مكتب التنسيق الإغاثي في الضالع 2015.. ذاكرة النصر ومهندس الاستجابة الإنسانية

في خضم أتون الحرب التي اجتاحت اليمن عام 2015، كانت محافظة الضالع واحدة من أكثر المحافظات التي واجهت التحديات العسكرية والإنسانية في آنٍ معًا. إلا أن الضالع لم تُهزم، بل وقفت برجالها ومؤسساتها، تقاوم وتخطط، تقاتل وتداوي، تبني وتستنهض الهمم. ومن بين أبرز العوامل التي ساهمت في صمودها وتحقيق النصر، يبرز مكتب التنسيق الإغاثي بوصفه ركيزة أساسية في العمل المدني المنظم، وفاعلاً استثنائيًا في إدارة وتوزيع الإغاثة خلال فترة الحرب.
أولًا: السياق التاريخي والواقع الإنساني
مع اشتداد المواجهات في الضالع في بدايات العام 2015، وانقطاع الطرق وشح الموارد، برزت الحاجة إلى جهة قادرة على تنظيم جهود الإغاثة وتنسيقها، بعيدًا عن الفوضى والمبادرات الفردية غير المدروسة. وقد مثلت الحرب حينها تهديدًا وجوديًا للسكان، مع تصاعد الانتهاكات، وانهيار الخدمات، وتزايد أعداد النازحين والمصابين.
ثانيًا: النشأة والدور التنسيقي
تأسس مكتب التنسيق الإغاثي في تلك اللحظات الحرجة، بوصفه كيانًا مدنيًا محليًا ذا طابع طارئ، جمع بين نخبة من النشطاء، والمثقفين، والكوادر الإدارية، وشبكة من المتطوعين. هدفه المركزي تمثل في ضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها، وفق آلية منظمة، مع الحرص على الشفافية والعدالة في التوزيع.
وقد نجح المكتب في لعب دور الوسيط الفاعل بين المحافظات الجنوبية الداعمة، مثل يافع، وحضرموت، والمغتربين من أبناء الضالع في الخارج، والمنظمات الدولية (مثل الصليب الأحمر، والهلال الأحمر، وبرنامج الغذاء العالمي) وبين المجتمع المحلي، عبر توثيق الاحتياجات وتحديد الأولويات، وتقديم البيانات الدقيقة.
ثالثًا: أبرز الإنجازات والفاعلية الميدانية
التوزيع المنظم للمساعدات الغذائية والطبية: قام المكتب بإعداد قوائم دقيقة بالأسر المتضررة، وتوزيع المواد وفقًا لأسس ميدانية مدروسة، ما قلل من مظاهر العبث أو التكرار.
الاستجابة لحالات الطوارئ: جهّز المكتب فرقًا طبية ميدانية ساهمت في إسعاف المصابين تحت القصف، ونقلهم إلى أماكن آمنة.
تعبئة الرأي العام ورفع مستوى الوعي: أطلق المكتب حملات إعلامية لشرح الوضع الإنساني في الضالع، وساهم في كسب تعاطف شعبي محلي ودولي.
التوثيق والإحصاء: وفّر المكتب قاعدة بيانات عن حجم الدمار، وأعداد الضحايا، وأماكن النزوح، وهو ما شكل مرجعًا مهمًا للجهات المانحة.
رابعًا: البُعد السياسي والاجتماعي للدور الإغاثي
ولم يكن عمل المكتب إغاثيًا بحتًا، بل حمل في طياته بعدًا سياسيًا ومجتمعيًا، إذ عكس قدرة أبناء الضالع على إدارة الأزمة، وتنظيم الجبهة الداخلية، وتعزيز الثقة بين المجتمع والكوادر المدنية. كما ساعد في خلق خطاب وحدوي بين مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية في سبيل حماية المدينة.
خامسًا: التذكير والدعوة للتوثيق
إن التذكير بهذا الدور المحوري لمكتب التنسيق الإغاثي في الضالع عام 2015 هو تذكير بواجب التوثيق، ونداء لردّ الجميل لأولئك الذين عملوا بصمت وإيمان في وقتٍ كانت فيه كل السبل منقطعة. إنه أيضًا دعوة للمجتمع إلى استحضار هذا النموذج في أي أزمات مستقبلية.
ففي زمنٍ عزّت فيه المؤسسية، تميزت الضالع بمكتب تنسيقي صنع الفرق، وأسهم في النصر من زاوية مختلفة — زاوية الإغاثة والتنظيم والبصيرة.
وقد يُنسى صوت الرصاص، وتُمحى صور الخنادق، لكن أثر العمل المدني الحقيقي لا يُنسى. ومكتب التنسيق الإغاثي في الضالع 2015 هو أحد تلك العلامات الباقية في الذاكرة الجمعية، التي تستحق الاحتفاء والتوثيق.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.