قراءة استراتيجية سريعة لمعركة التصدي والاختراق في سماء الصراع بين إسرائيل وإيران

في سماء الشرق الأوسط المتوترة، تتحول القبة الحديدية الإسرائيلية من مجرد منظومة دفاعية إلى رهان وجودي، وإلى رمز للقوة التقنية التي تتحدى بها إسرائيل جحافل الصواريخ الإيرانية.، بينما تتحول إيران إلى مقامرٍ استراتيجي، تراهن على ثغرات المنظومة؛ لتحقيق اختراقٍ ولو محدود، يهز صورة المناعة الإسرائيلية، فالصراع هنا ليس مجرد تبادل صواريخ، بل معركة إرادات ورادرات، وحرب نفسية، واختبار لقدرة التقنية على الصمود أمام فيض من الحديد والنار.
رهانات إسرائيل: القوة الذكية بين الدفاع والهجوم:
1. مسار القوة: التكنولوجيا كحصن منيع؛ حيث تعتمد إسرائيل على تفوقها التقني في تحويل القبة الحديدية إلى سدّ منيع أمام الصواريخ الباليستية والفرط صوتية الإيرانية، وبفضل أنظمة القبة الحديدية ومقلاع داود المدعومة بتقنيات أمريكية متطورة مثل (ثاد)، تسعى تل أبيب لتعطيل أي محاولة إيرانية لإلحاق أضرار جوهرية بأراضيها؛ لكن الدراسات تشكك في فاعلية هذه المنظومة، حيث تشير تقديرات خبراء مثل (ثيودور بوستول) من معهد ماساتشوستس إلى أن نسبة الاعتراض الفعلي قد لا تتجاوز 10% في بعض السيناريوهات ومن هنا حصلت وصول بعض صواريخ إيران إلى الأراضي الاسرائيلية.
2. مسار التشتيت: الهجوم كأفضل دفاع، وبهذا لا تكتفي إسرائيل بالدرع الدفاعي، بل تعتمد على الضربات الاستباقية ضد المنشآت النووية والسيبرانية الإيرانية، مستهدفةً بذلك بنيتها التحتية العسكرية وقدرتها على الرد، فالضربات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مفاعلات ونخبًا عسكرية إيرانية تؤكد هذا المسار، حيث تحوّل الهجوم إلى وسيلة لتقليص قدرة إيران على التصعيد .
3. مسار الخديعة الاستباقية، من خلال السيطرة على الفضاء الجوي، سعت إسرائيل إلى فرض هيمنتها الجوية حتى لا تتمكن إيران بصواريخها من الرد، عبر عمليات استخباراتية وتشويش إلكتروني يعطل أنظمة التوجيه الإيرانية، وهذه الاستباقية تهدف إلى شلّ قدرة طهران على تنفيذ ضربات منسقة، مما يزيد من فرص نجاح الدفاعات الإسرائيلية .
4. مسار القصدية الاستراتيجية: ضرب الرأس لا الجسد ومن هنا ركزت إسرائيل على استهداف النخب العسكرية والعلمية الإيرانية، كما حدث بالفعل وأودت بحياة قادة الحرس الثوري وخبراء نوويين، وهذا النهج يهدف إلى إضعاف العقل القيادي الإيراني دون الدخول في حرب شاملة، مع احتمال توسيعه ليشمل البنية الاقتصادية الداعمة للمؤسسة العسكرية.
رهانات إيران: الاختراق كفعل مقاومة ويتراءى هذا من خلال:
1. مسار الاختراق: إغراق القبة الحديدية بهدف اختراق تفوقية اسرائيل ومحاولة صدمتها بالاختراق، ويتضح هذا من خلال ما تقوم به إيران على إطلاق وابلٍ من الصواريخ الباليستية والفرط صوتية، في محاولة لإرهاق المنظومة الدفاعية الإسرائيلية. فبينما تمتلك القبة الحديدية سقفًا عملياتيًا (قرابة 600 صاروخ اعتراضي)، فإن إطلاق مئات الصواريخ في وقت واحد قد يتجاوز قدرتها على الصدّ، مما يسمح باختراق بعضها ولو بنسبة ضئيلة، وهذا الاختراق، حتى لو كان محدودًا، يهدف إلى كسر أسطورة المناعة الإسرائيلية وإثارة الرعب في الشارع الإسرائيلي وهذا أحد محاولات إيران وما تسعى إلى تحقيقه في الرد.
2. مسار التوقيت: لماذا الليل كحليف استراتيجي، ومن هنا تختار إيران توقيتًا ليليًا للرد الهجومي، ليس بسبب ضعف قدراتها الجوية فحسب، بل لتعظيم الأثر النفسي، فمشاهد الصواريخ المضيئة في الظلام تخلق صورةً درامية تزيد من تأثير الصدمة، حتى لو كانت الضربات العسكرية محدودة الأثر، وهذا المسار يكشف أن إيران تدرك أن المعركة ليست تقنية بحتة، بل هي معركة سرديات في الاتجاه المقابل.
3. مسار إرهاق الدفاعات: وهذا يعني أن الحرب بالإجهاد؛ فحيث تراهن إيران على أن التكرار المستمر للهجمات سيؤدي إلى تعطيل المنظومة الدفاعية الإسرائيلية بسبب الإجهاد التقني ونفاذ الذخيرة، فكلما زاد عدد الصواريخ، زادت احتمالية فشل الاعتراض، مما قد يفتح الباب أمام ضربات أكثر تدميرًا في المستقبل.
ونستنتج أن الصراع لا ينتهي عند الصواريخ، بل أن المعركة بين إسرائيل وإيران قد تحتمل مضاعفاتها على المنطقة وتتعطل مسارات اقتصادية كبيرة في المنطقة، لأن الصراع في المنطقة استراتيجي يعكس رهانات عميقة: إسرائيل تراهن على تفوقها التكنولوجي لتحقيق ردعٍ لا يقهر ليس على إيران فحسب بل على المنطقة برمتها وهذا ما يجعل حتى أعداء إيران يتقارب معها، بينما إيران تراهن حاليا على أن ثغرات المنظومة الدفاعية ستكسر هيبة الخصم، حتى لو لم تكسر قوته هذا من جهة وتراهن على امتداد الحرب وتوسعتها في المنطقة حتى تظهر رغبة إسرائيل في الهيمنة وهذا الأمر يجعل حتى دول الشرق الأوسط يتوجس من فوضية إسرائيل ويروها تفوق عن غطرسة إيران بكثير.
في النهاية، يبقى السؤال: هل تكتفي إسرائيل بأهدافها المحدودة في تدمير الجيش والعلماء والمنشآت النووية والاقتصادية حتى تتراجع إيران عن مشروعها ام يتعدى الامر الى إسقاط النظام وتغييره وفي المقابل ما الذي تقوم به إيران في الصدّ والرد أم أنها تراهن على اختراق القبة الحديدية، ولو كان صغيرًا، لصبح كفيل بخلخلة الثقة الإسرائيلية بمنظومتها؟ الجواب قد لا يأتي من ساحة المعركة، بل من ساحة الحرب النفسية التي لا تقل شراسة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.