لأول مرة.. اليمن تستعيد من فرنسا تمثال ملك قتبان و15 تمثالاً ولوحاً جنائزياً!

بعد خمس سنوات من المتابعات والتحري والتقاضي، استعادت اليمن تمثال ملك قتبان (شهر هلال) و15 تمثالاً ولوحاً جنائزياً من فرنسا، في خطوة عُدت نموذجاً للتعاون الفرنسي – اليمني في مجال مكافحة تهريب الموروث الثقافي والجريمة المنظمة. وقد لاحظتُ حرص جهات إنفاذ القانون والشرطة المختصة بالآثار على عدم ترك أي ثغرة تفقد اليمن هذه المجموعة الجميلة من الآثار.
أُعيدت الآثار إلى ملكية الحكومة اليمنية، ووُضعت في مكان آمن في باريس، بحسب طلب الحكومة، إلى حين استقرار الأوضاع في اليمن أو مطالبتها بنقلها إلى الداخل. وأكد ذلك لي سعادة سفير اليمن في اليونيسكو د. محمد جميح، بعد مكالمة أجراها مع سفير اليمن في باريس د. رياض ياسين. خالص شكري وتقديري لهما ولجهودهما التي ساهمت بشكل كبير في هذا النجاح.
كيف تم ضبط هذه المجموعة من الآثار؟
في الأيام الأولى من يناير 2020م، وأثناء تفتيش روتيني للشرطة في ضواحي باريس لا علاقة له بالآثار، وُجد في أحد المستودعات تمثال ملك قتبان (شهر هلال) و15 تمثالاً ولوحاً جنائزياً من #آثار_اليمن. وفوراً أبلغت الشرطة مركز مكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية والآثار التابع لوزارة الداخلية الفرنسية، الذي تحقق من أصالتها، وتواصل مع سفارة اليمن في باريس لتقديم ما يؤكد أن هذه القطع يمنية. بدورها أبلغت السفارة الخارجية في دورة عبثية استمرت عامين بسبب فقدان وزارة الثقافة الكفاءة والرغبة في الإنجاز، إضافة إلى عدم توفير الحكومة ميزانية كافية لعمل الوزارة، وبالتالي فقدان هيئة الآثار الإمكانات اللازمة لأداء عملها.
ثم عُقد اجتماع في باريس، في الخامس من مارس 2023م، بين الجانب اليمني والجانب الفرنسي، ضم وزير الثقافة اليمني، وسفير اليمن الدائم في اليونيسكو د. محمد جميح (الذي كان له الدور الأهم في هذه القضية)، وسفير اليمن في باريس د. رياض ياسين، ومحامي السفارة ديفيد دومارشيه، وممثلين عن وزارة الداخلية الفرنسية. وقدمت الأوراق والإثباتات اللازمة، وكان أهمها بيان أصالة الأعمال الفنية المقدم من سابينا أنطونيني وكريستيان جوليان روبن. واستمرت الإجراءات القانونية وانتهت بتقرير حق اليمن باستعادة الآثار المضبوطة.
من المتحف إلى مستودع البضائع
كافة القطع الأثرية المضبوطة كانت من مجموعة الفرنسي من أصول إيطالية (فرانسوا أنتونوفيتش) للآثار اليمنية، والتي تضم أكثر من 100 قطعة أثرية أغلبها منشورة. ويعتبر عالم الآثار (فرانسوا برون إف) الأقرب إلى مقتنيات أنتونوفيتش.
وكان جزء من المضبوطات مودعاً لدى متحف المعهد الشرقي للكتاب المقدس في ليون (إسبانيا). وحتى اللحظة لا توجد معلومات كافية عن كيفية خروج هذه المضبوطات من المتحف الإسباني إلى مستودع بضائع في إحدى ضواحي باريس.
وإذا كانت مقتنيات قانونية، فلماذا تم تهريبها ضمن حاوية بضائع دون الإفصاح عنها؟
بيان أصالة الأعمال الفنية
في 23 نوفمبر 2022م، أصدر عالمي الآثار سابينا أنطونيني (روما) وكريستيان جوليان روبن (باريس) بيان الأصالة، وقدّم للسلطات الفرنسية عبر الجانب اليمني. أقتطف أهم فقراته بتصرّف:
المنحوتات من (1 إلى 6): لوحات جنائزية ذات وجه إنساني بارز، من الحجر الجيري أو الرملي، من معين (مقبرة في الجوف اليمنية: ربما براقش / يثل، البيضاء / نَشق، أو السودة / نشأن)، تعود إلى القرن الرابع – الثالث قبل الميلاد.
اللوحات (2، 3، 6): صور لذكور بوجود لحية بارزة. الثانية والخامسة تحويان نقشاً كاملاً، والسادسة نقشاً مجزأً، أما الرابعة فتحافظ على ترصيع العيون بالكامل.
المنحوتات (7 إلى 10): لوحات جنائزية ذات رأس بقري بارز، من قتبان (مقبرة وادي بيحان، حيد بن عقيل – تمنع)، تعود إلى القرن الأول الميلادي.
القطعة (11): قاعدة لوحة جنائزية قتبانية أو رأس بشري، بين القرن الأول قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي.
التمثال (12): مرمر يمثل امرأة جالسة، من قتبان (وادي بيحان، حيد بن عقيل – تمنع)، بين القرن الثاني والأول قبل الميلاد.
التماثيل (13 إلى 16): شخصيات بشرية تقف على قواعد منقوشة، من قتبان (وادي بيحان، حيد بن عقيل – تمنع)، بين القرن الثاني قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي.
باريس من جديد
الحديث عن آثارنا في أوروبا عموماً وفرنسا خصوصاً يقود إلى الحديث عن أنماط وجودها هناك:
1. آثار في المتاحف الرسمية مثل اللوفر، حصلت عليها البعثات أو عبر الشراء والمزادات، وتشمل نقوشاً مسندية، موائد قرابين، تماثيل مرمر وبرونزيات من حضارات سبأ وحمير وحضرموت وأوسان وقتبان ومعين.
2. آثار في القصور الخاصة، غالباً تماثيل حجرية أو برونزية من المراحل المزدهرة لفن النحت الصخري، تحيط بها الشكوك حول مصدرها.
3. آثار في المزادات وصالات التحف، تحتاج لتدخل حكومي دبلوماسي وقانوني لاستعادتها.
ولا يمكن الجزم بعدد الآثار اليمنية في فرنسا، لكن تواجدها الواسع يلفت نظر الباحثين. وبسبب الطلب عليها، أنشأ القطاع الخاص ورشاً لإنتاج آثار مقلدة، مثل شركة “قصر الفن الملكي الدولي”، التي تعرض تماثيل ونقوشاً مطابقة للآثار اليمنية.
من يقوم بتهريب الآثار؟
عمليات الحفر والنبش العشوائي للمواقع الأثرية، وتسويق وبيع الآثار المنهوبة، لا تتم في كوكب آخر، وإنما أمام أعين المجتمعات المحلية وقوات إنفاذ القانون والحكومة.
المهربون والسماسرة معروفون، لدرجة أنهم يتواصلون مع بعض أساتذة الآثار، ومدراء المراكز البحثية، ورئاسة هيئة الآثار، ووصل الأمر إلى مراسلة علماء آثار في الخارج لتسويق ما لديهم. حتى أن هناك “كتالوجات” للقطع الأثرية المعروضة للبيع.
ولا يخفى أن يد تجار الآثار والحروب طائلة، وعلى الباحث الحصيف أن يقول كلمته لتوعية المجتمع وتشكيل ضغط على الحكومة لاستحداث استراتيجيات وآليات للحد من ظاهرة التهريب، دون أن يتسبب ذلك بمقتله.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.