ما دلالات انتقال صناعة المخدرات والكبتاغون من سوريا إلى مليشيات الحوثي في اليمن؟

استخدمت إيران منذ عقود المخدرات كسلاح استراتيجي في حروبها غير التقليدية، حيث شكّلت هذه التجارة غير المشروعة مصدر تمويل ضخم للأذرع العسكرية والأمنية المرتبطة بها، كما مثلت أداةً فعالة لتفكيك المجتمعات وإضعاف خصومها السياسيين والعسكريين، ويبرز هنا مثال “حزب الله” في لبنان، الذي اعتمد بشكل واسع على تجارة المخدرات، خاصة في أميركا اللاتينية وأفريقيا، لتمويل أنشطته العسكرية والسياسية، وهو النهج ذاته الذي تبناه نظام بشار الأسد في سوريا عبر معامل إنتاج وتصدير حبوب الكبتاغون، التي تحولت إلى سلاح اقتصادي وسياسي في مواجهة الدول الإقليمية والدولية.

وفي الثامن من ديسمبر 2024 انهار النظام السوري بعد السيطرة على دمشق وفرار بشار الأسد إلى روسيا، وهو ما أدى إلى تفكيك منظومة صناعة وتصدير الكبتاغون من الأراضي السورية، لتنتقل تلك الصناعة تدريجيًا إلى مناطق سيطرة المليشيات الحوثية في اليمن، حيث وفرت البيئة الفوضوية والأوضاع الأمنية المنهارة حاضنة مثالية لاستمرار هذه الصناعة غير المشروعة، وأصبحت اليمن محطة بديلة لنقل هذه التجارة، سواء عبر الموانئ البحرية على البحر الأحمر وخليج عدن، أو عبر الحدود البرية نحو السعودية ودول الخليج العربي، بما يضاعف من التهديدات الأمنية والاجتماعية في المنطقة.

إن هذا التحول يعكس بوضوح محاولة إيران إعادة تموضع أدواتها غير التقليدية بعد سقوط النظام السوري، ويكشف في الوقت نفسه مدى اعتمادها على المليشيات الحوثية كذراع رئيسي لإدارة ملفات حساسة وخطيرة، ليس فقط في المجال العسكري والسياسي، بل أيضًا في المجال الاقتصادي غير المشروع، وهو ما يجعل من اليمن ساحة مفتوحة لتجارة المخدرات العابرة للحدود.

وتشير تقارير عربية ودولية حديثة إلى تزايد عمليات ضبط شحنات المخدرات القادمة من مناطق الحوثيين باتجاه السعودية وسلطنة عمان ودول خليجية أخرى، حيث تم الكشف عن شحنات كبيرة في سواحل البحر الأحمر وخليج عدن وميناء عدن، إضافة إلى مناطق صرفيت والمهرة، الأمر الذي يضع الملف في صدارة التهديدات الأمنية للمنطقة، وهنا تتقاطع التجربة اليمنية مع ما شهدته دول مثل كولومبيا التي تحولت إلى مركز عالمي لتجارة الكوكايين لعقود طويلة، حيث باتت الجماعات المسلحة هناك تعتمد على المخدرات كوسيلة تمويل رئيسية للحرب، وهو النموذج الذي تستنسخه إيران وميليشياتها في المنطقة.

إن الانتقال من سوريا إلى اليمن لا يعني مجرد تغيير جغرافي، بل يعكس إعادة توظيف المخدرات كسلاح استراتيجي في بيئة جديدة أكثر هشاشة وأكثر قربًا من قلب الجزيرة العربية، وهو ما يستدعي تحركًا إقليميًا ودوليًا عاجلًا لوقف هذا الخطر المتنامي، خاصة وأنه لا يهدد اليمن وحده، بل يمتد أثره إلى أمن الخليج العربي والعالم بأسره.

أ.د. عبدالوهاب العوج أكاديمي ومحلل سياسي يمني

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى