زرياب.. كيف بنى أقدم مهاجر عراقي مجدا فنيا في أوروبا؟

يحافظ الفنان العراقي علي بن نافع الذي عاش في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين، بلقبه الشهير “زرياب”، على مكانته الفنية وتأثيره الحاضر في الموسيقى العربية والعالمية بعد نحو 1200 عام على رحيله.

ومع النجاحات الفنية التي حققها مغنون وموسيقيون عراقيون معاصرون، داخل بلادهم أو في بلاد الاغتراب، يحضر زرياب دائماً بوصفه الأب الروحي لذلك النجاح بشكل أو بآخر.

فالعود الذي صنع من العازف العراقي نصير شما، أحد أبرز الموسيقيين العراقيين والعرب في العصر الحالي، حاضر بوتره الخامس الذي أضافه زرياب لتلك الآلة الموسيقية الشرقية.

كما أن تأسيس الموسيقي العراقي صلحي الوادي الذي توفي عام 2007، للمعهد العالي للموسيقى بدمشق، والفرقة السيمفونية الوطنية السورية، تعيد للأذهان مدرسة الموسيقى التي أسسها زرياب في قرطبة في القرن التاسع الميلادي.

ولم يحالف الحظ زرياب الذي ولد وعاش بداية حياته في بغداد، رغم العصر الذهبي للفنون في عصر هارون الرشيد ومن جاء بعده من الخلفاء العباسيين، ليتوجه نحو المغرب العربي، قبل أن يستقر في حاضرة الأندلس، قرطبة.

وهناك بنى زرياب مجداً فنياً واجتماعياً وثّقته كتب التاريخ العربية والأوروبية بعد أن ترك أثراً واضحاً في الحياة الفنية والاجتماعية للسكان، وذاع صيته في البلاد ككاتب أغانٍ وملحن ومؤدٍّ صاحب هندام وحديث لافتين.

فقد استفاد زرياب من حياته في بغداد وتتلمذه على يد أستاذه إسحاق الموصلي الذي يعد من أبرز فناني عصره لنقل تجربته ويطورها في قرطبة.

 كما استفاد زرياب من تطور الحياة الاجتماعية في بغداد التي كانت إحدى أبرز مدن العالم في الحقبة العباسية، لينقل ويمزج بين فنون بغداد وقرطبة والحياة الاجتماعية بين المدينتين البارزتين.

فقد مزج زرياب بين الفنّ العباسي والأندلسي، وأدخل إلى الموسيقى الإسبانية مقامات وسلالم كثيرة لم تكن معروفة من قبل، وأضاف إليها مقامات جديدة، وألّف عددًا من الموشّحات، وعلّم فناني الأندلس الغناء بالطريقة البغدادية بتطبيق الإيقاع الغنائي على الإيقاع الشعري.

وتوج زرياب الذي كان يحظى بمكانة عند حكام قرطبة العرب، نجاحه في نشر الفنون هناك، من خلال إنشاء مركز لتعليم الغناء والموسيقى عام 825 ميلادية، يعد من أقدم المعاهد الفنية وفق التسميات الحالية.

فقد جذب المعهد الفريد من نوعه في تلك الحقبة، هواة كثر من القرطبيين العرب والإسبان وحتى من أماكن بعيدة أخرى، بهدف التعلم وفق مفاهيم جديدة على الإيقاع في قراءة الشعر ودراسة اللحن وإظهار العواطف والأحاسيس.

وبينما كان زرياب ينشر نمطاً فنياً جديداً في قرطبة، ينتقل مع طلابه، خارج المدينة إلى باقي مدن الأندلس وإلى مدن أوروبية أخرى، تروي كتب التاريخ سيرةً أخرى للرجل الذي كان مثار اهتمام الرجال والنساء وهم يشاهدون نمطه في الملبس والمأكل.

وتقول روايات التاريخ الموثقة بمصادر عن سيرة زرياب، إنه أحد مؤسسي عالم “الإتيكيت” في أوروبا، والذي توسع وصار له قواعد ثابتة يلبس ويأكل ويتحدث الناس وفقها.

توفي زرياب في عام 857 في قرطبة بالأندلس عن عمر ناهز 69 عامًا، لتكتب حوله الكثير من الأبحاث الفنية والاجتماعية، بينما يحضر اسمه على الدوام في تاريخ الفنون، ويشهد نصب تذكاري بنته إسبانيا في قرطبة على عُوده الفريد.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارم نيوز , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارم نيوز ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى