هل تكفي إصلاحات الحكومة اليمنية لتعافي الاقتصاد “المنهك”؟

يشهد اليمن موجة إصلاحات اقتصادية تقودها الحكومة والبنك المركزي، وسط ترحيب محلي ودولي، لكن خبراء اقتصاديين يرون أن هذه الإجراءات رغم أهميتها، ما تزال وحدها غير كافية لتحقيق تعافٍ اقتصادي مستدام.

وفي ظل استعادة العملة الوطنية لأكثر من 40% من قيمتها مؤخرا، مدفوعة بإجراءات البنك المركزي اليمني، تواصل الحكومة اليمنية، إجراءاتها الاقتصادية بموازاة حملاتها الرقابية على أسعار السلع والخدمات، بما يتناسب مع التحسّن الإيجابي في سعر الريال اليمني، أمام العملات الأجنبية.

ومطلع الأسبوع الحالي، بدأت اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات، في استقبال طلبات رجال الأعمال والشركات والمؤسسات التجارية، لتمويل اعتمادات الاستيراد بالعملات الصعبة، وفقا لسعر صرف العملة المحلية الجديد، على نحو يضمن وقف المضاربة بأسعارها ويحافظ على استقرارها.

ترحيب وإشادة

وأكد رئيس الحكومة، سالم بن بريك، يوم أمس الأربعاء، مُضي حكومته في تنفيذ إصلاحات شاملة وعميقة في المجالات الاقتصادية والمالية والإدارية، “وفق خطة واضحة المعالم، وبتنسيق كامل مع مجلس القيادة الرئاسي والبنك المركزي اليمني، لضمان استدامة استقرار سعر الصرف، ورفع كفاءة مؤسسات الدولة في الرقابة ومكافحة الفساد، والتوظيف الأمثل للموارد المتاحة”.

ولاقت الإجراءات الحكومية، ترحيبا واسعا في الشارع اليمني، نتيجة انعكاسها المباشر على انخفاض أسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية التي شهدت في شهر يوليو/ حزيران المنصرم، ارتفاعا غير مسبوق، ضاعف من حجم معاناة المواطنين المعيشية والاقتصادية.

وأشاد مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانز غروندبرغ، في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن الدولي الثلاثاء الماضي، بخطوات الحكومة لمعالجة انخفاض قيمة العملة خلال الفترة الأخيرة، وجهودها المبذولة في استقرار أسعار السلع الأساسية. معربا عن أمله في أن تشكل هذه الخطوات “بداية لتعاف مستدام”.

 أهم الإصلاحات

ويرى المحلل الاقتصادي، ماجد الداعري، أن تشكيل لجنة تنظيم وتمويل الواردات، هو أحد الإصلاحات الاقتصادية والمصرفية الجذرية، “لكنه من أهم الخطوات التي مكّنت الحكومة والمركزي اليمني من استعادة السيطرة على القطاع المصرفي، ومنها انطلقت إجراءات تحرير سعر صرف العملة الوطنية”.

وقال في حديثه لـ”إرم نيوز”، إن مهام اللجنة هي “تنظيم سوق الصرف وإنهاء المضاربات وتمويل تجار الاستيراد بالعملة الصعبة التي يحتاجونها، بسعر المصارفة المعتمد من المركزي اليمني، لتسهيل عملية استيراد المواد الأساسية الـ25 المحصورة في آلية اللجنة الخاصة بالبنوك”.

وذكر الداعري، أنه يمكن لشركات الصرافة أن تموّل بقية السلع من خزائنها، وهي خطوة يستفيد البنك المركزي من خلالها عبر إعادة احتياطاته النقدية من العملة الأجنبية، وخلق مزيد من الاستقلال في سعر الصرف وإنهاء المضاربات بشكل جذري.

وأوضح أن بقاء المدخرات المالية الكبيرة لدى شركات الصرافة، “يشكل خطرا على استقلال العملة الوطنية، ويهدد بعودة المضاربات في أي لحظة، ومن ثم فإن اللجنة تعمل على التوازن بين مصلحة المواطن وتخفيف الأعباء عنه، وتثبيت سعر الصرف، وبين مصلحة التجار كمرحلة ثانية، من خلال تمويل الاعتمادات المستندية الخاصة بالاستيراد من خزائن البنوك ومدخرات شركات الصرافة، وفقا لالتزاماتهم تجاه القطاع المصرفي والقطاع الوطني بشكل عام”.

وأكد أن أسعار السلع والبضائع ستنخفض بشكل أكبر، بعد وصول أولى دفعات الاستيراد وفق الآلية الجديدة؛ وهو ما يعزز من استقرار الريال اليمني ويعطي نجاعة أكبر للإصلاحات الاقتصادية الحكومية.

معالجة الأعراض

في المقابل، قال الخبير الاقتصادي، محمد الجماعي، إن الإجراءات الحالية “مفيدة وعملية، ويمكن من خلالها تهدئة السوق بشكل مؤقت إن طُبّقت بصرامة وشفافية، لكنها بالتأكيد غير كافية وحدها لإحداث تعافٍ مستدام، وذلك لأنها تعالج الأعراض وليس الأسباب”.

وأشار الجماعي لـ”إرم نيوز”، إلى ضرورة اتخاذ حزمة مكمّلة من الإجراءات “على المسارين النقدي والمالي؛ لأن حالة الاختلال الحاصلة لها ثلاثة جذور في تقديري، أولها: انقسام السلطة النقدية والأسواق، وثانيها: ضعف الإيرادات وتضخّم الانفاق العام، والثالث: هو ضعف سيطرة الجهاز المصرفي على السوق والمضاربة وحركة التحويلات”.

وبرأيه، “لابد أولا من تثبيت الوضع لمدة 3 أشهر، لضمان استقرار إطار واضح لسعر الصرف المرجعي، مع وجود هوامش للصرافين، بالإضافة إلى جدول مزادات، وأعتقد أن المركزي اليمني يستطيع حاليا تجاوز هذه الأداة، نتيجة لجوئه إلى أدوات أخرى قد تعيد دورة الجهاز المصرفي إلى وضعه القانوني على الأقل”.

وشدد الخبير الاقتصادي على أهمية ضبط واستعادة الإيرادات الحكومية والجمركية “وربطها بالبنوك لا الصرافين، وربط ذلك بخدمة الرواتب والمنافع، وتاليا تأتي مسألة ترتيب عملية الاستيراد ووضع قوائم أولويات ضرورية وسقوف تمويل شهرية معلنة، مع بوابة موحّدة لطلبات الاعتمادات، بالتزامن طبعا مع تفعيل شبكة التحويلات الموحدة، ولجنة مدفوعات موحدة لتسوية العمليات بين البنوك”.

وأوضح أن كل ما سبق مرهون بتعزيز الاحتياطات وتوجيه المنح والمساعدات النفطية/ النقدية عبر البنك المركزي، مقابل الشفافية في الإنفاق والاستخدام، “وهذا بالطبع دور الحكومة التي يجب أن تعلن عن موازنة سنوية، وترشّد إنفاقها وتمنع التعزيز بلا رصيد، بالإضافة إلى تعظيم الإيرادات من مصادر غير تضخمية، وتحديث التعرفة الجمركية بشكل موحّد في كل المنافذ”.

وأشار إلى أهمية توازي الإجراءات المطلوبة مع “تفعيل الحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد، والقيام بالإصلاحات العاجلة التي وقعت عليها الحكومة مع المانحين الدوليين”.

أخبار ذات علاقة

واشنطن تحث اليمن على حماية استقلالية البنك المركزي

واشنطن تحث اليمن على حماية استقلالية البنك المركزي

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارم نيوز , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارم نيوز ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى