عدن تحتضر بصمت وسط تفشي الحميات القاتلة

صُعقت مدينة عدن، مساء اليوم، بوفاة المصورة الشابة ضي إسكندر، متأثرة بإصابتها بحمى الضنك، وذلك بعد صراع مرير مع المرض الذي يشهد تفشيًا خطيرًا في المدينة منذ أسابيع، وسط عجز شبه تام في البنية الصحية، وتجاهل رسمي مأساوي للأزمة.
كانت ضي إسكندر، التي عُرفت بموهبتها المتفرّدة في التصوير، إحدى الوجوه الشابة الواعدة في المجال الفني بعدن حيث وثّقت بعدستها حياة المدينة، وتفاصيل الشارع العدني، وساهمت في نقل صورة مشرقة عن عدن رغم صعوبات الحياة اليومية فيها.
إلا أن ضي، التي بالكاد تجاوزت العشرين من عمرها، رحلت مبكرًا، تاركة صدمة في قلوب أصدقائها ومحبيها، لتكون أحدث ضحايا حمى الضنك التي تفتك بسكان المدينة بشكل متسارع وخطير.
والمؤلم أن ضي لم تكن الأولى، فقد سبقها في الأيام والأسابيع الماضية العديد من الضحايا، بعضهم أطفال، وآخرون من كبار السن، وجميعهم قضوا بنفس الطريقة: ارتفاع حاد في درجات الحرارة، هبوط في الصفائح الدموية، ثم فشل في أجهزة الجسم الحيوية، وسط نقص الأدوية والمحاليل، وعدم توفر أسرّة كافية في المستشفيات الحكومية.
انتشار الحميات القاتلة.. عدن في مواجهة الموت البطيء
تعاني عدن، من موجة انتشار غير مسبوقة للحميات القاتلة، وعلى رأسها حمى الضنك والملاريا وتشير مصادر طبية إلى أن عدد الإصابات تجاوز الآلاف، في ظل غياب واضح لأي حملات رش وقائي أو إجراءات صحية جادة.
ويرى كثير من المختصين أن السبب المباشر وراء هذه الكارثة الصحية يعود إلى الانتشار الكبير لمياه الصرف الصحي المكشوفة في مختلف المديريات، وتحديدًا في مديريات الشيخ عثمان، والمنصورة، والبريقة، وخور مكسر. فقد تحولت الشوارع إلى مستنقعات آسنة، يتكاثر فيها البعوض الناقل للأمراض دون أي تدخل من الجهات المعنية.
ويعاني السكان من انقطاع شبه دائم لخدمات الصرف الصحي، وطفح المجاري في الأحياء السكنية، خاصة بعد موسم الأمطار، مما أدى إلى تكاثر البعوض بشكل لم تشهده المدينة منذ سنوات.
الحنشي: عدن تعيش كارثة حقيقية وصمت القبور يخيّم على الجميع
وفي تصريح خاص لـ”عدن تايم” قال الصحفي المعروف محمد الحنشي:”عدن لا تمر بأزمة صحية فقط، بل بكارثة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. هناك تفشٍ مريع للحميات، وموت صامت يسير بين الأحياء، والسلطات المحلية تبدو غائبة عن المشهد. لا يوجد أي تحرك ملموس من وزارة الصحة أو منظمات الإغاثة، وكأن أرواح الناس لا تساوي شيئًا.”
وأضاف: “اليوم، رحلت ضي، وهي ليست سوى واحدة من بين عشرات الحالات التي تموت دون أن يسمع بها أحد. المستشفيات مكتظة، الأدوية غير متوفرة، وأغلب الناس لا يملكون القدرة على الذهاب للمستشفيات الخاصة. عدن اليوم تحتضر، والموت يطرق كل الأبواب.”
حالة من الهلع بين السكان ونداءات استغاثة
وفي ظل هذه الظروف، يعيش المواطنون في عدن حالة من الهلع والخوف من الإصابة بالمرض، خاصة بعد تسارع وتيرة الوفيات. العديد من الأسر باتت تعزل أطفالها داخل المنازل خوفًا من لدغات البعوض، فيما يتداول الأهالي وصفات شعبية وأدوية بديلة بسبب نفاد العلاجات في الصيدليات وارتفاع أسعار المحاليل الوريدية.
كما انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي دعوات استغاثة لإطلاق حملات نظافة ورش ضبابي لمكافحة البعوض، ومطالبات عاجلة للسلطات والمنظمات الصحية بسرعة التحرك قبل أن تتحول عدن إلى “مقبرة جماعية”.
من المسؤول؟ وأين الجهات المختصة؟
تُطرح اليوم تساؤلات مؤلمة وغاضبة: من المسؤول عما يحدث؟ وأين تقف الجهات المختصة؟ ولماذا لم تُعلن حالة طوارئ صحية في مدينة تعاني من انهيار كامل في البنية الصحية والبيئية؟
وفيما تستمر معاناة الناس، وتُحمل الجثث تباعًا من المستشفيات، لا يزال المشهد العام يفتقر لأي تحرك حقيقي أو خطة طوارئ، وسط تخوف من أن تتحول عدن إلى بؤرة كارثية لا يمكن احتواؤها لاحقًا.
رحلت ضي إسكندر، لكن صورتها ستظل شاهدة على مدينة جميلة تنهار بصمت. وفي عدن اليوم، لا أحد في مأمن من المرض، ولا أحد يسمع صراخ الأهالي الذين يتوسلون الحياة لأطفالهم.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.