في خفض استهلاك المياه في المملكة؟

أي تقليص في مساحات الزراعات العشوائية هو مكسب حقيقي لصالح مياه الأجيال القادمة، الجميع يستنزف من المخزون الاستراتيجي للمياه الجوفية، لكن يبدو أن الشأن الزراعي ما زال هو المهيمن على وضع المياه، والتخبط والاجتهادات في الشأن الزراعي ما زالت قائمة، الفكر الزراعي هو المسيطر على الفكر المائي، وكان يجب أن يكون الماء محور أي تنمية زراعية، واستنزاف المياه الجوفية ما زال يتفاقم سنة بعد أخرى على حساب مستقبل المزارع السعودي الذي يمارس الزراعة كمهنة، والذي يدفع الثمن دومًا في مجال الخروج من هذا النشاط، أدعو إلى عودة العائلة الزراعية السعودية. فهي صمام الأمان لتلافي الجوع والعطش.

رفع الأسعار

** كيف يمكن خفض معدلات الاستهلاك الحالية في القطاعات البلدية، والزراعية، والحضرية؟

أولًا: يمكن خفض معدلات الاستهلاك الحالية في القطاعات البلدية عن طريق رفع أسعار المياه بطرق تضمن حقًّا أدنى لكل مواطن مجانًا، ثم بعد ذلك يتم التدرج في وضع أسعار تزيد مع زيادة استهلاك المياه، ولا يستوي من يوفر الماء مع من يغالي في استهلاك المياه، ثانيًا: بالنسبة للشأن الزراعي، يجب وضح حد لهيمنة القطاع الزراعي على المياه ومستقبلها.. أدعو لحصر النشاط الزراعي في العائلات السعودية الزراعية التي تمتهن الزراعة كمهنة لكسب رزقها، ثالثًا: أدعو لوقف زراعة المتقاعدين والشركات والمؤسسات ورجال الأعمال، رابعًا: أدعو لوقف التصدير الزراعي بكل أشكاله وفي كل مجال؛ فنحن نصدر المياه الغالية والثمينة، ونحن نحلي مياه البحار بأغلى الأثمان، ونصدر مياهنا الجوفية مجانًا وبدون ثمن! تناقض ليس له مبرر مع ندرة الماء! والمال ليس كل شيء في حياتنا، خامسًا: وقف زراعة أشجار الفواكه فهي ليست غذاء أساسيًّا ومنها التمر، ويمكن استيرادها لتحقيق استدامة مياهنا الجوفية للأجيال القادمة، سادسًا: التخلص من النخيل الزائد بإنتاجه الفائض عن حاجتنا، مع التركيز على زراعة النخيل الأكثر جودة، ليس مهمًّا أن ننافس في تصدير التمور فهذا يحصل حلى حساب استنزاف المياه الجوفية في الوقت الذي نعمل على “أعذبة” مياه البحار بتكاليف باهظة الثمن وبتقنيات ذات عمر افتراضي، وهناك الكثير من الإجراءات والسياسات التي يجب سنها في كل مجال لتحقيق نجاح استدامة المياه، لنضع أمام أعيننا وفكرنا وتصرفاتنا مع المياه حث الرسول صلى الله عليه وسلم لنا بعدم الإسراف في استخدام الماء ولو كنا على نهر جار.

مستقبل المياه

** ما هو مستقبل المياه في المملكة، وعلى المستوى العالمي؟

مستقبل المياه في المملكة يعتمد على مصادر هذه المياه، هناك مصادر طبيعية، وهناك مصادر غير طبيعية، والمصادر الطبيعية تعتمد على المطر وعلى المخزون الجوفي من المياه غير المتجددة والمخزونة من فترات العصور المطيرة، وهذه المياه الجوفية تشكل حوالى 90% من مصدر المياه في المملكة، وهذا يزيد من استنزافها الجائر في ظل غياب تنمية هذه المياه، لأن جميع المؤشرات تؤكد أن زيادة الطلب على هذه المياه سيتعاظم في ظل توسعات زراعية لا تنظر للمحاذير وتتجاهلها، وهذا يعني أن نضوب المياه الجوفية أمر حتمي ما لم يتغير وضع التوسعات الزراعية العشوائية، وأيضًا ما لم يتم تقنين الاستهلاك السكني والصناعي والبيئي؛ لكن الأمر يختلف مع المصادر غير الطبيعية؛ حيث يمكن تنميتها، لكن تواجه تحديات عمرها الافتراضي وارتفاع تكاليفها، وهذا يتطلب أموالًا دائمة الحضور.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى