تتميز الأفلام الوثائقية بقدرتها على تقصي جوانب مدهشة في الحياة قد لا يلتفت إليها كثيرون، بعيدا عن هاجس الإيرادات وأرقام المبيعات في شباك التذاكر والتي تشكل عنصر ضغط على صناع السينما  الروائية. 

وعلى هذه الخلفية، استطاع أحدث وثائقي مصري والذي يحمل عنوانا شديد الإيجاز، عميق الدلالة، يتمثل في كلمة واحدة مكونة من حرفين “هي”، أن يسلط الضوء على قصة نجاح ملهمة وبطولة نسائية مجهولة صنعتها السيدة إيمان كريم التي تعرضت لاختبار قاس وهي طفلة مدللة مولودة لأسرة ثرية.

والفيلم من إنتاج المركز القومي للسينما، كتابة وإخراج عاطف شكري، موسيقى تصويرية راجح داوود، وهو يتقصى رحلة البطلة منذ أن كانت بطلة بارعة في السباحة حتى أصيبت ذات يوم في قفزة متهورة وهي بالبحر بعمر 13 عاما.

ورغم أنها عولجت في أهم المستشفيات في لندن على نفقة عائلتها، وظلت 10 أشهر كاملة لا ترى من الوجود سوى سقف غرفة حيث كانت محتجزة للعلاج، إلا أن الشلل كان مصيرها النهائي. 

وحين أخبرها الطبيب المعالج أنها ستغادر ولكن لتجلس على كرسي متحرك، كانت في قمة السعادة حيث سترى الحياة مرة أخرى، وإن كانت مشاعر الأسى تملكت منها حين عادت إلى مدرستها الألمانية التي كانت تدرس بها في القاهرة وعرفت للمرة الأولى أن حياتها اختلفت للأبد.  

وصممت على تحدي الكارثة واجتهدت حتى تكمل دراسة الأدب الألماني، ولم تكتف بالتخرج بتفوق في الجامعة، وإنما واصلت كفاحها لتنال الماجستير ثم الدكتوراه وتصبح واحدة من الأساتذة المرموقين في هذا التخصص.

ولم تتقوقع حول ذاتها وأصبحت ناشطة في مجال رعاية دور الأيتام والحالات الإنسانية، كما تدرجت في المناصب حتى أصبحت رئيس “المركز القومي لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة”.

وجمعها الحب والزواج بالضابط البحري عميد يسري عبد العزيز الذي أصيب في حرب أكتوبر بشلل نصفي لكنه أصبح أحد أبطال العالم في الرياضات البارالمبية، وعاشا سويا 20 عاما قبل أن يتوفى ويترك لها أجمل الذكريات.

أخبار ذات علاقة

بعد طرح سلسلة وثائقية عن حياته.. شون ديدي يتوعد “نتفليكس” (فيديو)

الفيلم في مجمله مفعم بالمشاعر القوية، ورغم المشاهد المؤثرة إنسانيا فإنه لم يقع في فخ استدرار العطف بشكل مجاني، وحرص صناعه على تحميله رسالة تدعو إلى الأمل والتفاؤل وتؤكد على قوة الإرادة الفردية.