ثلاث سنوات وشاحنة الحفر تنتظر صاحبها في يافع… وقصة أمان تشهد بها الجبال

في قرية الشبر الوادعة بمديرية لبعوس في محافظة يافع، يقف شاهد صامت على الزمن، وعلى قيمة إنسانية نادرة في خضم عالم متغير. إنها شاحنة نقل ضخمة من نوع مرسيدس، عادية 24 طنًا، ترقد منذ ما يقارب ثلاث سنوات على جانب الخط العام الذي يخترق القرية، في قصة غامضة جمعت بين العطل الميكانيكي والغياب الطويل لسائقها، وبين أمانة أهلها التي تحولت إلى أسطورة محلية.
تحمل الشاحنة لوحات معدنية تحمل الرقم 2/8504، ويعود ملكيتها لإحدى شركات حفر الآبار، وما تزال تحمل على متنها بعض معدات الحفر الثقيلة، التي لم تُمس بسوء طوال هذه السنوات الطويلة، لتصبح بذلك معلمًا غير رسمي يراه كل من يمر بالطريق.
تفاصيل الغياب والانتظار
روايات أهالي القرية تتفق على أن الشاحنة تعطلت فجأة بعد تلف محركها، مما اضطر سائقها لمغادرتها وعدته بإصلاحه والعودة. لكن الأيام تحولت إلى أسابيع، والأسابيع إلى شهور، ثم إلى سنوات، دون أن يظهر السائق من جديد.
ويضيف صاحب أحد المتاجر القريبة من موقع الشاحنة تفاصيل أكثر درامية، قائلًا: “لقد عاد السائق مرة واحدة بعد فترة من الغياب، حاملاً معه بعض أدوات الإصلاح، لكن محاولاته باءت بالفشل في إعادة تشغيل المحرك العليل. تركها بحسرة وغادر، ومنذ تلك اللحظة، اختفى السائق ولم يعد، وغابت معه كل أخباره وهويته عن أنظار الأهالي”.
أرض الرجولة… حيث تُصان الأمانات
ما هو لافت للنظر في هذه القصة ليس فقط غياب السائق، بل هو حالة الأمان التي ظلت تحفظ الشاحنة ومحتوياتها طوال هذه السنوات. في منطقة قد يتوقع البعض أن تتعرض فيها الممتلكات المهجورة للنهب أو التخريب، بقيت الشاحنة وكأنها في حصن منيع.
ويؤكد الأهالي بفخر واعتزاز أن “قرية الشبر هي أرض رجولة وأمان”. فلم يمس أحد قطعة من معداتها، ولم يعبث بها طفل أو صبيان، ولم تُسرق أي قطعة غيار أو حتى قطعة بسيطة من هيكلها. ممتلكات الغرباء لديهم أمانة لا يفرطون بها، والعادات والتقاليد الأصيلة التي تربوا عليها تحكم سلوك الجميع، كبيرهم قبل صغيرهم.
وهكذا، تحولت الشاحنة المهجورة إلى أيقونة عجيبة في المنطقة، تروي قصة غياب وانتظار من جهة، وقصة أمان وكرم أخلاق من جهة أخرى. هي لا تنتظر سائقها فحسب، بل هي شاهد حي على أن بعض القيم لا تزال راسخة في هذه الربوع، تنتظر أن يعود صاحبها يومًا ما ليجدها كما تركها، شاهدة على نبل أهلها وأصالة تضاريسها.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة المشهد اليمني , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من المشهد اليمني ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.








