رشاد العليمي وتناقضات الخطاب المُتعمَّد تجاه قضية شعب الجنوب

في خطابٍ يُحاكي الأضداد، يُطلّ رشاد العليمي، رئيس المجلس الرئاسي اليمني في كل مناسبة تحتاج للتعبير يستخدم الخطاب الهادئ بداية ويلفه بالايحاءات الاستفزازية؛ ليُؤكّد من جديد إيمانه بالحل العادل لقضية شعب الجنوب؛ لكنْ وفق شروطٍ تُذكّرنا بـالحلول الجاهزة التي تُقاس على مقاس الأجندات الضيقة، لا على مقاس الحقوق التاريخية لشعب كان دولة ذات يوم سيادة وهوية وجغرافيا، فكيف يُعلن رشاد العليمي احترامه لخيارات شعب الجنوب بينما يُفرغ اتفاقيات الرياض – التي أوصلته إلى كرسي الرئاسة – من مضمونها؟ وأين يكمن التناقض الصارخ بين خطابه السياسي والواقع المُعاش؟
لا يُخفي رشاد العليمي حرصه على المرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، وقرارات مجلس الأمن)؛ لكنه يتعامى عن أن اتفاقي الرياض (1 و2) – اللذين حظيا بدعم مجلس التعاون الخليجي – منحا الجنوب إطارًا تفاوضيًّا خاصًا، بل وأقرّا بحقوقه السياسية كطرفٍ له هويته وسيادته ويكون ندًا في التسوية النهائية عبر مفوضه المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يمثل الادراة الشعيبة الجنوبية كاملة، ومن هنا يحق السؤال أن يطرح نفسه كيف يقبل رشاد العليمي بالاتفاقيات عندما تمنحه رئاسة السلطة، ويرفضها عندما تمنح الجنوب شرعية قضيته في التفاوض الخاص بها؟
اللافت أن رشاد العليمي، الذي تربّع على كرسي الرئاسة بموجب هذه اتفاقيات الرياض ونقل السلطة، يُصرّ على اختزال الحل العادل لقضية شعب الجنوب في إطارٍ يُحاكي الحلول الشكلية، متناسيّّا أن شعب الجنوب لم يعد يقبل بالوصاية أو التأويل الانتقائي لنصوص التفاهمات؛ فالاتفاقيات نفسها التي نقلته إلى الحكم تضمّنت اعترافًا صريحًا بخصوصية قضية شعب الجنوب وحلها العادل الذي يرتضيه شعب الجنوب نفسه وليس الشمال ومكوناته المفرخة، وهو ما يتناقض جذريًا مع حديثه عن حلول تُختزل في قرارات أممية لم تُنصف شعب الجنوب يومًا ما.
وبهذا يقف رشاد العليمي أمام مفترق طرق: إما أن يكون رجل اتفاقيات وتفاهمات نصت وأقرت وبكل ما تحمله من مضامين، أو أن يكون رجل المرجعيات المختارة التي تُجمّد الحقوق تحت ذرائع الوحدة الزائفة؛ فشعب الجنوب لم يعد يثق بخطاب المزاجية السياسية، خاصةً عندما يُستخدم مصطلح الحل العادل كشماعة لتعليق المطالب الجوهرية والعادلة.
واليوم، يُدرك شعب الجنوب أن الاعتراف بحقوقه لن يأتي من خطاباتٍ تُقدَّم على استحياء، بل من إرادةٍ سياسية شجاعة ومسؤولة تُترجم بنود الاتفاقيات إلى واقع ملموس؛ فإذا كان رشاد العليمي جادًا في حديثه عن العدالة، فليبدأ بالاعتراف الكامل باتفاقيات الرياض، وقرار نقل السلطة وليُوقف سياسة الانتقائية النفعية التي لا تليق بقياديٍ يدّعي تمثيل الشمال والجنوب في المرحلة الانتقالية والوصول إلى تسوية نهائية ترضي الشعبين بالحلول العادلة.
فالقضية الجنوبية ليست ورقة مساومة، ولن تكون ضحية للتلفيق السياسي؛ فإما أن يعترف رشاد العليمي بحقوق الجنوب كاملةً – كما نصت عليها الاتفاقيات التي أوصلته إلى السلطة – أو يُقرّ بأن خطابه ليس سوى استمرارٍ لسياسة الإقصاء تحت شعارات مُزيّفة؛ فالعدالة لا تُطبَّق على مقاس الأفراد، بل على أساس مبادئ الحق والشرعية التاريخية.
وتبقى الكلمة الفصل لأبناء شعب الجنوب، الذين يعرفون جيدًا أن التاريخ لا يرحم المُتناقضين ولا يغفر خطيئة المتخادمين ضد إدارة شعبه وعادلة قضيته.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.