25 مايو يوم كسرت الضالع القيود وأعلنت ميلاد جديد للجنوب الحر

تحيي محافظة الضالع غدا الذكرى العاشرة لتحريرها من قبضة الميليشيات الحوثية في25 مايو 2015 بعد معركة شرسة شهدت مساهمة فعالة من أغلب ابناء الجنوب وانتهت بدحر المليشيات الحوثية وتحرير المحافظة لتكون أول منطقة عربية تهزم المشروع الفارسي وتقطع ذراع إيران في المنطقة.
مثل ذلك الحدث المفصلي الذي دوّن بمداد من دماء ونار أولى صفحات الانتصار الجنوبي في وجه المشروع الإيراني في اليمن والمنطقة العربية. ففي مثل هذا اليوم من عام 2015، سطّرت الضالع ملحمة نضالية خالدة بقيادة القائد عيدروس قاسم الزُبيدي،ورفيق دربه الشهيد عمر ناجي القائد الميداني لمعركة التحرير حيث تمكّن أبناؤها الأبطال من كسر الحصار وطرد الميليشيات المدعومة من إيران، في معركة غيرت ملامح الصراع وأعادت للجنوب أمله في استعادة الكرامة والسيادة.

لقد كانت الضالع أكثر من مجرد ساحة معركة؛ كانت الرمز والمحرّك، وكانت أولى الجبهات التي أعلنت التمرّد على واقع الانكسار، ففتحت الباب واسعاً أمام بقية المحافظات الجنوبية للالتحاق بركب المقاومة والتحرير. شكّلت الضالع الشرارة الأولى لثورة الجنوب المعاصرة، وساهم انتصارها في إحياء روح النضال وتعزيز التلاحم الشعبي والعسكري في مواجهة التمدد الإيراني الذي سعى لابتلاع اليمن وتحويله إلى ساحة نفوذ طائفي.
ولم يكن هذا النصر إلا ثمرة لتضحيات جسيمة دفع ثمنها أبناء الضالع من أرواحهم، حيث سقط مئات الشهداء والجرحى وهم يدافعون عن أرضهم وكرامتهم. ورغم المعاناة، لم تتراجع عزائم المقاتلين، بل تجلّت فيهم أسمى معاني البذل والفداء، حتى أصبحت الضالع اليوم منارة للمقاومة الجنوبية، ومعلماً تاريخياً يفاخر به كل أبناء الوطن.

*تكسر القيود وتولد الحرية

لم ترضخ الضالع أو تقبل العيش تحت ظل الاحتلال اليمني، بل كانت منذ اجتياح 1994 رمزًا للمقاومة، ودفع أبناؤها الثمن غاليًا من أرواحهم وكرامتهم في سبيل الحرية. فمنذ أن اجتاحت قوات نظام صنعاء الجنوب بالقوة العسكرية في حرب صيف 94، تعرّضت الضالع لسلسلة ممنهجة من الجرائم والانتهاكات، طالت المدنيين والمنشآت والممتلكات، وصولًا إلى مجزرة سناح الدموية، التي تبقى شاهدًا حيًا على وحشية نظام لا يعرف للإنسانية ولا للقانون سبيلاً.

بدأت الانتهاكات مبكرًا، إذ فُرضت سياسة الإقصاء والتجويع والتهميش بحق أبناء الضالع، وتعمّدت سلطات صنعاء تحويل المحافظة إلى ثكنة عسكرية، وانتُهكت الحقوق الأساسية للمدنيين، وسُلبت الأراضي، وجرى تهميش الكوادر وإقصاءهم من مؤسسات الدولة. ومع انطلاق الحراك الجنوبي السلمي في 2007، كانت الضالع من أولى المحافظات التي رفعت راية المطالبة بالحرية والاستقلال، لكنها قوبلت بقمع دموي.

في تلك السنوات، تحوّلت شوارع الضالع إلى ساحات مفتوحة للرصاص والقمع، حيث كانت القوات اليمنية تواجه المظاهرات السلمية بالرصاص الحي، وتطلق النار على رؤوس المتظاهرين، وتداهم القرى ليلاً، وتعتقل النشطاء، وتُخفي العشرات قسرًا. وتعرضت أحياء سكنية كاملة للقصف العشوائي، فيما مُنع إسعاف الجرحى، وفرضت حالة من الحصار على المدينة وقراها.

لكن كل تلك الانتهاكات رغم بشاعتها لم بقدر ما شهدته الضالع في مجزرة سناح، التي تُعد واحدة من أسوأ جرائم الاحتلال اليمني في الجنوب الحديث. ففي ديسمبر 2013، ارتكبت قوات اللواء 33 مدرع، بقيادة الضابط المجرم عبدالله ضبعان، جريمة حرب مكتملة الأركان حين قصفت بشكل مباشر مجلس عزاء في منطقة سناح، كان يضم مئات المدنيين، أغلبهم من النساء والأطفال.

سقط في تلك المجزرة أكثر من 40 شهيدًا وعشرات الجرحى، بينما كانت الدماء تسيل على الأرض في مشهد يعكس قبح الاحتلال وجبنه ورغم توثيق صور المجزرة وفيديوهاتها في وسائل الإعلام، لكنها لم تلقَ أي تحرك دولي فعّال، ما شجّع النظام على مواصلة جرائمه في ظل صمت دولي مخزٍ.

لم تكتفِ قوات الاحتلال بالمجزرة، بل تواصلت عمليات القصف العشوائي على أحياء الضالع، واستُهدفت منازل المدنيين بقذائف الهاون والدبابات، وتم تدمير منازل بالكامل على رؤوس ساكنيها. وقد نزح مئات العائلات من قراهم، وأُحرقت المزارع، وانتُهكت حرمة البيوت، وتحولت حياة المواطنين إلى كابوس دائم تحت القصف والتهديد.

رغم كل هذه الفظائع، لم تنكسر الضالع. بل كانت كل دمعة وصرخة وقطرة دم تُنبت وعيًا جديدًا ومقاومة أشد. وكانت مجزرة سناح واحدة من أبرز المحطات التي حوّلت الحراك السلمي إلى مقاومة مسلحة، وأعطت دفعة معنوية هائلة للشباب الذين حملوا السلاح دفاعًا عن كرامتهم ووجودهم، وصولًا إلى معركة التحرير البطولية في 2015، التي كُتبت بدماء الشهداء كأول انتصار جنوبي على الاحتلال وأدواته.

اليوم، وبعد عقد من الزمن على المجزرة، لا تزال الضالع تتذكر أبناءها الذين سقطوا برصاص القتلة، ولا تزال تناضل من أجل العدالة، ومن أجل أن يُحاكم مجرمو الحرب الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء، وعلى رأسهم عبدالله ضبعان، الذي لم تَطله العدالة بعد.

إن ما تعرضت له الضالع ليس مجرد فصول من معاناة، بل جرائم ضد الإنسانية يجب أن تُوثق ويُحاسب مرتكبوها. وهي اليوم، أكثر من أي وقت مضى، متمسكة بحقها في الحرية والاستقلال، وفي أن يعيش أبناؤها في وطن يحميهم لا يقصفهم، وطن يصون دماءهم لا يسفكها.

*25 مايو فجر الجنوب الذي أطل من الضالع

في 25 مايو من العام 2015، سطّرت محافظة الضالع جنوب اليمن ملحمة وطنية خالدة، حين تمكن أبناؤها الأبطال من تحرير مدينتهم من قبضة ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، في معركة اعتُبرت التحول الاستراتيجي الأول على طريق كبح جماح المشروع الصفوي الإيراني في اليمن والمنطقة العربية. لم يكن هذا النصر حدثاً عسكرياً عابراً، بل مثّل نقطة انطلاق لمقاومة جنوبية شاملة، وأعاد للشارع العربي الثقة بقدرة الشعوب على إسقاط المشاريع الطائفية والمليشياوية، مهما عظُمت التحديات.

منذ اللحظات الأولى لاجتياح الميليشيات الحوثية للمحافظات اليمنية، وقفت الضالع بشجاعة نادرة لتكون أول المحافظات التي تواجه الغزو، وتتصدى له بكل ما تملك من عزيمة ووعي وطني. وبقيادة القائد عيدروس الزُبيدي، انطلقت المقاومة الجنوبية في الضالع بروح وطنية خالصة، حيث خاض المقاتلون معارك شرسة ضد ترسانة العدو المدعومة من إيران، مستخدمين إمكانياتهم المحدودة وإرادتهم الصلبة، حتى تمكنوا من طرده وكسر مشروعه في المنطقة.

لم تكن المعركة مجرد حرب جغرافية لتحرير محافظة، بل كانت حرب هوية وكرامة ووجود، واجه فيها الجنوبيون مشروعاً إقليمياً يتخذ من اليمن نقطة انطلاق للتغلغل في العمق العربي. وسرعان ما تحولت الضالع إلى رمز للكرامة، وقدّمت نموذجاً يُحتذى في الصمود الشعبي والعسكري، ملهمة بقية المحافظات الجنوبية للالتحاق بصف المقاومة ومواصلة تحرير الأرض.

تحرير الضالع لم يُسجَّل فقط في صفحات الجنوب، بل كان له صداه في الإقليم العربي ككل، حيث عكست تلك اللحظة مدى وعي أبناء الجنوب بخطورة المشروع الإيراني الطائفي، وبُعد نظرهم في التصدي له مبكراً قبل أن يستفحل. لقد قدّمت الضالع درساً عملياً في المواجهة الصلبة، مؤكدة أن الأمن القومي العربي يبدأ من بوابة اليمن، وأن كسر شوكة الحوثي هو كسر لأذرع طهران في المنطقة.

* تضحيات لا تنسى ودماء لا تجف

لم يكن الانتصار بلا ثمن؛ فقد قدّمت الضالع مئات الشهداء والجرحى في معركة التحرير، من خيرة شبابها ورجالها، الذين آمنوا بعدالة قضيتهم وواجبهم في حماية الأرض والدين والعروبة. واليوم، تُخلَّد تضحياتهم كبذور لمشروع وطني كبير يهدف لاستعادة الدولة الجنوبية المستقلة، وبناء مستقبل أكثر استقرارًا وعدالة.

بعد مرور عشر سنوات على هذا النصر التاريخي، لا تزال الضالع تتصدر مشهد المقاومة والوعي الوطني. ويُعدّ هذا الانتصار إرثًا يجب الحفاظ عليه، ومرجعية للجيل القادم في فهم معاني التضحية والسيادة. كما يحمّل أبناء الجنوب مسؤولية مواصلة العمل السياسي والعسكري، حتى يُستكمل مشروع التحرير الشامل، وتُقطع كل أذرع النفوذ الإيراني من الوطن والمنطقة.

إن انتصار الضالع في 25 مايو 2015 ليس مجرد ذكرى تُروى، بل هو حدث محوري في مسار التاريخ اليمني والعربي الحديث. لقد غيّر مجرى الأحداث، ووجه رسالة صريحة بأن الشعوب الحُرة قادرة على صد أي مشروع توسعي طائفي، إذا ما توفرت لها القيادة والإرادة. وسيبقى هذا الانتصار صفحة ناصعة في كتاب الكرامة العربية، وبداية طريق طويل نحو الحرية والاستقلال.

*الضالع:محطة صغيرة في الجغرافياكبيرة في تاريخ الحرية

في تاريخ الشعوب، ثمة محطات لا تُقاس بمساحتها الجغرافية ولا بحجمها السكاني، بل بما تمثله من تحولات كبرى في مسار الحرية والكرامة. وتحرير الضالع في الخامس والعشرين من مايو 2015 لم يكن مجرد انتصار عسكري في منطقة محدودة من جنوب اليمن، بل كان حدثًا مفصليًا غيّر مجرى الصراع، وفتح الباب واسعًا أمام مشروع التحرر الوطني الجنوبي من براثن الاحتلال اليمني وأذرعه.

اندلعت شرارة المقاومة من الضالع في لحظة كان الجنوب يعيش فيها واحدة من أشد فصول الإقصاء والهيمنة، وكانت القوات الحوثية المدعومة من إيران تندفع بقوة لاجتياح المدن الجنوبية، ظنًّا منها أن لا مقاومة ستقف في وجهها. لكن ما لم تحسبه تلك الميليشيات هو أن الضالع، التي كانت دومًا قلعة الثورة، ستنهض برجالها لتلقّن الغزاة درسًا في الصمود والنصر. لم تكن الإمكانيات كبيرة، ولم تكن الظروف مثالية، لكن الروح القتالية والإرادة الشعبية كانت أقوى من سلاح العدو وعديده.

جاء تحرير الضالع ليكسر حاجز الخوف، ويمنح الجنوبيين جرعة ثقة أعادت إليهم الإيمان بقدرتهم على استعادة وطنهم. لقد أثبت أبناء الضالع، بمقاومتهم البطولية وتضحياتهم الجسام، أن الجنوب ليس أرضًا مستباحة، وأن مشروع الاستقلال ليس حُلماً بعيداً بل هدفًا قابلاً للتحقق بالنضال والتضحيات. فقد قدمت الضالع كوكبة من الشهداء، وعلى رأسهم القائد الميداني الشهيد عمر ناجي أبو عبدالله، الذي قاد المعارك من الصفوف الأمامية بروح مؤمنة وعزيمة فولاذية، إلى جانب رفاقه من القادة والمقاتلين الأبطال.

ومع هذا النصر التاريخي، تبدّل ميزان القوى. لقد كان تحرير الضالع أول كسر حقيقي للمد الفارسي في جنوب الجزيرة العربية، وقطعًا للطريق أمام التمدد الحوثي باتجاه عدن ولحج وأبين. بل إن هذا النصر أصبح مصدر إلهام لبقية المحافظات الجنوبية، فاندفع الناس في لحج وعدن والمكلا وشبوة نحو تشكيل جبهات المقاومة على خطى الضالع، وبدأت ملامح المشروع الجنوبي التحرري تتجلى أكثر من أي وقت مضى.

لم يكن تحرير الضالع معركة سلاح فقط، بل معركة كرامة وهوية ومصير. وبهذا الانتصار، وُضعت أولى اللبنات القوية لبناء الجيش الجنوبي الجديد، وتشكيل قوة شعبية منظمة لم تعد تكتفي برد الفعل، بل صارت تصنع المبادرة وتقود التحول.

وفي الذكرى العاشرة لهذا اليوم العظيم، لا يزال أبناء الجنوب يستلهمون من الضالع روحها القتالية، ووعيها السياسي، وصلابتها الوطنية. فكما كانت الضالع أول من قال لا للاحتلال، كانت أول من قال نعم للحرية، ودفعت ثمن موقفها هذا دمًا، لكنها انتصرت، ومنحَت مشروع الاستقلال الجنوبي شرعيته الميدانية والتاريخية.

*اللحمة الجنوبية صنعت انتصار الضالع

في لحظة فارقة من تاريخ الجنوب، لم تكن معركة تحرير الضالع مجرد مواجهة عسكرية ضد مليشيات مدججة بالسلاح، بل كانت ساحة يتجلى فيها المعنى الحقيقي للوحدة الوطنية الجنوبية، واللحمة الشعبية التي طالما نادى بها الأحرار منذ انطلاقة المشروع التحرري. ففي الوقت الذي كانت فيه الضالع تتعرض لأعنف الهجمات من قبل قوات الحوثي وصالح في العام 2015، اندفع أبناء الجنوب من مختلف المحافظات، ومن كل قرية ومدينة وسهل وجبل، ليحملوا السلاح ويصطفوا جنبًا إلى جنب دفاعًا عن شرف الأرض وكرامة الإنسان.

لم تكن الجغرافيا حائلًا، ولا الانتماءات المناطقية حاجزًا، بل كانت الضالع بمثابة جبهة الجنوب كله من المهرة وسقطرى شرقًا، إلى عدن وردفان ويافع غربًا، ومن أبين وشبوة إلى حضرموت، تدفقت القوافل البشرية نحو الضالع، حاملةً الإيمان بالقضية والسلاح على الأكتاف لم يسأل أحدهم عن خلفية رفيقه في الخندق، فالجنوب كان هوية واحدة، وقضية واحدة، ومصيرًا مشتركًا. لقد سالت دماء المهريإلى جانب الحضرمي، وارتقى الشهيد اليافعي ممسكًا بيد الشهيد الردفاني، وتحولت جبال الضالع إلى حاضنة للوحدة الفعلية، لا الشعاراتية، التي كثيرًا ما حاول المتآمرون ضربها وتشويهها.

هذه اللحمة الجنوبية لم تُصنع في المؤتمرات ولا على طاولات السياسيين، بل صُنعت في ميدان المواجهة، حيث الرصاص يوحد القلوب، والخطر يصهر النفوس في بوتقة واحدة.
كانت مشاهد الأبطال من عدن وهم يقاتلون في الصفوف الأمامية إلى جانب إخوتهم من شبوة وأبين، دليلاً قاطعًا على أن الجنوب حين يُنادى باسمه، تُطوى كل الخلافات، وتُلغى كل الحساسيات، ولا يبقى سوى صوت الأرض والوطن.

أثبتت معركة تحرير الضالع أن وحدة الصف الجنوبي ليست أمنية، بل واقع يمكن تحقيقه متى ما وُجدت الإرادة، وتقدمت المصلحة الوطنية على كل الحسابات وهي معركة رسخت مفهوم “الجنوب لكل الجنوبيين”، وجعلت من دماء الشهداء جسورًا متينة تعبر عليها الأجيال نحو مستقبل مختلف، عنوانه الشراكة، والانتماء الواحد، والمصير المشترك
وفي زمن تتعدد فيه التحديات وتكثر المؤامرات، تبقى معركة الضالع صفحة مشرقة، وشاهدًا حيًا على أن وحدة الجنوبيين ليست خيارًا، بل قدرًا لا مفر منه إذا ما أُريد لهذا الوطن أن ينهض، وينتصر، ويستعيد مكانته الحرة بين الشعوب.

*الضالع حصن الجنوب المهدد برصاص الأعداء وطعنات المتنكرين

تتعرض محافظة الضالع في الآونة الأخيرة لحملات إعلامية تضليلية ممنهجة تسعى إلى تشويه تاريخها النضالي ودورها المشهود في مقاومة الاحتلال وتحرير الجنوب. وتأتي هذه الحملات في إطار مشروع خبيث تقوده أطراف معادية للثورة الجنوبية، تستهدف من خلاله ضرب وحدة الصف الوطني الجنوبي، وتحميل الضالع وأبنائها مسؤولية التدهور المعيشي وتردي الخدمات، في محاولة مكشوفة لصرف الأنظار عن الجهة المسؤولة الحقيقية، وهي الحكومة الشرعية بكامل مؤسساتها الفاشلة.

لقد كانت الضالع من أوائل المحافظات التي تصدّت للعدوان الحوثي – العفاشي، وقدّمت تضحيات جسيمة في سبيل حرية الجنوب وكرامة شعبه. فقد سطّر أبناء الضالع ملاحم بطولية مشهودة، واحتضنت المحافظة المئات من الشهداء والجرحى في سبيل الدفاع عن الوطن، وكانت رأس الحربة في معركة التحرير، ومثّلت نموذجاً في المقاومة والصمود والثبات. ولذلك فإن أي محاولات للنيل من هذا التاريخ النقي ما هي إلا محاولات يائسة تصطدم بحقائق موثقة وواقع لا يمكن تجاوزه أو إنكاره.

الجهات التي تقف خلف هذه الحملات تدرك جيداً أن الضالع كانت وما زالت حجر الأساس في المشروع الوطني الجنوبي، وتحاول من خلال التزييف الإعلامي خلق فجوات داخل الصف الجنوبي، عبر بث الإشاعات المغرضة والترويج لأكاذيب تتعلق بسطوة الضالع ونفوذها المزعوم على القرار السياسي والعسكري في الجنوب. والهدف من ذلك ليس فقط تشويه سمعة الضالع، بل تمزيق النسيج الاجتماعي الجنوبي، وتحويل الصراع الحقيقي مع الاحتلال إلى صراعات داخلية تُفقد الجنوب بوصلته الوطنية.

من المؤسف أن بعض الأبواق المرتبطة بالاحتلال وأدواته تروج لمزاعم لا أساس لها من الصحة، وتحاول جاهدة تحميل الضالع مسؤولية فشل الحكومة الشرعية، وتردي الخدمات الأساسية، والانهيار الاقتصادي والمعيشي، في حين أن هذه الحكومة لم تقدم أي حلول ملموسة لمعاناة المواطنين، وظلت تمارس الفساد والإقصاء والعبث بمقدرات الشعب دون محاسبة.

إن ما تتعرض له الضالع اليوم هو استهداف سياسي وإعلامي يأتي استكمالاً للمواجهة العسكرية التي خاضتها بشجاعة. وهي اليوم أكثر وعياً وإدراكاً لأبعاد هذه الحملات، ولن تنجر إلى المهاترات المناطقية أو الاستفزازات الإعلامية الرخيصة. وسيبقى أبناء الضالع، كما عهدهم شعب الجنوب، في مقدمة الصفوف للدفاع عن القضية الجنوبية العادلة، مستندين إلى رصيدهم الوطني الكبير وإيمانهم بأن الجنوب لن يتحرر إلا بوحدة صفه وتماسك أبنائه في وجه المؤامرات.

الضالع:نزيف الدم..ثمن الحرية
في الوقت الذي يراهن فيه الجنوبيون على مستقبل حر ومستقل، تواصل محافظة الضالع خوض معركة مفتوحة مع مليشيات الحوثي للعام العاشر على التوالي، دون توقف أو هدنة. هذه المحافظة الواقعة على خط النار تحولت إلى جبهة مشتعلة على مدار الساعة، تدافع عن الجنوب كله، وتقدم التضحيات دون أن تطلب شيئًا في المقابل.

منذ اندلاع الحرب، كانت الضالع أول من واجه الاجتياح الحوثي-العفاشي، ولم تتراجع رغم كلفة المعركة. فقد خسرت هذه المحافظة الآلاف من خيرة شبابها، الذين سقطوا شهداء أو جرحى في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض، وتحوّلت كثير من مناطقها إلى ساحات اشتباك دائم، لم تعرف الهدوء لعشر سنوات متواصلة.

لم تقتصر المعاناة في الضالع على الجبهات، بل انسحب تأثير الحرب إلى الحياة اليومية. آلاف الأسر شُرّدت من مناطق المواجهات، ونزح سكان القرى الحدودية تحت وابل القذائف. عشرات الآلاف فقدوا مصادر دخلهم نتيجة توقف الزراعة، وتدمير البنية التحتية، وحصار اقتصادي خانق فرضه واقع الحرب. ومع ذلك، لم تتوقف الضالع عن أداء دورها الوطني، بل زادت من صمودها كلما اشتدت المعركة.

المؤسف أن الضالع، بدلاً من أن تحظى بالتقدير والدعم من جميع أبناء الجنوب، وجدت نفسها في مرمى سهام بعض الأصوات التي اختارت أن تتنكر لتضحياتها. أصوات لا تدرك أن هذه المحافظة ليست مجرد منطقة جغرافية، بل خط الدفاع الأول عن الجنوب، وأن أي اختراق فيها يعني بالضرورة سقوط الجنوب مجددًا بيد الاحتلال.

في الوقت الذي توزع فيه بعض القوى اتهاماتها نحو الضالع، متهمة إياها بالسيطرة أو الهيمنة، تتجاهل هذه الأطراف أن الضالع تدفع أغلى الأثمان لتبقى بقية المحافظات الجنوبية بعيدة عن نار الحرب. فبدلاً من إنصافها، يُمارس بحقها التهميش والخذلان، بل ويُحمّل أبناؤها مسؤوليات لا علاقة لهم بها، فيما الحقيقة تقول إنهم يخوضون معركة عن الجميع، ويدفعون الثمن بمفردهم.

الضالع ليست عبئًا على الجنوب، بل درعه الواقي. وهي اليوم، برغم الجراح، تواصل القتال دون كلل، حماية للحدود الجنوبية من أي محاولة اجتياح جديدة. وإذا لم يدرك الجنوبيون هذه الحقيقة، فإنهم يخاطرون بفتح ثغرة في الجدار المتبقي من الكرامة والسيادة.

ختامًا، إن الإنصاف لا يُقاس بالشعارات، بل بالاعتراف بالتضحيات. والضالع قدّمت ما يكفي ليكون لها مكانها المحفوظ في وجدان كل جنوبي حر. فالحفاظ على الضالع هو الحفاظ على الجنوب، والدفاع عنها هو دفاع عن المشروع الوطني الجنوبي برمّته.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة 4 مايو , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من 4 مايو ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى