هيومن رايتس ووتش: الغارات الأمريكية على ميناء رأس عيسى جريمة حرب

دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” اليوم إلى إجراء تحقيق فوري في القصف الذي شنه الجيش الأمريكي على ميناء رأس عيسى بمدينة الحديدة اليمنية في 17 أبريل/نيسان 2025. وذكرت المنظمة أن هذا الهجوم أسفر عن “عشرات الإصابات المدنية وأضرار جسيمة في البنية التحتية للمرفأ”، معتبرةً إياه “جريمة حرب” محتملة.

وتقول المنظمة إن ميناء رأس عيسى يُعد أحد ثلاثة موانئ رئيسية في مدينة الحديدة، التي يمر عبرها حوالي 70% من الواردات التجارية لليمن و80% من المساعدات الإنسانية. وقد جاء هذا القصف ضمن حملة عسكرية أمريكية بدأت في 15 مارس/آذار ضد الحوثيين، الذين يسيطرون على مناطق واسعة في اليمن.

خسائر بشرية ومادية فادحة

وفقًا لمنظمة “إيروارز” للأبحاث، أودى القصف بحياة 84 مدنيًا وأصاب أكثر من 150 آخرين. وقالت نيكو جعفرنيا، باحثة البحرين واليمن في هيومن رايتس ووتش، “قرار الحكومة الأمريكية قصف ميناء راس عيسى، أحد النقاط الأساسية لدخول المساعدات إلى اليمن أثناء تواجد مئات العمال فيه، يُظهر استخفافا صارخا بأرواح المدنيين”. وحذرت من أن “تأثير الغارات على المساعدات الإنسانية قد يكون كارثيا، لا سيما بعد تخفيض المساعدات من قِبل إدارة ترامب”.

تحديات في التحقق من المعلومات

أشارت مصادر يمنية إلى أن الحوثيين هددوا واحتجزوا أشخاصًا من المنطقة المتضررة بسبب تواصلهم مع وسائل الإعلام أو المنظمات غير الحكومية، مما يعيق عملية التحقق المستقل من المعلومات المتعلقة بالغارات.

تحليلات وتقارير مستقلة

قالت هيومن رايتس ووتش إنها قابلت أحد أقارب ضحية القصف، بالإضافة إلى مصدرين مطلعين على حجم الدمار، أحدهما موظف في “مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية”. كما حللت المنظمة صور الأقمار الصناعية، وراجعت صورًا وفيديوهات للموقع، وقيّمت بيانات صادرة عن منظمة إيروارز و”مشروع بيانات اليمن”. وكانت هيومن رايتس ووتش قد أرسلت كتابًا إلى وزير الدفاع الأمريكي في 8 مايو/أيار يتضمن النتائج الأولية، لكنها لم تتلق أي رد.

أضرار واسعة النطاق وتأثير على العمليات

تشير صور الأقمار الصناعية ومصادر أخرى إلى أن الغارات على رأس عيسى وقعت بين صباح 17 أبريل/نيسان وصباح 18 أبريل/نيسان. وقد دمرت هذه الغارات خزانات الوقود وألحقت أضرارًا بالغة بأجزاء كبيرة من البنية التحتية للميناء، بما في ذلك الأرصفة ومنطقة الجمارك ومنشآت تفريغ الحمولات. وقد أدى هذا الدمار إلى تقليص كبير في عمليات الميناء التي لا تزال محدودة.

ضحايا مدنيون وعمليات تمويل الحوثيين

حددت منظمة إيروارز هوية 84 مدنيًا لقوا حتفهم في الغارات، من بينهم 49 عاملًا في الميناء، وسائقو شاحنات، وعنصران من الدفاع المدني، وثلاثة أطفال. وعلى الرغم من أن إحدى الضحايا تم تحديدها كـ”عقيد”، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أنها عسكرية. وقد نشر فرع الحديدة للشركة اليمنية للنفط صور 49 موظفًا ذكر أنهم قُتلوا.

في 17 أبريل/نيسان، أصدرت القيادة المركزية الأمريكية بيانًا حول الغارات، جاء فيه: “اليوم، نفذ الجيش الأمريكي عملية للتخلص من مصدر وقود لجماعة الحوثيين الإرهابية المدعومة من إيران، وحرمانهم من مداخيل غير قانونية، تموّل جهود الحوثيين لترهيب كامل المنطقة… هدف هذه الغارات تفكيك المصدر الاقتصادي لقوة الحوثيين”.

مخاوف دولية وانتهاكات محتملة للقانون الإنساني

أعرب متحدث باسم الأمم المتحدة عن قلق الأمين العام “إزاء التقارير التي تتحدث عن أضرار جسيمة لحقت ببنية الميناء التحتية، فضلاً عن تقارير محتملة عن تسرب نفطي في البحر الأحمر”، مشيرًا إلى إصابة خمسة من عمال الإغاثة على الأقل. وتظهر صور الأقمار الصناعية تسربات وقود طويلة من موقع الغارات في البحر.

يُحظر القانون الإنساني الدولي الهجمات المتعمدة والعشوائية وغير المتناسبة على المدنيين والأعيان المدنية. وتشكل الغارة العشوائية أي هجوم لا يستهدف هدفًا عسكريًا محددًا، بينما تعتبر الغارة غير متناسبة إذا كانت الخسائر المدنية مفرطة مقارنة بالمكسب العسكري المتوقع.

مسؤولية قانونية ودعوات للتعويض

على الرغم من إمكانية اعتبار خزانات النفط ومنشآت الميناء أهدافًا عسكرية مشروعة إذا كانت تستخدمها قوات مسلحة، فإن استهدافها لمجرد كونها “مصدرًا اقتصاديًا لقوة الحوثيين” قد يجعل الهجوم عشوائيًا وغير قانوني، خاصة في غياب معلومات عن تخزين أسلحة أو تحويل النفط لتمويل الجيش الحوثي، وفق البيان

ويقول البيان: بموجب القانون الإنساني الدولي، فإن الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب التي تُرتكب بقصد إجرامي تشكل جرائم حرب. وقد يكون القادة مسؤولين جنائيًا إذا علموا أو كان ينبغي لهم أن يعلموا بالجرائم التي يرتكبها مرؤوسوهم ولم يمنعوها أو يعاقبوا المسؤولين عنها.

سجل سابق للولايات المتحدة في اليمن

دعت هيومن رايتس ووتش الولايات المتحدة إلى التحقيق بشكل موثوق وحيادي في هذه الغارات وغيرها من الهجمات في اليمن التي أسفرت عن خسائر مدنية في انتهاكات مفترضة لقوانين الحرب، وتقديم تعويضات فورية للمدنيين المتضررين. وشمل ذلك غارة 28 أبريل/نيسان على مركز لاحتجاز المهاجرين في صعدة، والتي أدت إلى مقتل عشرات المهاجرين وطالبي اللجوء.

يذكر أن الغارات الجوية الأمريكية في اليمن بدأت في 15 مارس/آذار واستمرت حتى 6 مايو/أيار، عندما أعلن الرئيس عن إنهائها. وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد أعلنت تنفيذ أكثر من ألف غارة في اليمن بين 15 مارس/آذار و29 أبريل/نيسان.

للولايات المتحدة سجل طويل في اليمن، حيث بدأت “عمليات القتل الموجهة” في عام 2002 ضد “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب”. استمرت هذه الغارات حتى عام 2019 على الأقل، وأسفرت عن مقتل العديد من المدنيين، من بينهم 12 شخصًا كانوا يحضرون حفل زفاف في عام 2013. وحتى الآن، لم تقر الولايات المتحدة بإيذاء المدنيين في هذا الهجوم أو غيره من الهجمات غير القانونية، ولم تعوض عن هذه الخسائر المدنية.

كما قدمت الولايات المتحدة دعمًا عسكريًا مباشرًا للتحالف بقيادة السعودية في حربه ضد الحوثيين منذ مارس/آذار 2015، وقد شكلت العديد من الهجمات التي نفذها هذا التحالف انتهاكات لقوانين الحرب.

واختتمت جعفرنيا بالقول: “الغارات الأمريكية الأخيرة في اليمن ما هي إلا الأحدث في سلسلة الأضرار التي لحقت بالمدنيين خلال العقدين الأخيرين. على إدارة ترامب التراجع عن الممارسات الأمريكية السابقة، وتقديم تعويضات فورية إلى المتضررين بشكل غير قانوني”.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة المشهد اليمني , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من المشهد اليمني ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى